رواية الهروب من المكتوب الفصل الخامس 5 بقلم سالي

رواية الهروب من المكتوب الفصل الخامس 5 بقلم سالي

 

#الهروب_من_المكتوب. 5 


عادت نورة للنوم مرة ثانية بعد ان تعرفت على والد صابر التي ظنت انه متوفي هو ايضا وأبت ان تسأل صابر عنه لكي لاتجرحه اكثر..  أثناء عودتها للنوم هذه المرة إجتاحها الشوق لحبيبها الاول والأخير خالد وافتقدت حنيته ووقوفه إلى جانبها كلما أحست بالضعف والوحدة. فإنتابتها في تلك اللحظة خليط من الاحاسيس من الخوف والشوق والوحشة والألم  عن ماكان مصيره بين الايدي التي لاترحم منذ ان تركته آخر فترة ولم تعلم قط ان الله اخذ امانته بقتل حبيبها من قبل اهل القرية والذين ينتظرون دورها بشغف.

في تلك الاثناء جرى حديث خاص مابين الشيخ وإبنه الذي عاد من السفر. 





_هاشم مرحبا بك يابني من جديد في منزلك. 

شكرا لك ياوالدي. كم إفتقدتكما عند غربتي. كنت كالمجنون لاأعلم مالذي اصابني وكيف خمنت في الرحيل والإبتعاد عنكما.. 

_افهمك يابني. انت كنت تمر بظرف صعب. وموت زوجتك صدمك وجعل من تفكيرك  لايستوعب مابين الخطأ والصواب. فأردت ان تبتعد عن البيت والذكريات. او بالاحرى  تبتعد عن صورتها التي كانت تلاحقك و تحيط بك في كل ركن من اركان المنزل.. 

_ذاك هو ياوالدي. كنت اراها بملء العين حتى انه يتهيؤ لي انها تكلمني احيانا.. فاردت الهروب. والنسيان لبعض الوقت. 

_وهل نسيتها يابني في هذا الوقت القصير..؟! 

_علمت ياوالدي ان الهروب ليس بالحل. لم استطع نسيانها ولو للحظة واحدة. كما ادركت ان الاماكن ليست لها علاقة في النسيان... فعدت اجر حزني كما رحلت به .. 

_انت ياهاشم في تلك المحنة لم تفكر إلا بنفسك.. فكرت في مشاعرك ولم تفكر بإبنك الصغير كيف سيشعر بين ليلة وضحاها انه فقد والدته التي يحبها ومتعلق بها لأبعد حد. ثم في لحظات لم يجد والده لكي يرتمي مابين احضانه في عز وحدته وإحساسه باليتم.   تركته مع شيخ كبير لاحول له ولاقوة. وذهبت دون ان تلتفت لورائك.. 

_انت محق ياوالدي ولن انكر ولو كلمة واحدة مما قلتها.. انا جدا آسف فانا كنت مشوش العقل. والحمد لله انني إسترجعت بصيرتي للامور وعدت إلى رشدي في وقت مبكر. واعدك ياوالدي لن اترككما مجددا. 

_الحمد لله على سلامتك يابني فصابر إفتقدك كثيرا وهو بأمس الحاجة إليك.. حتى انه من كثرة إحساسه بالوحدة تعلق بإنسانة غريبة صادفها بالطريق فقط.. 

_بما انك ذكرت الغريبة تلك فمن تكون هي ياوالدي؟! 

حكى الشيخ القصة من اولها لآخرها عن لقاء نورة بصابر في المقبرة لحتى إستضافتها في منزلهم.. 

وهنا إستشاط هاشم غضبا من تصرف والده. وكيف له ان يدخل غريبة لايعلم عن فصلها واصلها شيء إلى منزلهم. 

_وهل تراني صغيرا ياهاشم حتى لااعرف التصرف من ادخل إلى بيتي اولااستضيفه.!! 

_ولكن ياوالدي الا تظن ان قصتها نوعا ما ناقصة. هي تخفي امرا. واتمنى انه لايكون امر سيء يؤذينا بسببها. 

_منذ رؤيتي لنورة اول مرة. علمت انها في مأزق فعيونها وتصرفاتها تفضحانها وكأنها تطلب النجدة والحماية دون ان تتكلم عن الموضوع.. وخاصة ان ليس لديها زاد ولامتاع ولاحتى إنس يحميها من شر الطريق وسفره





فأردت ان احميها في تلك اللحظة بالرغم من كل شيء فهي تبقى  فتاة لاحول لها ولاقوة حطت قدماها على ارض  لاتعرفها أن كانت خصبة تصلح للعيش فيها او جافة لتعود ادراجها.  كما رأيت كذلك تلك المحبة والحنية مابين صابر وتلك الفتاة الغريبة والبريئة الذي شعر معها بالراحة من اول وهلة رآها فيها فقلت في نفسي عساها هي من تهدأ من روعه وألمه من الفقد. 

_ومتى تعود لديارها ألم تقل لك عن وقت محدد..؟ 

_لا يابني.. دعها وشأنها في هذه الساعة   حتى تقرر ذلك بنفسها. وربما تحس بالامان من قبلنا وتقص لنا عن قصتها. 

_ارجوا ان يكون من ورائها خيرا .. ارجوا فقط ذلك.. تصبح على خير ياوالدي فلقد عانيت وتعبت من طول السفر.. سأنام بجانب إبني صابر سأظل اشمه طيلة الليل حتى اشبع من رائحته فانا كثيرا إشتقت لهذا الصبي.. 

_وانت بصحة وسلامة يابني إذهب وارتاح والصباح رباح.. 


في الصباح إستيقضت نورة على صياح الديك. فنهضت وتوضأت. ثم صلت الفجر وذهبت بعدها إلى المطبخ لكي تحضر الفطوز فقررت ان تعجن الخبز البلدي الذي حدثها عنه صابر لإشتهائه له والتي كانت والدته تحضره له مابين كل فترة وفترة خصيصا له

إستصعب على نورة إيجاد كل لوازم المطبخ من الدقيق والملح وغيرها من المواد لتحضيره ولكن إستسهل عليها الامر بعد ذلك.. فبعد العجن والدلك. قامت بإشعال الفحم وخبزت العجين كريات ثم طرحتها بواسطة كف يديها ثم طبختها على (طاجن) هو عبارة عن آنية فخارية ملساء توضع على النار ويطبخ عليها العجائن التقليدية على اشكالها.




 

وبعد إنتهائها جلبت دلوا من الحديد وذهبت لتحلب الماعز الموجود في فناء المنزل  فملأته حليبا وعادت به إلى المطبخ لكي تسخنه.. كما سخنت القهوة كذلك وجهزت المائدة من كل مجاميعها بإنتظار اهل البيت فقط ان يستفيقوا من نومهم. 

نهض صابر ووالده على رائحة الخبز الزكية المنتشرة ارجاء كامل البيت. فنزل صابر من سريره وذهب يركض بإتجاه المطبخ. 

_امي امي هل فعلا طبختي لي الخبز الذي احبه..

_إستدارت نورة لصابر وتأثرت بكلامه حتى الدمعة كادت تسقط من عينها.. فإحتضنته وقبلته..

_  نعم فعلت ذلك من اجلك فقط ايها الشقي.. نهضت باكرا واستغنيت عن نومتي المفضلة من اجل عجن خبز الباشا صابر. 

_هههههه تعلمين  ظننتك لوهلة انك امي. واني كنت فقط احلم ولم ترحل ولكن..... 

_أوووه صابر المتشائم على بكرة الصبح.. عليك ان تبتسم كلما تستفيق من نومك.  وماذا قلنا سابقا عندما تتذكر والدتك ماذا تقول...؟  ترفع يدك للسماء وتدعوا لها بالرحمة والمغفرة

_آه صحيح ذلك. لقد نسيت فقط.   اللهم ارحم والدتي برحمتك واسكنها فسيح جناتك

_هكذا احب هذا الصابر الشجاع المغاور.. تعالى هنا اعطيني قبلة الصباح. واغسل وجهك ولنذهب للفطور قبل ان يبرد الحليب  على حين يلحق والدك والحج. 

إنبهر والد صابر بحسن معاملة نورة لإبنه رغم سنها الصغير. وكيف جعلت منه يضحك في عز حزنه. حتى انه هو بدوره جعلته يبتسم من اسلوبها في الحكي مع إبنه بعدما ظن ان فاه اصبح لايعرف الإبتسامة منذ رحيل زوجته. 





_صباح الخير

_آاا  هذا انت صباح النور.انظر ياصابر لقد اتى والدك لكي يفطر معنا ولم يبقى سوى جدك

_جدي لانستطيع إنتظاره فهو يطيل الرجوع.فهو يصلي الفجر ثم يذهب إلى سوق المدينة لكي يتبضع حاجيات المنزل الاسبوعية.

_لابأس تفضلا انتما الإثنان فمائدة الإفطار جاهزة.

على مائدة الإفطار كان صابر اسعد الحاضرين.كان ملهوفا على الخبز البلدي.يأكله بشراهة وغبطة.كان  دائم الإبتسامة منذ جلوسه ينظر عن يمينه تارة لوالده ثم يساره إلى نورة.التي كانت خجولة من هاشم..والتي بدورها تأسفت له عن ماحدث في الامس.ومبيتها في غرفته..فطلب منها ان لاتتأسف بل هو الذي يتاسف عن دخوله بدون إستئذان لانه كان لايعلم عن وجودها كضيفة والده في منزلهم. 

وفي وسط حواديثهما ومزاحهما مع صابر دخل الشيخ مسرعا ليأمرهم بالرحيل إلى منزلهم الثاني المتواجد بالضفة الغربية على الفور...  

#يتبع

Sali Sila

                      الفصل السادس من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا ع التليجرام من هنا 

تعليقات
close