رواية دموع مؤجلة واحتضان اخير الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم شمس حسين


 رواية دموع مؤجلة واحتضان اخير الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم شمس حسين


مر شهر كامل بعد المواجهة مع أبويا، شهر مليان ضغط وهموم، كالعادة الزمن كان بيختبرني في صبري وقدرتي على التحمل، مكانش عندي وقت أفكر في المواجهة اللي حصلت، اعتبرتها صفحة في حياتي وانتهت، كان كل تركيزي في حاجة واحدة: أخرج أبويا من السجن وأخلص من العبء اللي وقع عليا من اللحظة اللي اتقبض عليه فيها.


أما أحمد فكان موجود معايا طول الوقت، كان بيحاول في كل لحظة يخفف عني الموقف، ومكانش بيضغط عليا بأي شيء، كان كل تركيزه معايا في أن نلاقي حل لمشكلة بابا، كان هو اللي بيقعد بالساعات مع المحاميين ويدور على أي ثغرة قانونية تساعدنا، وكان في كل مرة بيحاول يطمّنني، وميخلينيش أخاف، كل لحظة مع أحمد كانت كفاية إني أكون متأكدة إن هو ده الشخص الصح، وإنه هو اللي يستاهل أني أكمل معاه باقي حياتي، هو الشخص اللي مش هيهرب من قدامي لما أكون في أضعف لحظاتي، هو الشخص اللي صبر عليا، وهو الشخص اللي مفيش حاجة في الدنيا هتخليه يشتكي من تصرفاتي، من آلامي، من عيوبي، هو دايمًا كان عايزني أبقى سعيدة، بيبص ليا بعينين فيهم حب حقيقي مش هعرف أنكر وجوده.







في نهاية الشهر تقريباً نجح احمد بمجهوداته أنه يلاقي اخوات أبويا، وتم القبض عليهم، وتقريباً وقتها كل شيء اتحل، تم تحديد كفالة لخروجه من السجن زي ما قال وكيل النيابة في الاول، أحمد كان مُصر يدفع الكفالة من ماله الخاص، وكنت شايفة في عينيه رغبة حقيقية في إنه يخفف عني حتى لو بتصرف زي ده، بس أنا رفضت تمامًا، كنت حاسة إن دي مسؤوليتي، وإن لازم أخلصها بنفسي، ودفعت الكفالة من فلوس شيك المكافأة اللي كنت واخداه من الأكاديمية، ومشيت علطول بعد ما سلمت الإيصال للمحامي، مكنتش عايزة أشوف بابا أو أواجهه تاني، وانا ماشية من المكان ده، حسيت بشعور غريب... مش راحة ولا نصر، يمكن كان أقرب لسلام بارد، خلصت اللي كنت شايفة إنه واجب عليا، لكن قلبي كان فارغ من أي مشاعر تجاه أبويا.


كان في حاجة كمان لازم أعملها، علشان كدا رجعت على الشقة اللي أجّرتها لإخواتي ومرات أبويا، كنت متوقعة الهدوء التقيل اللي هيقابلني، والعيون اللي هتحاول تتجنب نظراتي، أول ما دخلت، كلهم قاموا من أماكنهم بيبصوا لي بلهفه علشان يعرفوا اخر التطورات، قعدت في الصالة من غير مقدمات وقلت بصوت هادي لكن ثابت: "أبوكم هيطلع النهاردة"، شفت الفرحة على وشوشهم، لكن محدش نطق بكلمة، بصيت لأخويا وناولته ظرف فيه مبلغ متوسط: "دي فلوس مش كبيرة قوي، بس تكفيكوا تمشوا حالكم شوية"، شفت التردد في عينيه، قلت له: "عارفة إنكم متعودين على مستوى تاني، بس أنت لازم تستوعب إن الحال اتغير، ولازم تقف على رجلك وتساعد أبوك وأخواتك علشان تقوموا من تاني"، سكت لحظة قبل ما أكمل: "وأنا هعمل اللي أقدر عليه من وقت للتاني، بس مش هقدر أشيل كل حاجة لوحدي، انت لازم تساعدني"، الجو كان مليان صمت، نظراتهم كلها خجل، وكأنهم فاكرين كويس تصرفاتهم القديمة معايا، نفس الناس اللي كانوا بيبصولي من فوق دلوقتي واقفين مستنيين مساعدتي عشان يقفوا على رجليهم، قمت من مكاني من غير ما أستنى رد من حد، ومشيت على الباب وأنا حاسة بسلام داخلي غريب، يمكن لأنني أخيرًا قدرت أتعامل معاهم من غير ما أحس بوجع أو غضب، ساعدتهم مش عشان يستاهلوا، لكن عشان أنا اخترت أكون الشخص اللي يتخطى الماضي ويحط حدود جديدة للعلاقة.


عدّى وقت طويل من التعب والوجع، رجعت حياتي الطبيعية واحدة واحدة، أول خطوة كانت إني رجعت الشغل وانتظمت فيه من تاني، مجرد ما فتحت باب المكتب وشميت ريحة الأوراق والتقارير، حسيت إني في مكاني الحقيقي، أول يوم كان مليان شغل متراكم، تقارير لازم تخلص ومشروعات متعطلة، بس أحمد كان جنبّي دايمًا، كل ما أرفع عيني من الورق، ألاقيه بيبعت لي رسالة بسيطة: "محتاجة أي حاجة؟ طمنيني عليكي"، كان حضوره مش محتاج كلام، وجوده لوحده كان بيطمني ويخليني أحس إن الدنيا أحسن بكتير.







«احمد نجم»

الحظ كان معاندني يومها على الكورنيش، كنت محضر نفسي أخيرًا أقولها اللي في قلبي، و أعترف بحبي ليها بطريقة بسيطة وصادقة، لكن فجأة المكالمة اللي جت قطعت اللحظة، زعلت؟ أيوه، زعلت جدًا، بس قلت لنفسي يمكن ربنا بيأجل ده علشان يديني فرصة أعمل حاجة أحسن، حاجة تستاهلها شمس، هي مش مجرد بنت هتسمع كلمة "بحبك" بالطريقة دي، شمس تستاهل حاجة مختلفة، حاجة تفضل محفورة في ذاكرتها للأبد، مفاجأة تخلي قلبها يدق من الفرحة.


كل اللي شمس عاشته في الفترة اللي فاتت، مشكلة والدها كانت زي إعصار عدى على حياتها، كسر حاجات كتير، لكنه كشف عن قوة عمرها ما كانت تتخيل إنها عندها، شفتها بتواجه وبتتحمل ألم فوق طاقة أي إنسان، كانت بتتعامل مع كل حاجة وهي شايلة حمل كبير، لكن ولا مرة اشتكت، وأوقات كانت بتصعب عليا لما كنت ألاقيها منهارة أو عينيها حمرا من كتر التفكير و البكي، كان نفسي أشيل عنها الهم ده بأي طريقة، لكن كنت عارف إن فيه حاجات لازم الواحد يواجهها بنفسه علشان يقدر يتخلص منها.


اللي حصل كان سبب إننا نقرب لبعض أكتر وأكتر، كنت بشوف فيها حاجات جديدة كل يوم، حاجات تخلي قلبي يعشقها أكتر، هي مش بس قوية، لأ، هي كمان طيبة وصبورة وبتفكر في كل اللي حواليها حتى لو كانوا ميستاهلوش، دلوقتي وأنا واقف بعيد وببص عليها وهي راجعة لحياتها وشغلها، قلبي بيقول لي إن اللحظة المناسبة جاية، وهعرف أعملها بالطريقة اللي تستاهلها شمس، اللي بقت كل حاجة بالنسبة لي.


أول حد فكرت أشاركه في خطتي لمفاجأة شمس، كانت نور، هي أكتر واحدة تعرف شمس زي الكتاب المفتوح، عارفة بتحب إيه وبتكره إيه، وكنت متأكد إنها هتساعدني، لما حكيت لها الفكرة إني عايز اعترف لها يوم عيد ميلادها بما أنه قرب، عنيها لمعت وقالت لي: "دي فكرة حلوة، بس خليني أقولك حاجة:شمس بتكره عيد ميلادها، مبتحبش تحتفل بيه ولا تاخد هدايا من حد، اليوم ده بالنسبة لها عادي زي أي يوم في السنة"، بس اللي قالته كان بالنسبة لي تحدي مش عائق، قلت لها بثقة: "هو ده اليوم اللي لازم يبقى مختلف عن كل السنين اللي فاتت في حياتها، وأنا هخليه يوم ميتنسيش"، واتفقنا أنا ونور وأشرف على كل التفاصيل، نور كانت متحمسة جدًا وساعدتني في ترتيب كل حاجة، أشرف كمان اختار المكان، و نور جهزت المكان بتفاصيل صغيره شمس بتحبها، حتي الالوان المفضلة ليها كانت موجودة في المكان، كان فاضل بس حاجة واحدة وهي: اخليها تيجي المكان ازاي منغير ما تحس؟.


«شمس»

النهاردة عيد ميلادي، عمري ما كنت مهتمة بيه، كان دايمًا يوم عادي بالنسبة لي، زي أي يوم في السنة، مكنتش بحب أحتفل بيه، ولا حتى كنت بحب أخد هدايا من حد، من وأنا صغيرة وأنا مش لاقية سبب يخليني أفرح فيه أو أحتفل، علشان كنت شايفة أن مفيش حاجة اتغيرت في حياتي بسبب اليوم ده، صحيت بدري اليوم ده و قمت اجهز نفسي علشان أروح الشركة، وقفت قدام دولابي علشان أختار حاجة ألبسها، اخترت سوت أوف وايت، مع طرحة بسيطة سودا، وشنطة وكوتش بنفس اللون، وأنا واقفة قدام المرايا، حطيت شوية ميكاب، فجأة حسيت بحاجة غريبة، حسيت إن في حاجة غلط، دي أول مرة أفكر فيها إن ممكن أهتم بمظهري زي البنات، و احط ميكب في الشغل، أنا كنت دايمًا بعيدة عن الحاجات دي، بدأت أمسح الميكاب، لأني مكنتش مرتاحة، في اللحظة دي، دخلت ماما عليا، شافتني وأنا بشيل الميكاب وقالت: "ليه بتمسحيه؟"، قلت لها: "ماما... صحيح أنا بتغير و في تفاصيل كتير اتعدلت فيا للاحسن، بس انا لسه عايزة احتفظ بتفاصيلي الخاصة، مش عايزه اغيرها، مش عايزة انجرف لحاجات مش بتاعتي ولا بحبها و لا عمري هحبها، لو استسلمت لحاجة من الحاجات دي هتلاقيني بستستلم لحاجات كتير هتخليني أفقد جزء مني محبش اني أفقده"، ماما كانت فاهمني، بصيلتي بإبتسامة و قالت لي:" اهم حاجة تكوني مبسوطة"، بعدها اخدتني الصالة، لقيت علي السفرة غزل البنات، بصيت لها و ضحكت وقلت لها :" كل سنة وانتي معايا"، ماما الوحيدة اللي كان مسموح لها أنها تجيبلي هدية في عيدي ميلادي، وافقت طبعا علشان كان بيبقي غزل البنات اللي بحبه، و علشان أنا بحبها و بحب أراضيها.


بعد وقت بسيط خرجت من البيت و وصلت الشركة، وانا داخلة حسيت بهدوء غريب، مفيش حد في الممرات زي العادة، ماشية مستغربة لدرجة إني حسيت أنه يوم إجازة، كنت بدور على سما وسارة، حتي هما مش لاقياهم، بعد شوية لقيت ندى بتقابلني، قلت لها: "فين الناس؟" قالت بملامح ثابته: "كلهم في مكتب بشمهندس أيمن، في مشكلة كبيرة"، اول ما قالت كدا حاولت أفهم منها اي اللي حصل بس هي مقالتش حاجة، جريت معاها على المكتب، أول ما دخلت، حسيت بصدمة، كانوا كلهم واقفين وفي النص تورتة كبيرة عليها صورتي، و بيصقفوا لي، وأنا مش قادرة أصدق، بدأوا كلهم يهنوني واحد واحد، وأنا لسه بستوعب، عيوني بدأت تلمع بالدموع، عمري ما حسيت الإحساس ده، كلهم كانوا حواليا، وكانوا فرحانين لدرجة إني حسيت نفسي مش في الواقع، مكنتش عارفة اقول حاجة كنت بضحك و بعيط في نفس الوقت، في لحظة لفيت بعيني وسطهم بدور على أحمد، بس مكانش موجود، فكرت أنه ممكن يكون لسه مجاش، بعد دقائق الكل خرج، و بشمهندس أيمن قرب مني، مد لي أيده وقال لي: "دي هديتك"، حاولت أرفض، لكن هو صمم، فتحتها و استغربت، لقيته بيقولي:" ده أول قلم استخدمته في أول مشروع في الشركة، ذكري مميزة بالنسبة لي، كان وشه حلو عليا، اتمني تنالي نفس الحظ"، ابتسمت له وحسيت بالامتنان و شكرته جداً و بعدها خرجت.







رجعت علي مكتبي و بدأت شغلي، أحمد كان مختفي، وده كان غريب لأنه دايمًا بيبلغني عن سبب غيابه، بس انهاردة مكلمنيش من اول اليوم، حاولت اشغل بالي بأي حاجة وركزت في التصميم اللي قدامي، وعدي تقريباً نص اليوم، فجأة لقيته داخل عليّا بسرعة وبيقول: "يلا، هاتي شنطتك وتعالي"، بصيت له باستغراب: "إيه؟ هنروح فين، أنا لسه مخلّصتش في كذا حاجة محتاجة أراجعها"، قالي: "مفيش وقت للكلام ده، لازم نروح نقابل الوفد الإيطالي عندنا عشاء عمل، هو عمي أيمن ما بلغكيش؟"، بصيت له باستغراب وقلت له: "لأ، مقالش حاجة و بعدين هما مش كان ميعادهم الاسبوع الجاي"، قال: "يبقى أكيد نسي، و بعدين الميعاد أتغير من يومين، اكيد ماخدتش بالك، يلا بسرعة، اتأخرنا، رنا وصالح ويوسف سبقونا، وأنا قلت أعدي عليكي وأخدك معايا"، استغربت شوية من الاستعجال، بس قمت وأخدت شنطتي وطلعت معاه، ركبنا العربية، الساعة كانت 4 العصر تقريبًا طول الطريق، كنت سرحانة ومستغربة، فجأة سألته: "عشاء إيه يا أحمد اللي الساعة 4؟ أنا مش فاهمة"، ابتسم وقال لي: "على ما نوصل هيبقى عشا"، سألته: "هو الطريق بعيد؟"، قالي: "حاجة زي كده"، كنت لسه حاسة أن في حاجة غريبة، بس حاولت أهدّي نفسي وبعد وقت، فجأة، لقيت العربية مشيت من طريق غريب جنب شط النيل، سألته: "هنا مفيش مطاعم، هما هيقعدوا في الشارع ولا إيه؟"، ضحك وقال لي: "لأ، العشا هيكون في مركبة خاصة كبيرة على النيل"، قلبي بدأ يدق بسرعة وقلت له بقلق: "لا يا أحمد، أنا بخاف من المراكب، عمري ما ركبتها"، ابتسم بهدوء: "شمس، دي حاجة بسيطة متخافيش، أنا معاكي"، بعبوث طفولي قلت له: "اشمعنا يعني المكان ده؟ هي مطاعم البر أثرت معاهم في حاجة؟"، ضحك وقال: "صالح هو اللي اختار المكان، وقال إن الناس انبسطت بالفكرة"، سكت وأنا ببص للاتجاه التاني، و مخبية خوفي اللي بدأ يظهر، بس كان الغروب قريب، والجو كان ساحر، وده خلاني انجذب للمنظر.


العربية وقفت قدام مركب كبير، احمد فتح لي الباب و نزلت، وقفت مكاني مش عارفة أتحرك، المنظر كان شكله مهيب وجميل بطريقة متخطرش على البال، خصوصًا مع انعكاس ضوء الغروب علينا، قلبي بدأ يدق بسرعة وأنا حاسة بخوف ممزوج بشوية انبهار، أحمد طلع الأول ومد إيده لي: "تعالي...."، وقفت مكاني مترددة شوية، و بعدها قلت: "لا يا أحمد، بجد أنا خايفة"، ابتسم بثقة وهو بيطمني وقال: "متخافيش، أنا معاكي، هتعدي من الموضوع ده عادي جدًا، افتكري يوم الملاهي، هتلاقي نفس المتعه صدقيني"، التردد كان لسه مالي قلبي، بس بعد ما فكرت في كلامه، فجأة رفعت راسي وقررت أواجه خوفي، وضحكت بخفة وأنا ببص في عينيه: "هطلع لوحدي... مش محتاجة مساعدة"، ابتسم بإعجاب و بعدها، طلعت ومشيت معاه بخطوات ثابتة، المكان كان هادي بشكل غريب، واقف علي الصفين كام بنت لابسين زي موحد ابيض في اسود، كل حاجة حواليا متزينة بطريقة مبهرة، البالونات البيضا والسودا، والورد الأبيض المنتشر في كل مكان، كانوا عاملين جو ساحر، سألت أحمد وأنا بحاول أخفي دهشتي: "هو في إيه؟ مش المفروض ده عشاء عمل؟ فين الناس؟ فين رنا وصالح؟"، ابتسم بهدوء وهو بيبص لي وقالي: "الموضوع مختلف شوية، هتفهمي كل حاجة دلوقتي"، كانت نبرته واثقة ومطمئنة، لكن قلبي كان مليان تساؤلات ومحاولات لاستيعاب اللي بيحصل.


شارولي علشان نقعد، لقيت طاولة مستديرة صغيرة عليها شموع وورود طبيعية بيضاء و كرسيين، قعدت علي كرسي و قعد هو قدامي، عينه كانت مليانة جدية وفيها حاجة مش مفهومة، لفيت بعيوني علي المكان و بعدين قلت له بكل جدية:"إيه يا أحمد؟ اجتماع عمل ده ولا مشهد من فيلم هندي؟"، احمد ضحك جامد و قالي :" علشان خاطري متبوظيش اللحظة"، قلت له:" لحظة اي يا احمد!"، بعدها اخد نفس عميق، وقال بصوت هادي: "شمس... في حاجة لازم أقولك عليها، استنيت كتير، بس خلاص مبقتش قادر استني اكتر"، فضلت ساكتة، مش عارفة أقول إيه، وبعدها هزيت دماغي ومنتظراه يكمل، لقيته بص لعيوني وبدأ يحكي:

«أحمد»

"في يوم كنت تعبان جدًا من ضغط الشغل، خرجت اتمشيت بالعربية، علشان احاول أخرج من الضغط ده، روحت للكورنيش، في مكان هناك عرفته صدفة، كنت بروح هناك كل فترة علشان أتنفس، وأنا قاعد هناك، فجأة لمحتك جاية من بعيد، خطواتك هادية جدًا، وملامحك حزينة، قعدتي في مكان بعيد عني شوية، وفضلتي باصة قدامك، مش شايفة حد ولا حاسة بحاجة، و كأنك في عالم تاني خالص، فجأة دموعك بدأت تنزل، حاولت اجي عندك بس كنت حاسس اني هقتحم عزلتك".

«شمس»

مكنتش مصدقة اللي بيقوله، معقول هو شافني قبل كده؟ كنت بحاول أخبي دهشتي، هز دماغه و ابتسم و كمل وهو بيبص في عيني:

«احمد نجم»

"من اليوم ده وانتي خاطفة قلبي، بقيت كل أسبوع أروح في نفس الميعاد على أمل أشوفك تاني، أوقات كنت بفرح لما ألاقيك، وأوقات تانية كنت بزعل لما متجيش، حاولت اكتر من مرة أقوم أكلمك، بس كان في حاجة منعاني".

«شمس»

دموعي كانت بتلمع في عيني من الكلام اللي مش متوقعة أسمعه، دموع فرح و مفاجأة عمري ما كنت اتخيليها، كمل بصوت أهدى وقال:

«احمد نجم»

"لما اتقابلنا في العيادة أول مرة مكانتش صدفة، زي مانتي فاكرة، يومها شفتك قبلها وأنتى طالعة من الكورنيش بعد ما اشتريتي غزل البنات، ومن اليوم ده عرفت انك بتحبيه لما شوفت لهفتك عليه اول ما سمعتي صوت الراجل اللي بيبعيه".

«شمس»

ضحكت بفرحة بعد اللي قاله و ابتسمت و قلت له :" علشان كدا جيتلي تحت البيت بغزل البنات يوم ما أيدي اتكرست؟!"، ضحك بعد جملتي و هز دماغه و رجع كمل:

«احمد نجم»

" لما شوفتك طالعة العمارة اللي قدام الكورنيش، طلعت وراكي، لحد ما لقيتك وقفتي قدام عيادة أشرف ابن عمي، كانت فرصة بالنسبة لي اني ادخل باي حجة، حاولت أعرف منه أي حاجة عنك بس هو رفض، ومن يومها وانتي فكرة مش بتفارقني، فضلت أروح للكورنيش على أمل أشوفك تاني وأكلمك... بس للأسف غبتي كتير، وكنت خلاص قربت أفقد الأمل".

«شمس»

كنت بسمعه ودموعي بتنزل، وقلت له وانا ببتسم:" طبعًا يوم تقديم المشروع مع كريم في الفرع الرئيسي... شوفتني قبل ما أدخل ، وأكيد أنت اللي أقنعت مجلس الإدارة علشان نعرض المشروع، و دخلت متأخر و عملت نفسك مش شايفني"، كمل هو و قال:







«احمد نجم»

"و بعدها نجحتي وبقيتي معانا في الشركة..."، في اللحظة دي قمت وقفت هو  قرب مني و صوته بقى أهدى وأحن وقال: "شمس... أنا بحبك، وعايز أكمل حياتي معاكي، عايز أكون جزء من كل يوم ليكي".

«شمس»

قلبي كان بيدق جامد من كتر الفرحة، قلت له وانا بمسح دموعي:"وأنا كمان بحبك، أنت أول حب في حياتي، وحياتي كلها اتغيرت معاك، مكنتش متخيلة أبدا إني هحس بحاجة زي دي، لكن أنت جيت وخلّيتني أحس بالأمان، كنت دايمًا خايفة، بس إنت جيت، وشلت كل خوف كان في قلبي، وحطيت مكانه طمأنينة عمري ما حسيت بيها قبل كده"، مكانش مصدق اللي بقوله عيونه هو كمان لمعت بالفرح، لقيته طلع من جيبه علبة صغيرة بيضاء، وفجأة ركع قدامي، فتحها وطلع منها خاتم لامع زي النجمة، وفي لحظة كأن الزمن وقف، كان في إيده الخاتم، وقلبي كان بيخفق بسرعة وقال: "شمس، تتجوزيني؟"، قالها وهو بيبص في عيني بحب واضح، كان السؤال بسيط، بس معناه كان أكبر من أي حاجة في الدنيا، مش قادرة أوصف إزاي حست قلبي وقتها، مديت إيدي ليه وهو حط الخاتم في صباعي وأنا لسه مش مصدقة، وكل شيء حواليا كان  في أحلى صورة، وبعدين، وهو بيبص في عيني بابتسامة عريضة، طلع من جيبه تذكرتين، وقال لي: "دي بقي هدية عيد ميلادك، كل سنة و انتي معايا، أنا عارف انك مبتحبيش تحتفلي باليوم ده، بس انا مقدرش محتفلش لأن اليوم ده اغلي يوم بالنسبة لي، لأن اتولدت فيه اغلي انسانة في حياتي"، بصيت للهدية و قلت له أي ده، قالي:" تذكرتين لمباراة للمنتخب، هنروح مع بعض في الإستاد، و تتفرجي علي الماتش هناك زي ما كنتي بتحلمي"

،فرحت بشكل ميتوصفش، وقلت له: "عرفت كل ده منين؟"، قال لي بابتسامة هادية:

"بصراحة أشرف ونور هما اللي ساعدوني، في كل حاجة، طلبت منهم المساعدة علشان كنت عايز أعمل لك حاجة مميزة زيك في اليوم المميز ده"، مكنتش قادرة أصدق أن اللحظة دي أخيراً بقت حقيقة، الدنيا كلها كانت في صفي اليوم ده، واقفة و معايا الشخص اللي حبيته، واللي هعيش معاه أجمل أيام عمري.


بعد ما اليوم خلص و روحت البيت، حكيت لماما كل حاجة، كانت مبسوطة بشكل كبير، فرحانة من قلبها أن أخيراً حلمها اتحقق، فضلنا نحكي طول الليل سوا عن اليوم، لحد ما جت الساعة 12 و لقيت تليفوني بيرن

يتبع......... 

ياتري مين اللي رن علي شمس 🤔

#بارت_32_اعتراف_بين_الغروب

#حكاوي_ابوية_مُره

#دراما_نفسية 

#دراما_اجتماعية

          

          الفصل الثالث والثلاثون من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا 

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×