رواية نوح والأمانة
الفصل الثانى
بقلم ميمي عوالي
عندما تفتح أمانة الباب تجد أمامها فتاة ترتدى بنطالا يكاد يكون طبقة جلد ملونة فوق جلدها وبالأعلى سترة قصيرة وتضع وشاحا صغيرا يكاد
يخفى نصف شعرها وتضع الكثير من مستحضرات التجميل والتى لا تتناسب ابدا مع الصيام والعبادة لتشهق أمانة فى تعجب وهى تقول : سهر !!!
ليدخل نوح وهو يدفع سهر أمامه برفق قائلا بتعجب : ايه ده ! انتو تعرفوا بعض
سهر : انتى مين
أمانة : انا المهندسة أمانة من شركة عبد الراضى
لتتجاهلها سهر وهى توضح لنوح بسرعة : أيوة ، قابلتها فى الشركة اللى بتشتغل فيها ..لما نزلت مصر السنة اللى فاتت عشان المشروع بتاعنا
ليزوى نوح مابين حاجبيه قائلا : هو انتى بتشتغلى مع حاتم عبد الراضى
أمانة : أيوة
نوح باستهجان : ووصلتيله ازاى ده
أمانة بهدوء : شركته اخدوا أوائل دفعتنا كلها ، وكمان نيرة أخته تبقى صاحبتى
نوح بسخرية : امممم ..قلتيلى ..صاحبتك
لياتيهم صوت نعمة من الداخل : انتو عندكم كل ده ليه ، ماتدخلوا
ليدخل نوح إلى أمه وهو ممسك بيد سهر التى ما أن رأت نعمة مظهرها الا و حل عليها حالة من الصدمة الشديدة ، ولكن نوح يذهب إليها ويحتضنها مقبلا رأسها ، ثم يجذب سهر لتقف أمامها وهو يقول : دى سهر مراتى يا ماما ،ثم يوجه حديثه الى سهر قائلا : ودى بقى أعظم ام فى الدنيا دى كلها يا سهر ، عاوزك تعتبريها مامتك من هنا ورايح
لتقع جملته على قلب أمانة كخنجر مغموس بالسم ، فكم نهرها وهى لا زالت طفلة عندما كانت تنادى نعمة بأمى ، فكان يصرخ بها ناهيا إياها عن تكرارها ويذكرها بأن امها قد فرطت فيها وتركتها لهم دون أن تتذكرها يوما واحدا لسنوات طوال ، لتفيق أمانة على صوت سهر وهى تقول بود مصطنع : طبعا يا نوح ..مامتك زى مامتى بالظبط
لتقول نعمة بهدوء : اهلا يابنتى اتفضلى
ليجلس نوح مع سهر وأمه بينما تذهب أمانة إلى المطبخ وتبدأ فى وضع الطعام على مائدة الطعام لتلتفت سهر إليها وهى تضع قدما على الأخرى وتقول باستعلاء : بس هو انتى برة وجوة كده على طول يا أمانة
أمانة : كده اللى هو ازاى يعنى
سهر باستعلاء : يعنى ….بخيمتك دى
لتعتدل أمانة بوقفتها وهى تقول بهدوء شديد وكأنها تنتقى كلماتها حتى لا يخونها غضبها الداخلى : طالما انى موجودة مع حد مش محرم ليا ببقى كده يا مدام سهر
نوح بامتعاض : ايه مدام دى ، ماتتكلمى عدل
أمانة : كده احسن يا ابن عمى ، عشان مانشيلش الألقاب واتعود على كده واغلط وانا بتعامل معاها فى الشغل
نوح : مش فاهم
أمانة: مدام سهر من يوم ما اشتغلنا سوى وهى بتحب تتعامل برسمية ،فلسانى اتعود اقولها يا مدام ،مش هينفع دلوقتى أشيل الألقاب
نوح ببعض الغضب : ياللا ياماما ، المغرب خلاص هيأذن
لتنهض نعمة وهى تراقب أمانة بحنو شديد حتى وصلت إلى جوارها لتقبلها على وجنتيها من فوق نقابها قائلة : تسلم ايديكى يا أمانة … ربنا مايحرمنيش منك ابدا يابنتى
أمانة بامتنان : ولا منك يارب يا مراة عمى
ليتحلقوا حول مائدة الطعام بانتظار آذان المغرب ليبدأوا افطارهم
وبعد أن فرغوا من طعامهم واحتساء المشروبات ، قامت أمانة بترتيب المكان وتنظيفه وجلى الصحون ثم تركتهم للاتجاة للمسجد لصلاة العشاء والتراويح ، وبعد ذهابها
نوح : والأستاذة بتتأخر فى شغلها ولا بترجع فى معادها
نعمة ببعض الغضب : الاستاذة طول عمرها عارفة حدودها والأصول كويس اوى ، الدور والباقى عليك انت
نوح بدهشة : انا ..وانا عملت ايه
نعمة : حاططها فى دماغك ليه ، ليه دايما سامم بدنها فى الرايحة والجاية ، ليه دايما محسسها أنها قليلة وماتسواش ، ليه مرخصها وهى غالية ..وغالية اوى كمان يانوح
نوح باستهجان : وهو انا عملتلها ايه يخليكى زعلانة منى اوى كده عشانها
نعمة : انت مش شايف نفسك بتتكلم معاها ازاى ، طب يا اخى حتى لو هى وحشة ، افتكرلها أن هى اللى شايلانى السنين اللى فاتت دى كلها ، كفاية أنها كانت بترفض كل عريس يتقدم لها لما تلاقى أنها هتبعد عنى
نوح بدهشة : عريس ! لأمانة
نعمة بسخط : ااه لأمانة ، ومش عريس واحد ، دول عرسان ، وآخرهم حاتم عبد الراضى ذات نفسه اللي بيتمنى لها الرضا .. بس هى ترضى ..بس هى اللى ماوافقتش بحجة أنها ماتسبنيش لوحدى ، لدرجة أنه اتحايل عليها تاخدنى معاها وهى اللى مارضيتش
نوح ببعض الغضب : على ايه ده كله وليه يعنى ،دى مش باين منها حاجة حتى عينيها ، اللى عاوز يتجوزها بقى هيتجوزها على أساس ايه
نعمة بفخر: منهم من جيرانا اللى فاكرين حلاوتها وجمالها من قبل النقاب ، ومنهم من زمايلها اللى حبوها على ادبها وأخلاقها وتدينها ، اومال انت فاكر ايه الراجل يوم ما يحب يتجوز ويفتح بيت بيدور على البنت المحترمة المتدينة اللى تراعى ربنا وتصونه فى غيابه زى وجوده
لتنهض سهر فجأة بعد متابعتها بصمت لحوار نوح مع أمه لتقول : مش ياللا بينا يا نوح واللا ايه
نوح وهو مازال ينظر لامه بتمعن شديد : خلينا نستنى شوية يا سهر على ما أمانة ترجع ، عشان مانسيبش ماما لوحدها
لتعود سهر للجلوس بامتعاض وهى تنظر بسخرية لكل منهما بينما قال نوح لتغيير دفة الحديث : انا عاوز ازور بابا الله يرحمه
نعمة : وماله ، روح زوره واقرى له الفاتحة ، وقوله انك اتجوزت ، يمكن يتطمن عليك
نوح : هاتيجى معايا ؟!
نعمة : لو عاوزنى اجى معاك هاجى ، انا عموما بروح أزوره هو وعمك كل اول شهر عربى
نوح : مابتتعبيش من المواصلات
نعمة : لأ ، مواصلات ايه ، أمانة بتودينى بعربيتها
نوح بانبهار: هى جابت عربية
نعمة : يوووه من زمان ، بقالها بتاع تلت سنين اهوه
نوح : وعلى كده بتسوق كويس ، والا سواقة حريمى
نعمة ضاحكة بفخر : لااااا ، حريمى مين ، دى سواقة بريمو ماشاءالله عليها
ثم تنظر نعمة إلى سهر وتقول : وانتى ياسهر ، كنتى عايشة فى دبى مع باباكى ومامتك واللا مين
سهر بفخر : لا ، لوحدى
نعمة بدهشة : طب وليه يابنتى كده
سهر بعنجهية : انا مسئولة عن التعاقدات الجديدة فى الشركة وعشان كده تلاقينا فى كل بلد شوية ، وعشان شاطرة فى شغلى وبقدر على اللى مافيش غيرى يقدر عليه ...ماقدروش يخلوا حد يمسك نفس منصبى
لتومئ نعمة برأسها وتقول : وفين باباكى ومامتك
سهر : بأبى عايش من سنين هو ومراته فى اليونان مابيخرجش منها لكن مامى متجوزة وعايشة فى فرنسا
نعمة وهى تحاول فهم خلفية زواج ابنها : وعملتوا الفرح فين اومال ، روحتوا اليونان لباباكى واللا فرنسا لمامتك ، واللا هم اللى جولكم دبى
سهر بسخرية : احنا ماعندناش التعاقيد دى : انا كلمتهم وبلغتهم انى هتجوز وباركولي وخلاص ، ولما خدنا إجازة الهنى موون سافرنا لبابى اسبوع ولمامى اسبوع
نعمة وهى تومئ رأسها بحسرة وتنظر لابنها بعتاب : ربنا يهنيكم يابنتى
ثم سألت نوح قائلة : وانتو هتفضلوا قاعدين فى الاوتيل كده لحد امتى
نوح : ماهو مش هينفع اجى اقعد هنا وأمانة موجودة ياماما
نعمة : وليه يابنى ، الشقة كبيرة وتساعنا كلنا
لياتيهم صوت أمانة التى عادت من صلاتها وهى تقول : نوح عنده حق يامراة عمى ، السلام عليكم الاول
لتلتفت نعمة قائلة : وعليكم السلام ، ايه بقى اللى انتى كمان بتقوليه ده
أمانة بهدوء وهى تضع بعض المشتروات من يدها : انا مابقيتش صغيرة يامراة عمى ، وان الاوان انى اروح شقتى
نوح ببعض الغضب : وانتى بقالك شقة من امتى
أمانة بهدوء : من سنتين
نوح : وهو ينفع أن بنت محترمة تقعد لوحدها
أمانة : مانا مش هبقى لوحدى
ليهب نوح غاضبا ويقول بصوت عالى : اومال مين اللى هيبقى معاكى بقى أن شاء الله يا هانم يامحترمة ، انطقى
لتحاول نعمة التحدث ولكن أمانة تشير إليها بالسكوت لتتكلم هى قائلة بصوت يشوبه الارتعاش من شدة انفعالها المكبوت: انتو اللى هتبقوا معايا يانوح
لينظر إليها نوح بعدم فهم ويقول بامتعاض غاضب : انتى هتجنينينى
أمانة وهى تتنهد بشدة وهى تحاول السيطرة على اعصابها : ماهو اللى انت ماتعرفوش أن شقتى تبقى الشقة اللى قصادنا على طول ، عم إبراهيم لما طلع معاش قرر أنه يسافر بلدهم ويبيع الشقة ، فأنا اشترتها عشان ابقى جنب مراة عمى
فدلوقتى ممكن ترجع بيت ابوك من الصبح وانا هروح شقتى ولو مراة عمى حبت تبقى معايا تنورنى ، حبت تفضل فى شقتها ..برضة نفسها معايا ومتونسة بيها
سهر وكأنها قد ربحت اليانصيب : ااه طبعا تبقى معاكى ، اكيد مش هتسيبك لوحدك
ليحتقن وجه نوح بشدة وينظر إلى أمه ثم إلى أمانة قائلا : الكلام ده ما اتقاليش ليه من زمان
أمانة وهى تحاول الذهاب من امامه: احتمال مراة عمى نسيت أو ماحبتش تشغلك بامورى وهى عارفة انك …….
لتصمت دون أن تكمل حديثها ، ولكن سهر قالت : ماتفرقش كتير ياحبيبى ، دى حياتها الخاصة واعتقد انها مش هتفرق معاك كتير
ليتجه نوح إلى الباب ممسكا سهر بيده وهو يقول : احنا هنمشى دلوقتى ، وعلى ما نجيلكم بكرة أن شاء الله تكونوا اتفقتوا على اللى هتعملوه
ثم عاد مرة أخرى إلى أمه وهمس لها بشئ ما بأذنها جعلها تبتسم ثم ذهب وتركهم
ما أن أغلق الباب ورائهم حتى خلعت أمانة نقابها وهى ترفرف بيديها أمام وجهها لتجلب بعض الهواء من شدة حرارة الجو ثم أطلقت الشهادتين بخفوت وهى تجلس بجوار نعمة ثم قالت وهى تحاول الخروج من حالة الغضب التى تحوم حولهم : أدى اليوم اللى وعدتينى تعمليلى فيه الكحك طار ، عاجبك كده
لتضحك نعمة بشدة حتى دمعت عيناها ثم ضمت إليها أمانة وقبلت وجنتيها وقالت : ليكى عليا بكرة أن شاء الله اعملهولك
أمانة باعتراض : لا ياستى ، بكرة ليلة وترية ومش هينفع
نعمة : هعملهولك بالنهار
أمانة باعتراض : يا سلااام ، والحق انا العب امتى
نعمة بضحك : تلعبى… يابت اكبرى بقى
أمانة وهى تحتضن ذراع نعمة : دى الفرحة كلها فى اللعب ده يانعمة
ثم تشرد أمانة وهى تقول : فاكرة عمى الله يرحمه ، لما كان يقعد معاكى وانتى بتعملى البسكوت ويدورلك الماكنة، وكان يقعد يرصصلك الصاجات ويبصلك على الفرن كل شوية ، كانت احلى ايام عمرى اللى لا يمكن انساها ابدا ، وعشان كده بستنى افتكرها من السنة للسنة عشان احس بريحته معانا
لتدمع عينا نعمة وهى تتذكر شريك عمرها ، وعندما تلاحظ أمانة دموعها تنهض وهى تقول قومى صلى العشاء ياللا عشان اسحرك قبل ما انام ، وفكرى هتباتى فين بكرة ..معايا واللا مع الناس التانيين
لتقول نعمة باسمة : أقرر ايه بقى ، مانوح قرر وإدانى الأوامر قبل مايمشى
لتلتفت لها أمانة قائلة : ااه صحيح ...هو كان بيوشوشك بيقوللك ايه وانتى ابتسمتى بعدها
نعمة : قاللى ماتسيبيش أمانة عمى لوحدها
الفصل الثالث
فى اليوم التالى
وعند عودة أمانة من عملها تجد نوح وسهر بمنزل عمها بالملابس البيتية ، والتى جعلتها تشعر بالخجل وخاصة أمام ملابس سهر الفاضحة
وتعاملها الافضح مع نوح أمام نعمة رغم خجله من ذلك ، عندما تجد أن أحدا لم ينتبه لوجودها ...عادت إلى الخارج وقامت برن الجرس فوجدت نوح يفتح الباب ويتركها عائدا للداخل
دون أن يتحدث إليها بأى كلمة ، لتدخل وراءه بهدوء وهى تلقى السلام ، ولم بجيبها سوى نعمة أما نوح فاكتفى بايماءة من رأسه وتمتمة بشفتيه لم تصل لاذنيها ، أما سهر فقد نظرت إليها ثم عادت بعينيها إلى التلفاز وكأن شيئا لم يكن
لتدخل أمانة إلى غرفتها وماهى الا ثوان معدودة حتى خرجت مرة أخرى وهى تجر حقيبة ملابس ضخمة
نعمة : ماتستنى لبعد الفطار ياحبيبتى ، تكونى ريحتى وخدتى نفسك
أمانة : مانتى عارفة النهاردة ليلة وترية ، ومش هبقى فاضية انى اعمل حاجة ، اهو على الأقل ارصص هدومى فى الدولاب
نعمة : طب روحى وانا هحصلك ، بس هحط حاجة على رأسى
أمانة: لو حابة تخليكى مع ابن عمى لبعد الفطار خليكى ، وانا هعدى عليكى بعد صلاة التراويح
لتنظر نعمة لها بصدمة قائلة : لاهو احنا مش هنفطر كلنا سوى
أمانة بهدوء : مش هينفع اقعد متكتفة كل يوم على الاكل ، سيبينى براحتي
نعمة بصوت عالى : هنفطر سوى يا أمانة ، على الأقل لغاية مايخلص رمضان وبعد كده نبقى نشوف هيحصل ايه لو ربنا كاتبلى عمر زيادة
لتنحنى أمانة مقبلة رأس زوجة عمها قائلة : ربنا يديكى طولة العمر ويخليكى ليا ….حاضر ، هرص هدومى فى الدولاب وارجعلكم
كان الحديث يدور أمام نوح الذى كان يتابعهم فى صمت شديد وكأن الأمر لا يعنيه فى شئ ، حتى أنه تركها تذهب لشقتها دون أن يعرض عليها المساعدة فى توصيل حقيبتها
أما سهر فكانت ملامحها متهللة عندما رأت أمانة وحقيبتها ولكنها تجهمت مرة أخرى عندما أصرت نعمة على تناولهم الإفطار سويا ، وما أن أغلقت أمانة الباب وراءها حتى قالت سهر بامتعاض : ماكنتى خليها براحتها ، تأكل عندها
نعمة بدهشة : تأكل بطولها واحنا كلنا هنا
سهر وهى ترفع كتفيها بلا مبالاة : وفيها ايه ، ماهى لازم تتعود ...أو انتى ممكن تبقى تاكلى معاها
لتنصدم نعمة مما قالته سهر وعندما نظرت لنوح وجدت الخجل يعلو وجهه وهو ينظر لسهر بعتاب قائلا : احنا مانتدخلش فى الكلام ده ياسهر … اللى ماما شايفاه صح ومناسب تعمله ، وبعدين ماما مرتبطة بأمانة جدا ومش هتهون عليها تبقى لوحدها
نعمة بفضول : طب وانت يانوح
نوح : انا ايه ياماما
نعمة : هتهون عليك
نوح بمماطلة: ياماما انتى عارفة أن أمانة يعنى
نعمة : مالها أمانة يابنى
نوح بتنهيدة : ماملهاش ياماما ، بس انتى طول عمرك انتى وبابا الله يرحمه بتنصروها عليا وبتفضلوها كمان عنى رغم أن انا اللى ابنكم مش هى
نعمة بصدمة : احنا يا ابنى
نوح : يا ماما ، ماتزعليش منى ، بس هى دى الحقيقة
نعمة : انت بتغير من معاملتنا لبنت عمك اليتيمة يانوح
نوح : مش حكاية غيرة ، بس …..
نعمة : بس ايه ، وامتى فضلناها عليك ..تقدر تقولى ، دخلت مدرسة لغات زيك .. بالعكس ..دخلت مدرسة حكومة عادية جدا لان ابوك ماكانش هيقدر أنه يدخلها زيك ، رغم أن امكانياته لو كانت تسمح ماكانش هيتاخر ابدا
كانت بتطلع رحلات زيك ، عمرها ...ابوك عمره ما وافق يطلعها رحلة واحدة طول دراستها ، وعمرها ماخرجت مع حد من صحابها فى اى مكان غير بعد ما اشتغلت ، وحتى دى كل فين وفين وفى المناسبات
اخدت كوررسات زيك ...ماحصلش ، والحاجة الوحيدة اللى ابوك سمحلها بيها هى دروس القرآن ولأنها كانت فى المسجد اللى فى شارعنا
فضلناها عليك فى ايه فكرنى كده واللا فهمنى لو انا مش فاهمة
عشان كنا بنعاملها بما يرضى الله لأنها اتيتمت وهى لسه ماتعرفش حاجة من الدنيا ، طب كنت عاوزنا نعاملها ازاى ..نضربها واللا نعذبها زى مابنشوف فى الافلام
واللا عشان لما كنت بتيجى عليها ...نقولك بالراحة على بنت عمك دى لسه صغيرة
رغم أن طول عمرها بتحبك وبتحترمك وواخداك مثل أعلى ليها الا انك عمرك ما اتعاملت معاها عدل
نوح : هو ليه كل أما اجيبلك سيرتها تقعدى تقطمى فيا بالشكل ده
نعمة : لانك مش فاهم
نوح : افهم ايه
نعمة : أنها أمانة
نوح : وايه الجديد يعنى ماحنا عارفين انها أمانة
نعمة : أمانة المعنى مش الاسم يا ابن بطنى
نوح ببعض الخجل : تقصدى انى مابصونش الأمانة
نعمة : ادينى أمارة كده ، ثم أكملت بتنهيدة : يمكن تكون غلطتى انى سيبتك السنين دى كلها من غير ما احكيلك حاجة مهمة اوى
نوح باستغراب : حاجة ايه دى
نعمة : انت طبعا عارف انى بنت خالة ابوك الله يرحمه ، بس امى وأمه ماكانوش شقايق ، كنا فى بلدين بعاد عن بعض انا كنت فى بلد بعيدة فى البحيرة وخالتى كانت فى الجيزة
نوح : طبعا عارف
نعمة : انا كمان كنت يتيمة ، وبرضو كنت متربية فى بيت عمى ، بس مع الفرق يانوح ،
انا مراة عمى كان عندها بنتين وولد ، كانت واخدانى اكنى شغالة ليهم ، رغم أن عمرى وقتها كان خمستاشر سنة ، لحد ما بالصدفة عمك كان فى بلدنا عشان فرح واحد صاحبه
، وخالتى كانت موصياه يزورنى ويتطمن عليا ، وعشان ربنا ماكانش رايدلى اتبهدل بزيادة ..ساعة ماجه خبط على باب عمى كانت مراة عمى بتضربنى ومبهدلانى
اليوم ده لا يمكن انساه ابدا ...عمى يومها ماكانش لسه رجع من شغله ، لقيت عمك شدنى من ايديها وخبانى ورا ضهره واتخانق مع مراة عمى
اللى قالتله أنه كفاية بيصرفوا عليا وعلى علامى وأنها كده بتربينى ولو مش عاجبه ياخدنى ويريحهم منى
عمك فى لحظة شدنى من ورا ضهره وقاللى ادخلى البسى، وماتجيبيش معاكى غير كتبك وبس
وفعلا فى ظرف ربع ساعة كان واخدنى وماشى ، وماحضرش فرح صاحبه ، ورجع بينا على بيت خالتى اللى حكالها على كل اللى حصل
خدونى فى حضنهم وكانوا احن عليا من اى حد تانى ، واخدونى ليلتها وجابولى كل اللى ناقصنى واللى عمرى ماكنت احلم أنه يبقى عندى ، واللى عرفت بعد كده أنه كله كان من جيب عمك ، وخالتى
راحت لعمى بعدها باسبوعين ، واللى ماحاولش يعرف حتى حصللى ايه فيهم وكأنى كنت هم وانزاح ،وجابت اوراقى كلها وخلونى كملت تعليم لحد مانا اللى استكفيت ، واتجوزت ابوك
وعشان تعرف انا مهما عملت لأمانة عمرى ما هوفى جميل عمك اللى فى رقبتى ، انا ماعملتش اكتر من اللى هو عمله معايا
ما انساش ابدا يوم ماجابنى لخالتى وقاللها ...عم نعمة خان الأمانة ، عاوزنى انا كمان أخون الأمانة يانوح
كان نوح يستمع إليها وهو يتنقل بعينيه بين عينى أمه وكأنها يبحث عن اى مبالغة ، ولكنه لم يجد إلا الصدق والحنين ، وعندما انتهت نعمة من حديثها قال نوح : طول عمرك وانتى صايناها يا ماما
نعمة : وطول ما فيا نفس هصون أمانة عمك وابوك من بعده ، انا وابوك كنا يادوب بنرد الجميل ...ابوك عشان عمك اللى رباه واتكفل بيه بعد موت ابوهم ، حتى مارضيش يتجوز لحد مااتطمن على جوازنا وأننا سددنا كل ديوننا واتطمن علينا ..وانا برضة عشان كده وعشان اللى حكيتهولك
لما كنت بشوف غيرتك وانت صغير ، كنت بقول بكرة يكبر ويفهم ، بس ما اتصورتش ابدا انك لحد دلوقتى حاططها فى دماغك يابنى
نوح ،: خلاص ياماما ماتزعليش ، ثم انا لا حاططها فى دماغى ولا حاجة ، بس عموما اوعدك انى هحاول مااضايقهاش تانى
نعمة بامتعاض : تحاول !
نوح ضاحكا : يعنى اكتبلك تعهد طيب وإلا اعمل ايه
سهر بزهق : انتو على فكرة مكبرين الموضوع اوى ، عادى يعنى ، ما ياما ناس بيبقى أهلها ميتين وبيعيشوا عادى يعنى ….ايه الاوفر ده
لتمتعض نعمة من حديثها ولكنها تفضل الصمت
نوح بتحذير : احنا قلنا ايه
سهر وهى تنفخ وجنتيها بامتعاض : المغرب قرب يأذن هنفطر ايه
نعمة : انا هحط الاكل فى الفرن واسخنه ، وهروح اطل على امانة أشوفها لو محتاجة حاجة ، ، ونبقى نطلع الاكل على السفرة وقت الفطار عشان مايبردش
سهر : ايه ده ، تقصدى الاكل بتاع امبارح
نعمة : ااه يابنتى ، الاكل اللى فضل كتير جدا هنوديه فين
سهر بلا مبالاه : شحتوه ..ارموه ...كلوه انتو ، لكن انا ماباكلش اكل بايت
نوح باحراج : الاكل فعلا كتير اوى ياسهر
نعمة : خلاص يابنتى لو مش عاجبك ، قومى شوقى عاوزة تفطرى ايه واعملى اللى يعجبك ، لكن حرام انى أرمى الاكل ده كله
سهر باستهجان : ايه ده ، انا أقف اعمل اكل ، لا طبعا
نعمة بدهشة : اومال مين اللى كان بيعمل لكم الاكل وانتو فى دبى
سهر بتأفف : كنا بناكل برة أو بنجيب دليفرى
نعمة بأسى : والله يابنتى انتو حرين ، انا اللى عليا عملته
سهر وهى تنظر لنوح بغضب : قلتلك نفضل فى الاوتيل ماعجبكش
نوح وهو يسحب سهر من يدها بشئ من الحدة : تعالى عاوزك
لياخذها إلى حجرته مغلقا الباب من ورائه ويلتفت إليها وهو يعنفها بصوت خافت : وبعدها معاكى ياسهر ، احنا اتفقنا على ايه
سهر بضجر : بقولك ايه يا نوح ، انا مابحبش الخانقة
نوح بدهشة : أنهى خنقة دى اللى بتتكلمى عنها ، هو حد داسلك على طرف
سهر بعصبية شديدة : من ساعة ماجينا وانتو مالكمش سيرة غير ربة الصون والعفاف وذكريات الأموات اللى ماليش فيها وسكت ، لكن كمان هتغيرولى نظام حياتى واكلى وشربى
نوح : اولا المفروض أن انتى زوجة ومسئولة عن نفسك وعنى ، يعنى انتى المفروض تفكرى هندبر حياتنا ازاى .. مش تسالى ، ثانيا . حياتنا هنا هتبقى
غير دبى ودخلنا هيتغير ، فلازم نأقلم حياتنا على كده ونتعلم نعمل اللى ماكناش بتعمله ، واعتبريها فرصة انك تتعلمى من ماما وأمانة
سهر : افندم ..أمانة مين دى اللى اتعلم منها
نوح : وطى صوتك وانتى بتتكلمى معايا ياسهر وماتنسيش اننا مش لوحدنا فى البيت ، وانا ما احبش ابدا ان امى تسمعك وانت بتعلى صوتك كده ، أو أن اى حد يحس انى مختلف معاكى
سهر بتنمر : والحد ده طبعا يبقى الست أمانة مش كده
ليعطيها نوح ظهره وهو يردد الاستغفار ، لتلتفت حوله تواجهه مرة أخرى قائلة : لازم يعرفوا أننا سعدا مع بعض ياسهر وخصوصا أمانة ، واشمعنى أمانة يانوح ..تقوللى يعنى عشان تعرف أن ابن عمها اتجوز احلى واحدة فى الدنيا وأنه سعيد معاها كمان
ثم تقول وهى تستشيط غضبا : من يوم ما عرفتك وانت خاوتنى بيها ، شوية تحكى وشوية تشكى ، وبصراحة بعد اللى شفته منك امبارح ..ماباقيتش مصدقاك يانوح
نوح بدهشة : وانتى شفتى منى ايه امبارح
سهر وهى تتمعن بتغييرات وجهه : شفت غيرتك يانوح ...انت بتغير على امانة