رواية ارناط الفصل السابع والعشرون 27 بقلم حور طه
«البارت 27 من روايه ارنــاط»
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد هروب ليلي وأرمان…
سحر مربوطة، وشها مليان غضب وتعب…
الباب يتفتح بعـ ــنف، ويدخل رجالها مسرعين…
سحر بعصبية وانفعال:
ــ كنتوا فين يا أغبيا؟ اتأخرتوا ليه؟!
أحد الرجال بتوتر:
ــ أول ما الإشارة وصلت اتحركنا فورا
بس الطريق...؟
سحر تقطعه، تصـ ــرخ:
ــ مستني إيه؟
فكني! وابعت حد وراهم بسرعة...
أكيد لسه ما بعدوش!
الرجل يفك وثاقها بسرعة…
واثنين من الرجال يخرجون مسرعين…
تمر لحظات من التوتر، ثم يعودان…
أحد الرجال يلتقط أنفاسه:
ــ هربوا... ماعرفناش نلقاهم، مالهمش أثر!
سحر تنهض بتعب، تمسك بجانب الطاولة تتوازن عينيها مشتعلة بالحقد.بغضب مبحوح:
ــ لازم أغير قواعد اللعبة...
لازم أخليهم هما الاتنين تحت رجلي…
أحد رجالها بحذر:
ــ طيب... راهب نقدر نجيبه بناهد، مش هيخاطر بيها. بس ليلي؟ اختفت، وقدرت تخفي ابنها كمان.
سحر تمشي في الغرفة، تفكر بصوت مسموم.
وبثقة باردة:
ــ هو مغناطيس واحد...
اللي هيسحب الاتنين…
الرجل بتردد:
ــ ممكن أعرف ناوية على إيه؟
سحر تلتفت له بحدة، عينها فيها نظرة احتقار:
ــ ولو قولتلك... هتفهم يعني؟
أنت هنا تنفذ وبس. اللي زيك لو بدأ يفهم…
ساعتها وجودي مالوش لازمة…
الرجل يطأطئ رأسه…
سحر تمسك سترة جلد على الكرسي
تلبسها بهدوء وهي بتكمل كلامها
صوت خطواتها على الأرضية الخشنة بيكسـ ــر الصمت
سحر ببرود قــ ـــاتل:
ــ الليلة دي مش هتعدي زي ما بداتيها يا ليلى لان اللي هعمله فيكي مش هيستوعبه عقل بشر!
رجالها يتبعوها بسرعة وهي تفتح الباب وتخرج من المكان نظرتها فيها وعد بالانتقام!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد يومين – غرفة ليلي
يدخل أرمان بابتسامة واثقة
عيونه فيها لمعة انتصار،بهدوء:
ــ أنا وعدتك إني هجبلك أرناط... ووفيت بوعدي.
ليلي تقف فجأة بدهشة، عيونها تلمع بقلق:
ــ تقصد إيه؟... قدرت توصل لأرناط؟... هو فين؟
أرمان يقترب منها
نبرة صوته تصبح أكثر حدة وهو يتفحص ملامحها:
ــ قبل ما أقولك هو فين...
جاوبيني بصراحة. لسه بتحبي أرناط؟
ليلي تغض طرفها، عيونها تهرب من نظرته،بهمس:
ــ لأ... أنا بس... عايزة أعرف ليه عمل فيا كده.
أرمان بسخرية مريرة:
ــ حتى بعد كل اللي عمله...
لسه شايف حب أرناط بيلمع في عنيكي!
ليلي تتنهد، لكن بلهفة ترجع تسأله:
ــ فين أرناط يا أرمان؟
أرمان:
ــ ما قدرتش اوصل له... بس وصلت للي هيجيبه
ليلي بخوف:
ــ أرمان... إنت عملت إيه؟
أرمان بغموض:
ــ حولت أردلك شوية من اللي عليا... تعالي معايا
تمشي ليلي وراه بخوف، يفتح باب غرفة جانبية ويتنحى جانبا...
ليلي تتجمد مكانها وهي بتشوف شهد مربوطة على كرسي جسمها بيرتجف،مصدومة:
ــ شهد؟!
شهد بابتسامة متعبة لما تسمع صوتها:
ــ ليلي! دي إنتي صح؟ ردي عليا...
ليلي تجري وتجلس عند قدميها
بحنان ترجع خصلات شعرها من علي وشها:
ــ آه يا شهد... أنا ليلي... أنا معاكي
شهد بضعف:
ــ كل مرة بتخطف... بتيجي إنتي وتنقذيني...
فكيني الحبل، وجعني…
ليلي تحاول تفك الحبل
لكن أرمان يشدها من دراعها،بعصبية:
ــ بتعملي إيه؟!
ليلي بغضب:
ــ هفكها! ليه خطفتها؟!
أرمان بهدوء:
ــ علشان شهد... هي اللي هتجبلك أرناط…
ليلي تتجمد، تبص على شهد ثم ترجع تبص لأرمان صوتها بيترعش:
ــ يعني إيه؟... إيه علاقة شهد بأرناط؟
أرمان:
ــ شهد... أخت أرناط
الكلمة تنزل على ليلي كصفعة...
تتراجع خطوة، مش مصدقة:
ــ إنت بتقول إيه؟!
شهد بخوف:
ــ مين أرناط ده؟ أنا معرفهوش... ليلي، فكيني.
ليلي تحاول تفكها من جديد، لكن أرمان يمنعها تاني
ليلي بغضب:
ــ حتى لو شهد أخته، لازم نفهم الأول...
مش هسمح تـــ ـأذيها فاهم؟!
تفكها وتتهدى شهد، وتجيب لها ميه
ليلي بنعومة:
ــ اشربي، ماتخفيش... أنا معاكي!
شهد بابتسامة صغيرة:
ــ أنا مش بخاف... وانتي معايا... فين عالية؟
ليلي تشد على إيدها:
شهد... ركزي معايا!
إنتي تعرفي حاجة عن أرناط؟ أو سحر الطوخي؟
شهد بتوتر:
ــ سحر مرات بابا... كانت غامضة جدا…
معرفش عنها كتير...!
ليلي:
ــ طيب أرناط؟ تعرفي هو فين؟
شهد:
ــ أول مرة أسمع الاسم ده،يا ليلى انا ما اعرفوش
أرمان بانفعال:
ــ أنا لما خطفتك من المستشفى في هولندا كنت بنفذ أمر سحر... وسحر قالت قدامي إنك أخت أرناط! ما تحاوليش تكذبي!
شهد تنتفض وتمسك في ليلي بخوف
ليلي تحضنها وتحاول تهديها
ليلي بهدوء:
ــ شهد، انتي عندك أخ؟
شهد:
ــ أنا عندي أخ... راهب... مش أرناط
ليلي بسرعة:
ــ ممكن تديني رقمه؟
شهد بتردد:
ــ طيب...
ليلي تأخذ الرقم، تتصل... يرد بعد لحظات
راهب بصوت حذر:
ــ أيوه؟ مين حضرتك؟
ليلي:
ــ شهد عندي... وهبعتلك عنوان... لازم تيجي فورا.
راهب بلهفة يعرف انها ليلى من صوتها:
ــ شهد؟ عندك إزاي؟! هي كويسة؟
ليلي:
ــ كويسة... ماتتأخرش.
تغلق الهاتف وتتنهد...
أرمان بتوتر:
ــ ليه عملتي كده؟! ممكن افهم…!
ليلي بحزم:
ــ لما ييجي... كلنا هنفهم…!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الجانب الاخر
يوسف يتقدم نحو راهب والقلق ظاهر على ملامحه:
ــ مين اللي كلمك؟ ومين خطف شهد؟ رد عليا!
راهب يبعد الهاتف عن أذنه ببطء
وصوته شبه مكســ ـور:
ــ ليلي… كانت هي اللي على الخط!
يوسف مصدوم:
ــ ليلي؟ ليلي مين؟!
راهب بصوت منخفض:
ــ مراتي...
يوسف يتراجع خطوة، مش قادر يستوعب:
ــ إزاي يعني مراتك؟! أنت بنفسك قلتلي إنها مـ ـاتت!
راهب يغلق عينيه لحظة
وكأنه بيشوف ماضيه بيتكرر قدامه:
ــ يمكن نكون فعلا وصلنا لنهاية الطريق...
يمكن ليلي دلوقتي عرفت كل حاجة…
يوسف بعصبية مكتومة:
ــ أنا لازم أفهم. أنا معاك مهما حصل
بس بشرط... تخليني أفهم الحقيقة كاملة
راهب ينهار على الكرسي
جسمه كله تعب وندم يشير ليوسف إنه يقعد جنبه
راهب بصوت مبحوح:
ــ هحكي لك، يمكن دا الوقت الوحيد اللي أقدر أقول فيه الحقيقة... يمكن دي فرصتي الأخيرة
يوسف يجلس في صمت، منتظر الحقيقة
راهب:
ــ من أربع سنين، كنت بشتغل على بحث علمي... كنت فاكر إنه هينقذ البشرية. بحث عن خلق طفل بتكوين جيني فريد...مختلف عن أي طفل طبيعي.
يوسف:
ــ يعني تجربة بشرية؟
راهب بمرارة:
ــ أيوه... كنت مهووس بالعلم…
وأكبر غلط إنك تسلم روحك للعلم من غير ضمير…
وقتها... ماكنش قدامي غير ليلي. ضحكت عليها… أقنعتها إني بحبها وإننا هنتجوز. رفضت في الأول... لكن جبت مأذون مزيف، شهود مزيفين، وعشنا مع بعض أربع شهور.
يوسف بذهول:
ــ أنت بتقول إيه...
راهب:
ــ في الشهور دي... أجريت لها عملية من غير ما تعرف، زرعت البذرة الأولى للبحث جواها... في رحمها.
كانت حاملة أول تجربة بشرية… من غير ما تكون عارفة.
يوسف بغضب وصدمة:
ــ يعني ابنك؟ اللي جوه ليلي كان ابنك؟
راهب بصوت منكسر:
ــ ابني... ضحية زيه زيها. لما ليلي اكتشفت لعبه جوازنا المزيف واجهتني ودار بنا صراع كبير، وزقتني... وقعت، دماغي اتخبطت في الترابيزه، وهي افتكرت إني مــ ـت.
وهربت... هربت مني ومن الكابوس.
يتوقف لحظة، يحاول السيطرة على دموعه
راهب بهمس:
ــ بس لما اكتشفت إن سيف، صاحبي، عمل في أختي شهد نفس اللي أنا عملته في ليلي...
قتـ ــلته.
يوسف بدهشة:
ــ إنت كمان قتـ ـلت؟!
راهب:
ــ كان لازم... بس بعد كده، شهد عرفت
واتعرضت لحــ ـادث... وفقدت بصرها.
يوسف ينهض بحدة:
ــ إنت مش بس خربت حياة ليلي
إنت خربت حياة شهد كمان!
إنت ضيعت الكل عشان بحثك! حتى ابنك... استخدمته كأنه كائن تجريبي!
راهب ينهض ببطء:
ــ أنا عارف، وعارف إني ماستاهلش حتى أغفر لنفسي، بس كل يوم كنت بصحى وأقول يمكن ألاقي طريقة أصلح بيها اللي حصل... يمكن ألاقي ليلي وأقولها الحقيقة...لكن لما شفتها ما قدرتش لساني عجز عن الكلام وسكت
يوسف:
ــ بس ليلي اتــ ـدمرت يا راهب... أنت كسرت إنسانة كانت بتحبك وبتثق فيك. ليلي اللي الكل شايف فيها القوة، أنت خدت منها أغلى حاجة... خدت أمانها.
راهب بصوت مخنوق:
ــ عارف... وكل مرة كنت ببص لشهد، كنت بحس إني شايف عيون ليلي فيها وهي بتعاتبني من غير ما تتكلم...
أنا السبب فقدان بصر أختي، السبب في دموعها وخوفها... واللي حصل لشهد ماكنش صدفة، دا كان عقاب
يوسف:
ــ وسحر؟ ليها دور في ده؟
راهب بغصة:
ــ هي رأس الافعى... هي الوسيط بتاع المنظمه،سرقت من ليلي البحث بتاعها وبتحاول دلوقتي تستخدم البحث بتاعي وانا متاكد انها بتدور على ليلى وعلى ابني عشان تسلمهم للمنظمه
يوسف يحدق فيه الغضب في عينه لكنه حاسم:
ــ يبقى ماينفعش نضيع وقت اكتر من كدا ...
لازم نروح دلوقت لليلى تشرح لها كل حاجه هي وابنك دلوقتي في خطــ ــر
راهب يهز رأسه، وعيناه فيها مزيج من العزم والندم:
ــ أنا معاك... ولو همــ ــوت
أمـــ ـوت وأنا بحاول أصلح اللي دمــ ــرته.
يوسف يفتح الباب بسرعة، وراهب يتبعه.
النور الخافت يلمع على وجوههم، وهم خارجين!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غرفة مظلمة، هادئة ببرود المـــ ــوت
سحر تجلس على كرسي فاخر
تنظر لامرأة تجلس على كرسي أمامها
جسدها هزيل، عيناها مطفأتان من الألم
لكن فيهما شرارة خفية
سحر بصوت ساخر وبارد:
ــ أهو إنتي يا ناهد... اللي يشوفك يقول لا ليكي لزمة ولا فيكي نفس. المــ ـوت في حالتك رحمة!
بس الغريب... إنك لسه قادرة تسحبي راهب لعندي!
أول ما ييجي...أوعدك، هريحك من عـــ ـذابك الأبدي.
ناهد تظل صامتة، لكن ما إن تسمع اسم راهب حتى تهب واقفة فجأة كأن الكهرباء ضــ ـربت فيها
تمد يدها وتخنق سحر بقوة غير متوقعة!
سحر بصدمة:
ــ إنتي... بتعملي إيه؟!
عينا سحر تتسعان، تحاول تتخلص من قبضة ناهد لكن المرأة اللي كانت هامدة من لحظة، أصبحت نمرا جائعا.
ناهد بصوت غاضب لأول مرة منذ ٧ سنين:
ــ لو لمستي ابني... همـــ ـوتك! بإيدي!
يجي أحد رجال سحر ويدفع ناهد بعيدا عن سحر يمسكوها بقوة، لكن ناهد تصــ ـرخ وتقاوم، كأن الألم اتحول لطاقة وحشية!
ناهد... مش ست ضعيفة دلوقتي. كل حركة منها فيها غضب أم محرومة. نظراتها نــ ـار، جسمها رغم ضعفه بيــــ ــقاتل بقلب الأسد
سحر تكح بقوة، وتحاول تسترجع أنفاسها
وعيونها لسه مذهولة:
ــ إنتي مجنونة... فعلا مجنونة!
بس هريحك من جنانك ده... لما أشوف ابنك راهب راكع تحت رجلي!
ناهد تصـ ــرخ، تحاول تنقض عليها، لكن الرجالة يشدوها أكتر.
ناهد بصوت يتقطع من الألم:
ــ أخدتوا مني شمس قدام عيني...
لو قربتوا من ولادي... هقتـــ ـلكم! كلكم! هقتـــ ــلكم!
سحر تضحك بخبث:
ــ ولادك؟ إنتي لسه فاكرة إن ليكي حاجة فيهم؟
لو راهب ما نفذش كل طلباتي، مش إنتي بس اللي
هتمــ ـوتي... ولادك... وحفيدك كمان!
ناهد بتجمد مكانها، تهمس:
ــ حفيدي؟!
سحر تقترب منها، وهمسها مليان ســ ــم:
ــ آه... حفيدك.
ابن راهب... قصدي،ابن التجربة..!
ناهد تبص لها، والعالم ينهار حواليها. صدمة، حيرة غضب، وانهيار يضربها دفعة واحدة...
لكن جوا عينيها، شيء جديد بيتولد.
رغبة في الانتقام... وعزم إنها تخلص الكل من سحر!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ