رواية غريق علي البر الفصل الرابع


 غريق_علي_البر


الفصل الرابع 

بقلم، نعمه حسن،، 

         ❤❤❤❤❤❤❤


_إنت مين؟! إنت ميييييين؟! 


قالتها فرحه صارخه وهي تنهض بفزع مسرعه تبتعد عن ذلك الكائن الذي لا تعرف ماهيته. 


قام "أحمد" من نومه مفزوعاً عندما إستمع إلي صراخها فوجدها تصرخ قائله"إنت مين؟! "و تركض مبتعده فنظر إلي حيث كانت ترقد و إنفجر ضاحكاً و جري خلفها فوجدها تختبئ خلف شجرة. 


جاهد كي يمتنع عن الضحك و قال: ده سنجاب يا فرحه.. إنتي خايفه من سنجاب؟! 


نظرت له بأعين دامعه مذعورة فـ رق قلبه لرؤيتها بهذا الحال و مدّ يده لها فأمسكت بها و خرجت من خلف الشجرة. 


نظرت إلي" السنجاب"بخوف فقال: متخافيش يا فرحه.. السنجاب أليف. 


نظرت له بشك فذهب بجوار "السنجاب" و أمسك بغصن شجرة و بدأ في مداعبة السنجاب بلطف ثم نظر لها قائلاً: ده صغير لسه ميتخافش منه. قربي. 


_لا ياخويا شكراً.. إلعبوا إنتوا و إتبسطوا.. و بعدين يعني كائن زي ده عايش في جزيرة مهجورة زي دي بيعمل إيه؟!و بياكل إيه.. صحيح فقري إبن فقريه! 


إسترعت كلمتها إنتابهه فقال بغتةً: برافو عليكي يا فرحه.. فعلاً وجود السنجاب هنا ده يدل علي إن في أشجار مثمرة في المكان. 


_حتي لو في يعني.. هتطلع إنت الشجرة تجيب مثلاً؟! 


زفر بغيظ قائلاً: يبنتي مش كده.. مش كل حاجه تقفليها في وشي كده.. أنا لو مموتش بسبب قلة الأكل و الشرب هموت بالطاقه السلبيه اللي بتنقليها لي. 


لوت شفتيها ساخرة و قالت: خلاص يا أحمد أفندي أنا هخرس خاالص و إتفضل إنت إتصرف. 


_نامي يا فرحه.. نامي أحسن.. الصبح إن شاء الله هبقا ادور أدور أنا. 


=ده لو طلع علينا صبح يعني! 


_لا حول ولا قوة الا بالله!! 


قالها و هو يقلّب كفيه في تعجب من أمرها. 


أسندت فرحه رأسها إلي الشجرة مرة أخري و قالت: طب هنام إزاي و أبو الصحاب ده مشرّف جمبي؟! 


و أشارت برأسها إلي "السنجاب" فقال: قولتلك ده حيوان أليف.. و بعدين أنا مش هنام.. نامي إنتي؟! 


_الله!! و مش هتنام ليييه؟! 


قال ساخراً: أكيد مش عشان حضرتك صحتيني مفزوع و يستحيل أعرف أنام تاني دلوقتي.. لا.. ده أنا لازم أسهر علي حمايتك يا سمو الملكه فرحه.


زمت شفتيها بغرور و أغمضت عينيها و إستسلمت لسلطان النوم. 


قام هو ببطء و ذهب و أحضر عدة وريقات من الشجر و قدمها بيده إلي السنجاب الذي أشاح بوجهه عنها فقال: أنا كلامي كده صح.. متربي علي الغالي.. أملي فيك يا بطل بكرة تساعدنا نوصل لأي شجرة ألا لو فضلنا من غير أكل كده هنمووت. 


ظل يداعب السنجاب حتي إنصرف و شرد هو أمامه ينظر إلي نقطه وهميه. 


تذكر "نورا" و إبتسم إبتسامه لم تصل إلي عيناه و تخيّل لو أنها هي من ترافقه في تلك الجزيرة المهجورة الخاليه من أي موارد بشرية ماذا كانت ستفعل؟! هل كانت ستحاول تجاوز الأمور ببساطة كما تفعل "فرحه" أم كانت ستظل تلعن حظها الذي أوقع بها إلي هنا! 


تمتم بداخله: إيه الهبل اللي أنا بعمله ده؟! مفيش وجه مقارنه بينهم أصلاً! 


نفض رأسه من تلك الأفكار التي تسبح بداخلها ثم أسند رأسه إلي الشجرة من خلفه و حاول الإستسلام إلي النوم... 


      ♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕


_مش عارفه يا بابي والله بس همّا بيقولوا لسه بيبحثوا.. و مرّات يقولوا إنهم هيوقفوا البحث لأنه بدون فايده و إن جميع الجثث إتحولت لأشلاء و بقا صعب التعرف عليها.. و أنا اهو كل يوم بعمل إتصالاتي و بحاول أوصل لأي جديد بس مفيش فايده! 


=إعذريني يا حبيبتي إني مش قادر أكون معاكي في المحنه دي.. بس إنتي عارفه.. السفر دلوقتي مرهق جداً بالنسبالي. 


_ولا يهمك يا بابي.. إن شاء الله لو في أخبار هبلغ حضرتك.. مع السلامه. 


أنهت "نورا" مكالمتها فرمقتها "رضوي" بغيظ و غضب و قالت: إنتي بتتكلمي ببرود كده ولا كأن إن اللي كان في الطيارة ده المفروض حبيبك و هتتجوزوا بعد شهر! 


إعتدلت "نورا" في جلستها لتقابل "رضوي" و قالت بعمليه شديدة: بصي يا رضوي.. إنتي لسه صغيرة و مش بتفكري غير بمشاعرك و عواطفك.. لكن لما توصلي للسن اللي أنا فيها دي هتتصرفي بعملية أكتر.. يعني أنا هستفيد إيه لما أفضل أبكي و أقول يا تري؟! مش. هستفيد أي حاجة.. بالعكس.. ده أنا هخسر. 


هزت "رضوي" رأسها بتساؤل فأجابت "نورا" و هي تعدد علي أصابع يدها: هخسر وقت، هخسر طاقه، هخسر تركيز ممكن يساعدني إني ألاقي حل.. و أنا أكيد مضايقه و قلقانه زيك بالظبط.. بس مش لازم أوضح ده.. أنا مش ساكته.. انا بحاول أوصل لأي حاجه بس للأسف مفيش. 


أشاحت "رضوي" بوجهها عنها في عدم إقتناع فقالت "نورا": أنا هفضل معاكي هنا النهاردة لغاية ما ترجع طنط.. قوليلي بقا فين المكان اللي هنام فيه؟! 


_هتنامي من الساعه 9؟! 


=أيوة ده ميعاد نومي.. إنتي عارفه إن أهم حاجه الإنضباط و الإلتزام. 


أومأت" رضوي" و أشارت لها ناحية غرفة الضيوف قاصده إغاظتها و لكنها تعجبت عندما تقبلت "نورا" الأمر ببساطة شديدة و قالت: تمام.. تصبحي على خير. 


         ♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕


في كل صباح يستيقظ غزال يدرك أنه يجب أن يعدو بخطوات أسرع من خطوات الأسود وإلّا كان الموت مصيره.

وفي كل صباح يستيقظ أسد يدرك أنه يجب أن يعدو بخطوات أسرع من أبطأ غزال وإلّا سيموت جوعاً. 

لا يختلف عليك الأمر سواء أكنت غزالاً أم أسداً، عندما تبزغ الشمس عليك أن تعدو بأقصى سرعة.


       ♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕


إستيقظت"فرحه"من نومها عندما داعبت الشمس وجهها.. أفاقت ببطء و ظلت تجول ببصرها من حولها حتي ثبتت عيناها علي ذلك النائم بجوارها. 


إختلست إليه النظر و تمتمت بداخلها:يخربيتك.. قشطه بالكريمه جاتك داهيه في حلاوتك.


قفزت صورة "رجب" في ذهنها فجأه فإمتعضت ملامح وجهها و قالت بصوت منخفض: جاتك القرف يا رجب يا نتن.. قال إيه مش عاوز يعمل فرح. 


ثم أكملت بتوعد و إرتفع صوتها: صبرك عليا بس لما أرجع من المخروبه دهين و ديني لأسقيك المر و مش هعمل فرحي غير في فندق خمس نجوم. 


"بتكلمي نفسك يا فرحه؟!" قالها "أحمد"بصوت ناعس وهو يضع يده فوق عيناه يحجب عنهما أشعة الشمس.


نظرت له"فرحه"مبتسمه و قالت:صباح الخير يا أحمد أفندي.


_صباح النور يا فرحه هانم.


إبتسمت فرحه و قالت:تحب حضرتك تفطر هنا ولا في الجُنينه بره؟!


قهقه عالياً و قال:المكان اللي تحبيه أنا معاكي فيه.


أومأت بموافقه فقال:هاا..كنتي بتكلمي نفسك بتقولي إيه؟!


زمت شفتيها بإيجاز و قالت:مفيش.. إفتكرت أهلي و بدر..يا تري بقت كويسه!و يا تري إكتشفوا غيابي ولا لسه؟!


زفر بحيرة مماثله و قال:أكيد يا فرحه إكتشفوا غيابك و أكيد مصر كلها بتحكى عن الخبر دلوقتي.


_طب و إحنا هنفضل هنا لحد إمتا يا أحمد أفندي؟!


=لحد ما ربنا يأذن إننا نرجع يا فرحه..مفيش قدامنا حاجه نعملها للأسف غير إننا نولع نار كإستغاثه..يا رب يكون حظنا حلو و يشوفوها.


_و لو حظنا وحش؟!


قالتها بتشاؤم كعادتها فإبتسم و أجاب:يبقي هنفضل هنا لحد ما تحصل معجزة و نرجع.


هزت رأسها بوجه خالي من التعبيرات و باغتته متسائله:ألا قوللي يا أحمد أفندي؟!


_و أقوللك يا أحمد أفندي ليه؟!


نظرت له بتفاجأ و ضحكت بشده فبادلها الضحك فقالت:لا دا انت كده هتنافسني بقا.


_أهو بنتعلم منِك أي حاجة..ها عايزة تسألي علي إيه؟!


=إن شاء الله لو رجعنا مصر..إيه أول حاجه هتعملها؟


_والله هو المفروض إن فرحي بعد شهر فـ.....


قاطعته قائله:بجد؟!! ده أنا كمان فرحي بعد شهر!


_معقوله!


=أيوة..و إنت كمان خطيبتك مش عايزة تعمل فرح ولا إيه؟!


ضيق بين حاجبيه قائلاً:دي حقيقه فعلاً..عرفتي إزاي!


_لا دي توقعاتي يعني..أصل رجب إبن عمي ده نفس تفكيره.. من النوع النتن حبتين..بيقول لي ليه نعمل فرح و مصاريف و تكاليف طب ما احنا قال إيه نستثمر الفلوس دي!


_هي "نورا"خطيبتي مش بتفكر من منطق التوفير يعنى..بس هي طبيعتها مبتحبش المبالغه..شايفه إن مصاريف الفرح دي ملهاش داعي..و إن الفرح كله ملوش لزمه يعني هي كانت عايزه نعمل حفله بسيطه نعزم فيها أقرب الأقربين و خلاص..مبتحبش الزيطه و الجو ده.


=إزاي يعني..و هو ده يبقا فرح؟!دي حتي إسمها ليلة العمر..يعني لازم طبل و زمر و هيصه و أفرح و الناس تفرح..و لو علي الفلوس فأنا عن نفسي شايفه إن مكانتش الفلوس تتصرف علي اللي يسعد الإنسان و يخليه مبسوط و فرحان يبقا ملهاش لزمه.


أومأ بإقتناع و قال:معاكي حق فعلاً..طيب و إنتي موافقه خطيبك علي قراره ده؟!


=لا طبعاً..و إن مكانش يعمل لي اللي أنا عاوزاه يبقا مع ألف سلامه.


_مش للدرجه دي يا فرحه..ما يمكن ظروفه متسمحش.


=ما هو لو ظروفه متسمحش كنت رضيت و قولت ماشي..لكن أنا عارفه هو بيعمل كده ليه.


_ليه؟!


=نتانه و بخل بعيد عنك..أصل رجب ده بيموت علي القرش.


_يا ساتر..هو لسه في كده؟!


=و أكتررر يا أحمد أفندي و أكتر..ده بينشف تفل الشاي عشرين مرة.


إرتفع صوته ضاحكاً ثم قال:طب يلّا يا فرحه هانم عشان ندور علي ميه و أكل.


و إنصرفا بداخل الغابه يبحثان عن موارد للأكل و الماء فسألته:أومال أبو الصحاب فين؟!


_اه..تقصدي السنجاب..مشي من إمبار..


بتر كلمته عندما إستمع إلي صوت السنجاب من أعلي الشجرة فرفع بصره للأعلي فسقطت تحت قدمه حبة من جوز الهند.


نظر إلي فرحه بحماس فبادلته نفس النظرة فإنحني مسرعاً و إلتقطها ثم نظر إلي الأعلي مرة أخري قائلاً:

شكراً يا بطل علي الكادو الحلو ده.


نظرت"فرحه"علي الأرض حولها ثم إنحنت و إلتقطت حجر كبير و ناولته إياه فتناوله منها و كسر به ثمرة جوز الهند و أعطاها شطرها و أخذ الشطر الآخر.


شربت "فرحه"ماء جوز الهند بتلذذ و قد إرتوي عطشها بعض الشئ و بدأت في تناول جوز الهند من الداخل بإستمتاع و عندما إنتهت منها نظرت إلي القشرة الخارجيه لجوز الهند و التي تشبه الوعاء ثم قالت بحماس:إحنا لو سيبنا القشرة دي يومين تلاته في الشمس هتنشف و ممكن نقطر فيها الميه!


_تصدقي فعلاَ فكرة..إنتي ممتازة يا فرحه.


طالعته فرحه بفخر و قالت:يا سلام لو أبو الصحاب يوقعلنا كمان خمس ست حبات من دول..تبقا جبرت.


لم تكمل جملتها إلا و قد وقع تحت قدميهما العديد من ثمرات جوز الهند فنظرا لبعضهما البعض و إنفجرا ضاحكين ثم جمعا الحبات و تقدّما للأمام يكملان البحث.


إقتربت"فرحه"من شجرة ثم إنحنت و إلتقطت بيديها شيئاً ما و همّت بأكله فصرخ بها قائلاً:إستني.


          

                 الفصل الخامس من هنا 

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×