رواية ارناط الفصل السادس عشر 16 بقلم حور طه


 رواية ارناط الفصل السادس عشر 16 بقلم حور طه


«البارت 16من روايه ارنــاط»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في عيادة فخمة بتفوح منها ريحة المعقمات والقلق...


عبد الحميد قاعد قدام الدكتور أيهم…

عينه فيها ريبة، وصوته محمل بالضغط:


ــ دكتور... سحر قالتلي إنها حامل…!

بس أنا وانت عارفين… إني كنت بتعالج من إصابة منعتني أخلف سنين طويله...


الدكتور أيهم عدل نضارته بهدوء

وبص في الملف قدامه، وقال:


ــ بص يا عبد الحميد بيه...

أنا مش هكذب عليك، حالتك فعلا كانت صعبة…

لكن بقالك سنين بتاخد علاج منتظم...

وآخر تحاليلك كانت بتشير لتحسن بسيط…!






عبد الحميد قطب جبينه:


ــ بسيط يعني إيه؟ ينفع يحصل حمل؟


الدكتور ايهم تنحنح، وقال بنبرة محسوبة:


ــ علميا...الاحتمال كان ضعيف. بس مش مستحيل…

ولو سحر فعلا حامل، يبقى وارد يكون ابنك... خصوص مع طول فترة العلاج…

ليه انت كنت ماشي عليك…!

بس علشان نقطع الشك،لازم نعمل تحليل حديث… للسائل المنوي، ونشوف إذا كان فيه أي تغيرات… إيجابية…!


عبد الحميد يهز راسه بشك:


ــ يعني فيه احتمال…ان الطفل ده يكون ابني؟!


الدكتور أيهم بابتسامة محسوبة:


ــ احتمال ضعيف... بس موجود. ولو سحر حامل… فعلا، التحليل ده هيجاوب على كل الأسئلة…!


عبد الحميد يتنهد، يطلع من جيبه علبة السجائر… ويفتحها، وبعدين يقفلها تاني بدون ما ياخد سيجارة.. عقله مشغول:


ــ طيب اعمله دلوقتي...أنا عايز أعرف الحقيقة…!


الدكتور أيهم يهز راسه:


ــ تمام، تعالى بكرة الصبح على صيام…

وهنجهز التحليل…!


بعد ما يخرج عبد الحميد من العيادة...


الدكتور أيهم يفتح درج مكتبه…

يطلع ورقة فيها نتائج جاهزة…؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


دخل راهب مسرعا من باب الفندق… 

يتلفت حوله كمن تأخر عن شيء مهم…

الوقت يضغط، والوجوه حوله بلا ملامح…

اندفع نحو المصعد، لكنه اصطدم فجأة بفتاة خارجة.. بنفس سرعته…!


اهتز جسده للحظة، لكن الفتاة لم تتوقف…

أكملت طريقها بسرعة، غير مبالية بالاصطدام…

وهي تمشي، التفتت نحوه بخفة، وشعرها التف معها.. في حركة ناعمة. رفعت يدها سريع وقالت:


ــ آسفة…!


تجمد راهب في مكانه. شهقته خرجت كأنها حشرجة:


ــ ...ليلي؟!


نظر إليها مذهولا، يراها تبتعد

تخترق بهدوئها عالمه الذي ظل معلق بها لسنوات..

ليلي؟ هنا؟ في مصر؟ بعد كل ما فعله ليجدها في... هولندا؟


رن هاتفه، كأنه يجبره على العودة للواقع…

رفعه إلى أذنه وعيناه ما زالتا تلاحقانها:


راهب بصوت غائب:

ــ ألو؟


جاءه الصوت من الطرف الآخر، متوترا:


ــ راهب، ليلي مالهاش أي أثر ف هولندا كلها…

رجالتي فتشوا كل مكان ممكن تكون فيه، اختفت…


بلع راهب ريقه، وهمس كأنه يخبر حلم بالحقيقة:


ــ ليلي... هنا…!


الطرف الآخر بصدمة:

ــ إيه؟ هنا إزاي؟ في مصر؟!


لم يرد راهب. أغلق المكالمة بعــ ـنف عندما رآها… تعود…ليلي كانت تقف أمام الفندق…

ومعها شاب يبدو من موظفي خدمة التوصيل…


سمعها تقول له:


ــ آسفة، نزلت مستعجلة ونسيت الفلوس فوق…

هطلع أجبها حالا…!






الشاب بابتسامة:

ــ ولا يهمك يا مدام، هستنا حضرتك هنا…


راهب لم يصدق عينيه. كانت أمامه…

تمر بجواره وكأنها لا تعرفه…

صعدت إلى غرفتها، ثم نزلت بعد دقائق…

تبحث بعينيها:


ــ راح فين ده؟!… سبته هنا!


اقترب منها راهب ببطء وقال:


ــ أنا…حسبته! ومشي…


ليلي التفتت إليه، نظرت له من رأسه حتى قدميه…

ثم عقدت حاجبيها:


ـــ ومين حضرتك عشان تدفعلي الحساب؟


تألم راهب من السؤال. نظراتها غريبة…

باردة، كأنها تنظر إلى شخص غريب تماما…

داخل نفسه، صاح:


ــ أكيد مش هتعرفيني… بعد ما شكلي… وصوتي،اتغيروا واتكســ ـروا في الطريق…

اللي اخترته…!


ليلي لاحظت صمته الطويل ونظراته الثقيلة:


ــ ألو؟… حضرتك معانا هنا ولا سافرت؟!"


ثم وضعت المال في يده بقوة:


ــ دي الفلوس اللي دفعتها… شكرا…!


واستدارت ورحلت… ببساطة…!


ظل راهب واقف، عيناه معلقتان بها

كأن روحه خرجت معها.

بعد لحظات، جاءه صوت من خلفه،كان يوسف:


ــ راهب! واقف ليه؟ اتأخرنا على الاجتماع…

الناس جوه مستنيانا…!


راهب لم يرد إلا بعد لحظة، ثم تمتم بصوت خافت:


ــ ...يلا…؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|فيلا العراف|


سحر كانت قاعدة على الكرسي الهزاز…

بتتحرك ببطء كأنها بتعد أنفاسها...

نظرتها فيها بريق نصر، لمعة شيطانية بتلمع…

في عينها، وابتسامة خفيفة على شفايفها…


تمتمت لنفسها، بصوت واطي لكنه مليان خبث:

ــ ماكنتش أعرف إن استغلالك ليا يا أرمان...

هيكون في صالحي…!


ضحكت ضحكة قصيرة… ثم بصت للباب…

كأنها شايفة المستقبل بيتفتح قدامها:


ــ الطفل ده... هو الكارت الذهبي بتاعي... 

بيه هتحكم في عبدالحميد، وأخليه تحت رجلي…

لا يقدر يقول آه ولا لأ…!


سكتت لحظة، وكأنها بتستمتع بالفكرة…

ثم شردت بنظرة حادة:

ــ أما انتي يا الما... 

ليكي عندي مفاجأة، هتعجبك أوي...

هدية من النوع اللي يخليكي تفكري ألف مرة… 

قبل ما تلعبـي مع سحر الطوخي…!


وقربت وشها للمرآة اللي قدامها

وهمست كأنها بتتكلم مع طفلة:

ــ انتي لسه صغيرة يا شاطرة... 

واللعبه اللي بتحاولي تلعبيها كبيره قوي عليك…!


لمست بطنها بخفة، وابتسامتها بتتسع كل لحظة…!؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






|في غرفة ليلى|


جلست على طرف السرير، تضع يدها بلطف على جبين شادي، الذي يتقلب في نومه بحرارة مرتفعة

كانت عالية تحمل الطفل للحظة بين ذراعيها قبل أن تعيده إلى سريره بلطف…!


عالية بصوت مطمئن:

ــ ما تخافيش…هيكون كويس،شويه وحرارته هتنزل


ليلي تمسك يد شادي الصغيرة

تقبلها بحزن، ثم ترفع عينيها إلى عالية:


ــ تفتكري…هقدر أحافظ عليه؟


عالية تجلس بجوارها، تمسك يدها بحنان:


ــ انتي أعظم أم ربنا اختارها لشادي… 

هو محظوظ بيك…!


صمتت ليلي، دموعها تترقرق

وعيناها على ابنها، ثم همست بصوت مختنق:


ــ بس…أنا خايفة لما يكبر…ما يسامحنيش… 

إني حرمته من أبوه…!


عالية تمسح دموعها، تحدق فيها بعينين دامعتين:


ـــ هو اللي حرم نفسه… هو اللي خدعك.

أرناط السبب في كل حاجة حصلت… ليكي ولشادي.

هو ما يستاهلش يكون جزء من حياتكم…!


هزت ليلي رأسها بألم، وصوتها خرج كأنه اعتراف:


نفسي يرجع… واساله…هو ليه عمل فيا كده؟

ما عملتلوش حاجه… انا والله العظيم، حبيته.…!


ما كانت تدري أن الباب خلفها ما كان مغلق جيدا…

وأن راهب كان يقف خلفه… يسمع كل حرف…!


دمعة هربت من عينيه، وانكســ ـرت على خده…

همس لنفسه، كأن الجــ ــرح داخله يئن:


ــ كنت غبي… لما اخترت أخسرك…!


مسح دموعه بكف مرتجفة…

واستدار مغادرا في الممر الطويل…

كل ركن في قلبه مكسور… ميــ ــت…!


عالية تفتح ذراعيها وتضم ليلي إلى صدرها…

تحاول احتواء ارتجافها…


عالية بهمس دافئ:

ــ تمام… اهدي، أنا جنبك…


ليلي تشهق شهقة طويلة

وصوتها يطلع من مكان موجوع في قلبها:


ــ أنا حاولت أنسى…بس الوجع ما بينامش…

بينطلي ف كل ضحكة، ف كل لحظة لوحدي…

حتى شادي، لما بيبصلي بعينيه…

بحس كأني شايفاه هو…! 


عالية تمسح على ظهرها بلطف

وتشد الحضن كأنها عايزة تمتص عنها كل التعب:


ــ صدقيني هو اللي لازم يتوجع مش انت…!






ليلي تهمس بصوت منكسـ ــر:


ــ بس ليه؟ ليه خدعني؟ ليه كنت لعبة؟

أنا كنت مستعدة أضحي بكل حاجة عشانه…


عالية تشد على إيدها، وتبصلها بعيون ثابتة:


ــ علشان ما كانش يستاهلك…

بس ربنا وهبك هدية أغلى من أي حب…شادي…!


لحظة طويلة تمر… ليلي تبكي، وعالية تضمها أكتر…

والهدوء في الغرفة يحمل وجع السنين…


عالية وهي بتبص لـليلي بنظرة فيها حزم وقلق:

ــ ماينفعش نفضل في الفندق... 

رائد وجدك لازم يعرفوا إنك في مصر…


ليلي وهي قاعدة على طرف السرير 

صوتها واطي ومليان حيرة:

ــ كنت بس محتاجة وقت... أرتب دماغي…

أفكر...لما أقف قدامهم هقولهم إيه؟


عالية تقعد جنبها وتلمس إيدها:

ــ هنفكر سوا، وهنرتب كل حاجه…

بس لازم تكوني جاهزة تقفي قدامهم...

مش علشان تبرري، بس علشان…

نقدر نعدي المرحله دي…


ليلي تسند راسها على كتف عالية…

صوتها مبحوح من كتر التفكير:

ــ خايفة يا عالية... خايفة أقف قدامهم وأنهار…


ليلي تغمض عينيها…

تاخد نفس عميق كأنها…

بتحاول تجمع شتات نفسها…!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


#روايـه_ارنــاط


#الكاتبـه_حـور_طـه


صلي على الحبيب 💙        

            

            الفصل السابع عشر من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا     

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×