سكريبت استسلام ام تحدي (كامل) بقلم هاجر نورالدين
_رايحة على فين؟
كان سؤال أدهم ليا، ولكن أنا سرحت شوية بفكر "من إمتى بدأت الأمور تزداد سوء بالشكل دا!"
كانت جُملة رنت في عقلي وأنا براجع علاقتي من البداية لحد دلوقتي مع أدهم، بجد من إمتى؟
طيب إي اللي حصل خلى الأمور تدهور كدا وإحنا كُنا إتنين أكتر من السمنة على العسل وسيرة الحُب والتفاهم بتسبقنا في كل مكان بنروحوا، إحنا معروف عننا إننا أكتر إتنين تعبوا جدًا وحاربوا عشان يفضلوا مع بعض.
بس إي اللي حصل خلانا نوصل للحظة دي دلوقتي، واقفين قدام بعض كل واحد فينا بيتكلم عن عيوب التاني اللي بقت واضحة جدًا على عكس الأول، بنتخانق، صوتنا عالي جدًا، مش طايقين نُقف قدام بعض كدا دقيقة كمان.
الغريب إن كل دا بدأ يحصل من بعد ما إتجوزنا على طول، والغريب أكتر إن جوازنا مكملش 3 شهور عشان مثلًا نقول مشاكل زوجية أو زهق أو غيرهُ، وقفت شوية عن الخناق وأنا كل دي تساؤلات ضربت عقلي.
كنت قبلها دخلت دخلت أوضتي وأنا جوايا كمية عدم راحة وعدم رضا وعدم حُب لـ أدهم وللبيت ودا أغرب ما في الموضوع، ولبست ولما خرجت لقيتهُ قاعد متعصب ووشهُ بين إيديه، أول ما شافني لابسة إتكلم وقال السؤال اللي فات.
إتنهدت وإتكلمت بهدوء على عكس عادتي من ساعة ما إتجوزنا:
=محتاجة أشمّ شوية هوا، مش هبعد ومش هتأخر، هرجه على طول.
بصلي بنظرة تردد واللي لاحظت في عيونهُ نفس التساؤلات وبعدين إتنهدت وكملت كلام:
=أنا هنزل، لو عوزت آي حاجة رنّ عليا، سلام.
مردش عليا وإكتفى بالنظرات الصامتة المُتسائلة واللي غالبًا جِه عليه الدور دلوقتي يسأل نفسهُ إي اللي وصلنا لـِ كدا، نزلت وقعدت على النيل وأنا دماغي رايحة جاية من كتر التفكير مش بترحمني، للجظة حسيت قد إي مشتاقة لـ أدهم وقد إي حزينة على الوضع اللي إحنا فيه واللي مش عارفين سببهُ، المشكلة إننا بنحب بعض جدًا، إزاي كل دا حصل وليه، محدش عارف، ببُص جنبي لقيت إتنين متزوجين جديد واضح عليهم وبياكلوا دُرة وعلى رجل زوجها طفل صغير معداش الـ 4 شهور، واللي واضح إنهُ أول طفل ليهم برضوا، أقدر أقول من اللي شيفاه إنهم بقالهم تقريبًا سنة وشوية، إبتسمت لشكلهم اللطيف ورجعت بصيت للنيل من تاني وأنا بفكر، ليه منكونش مكانهم دلوقتي؟
بالعكس إحنا المفروض لسة متزوجين من 3 شهور ومن وقتها جوازنا خناقات على أتفه الأسباب، محدش فينا طايق التاني طول ما إحنا في البيت، إحنا الإتنين ساكتين ومحدش طايق حتى النفس اللي بيتنفسهُ التاني، إتنهدت وغصب عني مع التنهيدة اللي مش فاكرة عددها واللي كنت بحاول بيهم أكتم دموعي مقدرتش ودموعي نزلت، نزلت بغزارة وأنا مش عارفة أعمل إي يصلح من حياتي مع أدهم، أنا بحبهُ جدًا وهو بيحبني واللي بيأكدلي دا اللي عملهُ عشاني عشان نتجوز ومستحيل أبعد عنهُ، بس في نفس الوقت مش مرتاحة، مش حاسة براحة أبدًا ولو نعرف السبب كنا صلحناها، في وسط دموعي وصوت بكائي اللي بدأ يعلى جات طفلة صغيرة عمرها ممكن يكون تقريبًا 8 سنين ماسكة ورد وإدتلي منديل عشان أمسح دموعي، مسحت دموعي اللي مخلياني مش عارفة أشوف ملامحها وقولت بإبتسامة بعد ما شوفت ملامحها الملائكية وكذلك إبتسامتها:
_إنتِ تعرفيني؟
إتكلمت البنت وقالت وهي بتحرك راسها بنفيّ:
=لأ، بس حضرتك جميلة، متعيطيش، كلهُ خير بإذن الله.
إبتسمت لجُملتها البسيطة اللي مليانة دفا ورضا، وللحظة ركزت في جملة "بإذن الله"، بصيتلها بإبتسامة وأنا بفكر وبعدين قولت وأنا باخد منها وردة:
_طيب قوليلي الورد بكام؟
إبتسمت إبتسامة جميلة تشبهلها من تاني وقالت:
=خليها عشانك دي، كل ما تبقي زعلانة شميها، ريحة الورد الچوري الحلوة بتخليكِ تحسي إنك روحتي عالم تاني، بس لما تستنشقيها، إستنشقيها وإنتِ مغمضة عشان تتخيلي العالم اللي الورد منهُ، ويمكن إنتِ كمان منهُ.
بصتلها بإندهاش وقولت بإبتسامة وللحظات نسيت فيها همي:
_سمعتي الكلام دا فين؟
رفعت كتافها دلالة على عدم العلم وقالت بنفس الإبتسامة البريئة:
=مش عارفة، بس يمكن من كُتر الحَّبِيبة اللي بعدي عليهم، كلام الحب جميل أوي يا أبلة، عارفة، بتمنى إني لما أكبر أحب وأتحب زي الأفلام والناس اللي بشوفها على النيل، إنتِ حبيتي قبل كدا يا أبلة؟
كنت لسة هجاوب بس لقيت أدهم قصادي واللي فاجئني وجودهُ ومعرفتهُ بمكاني واللي قال بإبتسامة وهو باصصلي:
_حبت واحد حلو أوي وبيحبها وشاريها، بس مكنش ييجي في حلاوتها حاجة، بس هو مُغفل عشان زعلها.
بصيتلهُ بإبتسامة بسيطة ودموعي بدأت تتجمع في عيوني من تاني، مردتش وجِه الرد من البنوتة الصغيرة اللي قالت بإبتسامتها:
=والواحد دا يبقى حضرتك صح؟
نزل لمستوى طولها وقال بإبتسامة قبل ما يطلع فلوس من جيبه:
_إنتِ ناصحة أوي يا ورد، إمسكي دول تمن الوردة اللي هاخدها دلوقتي.
إبتسمت ورد بسعادة وقالت:
=بس دول كتير أوي، دول يمكن تمن شغل يومين!
إبتسم وحرك إيديه على شعرها وقال:
_روحي بقى وكفاية كدا النهاردا وذاكري ولو إحتاجتي حاجة تعاليلي هنا ولو ملقيتنيش إسألي عليا الراجل بتاع الدُرة اللي قدام.
إبتسمت وشكرتهُ ومشيت وهي سعيدة ومبسوطة جدًا، قعد جنبي على المقعد اللي محطوط ومعرفتش أتكلم أقول إي وإكتفيت بإبتسامة مش أكتر، إتكلم أدهم بتساؤل وقال بعد ما إتنهد:
_وبعدين يا سُكر، إي الحلّ في كل اللي بيحصل دا واللي بيحصل دا ليه، للأسف قعدت وفكرت كتير مش لاقي سبب، لو كان في سبب الموضوع كان هيبقى هينّ على عقلي وقلبي شوية، بس كل اللي بيحصل دا من غير سبب واضح!
بصيت في الأرض وقولت بهدوء:
=عرفت إسم البنوتة منين؟
إبتسم وقال:
_بتغيري من طفلة ولا إي، خمنتّ، مش بيقولوا حامل الشيء يوصفهُ، وكل واحد ليه نصيب من إسمهُ، لايق عليها ورد، زي ما إنتِ لايق عليكِ سُكر.
إبتسمت بسعادة حقيقية من جوايا زي ما بيقولي دايمًا ورجعت إفتكرت جملة البنت وقولت بتساؤل ولهفة:
=ليه فجأة بطلنا نصلي بعد ما كُنا مش بنسيب فرض يا أدهم، ليه فجأة بعدنا عن ربنا من بعد ما إتزوجنا، مش يمكن كل اللي بيحصلنا دا من إننا بُعاد عن ربنا؟
بصلي فجأة بتركيز وكإن دا موضوع مفكرش فيه قبل كدا أو كُنا مُغيبين عن الموضوع وقال بإستغراب:
_دلوقتي إنتِ حاسة بحاجة من ناحيتي، يعني حاسة إنك مش طيقاني أو غيرهُ؟
فضلت أفكر شوية وبعدين بصيتلهُ بكل حُب ولهفة زي الأول وقولت:
=بالعكس، حاسة إني بحبك!
إتنهد وقال بعد ما قام:
_قومي معايا نروح لـ شيخ يا سُكر، اللي إحنا فيه دا حسد أو حاجة معمولة على عتبة باب بيتنا، كل الحاجات دي والأعمال مذكورة في القرءان، يمكن حد عملنا حاجة فيها نفور من على عتبة البيت عشان ناس بتحقد علينا بسبب حُبنا لبعض أو ناس مؤذية بتأذينا لمُجرد الأذى وخلاص.
بصيتلهُ شوية وقولت بعدم إقتناع:
=مش للدرجة دي يا أدهم، هو يمكن عشان حاجة جديدة علينا إحنا الإتنين وإحنا الإتنين لسة مش مستوعبين المسئولية وغيرها فـَ دا تعبيرنا عن التوتر وعدم التعود مثلًا؟
وقف وبصلي وقال بجدية:
_حبيبتي مش بقولك هنروح لـ دجال، هنروح للشيخ مُنتصر يقرأ شوية قرءان في البيت والرقية الشرعية، وبعدين تقدري تقوليلي إي السبب إن النفور يبدأ من وإحنا في البيت بس، وغير كدا ليه ناسيين ربنا والصلاة بالشكل دا وكإننا فعلًا مُغيبين، إنتِ قولتيلي عن الصلاة من شوية وأنا بصيتلك كإني شخص مُغيب وأول مرة أعرف المعلومة دي!
بصيتلهُ بإقتناع وأكيد القرءان الحلّ والشفاء لكل حاجة في الدنيا، روحنا بعدها للشيخ مُنتصر واللي قال نفس الكلام، وقال لو نقدر نغير عتبة البيت نغيرها، ولكن الفترة دي مكنش في فلوس كفاية عشان نشتري شقة تانية.
وحكاية بيع الشقة اللي إحنا فيها حاليًا هتاخد إجراءات ووقت، الشيخ أكد علينا مندخلش حد غير موثوق فيه البيت من الجيران أو القرايب البعيدة، الصحاب المشكوك في أمرها.
وفي النهاية الحامي هو الله، وأكد علينا القراءن يشتغل 24 ساعة في البيت وسورة البقرة يوميًا مع الصلاة في ميعادها والأذكار والورد اليومي، والفترة دي هتبقى صعبة فـَ لو حسينا إننا مش طايقين بعض وعايزين نتخانق نكتم جوانا ولو ينفع حد فينا ينزل عشان كل واحد يبقى بعيد عن التاني وميحصلش مشاكل ينزل.
عملنا كدا فعلًا فترة كانت من أصعب فترات حياتنا، ولكن من بعدها ومع الإستمرار على كل اللي قالهُ الشيخ مُنتصر كل حاجة رجعت زي ما كانت، المشاعر الدايمة المشحونة بالحُب والتفاهم وبس، رجعت حياتنا هادية من تاني.
معرفناش مين السبب ومين اللي كان حاقد علينا بالشكل دا وإحنا مأذيناش حد، يعني مين ممكن يكون مش بيحب الخير لحد أو يشوف حد مش مبسوط بالشكل دا، يلا ربنا يصلح حالهم ويهديهم ويديهم عشان يبعدوا تركيزهم عننا.
بعد بِما يُقارب سنة خلفت مولودي الأول، كان ولد جميل يشبِه لأدهم بالظبط وكلهم بيقولوا من حُبي ليه، وهما مكدبوش فعلًا أتا بحبهُ جدًا، نفس مشهد الست والراجل وإبنهم اللي كانوا على النيل إتكرر تاني بس المرة دي كُنا إحنا، أنا وأدهم ومازن الفرد الجديد في عيلتنا الصغيرة.
كُنا بناكل دُرة وإحنا مبسوطين ونسينا الفترة الوحشة اللي عدت في حياتنا، وبنحمد ربنا على تخطيها على خير بدون فُراق، والتفاهم سبب كبير عشان ميحصلش فراق في الفترة دي، لولا إننا قعدنا إتكلمنا برغم كل اللي كان صايبنا وحللنا اللي بيحصل مكناش وصلنا لحل وكنا هنستسلم للواقع المؤلم.
بس الحمدلله دايمًا، ودايمًا كل حاجة بتيجي لحكمة، ويمكن الحكمة في الموضوع دا إننا مبقناش نسيب فرض ودايمًا القرءان والأذكار شغالين في البيت، التفاهم عندنا بقى أكتر وكل ما واحد بيزعل من التاني بيعاتبهُ ومش بنتخانق ولا بننفعل خوفًا من إن نفس الفترة تتكرر تاني.
وفي النهاية وجود أدهم في حياتي هو الأنجاز الوحيد اللي هحافظ عليه طول عمري بكل ما أوتيت من قوة، لإني متأكدة إنهُ هيعمل نفس الشيء عشاني، المهم ميحصلش إستسلام من جِهة آي طرف من الطرفين ونبقى متمسكين ببعض بجد ومؤمنين إن حُبنا هيتخطى آي حقد وآي مشاكل طول ما هو حب صادق ومتعشم في ربنا.
#هاجر_نورالدين
#إستسلام_أم_تحدي
#تمت