رواية ذكري انتقامية الفصل الثالث 3 والاخير بقلم هاجر نورالدين
_ مريم إنتِ إزاي لسة عايشة؟
أنا متأكد إني دفنتها بإيدي، فضلت بصالي ومُبتسمة ونيمت الطفل اللي في إيديها على السرير وقربت مِني واحدة واحدة ولكني مكنتش خايف منها.
بالعكس أنا بحبها ونفسي اللي حصل يبقى ولا كإنهُ حصل، شاورت على شفايفها علامة السكوت وقالت بإبتسامة بسيطة:
= وطي صوتك قمر هتصحى.
بصيت وراها على الطفل وبعدين بصيتلها بإستفهام وقولت:
_ قمر مين؟
بصتلي بجنب عينيها بهزار وقالت وهي بتخرج وبتخرجني من الأوضة:
= بطل بقى يا عصام الشغل دا والهزار، قمر بنتنا هتكون مين يعني، يلا بينا عشان نتعشى.
روحت معاها وقعدنا وكانت محضرة سفرة مليانة أكل وعشا من اللي بحبهُ، مكنتش مستوعب ولا مصدق اللي حصل، أول ما قعدنا على السفرة هي بدأت تاكل بهدوء وأنا قولت بإستفهام:
_ مش فاهم إزاي دا بيحصل، إنتِ مش إتوفيتي في المستشفى يا مريم؟
وقفت أكل وبصتلي بإستغراب لثوانٍ وبعدين ضحكت وقالت:
= إي اللي إنت بتقولهُ دا يا عصام، إنت سُخن ولا إي، ما بنتنا عندها إسبوعين وزي الفل أهي ربنا يخليهالنا ويخليك لينا.
سكتت وفضلت مبلم وأنا مش فاهم إي اللي بيحصل، فضلت تاكل شوية ولما شافتني في وضعية الصدمة اللي أنا فيها قالت:
= ما تاكل يا حبيبي مالك إنت من ساعة ما رجعت من برا ومش على بعضك في إي؟
بصيتلها بإنتباه وبصيت على الشقة وكل حاجة حواليا ولقيت كل حاجة طبيعية، إبتسمت وإفتكرت إن كل اللي عدا دا كابوس أو آيًا كان أنا مش مهتم.
المهم إني مع مراتي حبيبتي ومعانا بنتنا قمر وكلنا بخير، بدأت آكل وعيشت بعد كدا حياتي بشكل طبيعي جدًا وفي سعادة مع مراتي وبنتي قمر اللي بتكبر كل يوم قدام عيني.
بعد إسبوع من الوضع دا صحيت من النوم وأنا حاسس بتعب رهيب جدًا، طلعت الشقة برا ملقيتش حد وكنت خلاص هغيب عن الوعيّ.
مسكت موبايلي وإتصلت بعمر وأول كلمة قولتهالهُ:
_ عمر إلحقني.
وقعت بعدها على الأرض وبدأت أغيب عن الوعيّ واحدة واحدة وأنا سامع صوت عمر بيقول بخضة وخوف:
= عصام، مالك يا عصام، ألو، ألو يابني، أنا جايلك.
بعد وقت معرفش قد إي بالظبط فوقت لقيت نفسي في المستشفى ومتعلقلي محاليل كتير وعمر قاعد جنبي دافن وشهُ بين إيديه.
إتكلمت بتساؤل وإستغراب وقولت:
_ عمر، فين مريم؟
رفع عمر راسهُ بصدمة ودهشة وبصلي وهو بيتطمن عليا وقال:
= عصام حبيبي إنت كويس، مريم إي بس اللي بتقولهُ دا الله يرحمها، إنت مبتاكلش ليه بقالك إسبوع وحصل بسبب الموضوع دا ضعف كبير عندك سبب للإغماء دا، فيك إي يا عصام؟
كنت مش سامع كل كلامهُ من أول "الله يرحمها"، إتكلمت بعصبية مش مناسبة للموقف والوضع اللي أنا فيه وقولت:
_ الله يرحمها إي يا عمر بعد الشر عليها إنت إتجننت، أنا صحيت الصبح ملقيتهاش ولا هي ولا قمر بنتي.
بصلي عمر بصدمة وإستغراب وفضل ساكت شوية وبعدين قال:
= إي الكلام اللي بتقولهُ دا يا عصام، إنت كدا وضعك ميطمنش خالص!
إتكلمت بتعب وقلة تحمل وقولت بإنفعال:
_ يا عمر بقولك لسة متعشي أنا وهي إمبارح حتى روح الشقة هتلاقيها رجعت مع بنتي، بطل الهبل اللي بتقولهُ دا.
قام عمر من الصدمة اللي سمعها مِني وراح طلب دكتور نفسي من المستشفى اللي كنا فيها لإن كان فيها القسم دا.
وبعدها راح للشقة بتاعتي ودخلها ملقاش فيها حد ولما فتح التلاجة لقاها فاضية وأكل محطوط على الرخامة عفنّ من كتر الركنة واللي واضح إنهُ بقالهُ كذا يوم.
الشقة متربة وكئيبة جدًا، هنا إكتشف إن في حاجة غلط بتحصل معايا ولما رجعلي ولقاني رافض القاعدة مع الدكتور النفسي قال بتنهيدة وإصرار:
_ عصام إنت مش عيل صغير عشان نتحايل عليك، أنا لية جاي من شقتك المهجورة واللي الأكل فيها بايظ من كتر الركنة، مفيش وجود لمريم مراتك الله يرحمها ولا لبنتك اللي لسة مجاتش على الدنيا، لازم تفوق وتعالى معايا الشقة بنفسك بعد المحاليل دي.
الحقيقة مستنيتش لحد ما المحاليل خلصت وروحت معاه الشقة عشان أثبتلهُ وأثبت لنفسي إن مريم وبنتي قمر لسة موجودين.
ولكن كانت الصدمة ليا أنا لما دخلنا الشقة وكانت بنفس الوصف اللي قالهُ عمر، يعني إي؟
يعني أنا كنت عايش في وهم طول الفترة اللي فاتت؟
بعدها عمر فضل جنبي ومعايا ومصمم على مرواحي للدكتور النفسي، لحد ما فعلًا بدأت أتابع معاه وإتشخصت حالتي بعدها على إن اللي بشوفهُ بسبب إحساسي بالذنب وإني مش متقبل فكرة إنهم راحوا مِني بعد كل دا وبكل سهولة.
فضلت أتعالج عند الدكتور النفسي واللي بعدها حالتي إتحسنت ووقفت علاج لحد ما جات ذكرى وفاتها وظهرتلي مرة تانية في الأوضة مع قمر بنتي ولكن وقمر عندها سنة!
إتكلمت معايا بشكل طبيعي وقالت:
_ حبيبي وحشتني، إتأخرت النهاردا أوي في الشغل، دقايق وهحضرلك الأكل.
فضلت متنح وفي عالم تاني ولكن للأسف مقدرتش أقاوم الهواجس دي للمرة التانية ودخلت في إسبوع تاني من التهيؤات دي ولما خلص كل حاجة إختفت واللي ساعدني بعدها عمر من تاني وروحت للدكتور مرة تانية.
كان حلهم المرة دي إني أتجوز عشان محسش بالوحدة ويفضل ذكراها وطيفها معاكسني طول حياتي.
في البداية كنت رافض الفكرة لإني لسة بحب مريم حتى بعد ما عرضوا عليا أتجوز فيروز بنت الجيران اللي كانت بتحبني من زمان وهتوافق بيا.
وفضلت رافضها لحد الذكرى التالتة لمريم وقمر بنتي كان عندها 3 سنين وقتها لدرجة نطقت كلمة "بابا"!
دموعي نزلت وطبيعي إني مش هقدر أقاوم للمرة التالتة لإن دا اللي كنت بحلم بيه من زمان وسط مريم حبيبتي ودي الحياة اللي كنت بتمناها قبل ما الزمان يسرقها مننا.
ولكن بعد إسبوع كل حاجة إختفت، مش عارف ليه بعد إسبوع بالتحديد ولكن حالتي النفسية سائت أوي بعدها ورجعني عمر بالعافية للدكتور بعد رفض شديد مِني.
وبعد 5 شهور قررت إني فعلًا هتجوز فيروز، أنا مكدبتش عليها في مشاعري وعرفتها حالتي وكل حاجة، وهي كانت بتحبني وكانت بترفض كل الناس عشاني وبعدها فعلًا إتجوزنا.
ودي الذكرى الرابعة لوفاة مريم وبنتي اللي مجاتش على الدنيا، أنا لسة محبتش فيروز بالشكل اللي هي بتحبني بيه ولكن حبيتها يمكن بالقدر اللي يخليني بتطمن بوجودها وحابب وجودها.
هي عمرها ما فكرت تبعد عني وصابرة ومستنية لحد ما أحبها بالشكل اللي بتحبني بيه، ولكن باللي أنا شايفهُ منها أنا متأكد إني هحبها جدًا من حبها ليا.
ودلوقتي، بعد ما الهواجس دي رجعتلي تاني، روحت للدكتور ولكن المرة دي ومعايا فيروز، قعدنا والدكتور بدأ يتكلم وقال:
_ أنا بنصحك المرة دي بما إن الوضع مختلف بوجود أستاذة فيروز إنكم تخرجوا وتغيروا جو وتتفسحوا وكمان في أيام الذكرى والإسبوع دا خصوصًا تروح تزور مريم وتقرألها الفاتحة، إحساس الذنب اللي جواك دا والهواجس هتختفي لما تقتنع إن مش إنت اللي كنت السبب يا عصام، دا قضاء وقدر وخلاف عادي بين آي زوجين حصل فيه حادثة غير مقصودة وحتى بدون تدخل منك.
إتكلمت بتردد وقولت:
= بس يا دكتور فعلًا لو كنت نزلت من الأول مكانش هيحـ...
قاطعني الدكتور وقال:
_ للمرة المليون يا عصام هتقولي نفس الجملة وهنفيهالك إنهُ لأ كان هيحصل يا عصام بالشكل دا أو غيرهُ القضاء والقدر محدش يقدر يمنعهم، ودا عمرها واللي مكتوبلها ومفيش آي قوة هتقدر تتخطاه أو تلغيه، لازم تقتنع إن اللي حصل إنت مالكش دعوة بيه.
بدأ بعدها يدينا نصايح أكتر عني أنا وفيروز وإن هي هتبقى حلقة مهمة أوي في تحسُن نفسيتي وإنهاء المُعاناة اللي أنا حاسس بيها.
فعلًا بدأنا نمشي ورا كلامهُ وأول حاجة عملتها روحت زورت قبر مريم وكانت فيروز مستنياني برا عشان آخد راحتي، دموعي نزلت وقولت:
_ أنا أسف يا مريم، أسف على خسارتك حتى لو ماليش يد فيها، إنتِ عارفة أنا بحبك قد إي وعمري في حياتي ما هحب حد قدك، أيوا إتجوزت فيروز وأيوا بحبها مش هكدب عليكِ ولكن هتفضلي إنتِ مالكة قلبي وعقلي والأولى في كل حاجة، هفضل مستنيكِ في الجنة ومتزعليش مِني لو إتجوزت بعدك أنا عمري ما هنساكِ ولا هنسى حبك يا حبيبتي.
وكلام كتير جدًا من نفس النوعية دي لدرجة إن عدا عليا ساعة وأنا بتكلم معاها وبطلع كل اللي في قلبي، يمكن الخطوة دي كانت أهم خطوة لإني إرتاحت جدًا بعدها.
رجعت لفيروز وإبتسمت وخرجنا أنا وهي فعلًا وغيرنا جو، كان عدا من أيام الذكرى 5 أيام وبعدها متكررش آي هواجس تاني بعدهم الحمدلله.
حياتي مع فيروز كانت هادية وجميلة أوي وكل ما الأيام بيننا بتعدي كل ما حبي ليها بيزيد وعمري ما ندمت على جوازي منها، قد إي هي ساعدتني وإنتشلتني من كل الهواجس والظلام اللي كنت فيه.
الذكرى الخامسة لوفاة مريم خلاص بتقرب، فاضل يومين ونبقى فيها، كنت نايم على السرير ومفتح عيني بقلق وتوتر، خايف اللي بيحصل كل مرة يحصل والمرة دي أأذي فيروز بجد.
ولكن حسيت بفيروز بتقعد جنبي وطبطبت عليا وقالت بإبتسامة:
_ متفكرش كتير، إن شاء الله مش هيحصل حاجة وهتعدي عادي وهنروح اليوم دا المقابر نزورها.
إبتسمتها بهدوء وإمتنان لإنها بتفهمني من غير ما أتكلم حتى.
"يوم الذكرى"، صحيت من النوم وكنت شخص طبيعي، فاكر أنا مين وفاكر إحنا أيام إي وفاكر مراتي فيروز وفاكر إن النهاردا يوم ذكرى وفاة مريم مراتي.
إتنهدت وزفرت بهدوء وقومت حضرت نفسي وفطرنا أنا وفيروز وروحنا نزورها، قرأنا الفاتحة وسابتني بعدها فيروز شوية وخرجت برا.
إبتيمت لقبر مريم وقولت بهدوء وإشتياق:
_ وحشتيني، الحلم اللي حلمتهُ بيكِ إمبارح جميل وكان وشك منور وإنتِ بتضحكي وبتقوليلي إنك مسمحاني ومش زعلانة مِني، وكنتِ بتقوليلي كمان إنك مستنياني إنتِ وبنتي في مكان أحسن، يارب أبقى معاكم في الجنة يا حبيبتي.
أقدر أقول دلوقتي الحمدلله، تعافيت.
مبقاش يجيلي الشعور والهواجس من تاني، مبقتش أحس بالذنب وإقتنعت إني ماليش دخل في أذيتهم، حياتي بقت صافية وهادية من تاني، مستحيل أنسى مريم وكل إسبوع بروحلها هي برضوا حبيبتي.
وفيروز مستحيل أنسى اللي بتعملهُ عشاني وعشان تحافظ على علاقتنا وأهم حاجة عندها رضايا وحُبي، وأنا والله من اللحظة دي بتمنى رضاها وحبها.
#هاجر_نورالدين
#ذكرى_إنتقامية
#الحلقة_التالتة_والأخيرة
#تمت