اسكريبت عفاريت الف ليلة وليلة (كامل) بقلم عزيز السيسي
القصة تحفة أدبية ،ومكتوبة بأسلوب ألف ليلة وليلة ، ياريت ما تحرمش نفسك
.................
عفاريت ألف ليلة وليلة
بلغني أيها الملك السعيد ، ذو الرأي الصائب الرشيد ، أنه في قديم الزمان ، وفي سالف العصر والأوان ، كانت قبيلة تتنقل بين الغابات ، لا تعرف إن كانوا أحياء أم أموات ، لا يعرف أي منهم عن الاستقرار ، تماما كالبدائي قبل اكتشاف النار ، حتى اشتكوا من التعب والهوان ، وها قد حان يوما ذلك الأوان ، واتخذوا على ضفاف النهرموطنا ومكان ، وبدت بعد ذلك الوجوه راضية سعيدة ، بالرغم من جهلهم بتلك المنطقة الجديدة ، ولكن كانت أيامهم بمثابة العيد ، فالنهر أمامهم والحيوانات خلفهم وأهلا بمغانم الصيد ..
وف يوم حل بأرض القبيلة رجل غريب ، ضخم الجثة طويل القامة ذو وجه مريب ، وظل ذلك الرجل يصول ويجول ، وبصوته الحاد يصرخ
ويقول :
-احذروا يا أبناء آدم وحواء ..فستأتي الأشباح قريبا كي تمص الدماء .
وظل هكذا طيلة الليل والنهار ، ومن خلفه يضحك الجميع ويرمونه بالفاكهة والخضار ، وهكذا استكانت واطمأنت كافة القلوب ، فيبدو أن القبيلة رحبت برجل عبيط مجذوب ، حتى جاءت ليلة وعلت الصرخات عنان السماء ، فهناك قتلى في بيوتهم يسبحون في بركة من الدماء ، وصوت حاد مازال يصول ويجول وبصوت باكٍ يصرخ
ويقول :
- ألم أحذركم يا أبناء آدم وحواء ..فها قد حلت الأشباح ومصت
الدماء ،أغلقوا الأبواب والنوافذ بعد غروب الشمس ، ولا يتحدث منكم أحد
إلا همس .
استجابت القبيلة لهذا الغريب ، وسجنوا أنفسهم وكأنهم في محاريب ، ولم تعد في البيوت تظهر الدماء ، وبقي الغريب بينهم نجدة من السماء ، وتزوج من حسناء تدعى دليلة ، وعلا شأنه بينهم وبات شيخا للقبيلة ، وفي أحد الأيام الباردة المطيرة صاح هذا الغريب
بين أرض القبيلة :
- خزنوا المياه لمدة الشهر ، فستأتي الأشباح قريبا وتشرب ماء النهر ، حذارى أن تنسى أيها مسكين ، فلن يتبقى في النهر سوى كتل الطين .
وبالفعل تسابقت الأقدام لملء الأواني والقدور ، في فوضى عارمة دون ترتيب أو دور ، وبالفعل جاءت الأيام التي جف فيها الماء ، اختفى من الوجود وكأنه صعد مجددا للسماء ، وامتلأت القلوب تجاه الغريب حبا وحنين ، وعلى ضفاف النهر صنعوا له تمثالا من طين ، ومن أجله أقاموا ليالي السهر والاحتفالات ، متضرعين له بطول العمر لسنوات وسنوات ، حتى جاء خطيب دليلة من سفره الطويل ، فقد بحث عن القبيلة لوقت طويل ، وعندما علم عن أمر الغريب وتلك التغيرات ، وقف أمامه غاضبا في إحدى الاحتفالات ، وصرخ في وجهه كندابات الجنازات :
- أنت كاذب أيها الغريب ، يا من ليس لك عزيز أو حبيب ، ففي كل فترة مقدرة يجف النهر من الماء ، ويهجم الذباب القاتل على النائم ويمص الدماء ، إنها أحوال طبيعة الخالق الفتاح ، يا من خدعت القبيلة باسم الأشباح ،
وهنا وقف الغريب ، وصرخ على الجمع بصوت حاد مريب :
- إن لم تقتلوا من لا يعترف بوجود الأشباح ، لن يحل على أي منكم صباح .
ترددت في الهجوم كافة أفراد القبيلة ، قبل أن يأتي لذلك الخطيب سهما من يد حبيبته دليلة ، وهنا تقدم الدجال أو شيخ القبيلة ، وهمس في أذن الخطيب وهو يخرج الروح ، حتى لا يسمع أحد ما يقول أو يبوح ، ثم دنا أكثر منه ومال ، وأخيرا في همس اللصوص أعلن
وقال :
-لقد أعجبت بكل ما قدمته من دليل ، ولكن تبقى الأشباح هي أفكار سيورثها الأغبياء جيلا بعد جيل ..
تمت ...