رواية وعد في العتمة الفصل الثامن عشر 18 بقلم اسماعيل موسي
#وعد_فى_العتمه
١٨
كانت الشقه ساكنه كأنها منزل مهجور على اخر حدود الأرض، وكان معاذ يسمع وقع خطواته على البلاط المثلج، حطوات بطئيه كئيبه مرتعشه، وتسأل معاذ هل فعلآ اختار المكان الملائم لملاقته؟
ورغم ان الاثاث داخل الشقه كان يتحرك بأستمرار بحركات عشوائيه الا ان معاذ لم يشعر به
فتح باب الغرفه المستعصى بالقوه وبقع سوداء جعلت تظهر على سقف وجدران الشقه
غرفه بسيطه تفوح منها رائحة الموت، صور لشابه تنعى صاحبتها الميته تركت فى مكانها على الجدار، حفر عليها رقم ٥٥٥، مقعد فقد احد قوائمه، طاوله رصت عليها كتب وروايات
زجاجة عطر فارغه رسم عليها رمز القراصنه، دفتر يوميات غطاه التراب، مصباح فى سقق الغرفه ترك مكانه وتعلق بسلك الكهرباء العارى، بطانيه مطبقه موضوعه فوق الوساده
صورة طفله جميله علقت فوق السرير بقصة شعر بيكى
رفع معاذ غطاء السرىر وحملق بالملل الخشبيه المتعدده التى حفر فوق كل واحده منها رمز الشيطان، اصطك باب الغرفه خلف معاذ محدثا صوت مدوى، ان الانسان الذى عاش طول حياته بمفرده لا يثق بالأخرين بسرعه، عايزه تقولى ايه يا حنان؟ مش قادر اوصل ولا أفهم عايزه توصلى ايه؟ ثم معاذ صوت قهقه ورأى والدته التى ماتت منذ كان طفل تجلس على السرير
اوهام وضع معاذ يده فوق وجهه حاجبا الصوره، تجهم وجه المرآه، انت مش عايز تشوفنى يا معاذ؟
حاول معاذ ان يضع كل تركيزه على تفاصيل الغرفه
البقع السوداء التى ظهرت على جدران الشقه راح يتساقط منها دود اسود، دود زحف على الأرض ببطيء واعتلى السرير
الحقنى؟ سمع معاذ صوت امه يدوى فى عقله، انت مش عايز تساعدنى؟
بداء الدود يأكل جسد الام الصارخه انا بلعنك فى كل لحظه يامعاذ انت كنت سبب موتى
الدود الملتهم ازال الجلد واللحم وتحول جسم الام لهيكل عظمى
طول عمرك بتتخلى عن من اختارك، علشان كده هتعيش وحيد معذب بضميرك الواهى
هطلت الدموع من عيون معاذ الذى يعرف ان كل هذا تهيإوات من صنع الشيطان، رغم ذلك احس بالوجع، كان يمكنه ان يحتضنها على الاقل؟
همس معاذ، مفيش جديد فى كل مكان بروحه بلاقى نفس العلامات
لقد احضرتك لعالمى فأن تأثيرك محدود، وكان معاذ يعيش داخل تفاصيل العالم الذى خلقه قبل دخول الشقه رغم اختراق الكيان له لكنه حتى الآن يسيطر على عقله
بعد أن يأس معاذ اشعل سيجاره وجلس وسط الغرفه التى أصبحت مظلمه، لما تكون بتتعرض لمهاجمة كيان كل ليله ممكن تضع اسرارك فين؟ لو كنت فى وضعها مرعوب، ها يامعاذ كمل، مسح معاذ الغرفه بعينه بحثا عن مصحف
كانت الغرفه خاليه من اى آية قرآنيه
عاشت معذبه وماتت معذبه، فلا تجعل موتها يذهب سدى
كل الأمور ملقاه على عاتقك حتى الذى لم يحدث منها بعد
رنت فريده على معاذ بعد ما اتأخر كانت مرعوبه يكون الكيان عمل فيه حاجه
ترك معاذ الهاتف يرن ونهض قاصد باب الشقه ثم التفت فجأه ونظر تحت السرير يمكن يشوف حاجه لكن الشرطه كانت اخدت كل الادله حتى الغير مفيده ليها
ركب معاذ السياره فى صمت وحيره، ملقتش حاجه صح؟
نفس العلامات يا فريده كلها متشابهه
الكيان هاجمك؟
اه هاجمنى لكنى كنت فى عالم خلقته جوه دماغى، انا جبته العالم بتاعى مش بتاعه علشان كده تأثيره كان ضعيف
طيب انت بتعيط ليه؟
وكانت دموعه تنزل دون أن يدرى
شفت امى يا فريده، الكيان كان بيلاعبنى ومقدرتش احضنها حتى
ربتت تحيه على كتف معاذ من مقعدها الخلفى، متزعلش يا ابنى، دا انا عمل فيا حجات كتيره جدا
انطلقت فريده بالسياره وعندما وصلو الشقه نظفت المرأه وغسلتها والبستها ملابس نظيفه واعدت لها الطعام
وبعدين يا معاذ احنا كده بندور فى حلقه مفرغه
كان عندى آمل الاقى حاجه فى غرفة البنت لكنها كانت فاضيه من كل حاجه
تحيه كانت بتاكل وسامعه الكلام لكن صامته، فجأه نظر معاذ تجاه تحيه
هى بنتك كانت بترسم يا حجه؟
ايوه كانت بترسم انا جمعت كل حاجه تخصها فى الشنطة إلى هناك دى
مشى معاذ تجاه الحقيبه وافرغ محتوياته على الأرض
امسك كراسة الرسم وبداء يعاينها
انصدم لما شاف الرسمات إلى داخل الكراسه عينيه برقت وراح يفتش الرسمات ومع كل رسمه دهشته تزداد اكتر
فى البدايه رسمت حنان طيف اغبش مجموعة خطوط قاتمه
ومع كل صفحه كانت الرسومات تزداد وضوح تقريبا مع استمرار ظهور الكيان عندها فى الغرفه
تأمل معاذ ملامح الكيان بدقه، الصفحه قبل الاخيره كان الكيان تقريبا مكتمل وأخر صفحه فى الكراسه مقطوعه
راجع معاذ الرسومات مره تانيه مع سيجارة كوباية شاى
كان نسق الرسم موحد، لكن الرسمه ما قبل النهايه فيها شيء غريب، حدق معاذ بالرسمة بتركيز لأنها كانت مختلفه كأنها توجه رساله
ثم ابعد الرسمه عن وجهه وقربها قبل أن يصرخ شريخ
اسمه شريخ، اسم الكيان شريخ
عندما ذكر اسم الكيان شهقت تحيه وتقيأت كتل سوداء لزجه مقرفه على الطاوله داخلها دود يسعى
ومالك مبسوط كده اووى يا معاذ؟ همست فريده يانزعاج
ابتسم معاذ بارتياح، لانك علشان تستدعى كيان او تتغلب عليه لازم تكون تعرف اسمه
اسمه بيوضحلك نوعه وعشيرته واصله ونسبه
الأمر مش بالسهوله دى يا معاذ، انت محسسنى اننا تغلبنا عليه؟
من حقى افرح يا فريدة، انا كنت فى متاهه ملهاش اول من آخر وفجأه ظهرلى قنديل مضيء يدلنى على الطريق
نظفت الطاوله من العفونه وسرت سكينه داخل الشقه
وارتفع صوت قرأن فعلته فريده من أجل الحمايه والتجسس
لكل أمير علوى من الجان أعوان وخدم ومريدين، تصنيفهم بين الجان مثل تصنيفهم بين البشر ولكل واحد منهم سر قوته الذى يعتمد عليه.
فاح عطر فريدة داخل الرواق المؤدى لغرفة عونى، أصرت ان ترافق معاذ تلك المره، وكان عونى فى ركن الغرفه المظلم لا تظهر منه سوى عينيه الامعه وكان جسده نحل لدرجه مروعه
ويعانى من أزمة اكتأب حاده ومنذ يومين يرفض تناول الطعام
قابلهم عونى بعدائيه وصرخ بصوت مجنون مش عايز حد هنا
غمز معاذ للحارس بعينه ان يلتزم الطناش والصمت