اسكريبت اسلام (كامل) بقلم عادل الصعيدي
كامله
-أنا زعل الدنيا كله في قلبي، ومش عايزة أحكي لحد غيرك، متاح معاك تسمعني؟
كان ريكورد واتساب وصلني منها وظهر فيه رجفتها وحبسها لدموعها، اتصلت بيها على طول وهي مطولتش وردت:
-عامل أي؟
-سيبك مني، أنا سامعك.
معرفش عدا قد أي وأنا بسمع شهقاتها وبُكاها الغير متوقف وكلام مش مترتب بس مضمونه أنها مضغوطة بشكل صعب في شغلها، وفي تجهيز نفسها لأنها بتنزل تجيب في الجهاز بتاعنا علشان فرحنا قرب، وأهلها فيه بينهم مشاكل كبيرة.
-طيب أي اللي يرضيكي؟
-أنام ومصحاش، مش عايزة أبقى وسط المشاكل دي كلها.
مطلعش مني تعنيف واحد ولا نبرة في وقت عصبية لأني مقدّر كل اللي هي فيه ويمكن أنا عندي مشاكل أكتر ومن كل ناحية، وزاد وغطا المصاريف للشقة كتير وفلوسي اللي حوشتها قربت تخلص، ولكن مقدرش أقولها لأن هي عايزة اللي يسمعها دلوقتي وأنا مش هدخل أنافس عليها حُزنها وأتفه منه وبحترم طبيعة أنها خُلقت أُنثى تغلبها عاطفتها، وكوني خُلقت ذكر.
-إزيك يا عمي، إزيك يا طنط.
-بخير يحبيبي طمننا عليك أمورك كلها بخير؟
-أنا الحمدلله والله، أومال فين رفيف؟
مكملتش سؤالي وظهرت قدامي، كانت أجمل وأكأب واحدة لمحتها عيني بالأسود، استرها على عبيدك يارب دنا غلبان وعلى وش جواز.
-جيت ليه؟
أمها نغزتها في كتفها:
-أي يا قليلة الذوق فيه واحدة تقول لخطيبها جيت ليه؟
-اااه يا ماما كتفيي.
-سيبيها يا حماتي بنتك دي دماغها وحلها عندي، صبركم بس لما يتقفل علينا باب واحد هرجعهالكم رفيف تاني خالص.
-لا وإحنا فيها، سيب بنتي ليا أنا بحبها زي ماهي وخلاص مش عاوزينك ياجدع أنت، مش صح يا رفيف يا قلب بابا؟
جريت عليه حضنته بتظاهر التمثيل وأنها بتعيط لأجل مش عايزة تسيب أهلها وتمشي، لكنّي كنت عارف أنها بتعيط علشان هيوحشها حضن باباها وحنيته عليها.
- عارف يا إسلام؟
- أحب أعرف منك.
- أنا بغير على بابا جدًا من أي واحدة غريبة، مبحبش واحدة تبصله ولا تبتسمله ولا حتى تصبح عليه وهي تصبح عليه ليه هو كان من بقية أهلها؟ وبعدين كفاية عليه ماما وأنا .
-بس كده بتخنقيه؟
-أنا بخنقه!
-مش بالشكل اللي فهمتيه بصي خليني أشرحلك.
-بس بس ولا تشرحلي ولا أشرحلك دبلتك اللي ليك عندي وتعالى خدها ونفضها سيرة بلا خطوبة بلا هَم.
-إديني فرصة أفهمك قص...
-بلا تفهمني بلا تأكلني يعم، ده أنت طفحتني فراشات يا إسلاام عارف يعني أي فراشات؟
-يعني أي؟ أنا مأكلتكيش فراشات قبل كده، هي الفراشات بتتاكل أصلًا؟
-أصلًا! قولّي يا إسلام بتقعد عالسوشال ميديا قد أي؟
-مش كتير لأني مش فاضي وبشتغل.
-يا قلب أمك خلاص عفونا عنك طلعت على نياتك وكل البنات أخواتك وملكش في الفيس ويحزنون أنا هجبلك تليفون بزراير تمشي حالك بيه.
-أجيب ليه زراير وأنا معايا واحد تاتش؟
-علشان الفتنة يا إسلام، الفتنة تفتك بالقلوب فتكًا عظيمًا.
-فتنة! فتنة أي؟
-شكلك مهبط تاكل؟
-ناكل مناكلش ليه؟
-وأنت اللي هتحاسب.
-ما ده كده كده يا عيوني قال أنتِ بتدفعي!
-حبيب أخوك تسلم الواحد ليه أي عند خطيبه غير جبر الخواطر؟
ضحك وسألني:
-ناكل أي؟
-معاك قد أي؟
-في جيبي 200 .
-وأنا معايا زيهم أنت عليك الأكل وأنا العصير واللي هيزيد نركب ببهم أوبر ونشبرق نفسنا.
ضحك - دي الشبرقة بالنسبالك؟
-أها المهم نملى المعدة ونبسطها.
-طيب خلي فلوسك معاكي وأنا هسحب فلوس من الفيزا.
-أنت بتفرق ما بيننا؟
-أنا الراجل وفلوسي هي فلوسنا، لكن فلوسك فلوسك.
-طيب ممكن متحسبهاش بحساسية المجتمع بقى وكده؟ طول مانا معايا ففلوسي وفلوسك واحد ولما ميبقاش معايا هاخد منك عادي.
-خلصتي؟
-أيوة.
-دخلي فلوسك ويلا ناكل مجوعتيش؟
-بصراحة بطني تكركر جوعًا وبتقول أغيثونا.
ضحك - وأنا ميرضنيش تكركر أكتر من كده.
خدتها وروحنا اتعشينا وبعدها روحت جبت اتنين عصير قصب حبسنا بيهم وطلبت أوبر وروحنا سوا، وصلتها بيتها وبعدين رجعت على شغلي في المخزن كان فيه حمولة خشب هتتحمل فخليت الرجالة طلعتها وبعدين رجعت البيت.
-إسلام يابني سرحت فين؟
-هاا لأ معاك هنا يا عمي.
-رفيف بتسألك إذا كنت اتعشيت ولا؟
-أنا اتعشيت الحمد لله.
-متتكسفش مننا يبني إحنا أهل والبيت بيتك.
-صدقني لو جعان هقوم ومش هقول لأ.
قاموا حطوا الأكل عالسفرة وأنا خدت بعضي وقعدت في البلكونة وولعت سيجارة وسرحت ومحسيتش غير بصوت رفيف وهي بتقولّي اقعد.
-مش هتبطل سجاير برضو؟
-حاولت وفشلت، مقدرش أبطلها اتعودت عليها.
-ابفى بطلها بقى لما تلاقيني بتخنق منك وروحي بتطلع.
-بعد الشر عليكي متقوليش كده.
-مش دي حقيقة؟ مش أنت عارف أن عندي حساسية ومع ذلك لسة مكمل؟ خلاص متزعلش بقى لما تلاقي روحي طلعت للي خالقها.
رماها من البلكونة وقعد عالكرسي بضيق وهو بيفش نفسه بضيق وخنقة، وأنا حاولت أكتم ضحكتي وأخفي ابتسامتي على منظره، غصب عني بضغط عليه وعلى نفسيته بالكلام علشان يحس بالذنب فيبطلها واحدة واحدة لأنه غالي عندي ومعنديش أغلى منه ومن صحته.
-يلا ناكل.
-أكلت.
-وشك مصفر باين عليك أنك مرهق ونسيت تاكل طول اليوم.
اتنهد وابتسم:
-النهاردة كان ضغط شغل جامد لدرجة اضطريت أنزل معاهم حمولة خشب كبيرة فجيتلك على ملا وشي وملحقتش آخد دش حتى لما سمعت صوتك، مهانش عليا أسيبك دقيقة.
لأول مرة أحس عيوني بتطلع قلوب وبتلمع بحب جارف ليه بالشكل ده كان النهاردة، فكرة أنك متهونش دي بالدنيا وما فيها يا وبختي أن إسلام من بختي.
-احكيلي بس سامعك.
-هحكيلك وإحنا بناكل.
-قولتلك مش جعان.
-على ماما يلااا؟
ضحك وضحكته شرحت قلبي، إسلام يتيم الأم وباباه متجوز وعايش مع مراته وولاده منها، وللأمانة باباه مقصرش معاه وفتحله مخزن هو عرف يشغله ويدخل فلوس منه ويبقى راجل يعتمد عليه بيبيع ويشتري ويتعامل، فإسلام حياته لشغله وشغله ليه فكنت أنا أول ست يقدر يعبر عن مشاعره معاها وللأمانة أنا كنت ليه حبيبة وأم وصاحبة وأخت فكنت ملجأ ليه وقت الحما زي ما قال الكتاب.
-ردي على تليفونك.
بضيق -ده من الشغل في الصيدلية.
-ردي يمكن عايزينك في حاجة مهمة؟
-مش حابة أرد.
-هتردي ولا أرد أنا؟ عيب مترديش يمكن فيه مشكلة.
-تفتكر؟
هزّ راسه:
-أها يلا ردي.
رديت بضيق وأنا عارفة أن الدكتور هيتكلم يزعق معايا ويكلمني في حوار الفلوس تاني وهيقلب مزاجي بس حكم القوي على الضعيف.
-ألو سلام عليكم يا دكتور.
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إزيك يا رفيف.
-بخير الحمد لله، خير فيه حاجة؟
-طبعًا بعتذر لو رنيت في وقت متأخر بس مقدرتش أستنى للصبح ومعتذرش ليكي عما بدر مني الصبح وأني شديت معاكي.
بصيت للتليفون باستغراب وبصيت لإسلام لقيته ثابت بدون أي ريأكشن وبالعادة أصلًا لو دي طبيعته كان قام كسر الدكتور وأنه بيتصل بيا ولأ بيتلطف في الكلام.
-ولا يهم حضرتك حصل خير.
-المهم اللي حابب أقولهولك قبل ما أقفل أنتِ مش مضطرة تدفعي الفلوس لأنك مش أنتِ اللي أخدتيها وأنا ندرت أطلعها لله.
وقفت بفرحة -بجد يا دكتور؟
-بجد يا رفيف.
-شكرًا لحضرتك أوي بجد أنت مش عارف أنا مبسوطة قد أي! وأكيد ربنا هيكرمك ويوسع عليك ويرجعلك أضعاف الفلوس دي لأن اللي بيعمل خير ثوابه مبيروحش، وأنا والله الراجل جالي بيترجاني علشان ياخد علاج القلب لمراته ووعدني يرجع الفلوس.
-طيب وينفع من غير ما تاخدي بياناته، أو حتى عنوانه، اسمه، بيته، ساكن فين، شغال أي! أهو بقاله شهر ومرجعش الفلوس.
بإحراج -من ربكتي والله يومها.
طيبة وعفوية وبتحب تساعد غيرها، بتحس بوجع اللي حواليها حتى لو متعرفهمش، بتقع في كل مشكلة والتانية بسبب طيبة قلبها، ولكن لأجل عين يكرم ألف تعب وتهون كل الدنيا لأجل رضا ست الحُسن والدلال.
-أهلًا إزيك يا إسلام.
-أي المشكلة اللي مع رفيف يا دكتور؟
-دكتور! من أمتى وبتحط اللقب ما بينا يا إسلام؟
-من وقت ما كنت السبب في أن دمعة تنزل من عيون رفيف خطيبتي وكل حياتي، وعلشان أي؟ ألفين جنيه؟ ياخي كنت قولتلي وكنت ادتهملك وأنت واقف ولا تعمل حركة قليلة زي دي معاها وتحرجها وتندمها على فعل الخير وتحسسها أنها عملت جُرم عظيم.
-والله ما كنت أقصد يا إسلام وبعدين رفيف أختي وقلبي عليها ومش عايزها تتعامل بحُسن نية كده مع كل الناس علشان هيستغلوها.
-ششش آدي فلوسك وكفاية لحد هنا، والنهاردة تتصل تعتذر وتقولها أنك ندمان عاللي عملته معاها ومن بعد كده مفيش شغل هتنزله معاك تاني.
محبيتش أحط نفسي في الوش وأني السبب وأني أنا اللي بصلح وراها دايمًا وهي مجرد بتعمل مشاكل، لأنها حساسة ومش بتستحمل وأنا يعزّ عليا أشوف دمعة تنزل من نن عينيها.
-الحمدلله أنا دلوقتي استريحت.
ابتسمتلها:
-مش خلاص المشكلة اتحلت؟
-أيوة فضل ونعمة من عند ربنا.
-خلاص يبقى كفاية شغل لحد كده.
بصدمة:
-ليه؟
-أنا النهاردة مخدتش موقف والمشكلة اتحلت لوحدها، بس مش ضامن بكرة لو حد رفع صوته عليكي أعمل فيه وفي أهله أي! فعلشان خاطري كفاية شغل واللي تعوزيه خديه مني وخلاص مبقاش على فرحنا إلا شهر وجه وقت ترتاحي.
-طب وبعدين؟ هزهق وهملّ.
-سيبي بعدين لبعدين ليه رب يعدله خلينا في دلوقتي، موافقاني الرأي؟
ابتسمت:
-حاضر.
-يحضرلك كل خير يا غالية، هقوم أروّح أنا بقى.
-بقولك.
-ايه؟
-يديمك ليا سند وسعادة أيامي والحلو اللي في حياتي، أنت بتصلح حاجات أنت مبوظتهاش، بتصلح ورايا ومعايا.
-ايه!
-قفشتك يا خلبوص، هتخيل عليا الحركات دي مثلًا!
ضحك بأعلى صوته:
-خطيرة.
ضحكت -مش خطيبتك!
-طب بذمتك أنفع يتنزل عني الدار أمان في كابشن كتب الكتاب ولا لأ؟
-الدار بس؟ الدار والديار وصاحب الدار والسكان وكل حاجة بتلمسها بتبقى أمان.
-وقلبك ءأمن ليا؟
-ودق ليك لوحدك كمان.
-يا وعدي ياني.
"الديار كلها خراب إلا داري أصبحت أمان فيارب زدّ وبارك"🤎
تمت