روايةعشق_لقاسي
الفصل_الاول_والثاني
الفصل_الاول : زواج اجباري
_________________________
في الصعيد تنطلق الزغاريط من داخل سرايا اقل مايقال عنها قصر للملوك ، ندخل لها لنجد فتيات ترقص وتصفق والعروس ترتدي فستان زفاف ابيض جميل جدا تجلس وعلى وجنتيها حمرة الخجل
والنساء حولها كل واحدة منهن ترتدي عباءة طويلة و العديد من اساور الذهب الخالص مايكفي لان تغطي ذراعها كله والقاعة مليئة بأجواء الفرحة.
دلفت فتاة ذات 19 سنة ترتدي فستان ازرق طويل به فصوص فضية كثيرة بحزام ستان باللون الزهري وحجاب باللون الزهري ، زينت عينيها العسليتان بالكحل و شفتيها بملون طبيعي جعلهما اكثر جاذبية.
لفت انظارها في القاعة هامسة بضجر :
- هي البنت ديه بتختفي فجأة كده فين.
شعرت بيد تربت على كتفها و صوت ابنة عمها يضحك :
- يارا حبيبتي انا هنا.
استدارت لها و مطت شفتها قبل ان تعلق :
- رهف انا مليون مرة بقولك متسيبنيش كده وسط ناس مبعرفهمش ، انا من لما دخلت و الستات هنا بتبصلي بغرابة كأني كائن فضائي وانتي مختفية و سايباني اووف يا.
ضحكت رهف عليها و اردفت :
- والله ياحبيبتي انا اجتماعية جدا و مسبتش واحدة هنا الا وعرفتها ع نفسي فكنت مشغولة معاهم الدور عليكي انتي يا بنت الاسكندرية محدش عارفك هنا ولا كأنك صعيدية.
رفعت يارا حاجبها ساخرة :
- اوو بجد على اساس انتي اللي باين عليكي صعيدية ماشاء الله.
- ههههه لورا يا قمر انا جذوري مش باينة لحد بس انا مبنساهاش يعني قلبا صعيدية و قالبا اسكندرانية و في الاخر كلنا ولاد بلد واحد و....
قاطعتها الاخرى بضجر :
- طيب طيب بلاش تتكلمي على الوحدة الوطنية لاننا مش هنخلص المهم فين تيتا و مرات عمي حنان.
هزت كتفها وهي تجيبها :
- اعتقد تيتا قاعدة مع الستات اللي برا و ماما هتلاقيها هنا بتسلم... المهم انا سمعت اننا راجعين الاسكندرية بكره المسا و الحمد لله.
وكزتها يارا ضاحكة :
- ع اساس اتعرفتي على الناس اللي هنا و حبيتيهم لحقتي تزهقي ، طيب هو بابا فين دلوقتي.
- مع الرجالة والعريس و ابيه ادم قاعد معاهم مع صاحبه.
اهتز جفن يارا لوهلة قبل ان تسألها :
- هو اخوكي نزل البلد ليه اصلا مش عنده شغل كتير ومينفعش يجي ومن الكلام ده.
اتسعت عيني رهف مبتسمة :
- انتي بتقوليها كده صريحة قدامي نسيتي اني اخته احترميني شويا الله !!
اندفعت سريعا تصلح زلة لسانها :
- لا مقصدش بس يعني من غير كذب اي مكان بكون انا موجودة فيه اخوكب بيظهر قدامي و بيزعقلي بدون سبب..... ابيه ادم ده.
زفرت بضيق قائلة :
- وبعدين مع ابيه ديه ! هو اخويا انا مش اخوكي انتي ، والله يا يارا انا بشك انك هتعنسي من كتر احترامك ايه الحالة ديه انتي خليتي كل الشباب اخواتك.
- اهااا اللي يسمعك بيقول اتجوزتي و مخلفة اتنين.
رمشت بعينيها بغرور :
- انا لسه 22 سنة حبيبتي ومع ذلك مكنتش هعترض لو اتعرف ع حد هنا.... بس ابيه ادم هيدبح اللي يقرب مني وانا مبقدرش اعرض حياة الناس للخطر بسبب جمالي و جاذبيتي.
كادت يارا ترد عليها مجاكرة اياها ك العادة لكن اقتراب الجدة زهرة منهما اوقفها.
- تيتا زهرة صباح الخير انا مشوفتش حضرتك من امبارح بليل ينفع كده.
قالتها يارا وهي تحضنها بحب لترد عليها الاخيرة :
- واه ياحفيدتي اني من الصبح مجعدتش دجيجة واحدة الشغل لفوج راسي ميصحش اخلي الضيوف وحديهم.
اقترحت عليها بتلقائية :
- طيب انا ممكن اا...
قطعتها رهف فجأة :
- يارا انا نسيت كان في موضوع محتاجاكي فيه ضروري نتكلم فيه دلوقتي من غير تأخير.... سوري يا تيتا احنا لازم نمشي حالا.
سحبت ابنة عمها من يدها و ركضت خارجا لتوقفها يارا مستغربة :
- انهي موضوع كنتي عايزاني فيه يا رهف ؟
ضربتها بخفة على رأسها وردت :
- مفيش اي موضوع ، بس انا لقيتك هتقضي اليوم كله مع الستات و تضيعي اللي كنت مخططاله فسحبتك عندي بسرعة.
- خطة ايه مش فاهمة.
سألتها يارا لتستدرك بعد ثانيتين من سكوتها :
- استني متقوليش انك عايزة تخرجي تشوفي الفرح اللي الرجالة عاملينه منفصل.... حبيبتي مينفعش كده هتحصل مشكلة لو بابا و عمو و جدو شافونا .... وكمان ابيه ادم لو اا....
قاطعتها الثانية بعدم اكتراث وهي تكمل سحبها :
- لا هننزل نشوف وانتي هتجي معايا ، ثم تابعت هامسة وهي تقلدها :
- ابيه ادم ننننن.
______________________
في الخارج كان يوجد احتفال كبير اقامه الرجال فرحا بزفاف احفاد عائلتين كبيرتين ناهيك عن الرقص الشعبي و اطلاق النار من مسدساتهم اعلانا عن
فرحتهم وفئة من الشباب تقدم عروضا مختلفة ، العريس يرتدي عباءة بيضاء ووشاح ينسدل على كتفيه وعمامة بيضاء يضعها على رأسه بشموخ ويضحك مع والد العروس.
على بعد منهم كان بطلنا يستند على سيارته يراقب الاحتفال ببرود و عدم مبالاة يتطلع لساعة يده من الحين للآخر ، على عكس صديقه مازن الذي يحتفل مع الرجال بسعادة بعد اندماجه معهم سريعا.
نظر مازن له ثم اقترب منه مرددا بمرح :
- ايه يا ادم هتفضل مركب وش الخشب كتير اللي بيشوفك مدايق كده هيقول ده فرح حبيبتك على راجل تاني.
قلب عيناه بتملل :
- كان في اجتماع مهم في الشركة ع المشروع الجديد و اضطريت الغيه و انزل البلد ده مش كفاية ولا ايه.
قهقه عليه غامزا :
- اهااا قولتيلي عشان كده ، عادي مش هستغرب انت بتعتبر شغلك هو كل عيلتك و هتتجوزه بردو و تجيب منه عيال حلوين كده.
كتم ادم ضحكته و نظر له شزرا :
- انت جاي عندي ليه يا مازن امشي شوف حاجة بعيدة عني..... انا مش فاهم انت نزلت البلد معايا ليه اصلا.
هز كتفاه متعجبا :
- انت اللي طلبت مني انزل معاك لانك مش هتستحمل تقعد مع ناس مبتعرفهمش كتير ، نسيت ولا ايه ؟
- لا منسيتش ، انا مكنتش هستحمل المكان ده من غيرك اصلا.
عدل مازن ياقة قميصه بغرور مهمهما :
- احم شكرا على ثقتك العالية ، بس قولي انت مبتستحملش المكان ده ليه ، بسبب ابن عمك عمر ؟
تنهد بحنق و حذره :
- بقولك ايه امشي من وشي احسن والله ه....
قاطعه مازن بتعجب وهو ينظر لجهة معينة :
- قبل ما تتعصب عليا ممكن اسألك حاجة ، البنات اللي واقفين هناك دول اختك و بنت عمك صح و اللي واقف معاهم ده... عمر ؟
نظر ادم الى حيث يشير فوجد يارا و رهف تقفان مع ذلك الرجل المتيم ب ابنة عمه منذ طفولتها وليس هذا فقط ، بل تضحك بقوة معه ايضا !!
_______________________
خلف احدى الأعمدة وقفت يارا مع رهف تراقبان الاحتفال بشغف لتقول الأولى بحماس :
- الله ، الافراح هنا بتتعمل بطريقة حلوة خالص بصي بيرقصو ازاي وكمان صوت ضرب النار و الخيول اللي هناك ، ياريت كنا بنعمل كده في الاسكندرية.
ردت عليها رهف ضاحكة :
- هتعملي فرحك هنا في البلد متخفيش وممكن تتجوزي واحد صعيدي كمان.
- تؤتؤ انا هتجوز اسكندراني باذن الله.
ابتسمت الاخيرة بغموض :
- والله محدش عارف المستقبل ومين اللي هيبقى شريك حياته..... ممكن تتجوزي ياماش كوشوفالي بطل الحفرة.
قهقهت يارا عليها معلقة :
- لا وانتي الصادقة .... هتجوز فارتولو هههههه.
- بتعملو ايه اهنيه ؟
شهقت الفتاتان واستدارتا لتجدا عمر ابن عمهما ، عقدت رهف حاجبيها مستنكرة :
- ابقى اعمل صوت وانت جاي يا ابن عمي.
ابتسم بغلاظة دون ان يعيرها اهتماما :
- اني شوفتكم واجفين اكده جلت يمكن رايدين شي ، جايين تشوفو جو الاحتفال اهنيه.
ابتسمت يارا بتلقائية :
- ايوة الصراحة الافراح هنا حلوة جدا.
طالعها عمر بحالمية :
- صوح يا بت عمي ، المدينة مبتعملش افراحها كيفنا لو كنتو عايشين في البلد اهنيه احسن بس نعمل ايه انتو لبستو توب مش توبكم حتى لهچتكم غيرتوها.
كعادتها رهف في هذه المواقف تشتعل بالغضب و تندفع مستعدة للشجار وهذا ما كانت ستفعله لولا يارا التي قاطعتها :
- والله يا ابن عمي المشكلة مش ف انك تغير لهجتك و طريقة حياتك ع حسب المكان اللي انت عايش فيه ، المشكلة ف انك تغير قيمك و مبادئك حتى وانت قاعد وسط اهلك و في المجتمع اللي اتولدت فيه ، احنا اتولدنا في الاسكندرية و عشنا حياتنا كلها هناك بس منسيناش اصلنا و متكسفناش منه لا احنا بنفتخر بيه !!
فتح عمر كلامه ليرد لكنه تراجع فهو لا يعلم بالاصل ماذا سيرد عليها وهي تتكلم بثقة و جرأة لم يعهدها من امرأة حتى طليقتاه لم تتجرآ يوما على
رفع اعينهن عندما يقفن امامه ، ورغم تضايقه منها الا انه اعجب بيارا اكثر من قبل و تخيل نفسه عندما يتزوجها ، سيتملكها و يروضها لجعلها تخضع له فهو يعشق ترويض اللواتي من امثالها !!
هز رأسه اخيرا متشدقا ب :
- كلامك صوح يا بت عمي.
تنهدت و نظرت الى رهف :
- يلا نمشي من هنا.
اومأت الثانية ثم نظرت له شزرا لتهمس :
- عامل علينا داعية و بيتكلم على الدين و المبادئ ، وهو الشفع و الوتر فاكرهم اسماء صحابة.
سمعتها يارا و حاولت كتم رد فعلها لكنها لم تستطع فترجمت على شكل ضحكات عالية لم تقدر على كبتها :
- ههههههه لا مش للدرجة ديه ههههه يا ربي عليكي هههههه.
ابتسمت رهف ليسألهما عمر بضيق بعد ان عجز عن فهم سبب ضحكهما :
- واه انتو بتضحكو اكده ليه اني جاعد بهرج اهنيه ؟!
اجابته يارا مبتسمة :
- لالا احنا مبنضحكش عليك ههههه.
- طيب جوليلنا بتضحكي ليه عايز اضحك وياكي يابت عمي.
قالها وهو يبتسم ببلاهة ليصدر صوت من خلفه :
- وانا بقول كده بردو ، سمعينا احنا عايزين نضحك شويا.
نظرت رهف لأخيها الكبير و تمتمت :
- ندخل دلوقتي على صلاة الجنازة.
لم يخفى ان يارا تلك النظرة الحارقة التي القاها عليها ذلك المستبد ، قبل ان يتقدم منهم بخطوتان وبعكس ما توقعته رهف ، ابتسم ادم مرددا :
- يلا يا بنات ادخلو جوا الاحتفال قرب يخلص وانتو شفتو نصه اهه عشان متزعلوش.
بلعت يارا ريقها و غمزت ل ابنة عمها و دخلتا بسرعة ، رمق الاخير ابن عمه متسائلا ، بنبرة تقرير اكثر منها استفهامية :
- خير يا عمر كنت واقف مع البنات ليه ؟
- عادي كنت بتحدد وياهم.... البنات دمهم خفيف جوي صوح خاصة يارا بت بتاخد العجل يا ابن الاسكندرية.
كأنه كان منتظرا لتلك الجملة كي تكون الشرارة التي تجعله يشتعل ، تشنجت عضلات وجهه و انقبض حاجباه بشدة جعلت عمر يبتسم بسرور لانه استفزه ، وضع ادم يده على كتف الاخر و غرز اصابعه داخله هامسا بنبرة مخيفة :
- اختي وبنت عمي مش عايزك تقف معاهم وسط الخلق كده تاني خصوصا الهبلة اللي فاكر نفسك بتقدر تضحك عليها انا مش عايز اشوفك معاها تاني يا عمر ولا تفكر فيها حتى بينك وبين نفسك سامعني !!
تابع بعدما حمحم و تراجع خطوة الى الخلف :
- احنا جينا البلد فترة و راجعين فبقولك خلينا حلوين سوا يا ابن عمي الكبير والا هتشوف مني حاجة مش هتعجبك.... يلا السلام عليكم.
رمقه من الاعلى للاسفل باستنكار و غادر ، فغمغم عمر متوعدا :
- ابعد عنها مشان تستفرد انت بيها يا ولد عمي فاكرني مش ملاحظ انك حاط عينك عليها اياك ، بس اني ف الاخير هتجوزها و غصب عنك و عن ابوها.
_____________________
في مساء اليوم التالي.
كانت يارا جالسة في غرفتها وقد انهت تأدية فرض المغرب ، استلقت على سريرها تقرأ احدى الكتب حتى طرق الباب و كان والدها.
دخل احمد مبتسما بحب :
- بنتي الحلوة بتعمل ايه هنا لوحدها ؟
ضحكت بخفة قائلة :
- بتسلى على ما يجهز العشا.
- طب منزلتيش تقعدي مع بنت عمك ليه.
عبست يارا فجأة :
- مفيش داعي ، رهف مش قاعدة لوحدها هي قاعدة مع مامتها و باباها و اخوها انا مليش مكان بينهم.
استغرب احمد من موقفها فسألها :
- هو في حاجة حصلت يا بنتي حد زعلك ، اوعى تكوني متخانقة مع مرات عمك.
اندفعت يارا مسرعة :
- لالا طبعا طنط حنان مين اللي اتخانق معاها ديه ست عسل ومفيش منها ، انا بقصد ابيه ادم هو قاعد تحت وانا مش عايزة اتكلم معاه.
- ليه هو عمل ايه دايقك في حاجة ؟
لم ترد يارا افتعال المشاكل الآن بين العم و ابن اخيه فنفت بهدوء :
- لا خالص ، بس حضرتك عارفه بيتصرف مع غيره ازاي دايما مركب وشه الخشب و بيعرف بس يصدر الاوامر اعملي ديه و متعمليش ديه اخرجي امتى و تدخلي امتى روحي فين ومتروحيش فين.... انا مبحبش كده.
ارتاح احمد من اجابتها لكنه مسد على شعرها بحنان :
- طيب ياحبيبتي ادم بيعمل كده عشان خايف عليكي انتي و رهف مبيحبش تعملو حاجة غلط و تأذو نفسكم ، انتو لسه صغيرين و مش واعيين للدنيا في حاجات مش هتفهموها في السن ده خاصة انتي يا صغننة.
ابتسمت برضى و احتضنته :
- بس انا مش عايزة غير بابي حبيبي اللي يخاف عليا ، وبعدين انا مش صغننة اوي بقدر اخد بالي من نفسي من غير ما احتاج لحد غير ربنا...و حضرتك طبعا.
استدركت شيئا فسألته :
- صحيح يا بابا هو مش المفروض كنا هنرجع النهارده المسا ايه اللي حصل عشان يتأجل المخطط انتو ناويين تجوزو رهف ولا ايه ؟
قهقه احمد و قرص وجنتها بخفة قائلا :
- جدك سليم كان عايزنا فموضوع ضروري انا وعمك ابراهيم هيكلمنا فيه بعد العشا ، معرفش ايه هو بس ان شاء الله خير.
انهى كلامه ثم طبع قبلة على جبين ابنته و خرج بينما تسطحت يارا على فراشها و تذكرت ما حدث مساء البارحة...
Flash back
( بعد انتهاء الحفل صعدت يارا الى الطابق العلوي قاصدة غرفتها ، و في الطريق اليها ظهر امامها خيال اسود ضخم فصرخت بفزع و سقطت على الارض.
تاوهت بألم و رفعت رأسها لتجده ادم يطالعها بملامحه الباردة ، غضبت منه و قامت تصرخ :
- انت ازاي بتطلع قدامي فجأة كده انا كنت هموت من الخوف !!
ضحك بدون مرح و اجابها :
- لا مؤاخذة يا طفلة انا مش متعود القي الخطابات و اسلي اللي قدامي وانا واقف معاه فتلاقيني مش قد كده.
يارا بدهشة :
- ابيه ادم انت بتقول ايه انا فعلا مش فاهمة حاجة.
تخلى عن قناعه الهادئ ليدنو منها حتى كاد يحصرها في الحائط :
- انا بقول اني مش زي عمر اللي كنتي واقفة معاه و بتضحكي ب أعلى صوتك.... ازاي بتوقفي تكلميه انتي اتجننتي !!
عادت برأسها الى الوراء و بررت بخوف :
- لالا انا مكنتش واقفة معاه... اا انا و رهف كنا بنشوف الفرح عامل ازاي و فجأة عمر ظهر قدامنا... يعني و رهف قالت حاجة خلتني اضحك بس كده.
رفعت وجهها اليه لتصطدم بعيناه الحادتان تطلقان شرارا من داخلهما.... بدأت تتعرق و تتنفس بصوت عال :
- ابعد شويا انا مش عارفة اتنفس.
رجع ادم قليلا فهاجمته الاخيرة بدهشة :
- هو انا كنت ببررلك ليه ؟ انا بعمل اللي بحبه ان شاء الله اضحك مع الدنيا كلها انت مالك ها مالك !!
ضرب ادم الحائط خلفه و اردف بتشنج :
- ليا ونص فاهمة.... انا مبحبش اشوفك بتخلي اختي تعمل حاجات غلط و اسكت هي عندها اهل بيخافو عليها.
رغم ان ادم لم يكن يقصد شيئا بجملته الاخيرة الا ان يارا ادمعت عيناها و اخفضت رأسها لتبدأ بالبكاء.... ارتعد جفن ادم للحظات قبل ان يكمل :
- يعني بقصد ان.......
قاطعته هي بهجوم :
- مدام خايف على اختك لمها من قدامي قبل ما اخليها رقاصة ! وبعدين انا من كل عقلي بعتبرك انسان طبيعي و بكلمك ! ابعد من وشي احسن والله....
قاطعها بصوت هادئ للغاية :
- والله لو كملتي بالنبرة العالية ديه مش هيبقى ليكي لسان تتكلمي بيه.... انا نبهتك انتي حرة.
كادت تصرخ لكن تعابير وجهه لم تكن تنفي تهديداته التي القاها للتو ، تنحنحت و اشارت الى غرفتها :
- ابيه ادم بص من الاخر اا....
تأفف و صاح بعصبية :
- يادي ابيه ادم اللي مش هنخلص منها.... يابنت انتي مبتفهميش انا مش اخوكي انااا مش اخوكي انا ابن عمك للاسف الشديد ، انتي معندكيش اخ افهمي الكلام ده.
- عادي يعني لزوم الاحترام.
هتفت بها يارا قاصدة استفزازه لكنه استطرد :
- وهو الاحترام بيبقى معايا بس ، انتي بتقولي للبني ادم التاني عمر عادي امال انا بتقوليلي ابيه ليه !!!
كان الوضع و كلامه بالنسبة اليها مضحكا للغاية.... لو لا تعرف طبيعته لكانت اعتقدت انه يغار عليها من ابن عمها الاكبر ذلك الرجل الذي لم تنظر له يوما ولا تفكر به حتى لمدة جزء من الثانية.
اتسعت عيني يارا متعجبة منه :
- هو عشان انا بشوفه مرتين في السنة فمش متعودة اندهله ب اسمه اصلا لكن انت بما انك دايما فوشي مضطرة اندهلك ب اي حاجة و اهو بقولك ابيه ادم بس انت ايه اللي هيفهمك في الاحترام.
القى ادم عليها نظرة ثاقبة قبل ان يسألها :
- عيدي الجملة الاخيرة ديه عشان انا مفهمتهاش معلش يعني.
- ااا... انا بضيع وقتي معاك ع الفاضي والصراحة انا مبحبش كده فهخليك تكلم الحيط اللي قدامك ده تصبح على خير.... يا ابيه ، ثم فرت راكضة من امامه.... )
Back
زفرت بضجر مرددة :
- وبعدين معاه البني ادم ده ، عليه بصة و صوت بيقطع الخلف انا مش عارفة ليه دايما بيتصرف معايا بالطريقة الوحشة ديه.
طرق الباب و دخلت زوجة عمها بابتسامة :
- يارا حبيبتي انتي بتعملي ايه هنا لوحدك مجيتيش قعدتي معانا ليه ؟
هزت كتفها وردت :
- مفيش يا طنط حنان انا كنت بقرا كتاب و اندمجت فيه شويا عشان كده طولت.
مسحت على وجنتها و استطردت :
- طب يلا العشا جهز انزلي تتعشي معانا.
- بس اا...
- مفيش بس يلا يا يارا ، انا اصلا عارفة انتي مدايقة ليه بس مش هخليكي تجوعي نفسك بسببه.
ادركت يارا ان حنان تعلم ما دار بينها و بين ابنها فأخفضت رأسها خجلة ، عمها و زوجته من اطيب و انقى الناس الذين تعرفهم انهما مثال للحنان و اللباقة ، من الغريب ان يكون شاب قاسي و همجي مثل ادم ابنهما لولا الملامح الوسيمة التي ورثها من والديه سويا ل اعتقدت انه ليس ولدهما الحقيقي !!
ارتدت يارا فستان صيفي طويل باللون العشبي الباهت يتوسطه حزام بني و طرحة بنية و حذاء بنفس اللون ، القت نظرة اخيرة في المرآة ثم قالت برضا :
- بما ان جدو سليم عازم ناس ف انا هنبسط ومش هشغل بالي ب ابيه ادم الرخم.
اخذت هاتفها و نزلت للأسفل ، كانت غرفة الطعام ممتلئة بعدما تمت عزيمة كبار العائلة و يتوسط المائدة الجد سليم ، ابتسمت يارا و ذهبت تقبل يده باحترام :
- جدو مساء الخير ازي حضرتك.
تكلم الجد بنبرة الخشنة :
- اني زين بوچود عيالي و احفادي جمبي يا غالية.
ابتسمت برقة و ذهبت لتجلس في مكانها على المائدة و للصدفة - كما كانت تعتقد - كان كرسيها مقابلا تماما لكرسي ادم و جلس بجانبه عمر.
همست رهف ل ابنة عمها :
- بصي دلوقتي هتحصل حرب باردة تانية بين ابيه و عمر.... شايفة النظرات اللي بينهم ديه.
ضحكت بخفوت و اجابتها :
- شايفاها طبعا ، ربنا يستر بقى شكلها هتولع.
بدأ الجميع بتناول الطعام بصمت حتى همهم ابراهيم بسعادة :
- بقالنا زمان مقعدناش مع بعض القعدة ديه مبسوط اننا اتجمعنا سوا بعد فترة طويلة.
وافقه علي ( والد عمر ) وهو يطالع يارا :
- صوح يا خوي ، ان شاء الله الافراح تكثر في بيتنا و التجمعات تكثر مش اكده يا حج.
الجد سليم :
- ان شاء الله ، عجبال نشوف فرح باجي البنات و اولهم انتي يا حفيدتي رهف و وراكي يارا.
وضعت كأس العصير بجانبها معلقة بمرحها المعتاد :
- ان شاء الله يا جدو .... بعد 4 او 5 سنين كده بس اهي يارا جاهزة تتجوز بكره خلاص ديه كبرت ولازم تتستر في بيت جوزها.
ضحك الجميع بينما وكزتها يارا بغيظ :
- والله بجد شكلك نسيتي انك اكبر مني بسنتين لازم افكرك انا مش هفرح قبلك يا بنت عمي يا حبيبتي.
حمحم ادم بخشونة موجها كلامه الى شقيقته :
- في ناس كده وشها مش خير لا ع نفسها ولا على غيرها متتوقعيش منها حاجة حلوة يا رهف.
شهقت يارا بخفة و جزت على أسنانها بضيق :
- وبتعرفي ايه كمان يا رهف ، في ناس كده وشها شؤم على غيرها في كل حاجة لا بتتوقعي منها فرح ولا حزن بس مجرد ما تلاقيهم جمبك كده اعرفي ان مستحيل حاجة حلوة تحصل فاهماني ؟
نظرت الاخيرة الى كليهما ثم هزت كتفيها بحيرة :
- لا مش فاهمة ، هو انتو بتقولو ايه ؟
طرق الجد سليم مرتين على الطاولة دلالة على وجوب السكوت الآن ، اخفضت يارا رأسها مكملة تناول طعامها و كانت هناك اعين تراقبها... عينان جائعتان تتطلعان لها برغبة و حالمية و عينان تنظران لها بضيق رغم البرود البادي عليهما....
_________________
بعد انتهاء العشاء طلب سليم من اولاده و عمر الانضمام اليه في صالة الاستقبال ، رفع مازن حاجبه بغرابة :
- جدك نده على عمر و مندهش عليك ليه يا ادم ؟؟
رد عليه ببرود غير مبالي :
- وانا مالي ، بيكونو هيتكلمو في حاجات تخص الشغل.
سخر منه صديقه مستنكرا :
- وهو الشغل هيبقى من غيرك يا ادم !! انا حاسس في حاجة تانية.... على فكرة جدك و عمك علي و ابنه كلهم كانو بيبصو على بنت عمك وهما قاعدين و التلميحات اللي كانو بيلمحوها انا شاكك انها بتخص يارا... اقصد الآنسة يارا يعني.
لم يكن من الصعب الحصول على كامل تركيز ادم بعد ذكر صديقه لإسم تلك الفتاة ، رفع رأسه له مباشرة مندفعا :
- فكك من كلام الستات اللي ملهوش لازمة ده اساسا لو كان الموضوع كده انا كنت خت بالي انت عارف ان مفيش حاجة بتخفى عليا !
رمقه بنظرته الماكرة قبل ان يرد عليه :
- كنت هتاخد بالك لو عقلك كان مركز مع اللي قاعدين.... انت طول القعدة مشلتش عيونك من على بنت عنك عينيك كانو بينقطو شرااار و كنت هتاكلها يا بشمهندس.
تابع مازن وقد اشار الى الصالة :
- انا متأكد في جوازة في الموضوع.
****** في نفس الوقت.
اصاح احمد و ابراهيم بصدمة سويا :
- نعم !!!
اعاد الجد كلامه مؤكدا :
- اني بجول عمر طالب ايد حفيدتنا يارا على سنة الله و رسوله و رايدها مرته ايه اللي مخليكو مصدومين اكده.
مرر احمد يده على وجهه وهو يزفر ، لقد كان متأكدا من قدوم هذه اللحظة منذ زمن بعيد لكن ليس الآن بالتحديد.... كان عليه معرفة سبب طلب والده منه البقاء هذه الليلة !!
تنحنح متحدثا بجدية :
- اللي صادمني اني متوقعتش عمر يطلب ايد بنتي اللي معتبراته اخوها يا حج اضافة ل ان عمر متجوز و مطلق مرتين و بنتي لسه 19 سنة.
اندفع علي بغضب :
- واه يا خوي من ميتى بناخد رأي البنات في الجواز ! وبعدين الراجل مبيعيبوش غير جيبه لو اتجوز ميت ست جبلها عادي.
قاطعه سليم بحدة :
- له يا ولدي اني مهجبرش حفيدتي تتجوز ولدك لو مرادتش ديه مش اخلاجنا.
تأفف عمر بداخله ثم هتف مستلطفا :
- واه يا جدي طبعا مستحيل اجبر بت عمي توافج عليا بس اسألوها الاول و هي هتجاوب اذا وافجت ولا رفضت ، وبعدين احنا في عيلتنا البت بتاخد ولد عمها لو اني مخدتش يارا مين اللي حياخدها.
في هذه اللحظة صدر صوت ادم الخشن وهو يدخل :
- انا اللي هاخدها يا ابن عمي.... يارا هتتجوزك ازاي وهي هتبقى مراتي.....!!!
___________________
#الفصل_الثاني : قرار مصيري
____________________
في هذه اللحظة صدر صوت ادم الخشن وهو يدخل :
- انا اللي هاخدها يا ابن عمي.... قولي بقى يارا هتتجوزك وهي هتبقى مراتي ..... !!!
عندما يحاول احد مشاركتك في ماهو ملكك فقط.....يجب عليك قطع امله في المشاركة من جذوره !!
انتشرت تعبيرات الصدمة على وجوه الموجودين اثر كلامه الذي لم لم يكن ليخطر على بال احد ، الا ابراهيم الذي ابتسم و احمد قد تنهد براحة ثم ادعى الجدية.
- اتجننت اياك مرتك مين !
قالها عمر وقد انتفض غير مستوعب لحديثه ، ثم تابع بغضب :
- اني فهمتك يا ولد عمي ، انت حطيت عيونك ع البنت اللي اني رايدها حلالي يا جليل الشرف !!
- عمر !!
صرخ الجد سليم وهو يحدجه بنظرات قاسية و اكمل :
- انت جاعد تتخانج جدامي عادي اكده نسبت انك واجف جدام جدك !!
اخفض عمر رأسه بسرعة :
- اعذرني يا جدي.... كلام ولد عمي عن اللي هتبجى مرتي جنني.
ضحك ادم ببرودة اعصاب يحسد عليها :
- انت مبتفهمش ب الكلام ولا ايه ، انا بقولك يارا هتبقى مراتي اصل طلبتها من فترة و عمي موافق و كنا مستنيين يجي الوقت المناسب و نفتح الموضوع معاكو بس انت سبقتني.
اقترب سليم متحدثا بصرامة :
- الكلام ده صوح يا احمد !!
- ايوة يا حج ، ادم طلب ايد بنتي واحنا في الاسكندرية وانا الصراحة مش هلاقي راجل زي ادم مناسب لبنتي.
- و بتك وافجت ؟
تنحنح احمد مرددا :
- انا.... فتحت الموضوع معاها يعني مش مباشرة بس حطيتها ف الصورة و بعد ما نرجع هسألها مباشرة من غير لف و دوران و هتوافق اكيد ، اساسا هي و ادم مناسبين لبعض ومفيش حاجة تخليها ترفض.
تصاعد غضب عمر اكثر وكاد يصرخ على الجميع ساخطا ، لكن علي ضغط على ذراعه و تحدث بدلا منه :
- و خبيت الموضوع ده عننا ليه ياخوي.... حتى من شويا جبل ما ادم يجي انت مجلتش ان في حد اتجدملها كأنك مكنتش خابر بخطبة بتك من ولد خوك العزيز.
ارتبك قليلا الا ان ادم تدخل :
- انا طلبت من عمي ميفتحش الموضوع مع اي حد مهما كان لحد لما يسأل يارا و يبقى رسمي ساعتها هنعرفكم ، بس ماشاء الله ابن عمي و اخويا عمر مكناش متوقعين منه يطلب ايدها.
رغم رغبته في خنقته الآن لكن لا بد له من كتم غيظه..... شد على فكه و ظل يرمقه بنظرات حادة قابلها الاخر بنظرات هادئة ادت الى استفزاز عمر.... استمرت حرب العيون هذه الى ثوان اخرى حتى قاطعهما سليم بجدية :
- كان لازم تعرفنا من الاول يا ولدي احمد ، الموجف اللي اتحطينا فيه دلوجت مش حلو في حج خيك علي بس ب اعتبار ان الاوان فات هنستنا تفتح الموضوع مع بنتك و نشوف اذا مواجفة ولا لأ.
- أمرك يا حج.
انسحب الجد من الغرفة و تلاه علي و عمر ولم يبقى الا ابراهيم و اخاه و ابنه ادم.
اقترب احمد من ابن شقيقه قائلا بامتنان :
- انا مش عارف اشكرك ازاي يا ابني ، مكنتش هعرف ارفض طلب ابويا و كنت هكشف اللي مخبيينه بس كويس انك جيت في الوقت المناسب.
ابتسم ادم و رد بإيجاز :
- انا عارف ان حضرتك مبتقدرش ترفض طلب جدي بس خلاص الوضع اتحل و عمر مش هيسترجي يفتح السيرة ديه تاني ، اكيد مش هيبص للبنت اللي المفروض هتتجوز ابن عمه.
استدرك ابراهيم متدخلا :
- بما انك جبت سيرة يارا ، احنا هنعرفها باللي حصل وان عمر طلب ايدها.
- لأ يا بابا مفيش داعي ابدا ، احنا هنرجع ع الاسكندرية و هناك تقدرو تعرفوها باللي حصل عشان لو اتكرر متستغربش.... بس بلاش دلوقتي بعد اذنك اصلا كذبتي ديه حلت القصة حتى لو مؤقتا.
من خلف الباب كان عمر واقفا يستمع لحديثهم ، ابتسم بمكر محدثا نفسه :
- واه يبجى اللي اتجال من شويا كان لعبة منهم.... ههههه عمي احمد العزيز فاكر حيخليني ابعد عن بته لما يسلط عليا ابن اخوه اللي بيحبه اتاري حتى بتك مخابراش باللي بيحصل اهنيه ، له يا عمي يارا ليا اني و الفلوس اللي حتورثهم منك ليا اني كمان.
______________________
- بلاش البصة ديه لاني بدايق منها !!
قالها ادم الذي كان جالسا في غرفة المكتب مقابل مازن المبتسم بمكر ، حمحم الاخير و رفع يده مشيرا اليه بغمزة :
- انا لو كنت اعرف ان المسرحية ديه هتحصل كنت جيت معاك عشان اشوف وش عمك و ابنه ، ادم انت مش عارف معنى اللي عملته ده انت ولعت الدنيا يابني.
- كفاية بقى !
نهره ادم بحزم لكن صديقه تابع :
- انا عايز اتخيل شعور عمر لما دخلت عليه فجأة كده و قلت انا طلبت ايد يارا للجواز الاول ، ياااه كنت عارف ان الاجتماع ده في حاجة من وراه الحمد لله اني بعتك ليهم.
تأفف الاخر بضجر ليقول مازن بخبث :
- بس قولي انت ازاي لحقت تخترع الكدبة ديه انا مكنتش اعرف انك سيناريست شاطر و بتجهز الحبكة و الحوارات بسرعة كده.... لا بس انا بقول انك مجهز الحكاية ديه من قبل عشان تضمن بنت عمك متبقاش لغيرك.
ادم وقد فاض به الكيل من ازعاج رفيقه الذي لا ينتهي :
- وبعدين معاك بقى حوار ايه اللي اجهزه اساسا اا.... اووف انا من كل عقلي بناقشك يلا يا مااازن اطلع لبرا و متخلنيش اشوفك لبكره الصبح.
قهقه مازن بأعلى صوته ثم فتح الباب ليتفاجأ بجسد ضئيل يسقط عليه وقد كانت رهف التي ارادت التجسس عليهم و سماع حديثهم ف استندت بكامل جسدها على الباب و عندما فتح كادت تسقط.
رفع مازن حاجبه بدهشة قائلا :
- انسة رهف خير ؟
انتبه ادم اليها فسألها :
- في حاجة يا رهف ؟
اطرقت رأسها بخجل بعدما كشف امرها من طرف صديق شقيقها :
- ها لالا مفيش.... انا كنت بس جاية اسألكم لو عايزين تشربو حاجة ؟
هز رأسه بدون مبالاة و اعاد نظره الى عدة ملفات موضوعة امامه :
- اه انا عايز قهوة.
- من عيوني يا ابيه.
اتجهت رهف الى المطبخ و بدأت بتحضير ما طلب منها بتذمر :
- يعني انا كنت عايزة افهم سبب الاجتماع ده ايه اللي خلاني واقفة في نص الليل اعمل قهوة ، ربنا يسامحك يا ابيه ادم.
استدارت لتشهق بفزع عندما وجدت مازن أمامها و بدون ان تنتبه القت القليل من القهوة على قميصه..... تأوه الاخير بسبب شدة سخونتها فسارعت رهف ب الاعتذار :
- اسفة اسفة مكنتش اا.... لا ثانية انا بعتذر ليه انت اللي دخلت المطبخ لازم انت اللي تعتذر مني مش انا !!
تكلم مازن بسخط وهو يحاول تنظيف القميص :
- يابنتي وانا قلت حاجة ! كويس ان كام قطرة اللي وقعت والا كنت روحت فيها.
عضت على شفتها و ناولته منديلا ورقيا :
- خد ده نظف بيه.... انت جيت تعمل ايه هنا ؟
تنحنح و اجابها مدعيا الانشغال :
- كنت جاي اشرب ماية ولما شوفتك مرضيتش اعمل صوت عشان متدايقيش بس كنت هتحرق اهو ربنا ستر.
ناولته رهف كوبا من الماء ثم اخذت القهوة و غادرت المطبخ مسرعة ، تنهد مازن و همس مبتسما :
- كنت عايز اشوف وشك ولو لكام ثانية و معنديش مانع تقع القهوة عليا بالمقابل.
نظف قميصه جيدا و خرج ، و في طريقه الى المكتب كانت رهف تركض في الاتجاه المعاكس له ف اصطدمت به بقوة و كادت تقع لولا انه امسك ذراعها.
سحبها مسرعا و تنهد :
- خير يا انسة رهف انتي بتجري كده ليه ؟
- النهارده الاتنين.
هتفت بها وهي تنهج ليسألها مستغربا :
- اها يعني ايه ؟
ضربت رهف جبينها و اجابته باستعجال :
- في مسلسل تركي نزل منه حلقة جديدة النهارده وانا لسه مسمعتهاش.
- قصدك الحفرة ؟
- الله انت بتسمعه كمان ؟
ضحك مازن و هز كتفيه :
- طبعا بسمعه و لسه مخلص الحلقة الجديدة.... انتي لو مكنتيش واقفة بتتجسسي علينا تحت كان زمانك خلصتيها زيي.
لعقت شفتها السفلية ب ارتباك و تمتمت :
- صحيح انتو كنتو بتتكلمو ف ايه انا مقدرتش اسمع صوتكم عشان كان واطي.... الا صوت ابيه ادم وهو بيطردك من الاوضة ههههه.
انهت جملتها و غادرت الى غرفتها اما مازن فبقي يتطلع الى فراغها حتى ضحك :
- والله لو انا مش عارف ان من عاداتكم تجوزو البنت لواحد من عيلتها كنت طلبتك من زمان بس اعمل ايه انا لما اسمع اسم جدك بحس نفسي اتشليت و بخاف افتح معاه او مع عمي ابراهيم الموضوع خايف يفتكرو اني كل الوقت ده كنت ببصلك بعين زايغة او ادم يفهمني غلط.
______________________
في صباح اليوم التالي.
استيقظت يارا بنشاط و ارتدت ملابسها و خرجت ، اتجهت للاسفل و في طريقها صادفت ادم الذي كان قد خرج من غرفته وعندما رآها نظر لها باستنكار و غادر.
تنفست بعمق و تمتمت :
- هو ماله بيبصلي كده ولا كأني كلت الفطار بتاعه.... يارب صبرني انا مش عارفة ايه مشكلته معايا بالضبط.
دلفت الى غرفة الطعام مبتسمة :
- صباح الخير.
- صباح النور.
رد عليها الجميع ف اخذت مكانها على المائدة بجانب زوجة عمها حنان ، كان الصمت يسود الغرفة و هذا الشيء لم تستغربه كثيرا ، ف الجد سليم لا يحبذ كثيرا فكرة التحدث اثناء تناول الطعام... مثل ادم تماما !!
لكن ما شغل بالها النظرات المركزة عليها ، العائلة كلها تقريبا ترمقها بنظرات غامضة ، هادئة و غير مفسرة ، و على رأسهم كان عمر الذي كان يطالعها
بشكل لم تراه يوما ، كانت يارا تعلم انه يكن مشاعر نحوها و هذا ما كان يخيفها دوما لكنها لم تتوقع ان يحدجها بنظرات لم تستطع تفسير ماهيتها حاليا ، و بجانبه ادم الذي كانت تأملاته بها تبعث داخلها الريبة.... بشكل لم تعشه يوما !!
قطع ذلك الصمت الموحش صوت رهف وهي تسأل والدها :
- هنرجع الاسكندرية النهارده المسا صح ؟
هذه المرة اجابها سليم بنبرته الخشنة :
- لا ، هتجعدو يومين تانيين.
- ازاي بس احنا عندنا جامعة و....
قطعت كلماتها اشارت لها الجدة زهرة بالصمت ، مطت شفتها بعدم رضا و همست ل ابنة عمها :
- في ايه هنا ليه الكل بيبصلك بطريقة غريبة و جدو عايزنا يومين ف ايه يعني ؟
هزت كتفيها و التوتر بدأ يتسلل اليها :
- معرفش والله ، انا حاسة في حاجة مش طبيعية بتحصل هنا محدش فيهم طبيعي.
من الناحية الثانية كان الجد سليم يفكر في اخر حوار دار بينه و بين حفيده ، ليلة أمس جاءه عمر رفقة ابيه علي و اخبراه ان حديث ادم عن خطبته ليارا كان كذبة شاركه بها احمد و
ابراهيم ، وان يارا حتى لا تعلم بشأن شيء مما يدبرونه ولا هم ينوون فتح موضوع الزواج معها و الدليل انه اذا اراد التأكد فعليه جمع العائلة و مواجهة بعضها و حينها سيتسنى للجد معرفة من الكاذب ومن الصادق.
لذلك لم يجد بدا من ابقاء الجميع هنا معه لوضع النقاط على الحروف و اكتشاف الصحيح من الباطل ، و ان كان كذبا فما علاقة ادم بيارا ؟ هل يكن لها مشاعر خفية ولا يريد ان تكون لغيره ؟ هل هو في علاقة سرية معها ؟
انتفض فجأة واستغفر سريعا على تفكيره بشكل سيء حول حفيديه الاثنان ، ثم نظر للبقية قبل ان يكمل تناول فطوره......
***********
بعد فترة كانت يارا تدخل الى المطبخ تريد تحضير عصير لها و لرهف ، بينما الرجال في الحديقة يتكلمون حول العمل و المشاريع وماشابه.
وريثما هي تجهز سمعت صوتا رجوليا مألوفا :
- محتاجة شي ؟
شهقت يارا واستدارت لتجيب بضيق :
- عمر ده انت ؟ لا انا مش عايزة شكرا.
حاولت سحب الكأس من الرف العلوي لكنها لم تستطع بسبب طولها ، فوقف عمر بجانبها و احضر لها ما تريد غافلا عن كتلتي النار التي تراقب ما يحدث من بعيد.....
تنهدت يارا بضيق و قررت المغادرة فورا دون ان تنهي ما جاءت من اجله حتى ، و في طريقها اعترضها عمر بنبرته الباردة :
- اه نسيت اهنيكي يا بت عمي مبروك على الجوازة انتي و ادم لايجين على بعض جوي تتهني.
كلمات القاها لسانه ببساطة .... لكن بالنسبة لها كانت حروفا تخرج من شخص معتوه يعاني من الخرف مبكرا ، التفتت اليه متمتمة :
- افندم جوازتي انا ومين ؟
ابتسامة خبيثة شقت شفتيه بعد تأكده من انها حتى لم تضع احتمال ارتباطها مع ادم - مثلما كان يقول والدها - ، فتصنع الاندهاش متسائلا :
- واه يابت عمي ناوية تخبي علينا و احنا رايدين نفرح بردو ؟.... على اساس ابوكي اتحدت وياكي و حطك في الصورة متفاجأة اكده ليه ؟
صرخت به يارا بعدما عجز عقلها عن استوعاب ما تسمعه :
- ايه الكلام الفاضي اللي انت بتقوله ده ! انا و ابيه ادم ؟ انت اتجننت ولا ايه ؟!!
وقبل ان تسمع الاجابة دخل ادم بعدما سمع حديثهما و ناداها بصوته الجهوري :
- يااارااا !!
انتفضت بشهقة من حضوره المفاجئ و نظرت له دون ان تتكلم ، اقترب منها ادم و امسك ذراعها لكنها سحبته بعنف :
- سييبني !!
- واه يا ادم خايف اياك تنكشف كذبتك جدامي وجدام باجي العيلة ؟ اني خابر زين جوي مسرحية امبارح و كذبك علينا !! انت حاطط عينك ع البت اللي نويتها حلالي يا ولد عمي و باصصلها بعين زايغة !!
قالها مستفزا اياه ليمسكه ادم من تلابيب قميصه غاضبا من الافتراء الذي رماه عليه للتو ، لكن عمر تابع بثقة :
- يارا ليا اني يا ادم هتبجى مرتي اني !!
جز على اسنانه و علق عليه بسخط :
- ايوة اتجوزها و انفيها من العالم و طلقها بعد ما تزهق منها زي ما عملت من قبل.... انا عارف كويس اللي كنت بتعمله مع كل واحدة اتجوزتها و الضرب
و الاهانة اللي كانو بياخدوها منك عشان تعوض رجولتك الناقصة وبعدين ترمي الحق عليهم و تطلقهم.... انت ناوي تعمل فبنت عمك كده كمان يا عمر ؟
اتسعت عيناه للحظة غافلا عن الفتاة التي تقف و تطالعها بصدمة غير مصدقة لما يحدث لكنه رغم ذلك دافع عن نفسه :
- كدب !! انت بتكدب مشان تحصل عليها بدالي و تكون ملكك !
ابتسم ادم بجنون قبل ان يهمس له بنبرة لم يسمعها سوى عمر :
- لو عليا انا ف يارا ملكي من زمان فاهم كلامي.... وبعدين مش مستحي من نفسك حطيت عيونك ع بنت اصغر منك ب 17 سنة !!
- السن ملوس اهمية يا ولد الاسكندرية ، و يارا هتبجى مرتي و حلالي.
هتف بها عمر في ثقة ليرد عليه الاخر بضحكة :
- ف احلامك !!
- كفااااية بقى !!!
صرخت يارا التي تعبت من جدالهم و اكملت :
- عمالين تتكلمو عني و تقررو حياتي هتمشي ازاي ولا كأني واقفة هنا ! اتجوز مين فيكم انتو اتجننتو انا عمري ما فكرت ولا مجرد تفكير اني اتجوز واحد بعتبره اخويا سواء انت او هو !!
افلته ادم و امسك يدها و هذه المرة ضغط عليها لكي لا تستطيع الافلات منه ، كاد يخرجها لكن عمر اوقفه :
- الكدبة اللي جلتها هتتكشف و كرامتك هتبجى في الارض يا ولد الاسكندرية !
حينها لم يكلف ادم نفسه ليستدير له كليا بل مال برأسه قليلا مغمغما :
- اللي يطلع ف ايدك اعمله !!
سحب ادم يارا خلفه و اخذها الى غرفة المكتب وهي تحاول جعله يتركها لكنها لم تستطع ، ادخلها و دفعها على الاريكة لتصرخ بألم :
- ااااه.
اعتدلت سريعا و صرخت فيه بعدائية :
- انت مجنون ! ازاي تتجرأ تمسكني كده و تجيبني انت فاكر نفسك فرعون زمانك وملكش كبير ولا ايه ؟؟ فوق بقى يا بشمهندس ادم و اعرف نفسك انت بتتعامل مع مين !!
ضحك ساخرا منها و علق :
- ايه ده بجد لا انا خفت اوي الصراحة ! انتي بتستقوي بطولك ده ولا ب ابوكي اللي مبيعرفش يدافع عليكي قدام ابوه و محتاج مساعدة غيره ؟
التهبت عيناها بكره لم يخالجها قبل هذه اللحظة ف اقتربت منه هاتفة :
- اوعى تتكلم وحش على بابا انت فاهم ! انا هستنى منك ايه اصلا واحد حيوان ومش متربي وفوق كل ده حطيت عينك ع بنت اصغر منك ب 10 سنين !!
انهت كلامها و تحركت لتغادر وقبل ان تتجاوزه امسك بيده اليسرى ذراعها الأيسر و جذبها نحوه ، ف اصبحت ملتصقة به و محاصرة في وضعية لا تسمح لها ب إبعاده.
شهقت و صاحت بقسوة :
- انا بقولك سيبني انت مبتفهمش !!!
ضغط بأصابعه على ذراعها ثم همس و الغضب يعتريه بشكل مفرط :
- انا مبحطش عيني على بنت زيك مش لاقية اللي يلمها ؟ ايه ده انتي مصدومة ليه مش اتنرفزتي مني لاني قطعت عليكي اللحظة مع ابن عمك ؟
فتحت فمها بدهشة تحولت سريعا للشراسة وهي تردد :
- انت عارف كويس اني مبفكرش ف عمر ولا فغيره بلاش هبدك ده لاني مش هسكت تاني !
ابتسم ادم يقلل من شأنها :
- هتعملي ايه يا طفلة ؟ هتروحي تعيطي في حضن بابي ولا تشتكيني ل امي ؟ اها او يمكن تهدديني و تمشي تعيطي ف اوضتك لوحدك اصل انتي مبتعرفيش تعملي حاجة غير ديه !
صوت صفعة قوية صدع في الغرفة ليفتح كلاهما اعينهما بصدمة ، اقترب منها وعيناه يشعان شررا وحقدا ينذران بدمار قريب اما هي فرغم قوتهت الا انها لم تشعر بنفسها وهي تتراجع للخلف حتى التصقت بالحائط.
شهقت برهبة و ابتعدت الا ان ادم حاصرها ثانية عندما اسند ذراعيه على الجدار فأصبحت محاصرة تماما.
امال وجهه عليها حتى كاد يلتصق بوجهها فأشاحته يارا سريعا و اغمضت عيناها..... اطلق تنهيدة بطيئة يتبعها همسه المهدد :
- انتي اكيد مش عارفة اللي عملتيه والا مكنتيش هتعملي حاجة محدش اتجرأ يعملها من قبل.... القلم اللي ادتيهولي هتدفعي ثمنه غالي يا يارا.
كان جسدها كله يرتجف و شفتاها ترتجفان ، احست بضيق في التنفس وانها ستتعرض لنوبة ربو تعرض حياتها للخطر ككل مرة تخاف بها ، لذلك حاولت تهدئة نفسها و رفعت وجهها اليه متمتمة :
- تستاهل ، ابقى افتكر القلم ده لما تفكر تهينني او تقلل مني يا بشمهندس ادم.
رفعت يدها لتدفعه لكن ادم امسكها بقوة مردفا :
- لعلمك كدبتي بتاعت امبارح كانت عشان اعمل اللي مقدرش ابوكي يعمله و احميكي من عمر..... الموضوع ده كان هيتقفل اول ما نرجع الاسكندرية بس دلوقتي بعد اللي انتي عملتيه الكدبة هتتحول لحقيقة.... و انتي هتتجوزيني !!
انتفضت يارا برعب و اندفعت تهاجمه :
- مستحيل اتجوزك ولو كنت اخر شخص فحياتي انا مش هوافق !
- هتوافقي.
- لا مش هوافق.
- هتوااافقي !!!
صرخ فيها بحدة و تابع :
- اساسا الموضوع ده محلول من زمان فموافقتك من عدمها ملهاش معنى !!
لم تفهم معنى كلماته التي القاها للتو وقد بدت غامضة و ادم برددها بكل ثقة كأن هناك ما يعرفه وهي تجهله ، وقبل ان تجد وقتا للتفكير قبض على ءراعها ثانية مكملا بتهديد :
- ابقي افتكري القلم ده كل مرة و اوعى تنسيه !!
اغرورقت عيناها بالدموع فهي في النهاية فتاة حساسة تخشى اصغر الاشياء رغم ادعائها القوة امامه ، طالعته بكره واضح ثم هتفت ب :
- انت واحد مستبد.... وانا بكرهك !!
رسم ابتسامة على شفتيه متشدقا ب :
- مشاعرنا متبادلة يا بنت عمي !!
كادت تدفعه لكنه اوقفها ثانية و اخرجها من الغرفة بنفسه حتى كادت تسقط..... ركضت يارا الى غرفتها و انهارت في البكاء و كلماته تتردد في اذنيها :
- لا مستحيل بابا يعمل فيا كده مستحيل يظلمني و يجبرني اتجوز واحد انا مش معتبراه غير ظالم و اناني و قاسي...... بابا مبيعملش كده انا هروح اسأله و اكيد هيقف معاها و يحط حد لتصرفات ابن اخوه !!
_______________________
- اللي بيحصل هنا اسمه مسخرة !!
قالها ادم بصلابة مطالعا عمر و علي ثم تابع :
- حضرتك يا جدي بتتهم ابنك و حفيدك ب الكدب و بتصدق تخاريف الراجل اللي حط عينه على البنت اللي اتقدمتلها انا الاول !!
تخلى عمر عن صمته و هاجمه بعصبية :
- انت اللي حطيت عيونك ع البت اللي رايدها يا ادم ! اني سمعتك بوداني وانت بتتحدت ويا ابوك و عمي احمد و بتجولهم الكدبة ديه يارا ملازمش تسمع بيها.... انتو رايدين تبعدو يارا عني !!
اطلق ادم ضحكات مستفزة قبل ان يعلق :
- نبعد يارا عنك ؟ ليه هي من امتى كانت ليك او كانت قريبة منك احنا هنضحك على بعض والله.
- ايوة يارا ليا اني لوحدي !!
هذه المرة وجد نفسه يسحب الى احمد عندما امسكه من تلابيب قميصه و صرخ بغضب :
- لا بقولك ايه مش انا اللي بنتي بتتكلم عليها كده بنتي مش ملكية و اوعى اسمعك تاني بتتكلم عليها بالطريقة ديه والا والله العظيم بنسى انك ابن اخويا و برصاصة واحدة من سلاحي تلاقي نفسك جثة انت سامعني !!
حاول علي فك ابنه من قبضة احمد لكنه عجز فصرخ الجد سليم بصرامة :
- كفاية عاد المسخرة ديه خلصوها دلوجت ! احمد خلاص الواد غلط من غير جصد ابعد عنه.
تركه وهو ينظر له بازدراء ثم وجه كلامه الى والده :
- يا حج انا قلت اللي عندي ادم طلب يارا مني قبل عمر وانا لمحتلها ع الموضوع وهي معترضتش مستني امتحاناتها تخلص عشان اكلمها بشكل مباشر ايه اللي مش مفهوم في القصة ديه ؟!!
تدخلت الجدة زهرة بجدية :
- اللي مش مفهوم يا ولدي عمر بيجول انه سمعكم وانتو..... و انتو بتتفجو على خطة تخدعونا بيها ، احنا معندناش مشكلة ادم يتجوز حفيدتنا يارا بس معترضين على جوازه من البت اللي ابن عمه الكبير طلبها جبله وهو حط عينه عليها !!
زفر ادم بضيق ليتكلم سليم :
- بما ان كل حد بيجول كلام مختلف عن التاني اني لجيت الحل ، جيبو يارا نفتح وياها موضوع جوازها من ادم و نسألها عن رأيها.
بهت احمد للحظات و نظر الى ابراهيم الذي ردد متحججا :
- بس يا حج ده جواز يعني حضرتك.... يارا ازاي هتقرر قرار مصيري في ثانيتين ؟
رفع يده يسكته مغمغما :
- مهنعترضش لو جالت حفكر.... احمد جال جدامنا انه لمحلها احنا رايدين نشوف رد فعلها لما نجولها ادم طلبك للجواز لو طلبت وجت تفكر مهنمنعهاش ولو جالت انها....
- جيبوها معنديش مشكلة.
نطق بها ادم وقد جلي على الاريكة مقابل الجد بالضبط و ملامحه هادئة على عكس ما يجب ان تكون في هذا الموقف ، في حين ابتسم عمر متذكرا
صدمة يارا صباح اليوم و حتى شجارها مع ادم في غرفة المكتب ، مؤكد بعد كلماتها و صراخها و تهديده لها لن تقبل ب الزواج منه بل سارفض مباشرة دون التفكير حتى ، و ستصبح له في النهاية !!
صعدت رهف لتناديها و بعد دقائق نزلت يارا مطرقة رأسها الى الاسفل ورغم ذلك استطاع ادم لمح الانتفاخ تحت عينيها مما يؤكد على انها كانت تبكي.
تنهد وحدث نفسه :
- لو رفضتي دلوقتي هتكوني نهيتي حياتك ب ايدك يا يارا اوعى تتسرعي انا بس اللي هقدر احميكي اوعى ترفضي.
كان الجميع يتكلم و يتكلم وهي الواقفة بينهم تنظر الى الاسفل تمنع تسرب دموعها ، تذكرت ما حدث صباحا مع ادم و كلامه القاسي و صفعها له ، تذكرت ما حدث منذ دقائق و حتى ما كان يحدث من فترة طويلة ، الكثير من الاشياء تدور في رأسها الآن و اولها تهديد ادم لها و خوفها المستمر منه.... مالذي عليها فعله الآن ؟!!!
تقدمت زهرة منها و امسكت يدها مطمئنة اياها :
- حفيدتي الجميلة انتي خابرة جبناكي ليه صوح ؟ ادم طلب يتجوزك من فترة و على حسب كلام ابوكي انتي عندك فكرة ع الموضوع مش اكده ؟
رفعت عيناها اليها ببكئ ثم نقلتهما على ال?