رواية خان غانم الفصل السابع 7 بقلم سوما العربي


 رواية خان غانم الفصل السابع 7 بقلم سوما العربي 

رواية خان غانم


الفصل السابع


وصول سلوى كان بمثابة المنبه الذي يوقظك من حلم جميل و أنت لا ترغب في ذلك .


أنها الحقيقة فهو متزوج و زوجته جيدة كانت أو سيئة لا تستحق أن تُخان و لا يوجد مبرر لذلك .


جلست في المبطخ و هي تفكر في الكلمة (خيانة) 


أي خيانة ؟ !


و اخذت تهذي : خيانة ليه ؟ كلمة خيانة دي تتقال لما أبقى ب...


صمتت و قد أتسعت عيناها ، لا يطاوعها لسانها على إكمال الكلمة التي تتكون من أربع أحرف.


وقفت على الفور كمن صعقتها الكهرباء ، مصدومة ، تضع أناملها في جذور شعرها تشده .


تستوعب إلى أين وصل الحال ، عقلها ينذرها ، لا حل سوى الذهاب من هنا .


و بقى كرم ينظر لها باستنكار من حالتها ، و لديه كل الحق فقد كانت غريبة الأطوار .


ثم سأل : إيه يا بنتي في ايه ؟


نظرت له نظرة ناريه ثم سألت : إيه مالي ؟ 

كرم : شكلك مش طبيعي في ايه بجد ؟


حلا : مالي يعني شايفني بشد في شعري .


فرد ببساطة: أيوه أنتي بتشدي شعرك فعلاً أهو.


فصرخت فيه بجنون : بطل إستفزااااز .


وقف مبهوت من تصرفها و هي ذهبت لغرفتها سريعاً تغلقها عليها بغيظ شديد.


ليس من كرم ، أكثر شخص مستفز لها في الكون كله حالياً هو غانم ، جاءت لتسرقه فسرقها هو .


أرتمت على الفراش تغمض عينيها بقوة ، تعترف أنها بالفعل غبية و ساذجة سذاجة مستفزة حين ظنت أنها ذكية و يمكنها التلاعب بغانم صفوان .


في غرفة غانم


 جلس على طرف الفراش و هو يضع وجهه بين كفيه منحني بجسده منهك الفكر و الروح .


أقتربت منه سلوى و قالت : مالك يا حبيبي ، ساكت ليه ؟


رفع رأسه و نظر لها يحاول أن يبتسم ثم قال : و لا حاجة يا حبيبتي ، قوليلي منال بقت كويسة؟


سلوى : اه ، بس مش كان المفروض تيجي تزورها ، لو مش عشانها يبقى عشاني حتى .


قلبة متعب و عقلة مشتت بالأساس لذا أرتسمت على شفتيه إبتسامة مجاملة متعبة و وضع كفه على خدها يداعبها : ماعلش يا حبيبتي حقك عليا ، حصل معايا كام حاجه كده .


لكن نظرتها كانت مليئة بالسخط و عدم الرضا و قالت: مش كفاية.


يعلمها جيداً و توقع ما ستقول فسأل: إيه يكفيكي طيب ؟


رفعت رأسها و قالت بترفع و دلال : تيجي تفسحني بكره فسحة كبيرة و تدخلني سينما .


أغمض عيناه بتعب ، حقاً لا ينقصه دلالها الآن و قال: حبيبتي هو أنتي مش عارفة أن الوقت ده كل سنة بيبقى عندي زحمة شغل و تركيز كبير عشان موسم.





زمت شفتيها و قالت : مش قصتي ، أنا زعلانه و أنت ملزم تراضيني ، مش أنا مراتك و أم إبنك.


غانم : ما هو عشان كده بالظبط أنتي لازم تساعديني و لا أيه ؟


وقفت عن الفراش و قالت بغنج و تدلل : و أنت ملزم تصالحني لأنك ماجتش تشوف أختي .


طفح الكيل بغانم و وقف هو الآخر و هو يغمض عيناه ، كان يحاول كبت غضبه و الصبر عليها و تدليلها لكنها تمادت و هو يعلم سلوى جيداً حين تتمادى فقال بصوت بطئ مخيف : أنا عمال أطول بالي و سايبك تتدلعي و أقول يا واد مراتك و بتدلع عليك و كمان حامل فعدي ، لكن بلاش تزوديها ، أنتي عارفة اني في موسم و ألف واحد مستني لي غلطة ، و لما اقولك ماعلش أستحملي يبقى تستحملي خصوصاً يعني أني مش حارمك من الفسح و انتي قدامي أهو لو تقدري تنكري أنكري .


اهتز ثباتها لتعلم أنها قد أوصلت غانم لذروة الغضب ، لكن سلوى لا يمكنها التراجع  أو الإعتراف بالخطأ، تربت على ذلك.


لذا لم يكن أمامها سوى البحث عن حجة تشن بها هجوم جديد عليه فقالت : ما انت ما جت...


قاطعها صارخاً : هتقولي أيه ؟ مالك كده زي ما تكوني متفاجئة هو أنا أول مره ما أرضاش أروح معاكي ، ما كله من امك و تعاملها إلي زي الزفت معايا و أبوكي كمان بقا زيها ، هو أنتي ما ينفعش تقولي إنك غلطانه لازم تقاوحي للنهاية .


ألقى الكلام في وجهها كالرصاص و خرج بسرعه صافقاً الباب خلفه بغضب شديد .


و هي جلست على طرف الفراش منزعجة من صراخه عليها تراه مخطئ جداً معها و يظلمها كثيراً.


في غرفة مكتب غانم


جلس على كرسي مكتبة و عقلة يعج بالأفكار حتى أصابه الصداع حتى أن كل ذلك قد ترجم على ملامح وجهه المنزعجة ، كانت روحة تؤلمه كلما تذكر حلا. 


لا يعرف ما السبب بالتحديد لكنها تؤلمه.


و مع كل ذلك رفض جميل أن يرحمه و بدأ في الحديث مردداً : مجي صلاح عيسى لحد بيتك إسمه إستفزاز ، إبن الكلاب جاي لقلب بيتك يتحداك ، ده عايز يتربى ، لازم ياخد على قفاه و يتعلم عليه .


أسبل غانم جفناه بتعب ، لا يقدر على الإستماع للمزيد ، الإرهاق و تعب النفس و الروح ظاهريرن على وجهه .


وضع أصابعه يضغط بهما أعلى أنفه بين عينيه ، يعلم أن جميل يقف منتظر مجاراته في الحديث و هو حقاً غير قادر على ذلك.


تقدم جميل يكمل : و بعدين هو جاي و خابط مشوار عشان يقولك أنه ناوي يدخل صفقة اللحوم الجديدة ؟! من أمتى الأخلاق العالية دي ؟ ده جاي يتحداك عيني عينك .... بكلمك يا ولدي مش بترد ليه ؟


ليهتف غانم : مش قادر ، مش قادر و لا عايز أتكلم دلوقتي.


رفع جميل إحدى حاجبيه و سأل بتوجس : أنت حالك مش عاجبني أديلك يومين ، إيه الحكاية ؟


قضم غانم شفتيه ، لا يتحمل سلاطة العم جميل إلا للعشرة و فارق العمر ، لولا ذلك لما صمت له و لتماديه معه .


فحاول التحدث بحلم : أنا بقول تروح تشوف طلبية الفاكهة الي رايحة مصنع العصير دلوقتي أحسن ما يحصل لغبطة .





نظر له جميل بتقييم و صمت مطولاً ثم قال: و ماله يا ولدي ، بس راجع لك عشان أعرف بيك أيه ؟


خرج جميل و زفر غانم بتعب تحرك على كرسيه بعدم راحة ، لا يعلم ما به ، وقف ينوي طلب فنجان من القهوة.


يعلم أنه يتحجج ... يتحجج لرؤيتها ، وصول سلوى اليوم قطع عليه لحظة مميزة معها ، لحظة كاد أن يصل فيها قلبه لقرار مهم .


انتفض من على كرسيه يهرول ناحية الباب و كأن برؤيتها راحته .


ذهب للمطبخ يبحث في الأرجاء عنها لكنه كان خاليا من طيفها و رائحتها التي أصبح مدمن عليها كلياً .


لم يجد سوى كرم فسأله : فين حلا ؟


كرم : مش عارف ، كانت هنا و أختفت مرة واحدة.


غانم بقلق : نعم ؟ أختفت راحت فين ؟


كرم : مش عارف بس أكيد في أوضتها و..


لم يتسمع له غانم او يعطيه الفرصة كي يكمل حديثه ، إنما ذهب لغرفتها يتأكد من وجودها فيها ليطمئن .


لم يدق على الباب ، فتحه دون إستئذان ليجد الغرفة فارغة.


جن جنونة ... هاجت أعصابه.


و نادى بأعلى أرتفاع قد يصل له صوته : يا عزاااااااام .


لم ينتظر قدوم عزام إليه بل هرول بسرعة للخارج بينما يتقدم ناحيته بخطى سريعة رجل أسمر البشرة مفتول العضلات حتى أمتثل أمامه يردد: أوامر يا باشا .


غانم بلهاس و قلق : حلا ، حلا مش موجوده جوا. أقلبوا عليها الدنيا .


عزام بإستفهام : حلا مين ؟ أااااه البطة البيضة ؟


أحتدت أعين غانم بوضوح شديد ليستدرك عزام حاله و يردد بتوتر : أاأححاضر .. هدور عليها.


غانم بأمر: ماتسيبش مكان ما تدورش فيه أنت و الرجالة ، أنت سامع ؟


هز عزام رأسه و ذهب سريعاً ينفذ الأمر خوفاً من بطش غانم الذي بدى في ذروة غضبه .


وقف غانم يضع يدية في شعره بغضب شديد يدور حول نفسه بجنون ، يرى أن وقوفه هنا لا معنى له ، يجب أن يذهب هو الآخر كي يبحث عنها.


مرت ساعتين و ها هي الآن تدخل لحارتها مبتسمة بأنتصار ، ممتنة لذلك الباب الخلفي للحديقة الذي تُرك مفتوحاً  .


كانت تشعر أن الله معها و أنها ما أن تحاول الهرب سيساعدها و ييسر لها الأمر خصوصاً و أنها قررت التراجع عن سرقة غانم أو ما ذهبت لأجله فساعدها الله بالفعل .


أول ما رأت بيتها و أصبح بينه و بينها خطوات حتى رددت : أخيراً ، أشهد أن لا إله إلا الله.


لهست بتعب ، لولا المواصلات لوصلت مبكراً لكن لا بأس المهم إنها هربت من أثر غانم .


ابتسمت بأتساع ستدخل لبيتها ، لكن .....


توقف إمامها سيارة سوداء عالية و أنفتح الباب الأمامي لها لتشهق عالياً و هي تراه أمامها تماماً.


يرتدي نظارة سوداء ذات الموقف رهبة و هيبة ، لا ينظر لها و إنما ينظر للأمام برأس مرفوع و لم ينتطق إلا كلمة واحدة بصوت قادم من نار ملتهبة : أركبي .


بقت مكانها ثابتة ، جامدة ، تلهث بوضوح ، لم تتوقع ، ما يحدث معها الآن لم بحدث حتى في أي فيلم عربي شاهدته مسبقاً .





أبتلعت رمقها تبحث عن بصيص من الشجاعة داخلها ثم قالت : مش راكبة .


لم ترى منه سوى تحرك فكة المتشنج من الغضب ، و مازال مثبت نظره أمامه و ردد مجدداً لكن بصوت أشد حزم : كلمة واحدة ، أركبي .


لتجيب : مش هركب و هصوت و ألم عليك الناس.


غانم : براحتك ، خليها تبقى فضيحة و انتو لسه جداد في الحارة.


يزيد من عصبيته بعدم نظره لها ، لكنها خائفة ، و قد زاد خوفها بعد حديثه الأخير خصوصاً و قد طال وقوفها أمام سيارته المفتوحه لها و قبلها دخوله بتلك الطريقة السينمائية الخاطفة ، فصعدت للسيارة بإذعان و هو أنطلق سريعاً ما أن أغلقت بابها .


صمت .... صمت ... صمت .


طوال الطريق و هو صامت ، لم تحن منه و لو نظرة واحدة ناحيتها و هي قد تلفت أعصابها نهائياً


فقالت : أنت إيه إلي جابك ورايا ، أنا مش عايزه أرجع.


لكنها لم تجد منه أي إجابة لتفلت أعصابها و تثور : أنت .... أنا بكلمك .


فجاوب عليها بضيق و ترفع : شششششش .


حلا : أنت بأي حق تكلمني كده ، هو الشغل بالعافية .


توقف بالسيارة ، لقد وصل للمنزل.


خرج منها و إلتف حولها يفتح الباب، أخرجها منها عنوة ، يقبض على عضدها و يجرها للداخل.


فتح باب غرفتها و القاها بالداخل حتى سقطت على الأرض متأوهه  .


مال عليها يشهر إصبعه في وجهها منذراً : الي عملتيه ده مش هيعدي على خير ، سامعه ، مش هيعدي على خير .


صرخت فيه: و هو أنا كنت عملت إيه ، جيت عشان أشتغل و مش عايزه أكمل مشيت .


غانم : قولت لك الخروج من هنا بمزاجي و بأمري .


انتفتضت تصرخ بقهر : أنا عايزة أمشي أنت ما أشترتنيش على فكره.


فقال بدون تفكير : مين قالك ، أشتريتك و بقيتي ملكية خاصة.


وضعت يدها على فمها بصدمة و هو وقف مبهوتاً مما تفوه به للتو .


مرر أصابعه  في شعره بضيق و توتر ، متوتر مما وصل إليه بنفسه .


و هي سكنت مكانها تنتظر أن يقول المزيد ، أي حديث ، فليقل أي شيء.


و قد قارب على التحدث من جديد و هو ينظر لها نظرة خاصة بأعين لامعة ثم قال : حلا أنا ....


غانم.... غانم.


كان هذا صوت سلوى زوجته تبحث عنه.


يستمع كل منهما لها و هي تقف بالقرب من غرفة حلا تسأل كرم : البيه فين يا كرم .





كرم : مش عارف يا ست هتلاقيه في مكتبه .


سلوى : مش هناك ، قولي صحيح ، ايه اللي حصل في غيابي ؟


كرم : لااا ده يطول شرحه .


سلوى : طب أعملي قهوتي هاجي أشربها و انت بتحكي لي على ما أشوف البيه .


كرم : أعتبريه حصل .


نظر غانم على حلا و أطبق جفناه ثم قال : قومي غيري و كلي أي حاجة.


حلا : مش عايزة.


غانم: مش بمزاجك ، قولت لك قومي كلي يبقى تقومي .


حلا : أنت بتعمل معايا كده ليه ؟ أنا أذيتك في أيه عشان تعاملني كده ؟


تحركت شفتيه ، عاجز عن البوح ، و خرج من عندها ، تحركت خلفه لكنها تصنمت عند الباب و هي تراه قد تقابل مع سلوى التي كانت لا تزال تبحث عنه و أول ما رأته أخذته في أحضانها مرددة : حبيبي ، كنت فين ، بدور عليك.


أبتسم بصعوبة و قال: أنا هنا .


أشتعلت نار مستعرة في قلب حلا لا تعلم من أين و لما ، و بقت متواريه تراقبهما و لم تغلق الباب و تدخل غرفتها كأي تصرف طبيعي.


ربما أرادت قتل شئ ما تولد داخلها ، تتنفس بسرعه و عيناها ترغب بالبكاء لكنها لم تبكي .


بينما غانم أحتضن سلوى هو الآخر و حاول مراضتها و قال: حقك عليا ما توعليش مني .


لكنها هزت كتفيها و قالت: لأ لسه زعلانه.


أغمض عيناه و سحب نفس عميق بتعب شديد ثم قال: و إيه يرضيكي ؟


تعلقت سلوى بكتفية ثم قالت بدلال : تخرجني دلوقتي ، اتفسح و ادخل سينما و بعدها نعمل شوبنج للبيبي. 


تنهد بتعب من جديد ثم قال: حاضر ، روحي غيري .


مسحت سلوى على وجنته و هي تقول : تؤ ، تعالى أختار لي إلي هلبسه .


غانم : حاضر ، يالا.


ذهب معها دون أن ينظر خلفه و صعد .


و هي دخلت غرفتها و أغلقت بابها تبكي و تنتحب .


في منتصف الليل .


تسلل لغرفتها يفتح الباب ثم يسير بخطى حثيثه.


حتى توقف أمام سريرها ، يراها و هي ممدة أمامه بجلباب قطني قصير و مريح لونه وردي يناسبها جداً.


جلس على ركبتيه أمام فراشها يبتسم براحه و صدر منشرح ، الأن فقط يمكنه النظر لها على راحته و بلا أي حرج أو موارة.


تقلبات على الفراش فكان هنالك فراغ ، وقف عن الأرض و جلس فيه بجوارها .





مد أصابعه يزيح بعض الخصلات عن وجهها و أبتسامته تتسع رويداً رويداً.


سؤالها مذ سألته و صداه يتردد في عقله حتى و هو بالخارج مع سلوى ( انت بتعمل معايا كده ليه) .


ليتحدث إليها كأنها أمامه تسمعه و قال بصوت خفيف للغاية كي لا تستقيظ : هتعامل معاكي إزاي و أنتي جيتي قلبتي كل موازيني في يومين بس ، هتعامل معاكي زي ما أنا حابب و عايز إزاي و أنا كنت لسه مزعق لسلوى ، ما عرفتش .


عض شفته السفلى بشعور لا إري قد تملكه ، كأن موعد جرعته قد حان .


قأقترب منها يضع أنفه بالقرب من رقبتها يسحب القدر الممكن من رائحتها لصدره  و هو يبتسم بإنتشاء .


ضيق عيناه و قد أنحسر الرداء عن رقبتها قليلاً فأظهر جزء من كتفها ليبتسم و هو يرى ثلاث شامات على كتفها .


رغماً عنه مال على كتفها يقبله قبله سطحية تعمقت رغماً عنه فبدأت حلا تتحرك بإنزعاج .


ليخرج سريعاً قبلما تستيقظ و تراه ، وقف خارج غرفتها يلهس و كأنه عاد تلميذ صغير و قبل فتاة لأول مرة.


وضع أصابعه على فمه و أبتسم ، بقى مكانه لدقيقة ثم تحرك لغرفته ، الآن فقط يمكنه النوم .


نام سعيد جداً و أستيقظ سعيد.


على عكسها تماماً ، فقد دلفت أليه بالقهوة التي طلبها متعمدة عدم النظر له فلم ترى بالطبع نظراته التي شملها بها  و سعيد وحده و زادت سعادته حينما رأها .


وضعت القهوة و تبعها كوب الماء بسرعة ، تسارع كي تغادر و تتخلص من حضرته و تأثيره عليها.


إلا أنه قبض بيده على يدها ، رفعت أنظارها له متفاجئة فرأته و هو يبتسم لها ثم ردد: البطة مكلدمة النهاردة ليه ؟


جعدت ما بين حاجبيها بإستغراب من طريقة حديثه معها و تغير مزاجه.


وقف عن كرسيه و دار حوله و هو لا يزال متمسك بكفها حتى توقف أمامها.


نظر لعيناها و أبتسم ثم قال : زعلانة مني مش كده ؟


لم تجيب فقط نظرت بعيداً عنه ثم قالت: و أنا هزعل من حضرتك ليه؟ ربنا ما يجيب زعل .


غانم : حضرتي ؟


حلا : أيوه.


زم شفتيه ثم أبتسم و قال: طيب حضرتي جايب لحضرتك هدية .


نظرت له و قد جعدت ما بين حاجبيها و سألت : ليا أنا ؟


هز رأسه و قال بابتسامة تشرح صدر أي فتاة : أيوه.


أدخل يداه لجيب سرواله و أخرج منه علبة من القطيفة الزرقاء وفتحها لتتسع عينا حلا غير مصدقة و هي ترى سلسال رائع الشكل ذهبي اللون.


أقترب منها و قال: ممكن حضرتي يلبسها لك بقا ؟


لم تجيب ، لم يكن عقلها معها ليصدر رد فعل ، فقد طار مما يحدث الآن.





فاتخذ هو الخطوة و أقترب منها يميل على رقبتها، لا بل يحتضنها له مستغل للفرصة و سحب جرعته التي يحتاجها يومياً من رائحة جسدها ، يتذكر قبلته لها مساءً ، يجاهد على ألا يكررها الأن.


كل هذا و حلا مصدومة مبهوته ، وما أن أقترب منها حتى شعرت و كأنها فوث غمامة وردية جميله ، ارتفعت دقات قلبها ، و أوشكت على الذوبان .


علت وتيرة أنفاس كل منهما و لم تجد حلاً سوى الفرار .


أخذ يناديها : حلا ، حلا.


لكنها لم تجيب و فرت ، عاد خطوتين للخلف يحاول إلتقاط أنفاسه و هو يردد : كويس أنها جريت ،و إلا كنا جبنا عيال هنا .


عض شفته السفلى من جديد و بقى جسدة متدغدغ من تلك الأحاسيس التي تملكته و هي بأحضانه .


ركضت بإتجاه المطبخ لتصدم بكرم يقص على سلوى أدق أدق التفاصيل التي حدثت في غيابها .


و ما أن أبصرتها سلوى حتى ألتمعت عيناها بكره شديد ثم أتسعت و هي ترى ذلك السلسال على صدر حلا .


تشنج تنفسها ثم وقفت عن كرسيها تقول لكرم : خلاص يا كرم ، كفاية كده النهارده و لما ترجع أبقى كمل .


وقف كرم مستغرباً يسأل : أرجع منين يا ست ؟


سلوى : أصل البيه ربنا ما يقطع له عادة جاب شوية هدايا للفقرا إلي في الخان عشان البيبي ... خدهم وزعهم.


إلتفت تنظر لحلا ثم قالت متفاجئة و كأنها لم ترها إلا الآن: حلا ، أنتي هنا ،طب كويس عشان تاخدي خديتك ، ايه ده ؟


مدت يدها للعقد و قالت : هو غانم أداهولك خلاص ، طول عمره سباق بالخير و يحب يجبر بخاطر الغلابا .


لفت لكرم و قالت: ورايا يا كرم يالا .


ثم غادرت بخيلاء تاركة حلا التي قد سقطتت للتو من سابع سماء لسابع أرض ....... 

                     الفصل الثامن من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا ع التليجرام من هنا  

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×