رواية احرقني الحب الفصل الثاني عشر 12 بقلم ديانا ماريا
الجزء 12
اتسعت عيون الجميع من الصدمة وحدق إليها حسام بنظرة ألم وخيبة الأمل ترتسم على وجهه مما ذكرها بما حدث منذ ست سنوات مضت، حين كان ينظر لها بنفس العذاب وخيبة الأمل التي فطرت قلبها فقالت بارتباك: ق..قصدي ا.. أنا مم....
وفجأة ولأنها شعرت أنها عاجزة عن إبداء ردة فعل طبيعية أجهشت بالبكاء وهي تخبئ وجهها بين يديها.
لم تشعر بخروج الجميع بهدوء من الغرفة حتى وقوف والدها للحظة ورائها يحدق إليها بحسرة قبل أن يخرج هو أيضا، أحست بيدان تبعدان يديها عن وجهها لتجد حسام أمامها يحدق إليها بنظرات عطف متفهمة مما زاد من شعورها بالذنب وانهمار دموعها، أخذها من يدها وأجلسها أمامه على الأريكة.
كانت تحدق للاسفل لا تجرؤ على مواجهته حين قال بصوت حنون لم يستطع إخفاء التوتر فيه: ممكن أعرف قولتي لا ليه؟ أنا عارف أنه الوقت مش مناسب بس أنا نفسي أبقى جنبك بدون حواجز بيننا.
رفعت عيونها إليه وارتعش فمها قائلة بنبرة تضج قهرا: حسام المشكلة لا في الوقت ولا المكان أبدا حتى لو الوقت اتغير أنا مش هقدر اتجوزك.
تغضن جبينه ألما فأسرعت تبعد عنه الشك: ده مش بسببك أنا مقدرش اظلمك معايا.
عقد حاجبيه هادرا بعصبية: يعني تظلميني معاكِ؟
نظر حوله بجنون من الحيرة وتطلع إليها بشك قائلا بصوت متردد يحس بشيء هائل يسد حلقه: أنتِ مش عايزاني؟ مش بتحبيني؟ دي الحالة الوحيدة اللي أقدر أتفهم فيها رفضك.
حدقت إليه بعيون حمراء من البكاء وردت بصوت متحشرج: حسام أنا لما خسرتك كان كدة خلاص خسرت كل حاجة ومبقاش فارق معايا حاجة في الدنيا.
كاد يشد شعره من الغيظ وأجاب بنفاذ صبر: أمال ليه؟ ليه بترفضي نكون لبعض بعد ما أخيرا قِدرنا؟
أفلتت دمعتان من عيونها وهي تجيب بألم وعيونها تحدق فيه بعذاب: حسام أنت مش شايف الفرق بيننا؟ أنا واحدة مسكونة وحتى لو كنت بريئة هيفضل اللقب ده ملازمني طول عمري وأنت محامي ناجح ومشهور تستاهل واخد أحسن مني بكتير وكنت متجوزة قبلك جوايا جروح نفسية كتيرة تمنعني أقدم لك الحب اللي أنت تستحقه ده غير...
ترددت وتسارعت أنفاسها قبل أن تهمس بصوت أجوف من القهر: أنا مبخلفش.
سيطرت الصدمة على حسام للحظات قبل أن يهز رأسه ثم يمسك بيديه بقوة قائلا بصوت متخم بالعاطفة: هديل أنا ميهمنيش كل الكلام اللي قولتيه ده، كل اللي أعرفه أني بحبك وبحبك أنتِ وبس مقدرتش أحب حد غيرك طول السنين دي كلها، حاولت كتير أنساكي ومعرفتش أنا لما شوفتك قدامي عيني معاه يوم حسيت إني حد مد أيده وخد قلبي من مكانه ومش هتكسف أقولك أني قضيت بعدها كل يوم بعيط من القهر والوجع والعجز اللي كنت فيه لحد ما قررت أقف على رجلي وأركز في الشغل وبس لحد ما ربنا وفقني وبقى ليا اسم بس كل ده مقدرش يخرجك من بالي أبدا حاولت كتير أتخطاكي بس قلبي مرضاش يسيبك أبدا.
كانت هديل ترتجف من وقع كلماته على قلبها بينما أردف حسام برجاء مشبوب بالحب: صدقيني أنا بحبك ومش فارق معايا كل اللي قولتيه أنا عايزك أنتِ وبس وبالنسبة لموضوع الخلفة دي حاجة بتاعت ربنا لو ربنا أراد نخلف هنخلف ولو الموضوع مضايقك نقدر نكفل طفل يتيم.
همست هديل بصوت مثقل من اليأس: وليه تعمل كل ده أنت تقدر تتجوز بنت كويسة وتخلف منها أنت تستاهل واحدة أحسن مني.
ابتسم حسام ابتسامة حلوة: وهو فيه أحسن منك؟
أفلتت ابتسامة صغيرة منها برغم كل ذلك البؤس الذي يرتسم على وجهها فحثها مرة أخرى بابتسامة: ها؟ انادي على المأذون؟ أنا نفسي أقف جنبك بصفة شرعية، نفسي يبقى ليا الحق احضنك، يبقى حقي أشوفك وأمسك إيدك، الشوق غلِب روحي فمتغلبنيش أنتِ كمان، أنا عايش الوحدة بقالي سنين تعالي نوري حياتي بوجودك.
تساءلت كيف يمكن أن تنير حياتها وهي مجرد شمعة محترقة؟
في النهاية لم تتمكن أن تقول لا بصوت عالي، رغم كل مخاوفها وعُقدها لم تتمكن من أن تكسر فرحته عندما أومأت برأسها بالموافقة فانتشرت ابتسامة سعادة على وجهه وقد عاد الجميع للداخل وبدأ المأذون بعقد القران، كانت تتطلع إليه إلى الابتسامة الفرحة على وجهه وتعابير وجهه وقد كان لا يخفي سعادته أبدا، بقيت فقط شاردة به حتى أفاقت على صوت المأذون وهو يقرب إليها الدفتر لتوقع بعدما وقع حسام بكل سهولة.
تطلعت إليه برهبة كبيرة وقد سبق لها هذا المشهد سابقا في جو من الخوف والبكاء والآن يعاد مجددا ووجدت شيء من البهجة يزهر داخلها رغم كل الظروف ، أمسكت بالقلم بيد مرتعشة ووقعت أخيرا.
ختم المأذون حديثه" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير". وكم كانت تلك الجملة وقعها حلوًا على قلب حسام وقلبها.
بالكاد انتبه حسام لتلك المباركات التي تأتيه من جانب مدير السجن والشهود لأنه كان يتطلع لهديل بعيون تتحدث بالكثير، كثير من الشوق والمعاناة غير المنطوقة عندما نهض واقترب منها وضمها إلى أحضانه بشدة كأنه أراد أن يُدخلها بين أضلعه.
انسحب الجميع بهدوء تاركين لهم الخصوصية حتى يكونوا مع بعضهما قليلًا.
أغمضت هديل جفنيها وهي تتساءل منذ متى لم تحظى بحضن دافئ وآمن بهذا الشكل؟ متى آخر مرة شعرت فيها أنها آمنة ومحمية؟ أنها حقيقي لا تتذكر لكنها استسلمت لعناق حسام الذي لم ترد أن تفلت منه قط لتعود لبرودة السجن وجفائه.
ابتعد عنها بعد قليل وهو مازال يحيطها بذراعيه القوية وقبل جبينها ثم خديها فاحمرت وجنتاها من الخجل.
ضحك حسام ببحة وقال: أنا مش قادر أعبر مهما قولت عن اللي جوايا مبسوطة؟
هزت رأسها دون أن تتكلم وقد عجزت هي أيضا عن الكلام بسبب اللحظة العاطفية التي يمروا بها.
أخرج علبة من جيبه كان واضحًا أنها علبة خاتم وفتحها ليظهر خاتم ذهبي جميل حدقت به هديل بانبهار بينما يقول حسام بحب: حبيت أشتري حاجة شبهك رقيقة وحلوة أول ما شوفته شوفتك فيه فاشتريته علطول إيه رأيك؟ لو مش عاجبك هرجعه وتختاري براحتك لما تخرجي.
اندفعت هديل ترد بسرعة: لا لا مفيش داعي شكله جميل.
ابتسم ثم أخرج الخاتم وألبسه لها فنظرت له هديل بابتسامة حين قالت فجأة بحزن: بس أنا مش هقدر ألبسه جوا.
عبس حسام قليلا ثم ابتسم بحنان: متخافيش بإذن الله قريب جدا هتخرجي من المكان وهتلبسي وتعملي كل اللي أنتِ عايزاه.
ثم انحنى على يدها التي تلبس بها الخاتم وقبلها برقة مما تسبب في تسارع نبضات قلبها.
بعد قليل دخل المدير وقال بابتسامة معتذرة: معلش يا حضرة المحامي حاولت اسيبك على قد ما أقدر بس الوقت انتهى دلوقتي.
نظر حسام وهديل لبعضهما بعبوس وقد حزنت هديل لأن دقائق السعادة كانت قصيرة بالنسبة لها قصيرة للغاية أما حسام حاول تخفيف الموقف وأخبرها بأنه سيحضر غدا بالتأكيد ويقضي معها كل الوقت الممكن ولكن هذه المرة ليس كمحامي لها ولكن كزوجها وقد كان وقع هذه الكلمة كبيرا على نفسها، عادت للداخل مرة أخرى ولكن ليس كمان خرجت أبدا، روحها الحزينة اليائسة تبدلت بروح أخرى انتعش فيها الأمل وقد ارتسمت ابتسامة على وجهها المتعب، تمددت على سريرها ثم رفعت يدها تتأمل مكان الخاتم الذي وضعه حسام وتخيلته كأنه مازال هناك.
هل ربما يحن القدر عليها أخيرا؟ وتفتح لها أبواب السعادة بعد دهر في أعماق الحزن؟
وكأن الأخبار السارة تأتي تباعًا وراء بعضها فبعد يومين في زيارة حسام حين دلفت للداخل هرع إليها حسام يمسك يديها ويقول بحماس: هديل خلاص هانت هتخرجي من هنا قريب أوي البواب اتقبض عليه واعترف بكل حاجة بشهادته الزور وبالناس اللي راحت له وهددوه
وكمان اتقبض على أول شريك لظافر!
#يتبع.
#أحرقني_الحب.
بقلم ديانا ماريا.