سكريبت قصر البرزخ (كامل) بقلم هاجر نورالدين

سكريبت قصر البرزخ (كامل) بقلم هاجر نورالدين

 سكريبت قصر البرزخ (كامل) بقلم هاجر نورالدين


_هو إي اللي بيحصل دا، مش فاهم حاجة وإحنا فين؟


كنت بسأل السؤال دا وأنا شايف نفسي في قصر شكلهُ قديم وفخم جدًا مع 6 أشخاص تانيين معرفهومش ومن منظر ردود أفعالهم واضح عليهم إن هما كمان مش فاهمين ولا عارفين جُم هنا إزاي، إتكلم واحد عجوز من اللي واقفين بي واضح عليه الهدوء على عكسنا كلنا وقال:


=إنتوا هنا في قصر البرزخ.


بصينا كلنا ناحيتهُ بتساؤل وعدم فهم وقولت بتساؤل:


_إي قصر البرزخ دا وجينا هنا إزاي، أنا مش فاكر آي حاجة؟!


كاهم رددوا من بعدي وقالوا بصوت واحد:


=ولا أنا!






ومن بعدها بدأت دوشة وشوشرة وإزعاج يعُم القصر كلهُ، لحد ما الراجل العجوز خبط بعصايتهُ اللي شكلها فخم جدًا وقديم برضوا على الأرض وكلنا بصينا ناحيتهُ من تاني وهو إتكلم بشدة وحزم وقال:


_كفاية أسئلة مالهاش لازمة وخلونا في المهم، مش لازم تعرفوا آي حاجة من اللي فاتت لإنها مش هتفيدكم، اللي هيفيدكم دلوقتي هو كلامي وقوانين القصر دا.


إتكلم واحد من اللي واقفين بتساؤل وعدم فهم وقال:


=إزاي يعني منعرفش إحنا جينا هنا إزاي وإزاي كل أسئلتنا مش مهمة، لازم نعرف كل حاجة وإحنا هنا ليه أصلًا؟


سكت الراجل شوية وكلنا باصينلهُ ومنتظرين الإجابة وعَمّ السكون في المكان لحد ما إتكلم بمنتهى الهدوء وقال:


_اللي أعرفهُ إنكم لازم تتبعوا قوانين القصر عشان تعرفوا تتحرروا من هنا، غير كدا مش هقدر أفيدكم، إعتبروني زيي زيكم، أول حاجة الخروج من القصر ممنوع، واللي هيخرج يستحمل عقوبات الخروج برا...


وقف كلام وشاور بالعصاية بتاعتهُ ناحية أوضة متسلسلة حرفيًا بألف سلسلة وقفل وكمل كلامهُ بحزم وشدة:


_ثانيًا الأوضة دي ممنوع مانعًا باتًا التفكير أو المحاولة في دخولها أو معرفة اللي فيها لإنها زي المُحرمة علينا، ثالثًا كل شخص فيكم ليه دور في المكان دا ومهما يشوف أو يسمع ميحكيش أبدًا، رابعًا الدور بتاع كل واحد فيكم هو التعايش في الوضع الحالي، اللي هيطبخ واللي هينضف واللي واللي.


قاطعتهُ وأنا بقول بعصبية ونفاذ صبر:


=يعني إي يعني، بتطلب مننا نستسلم للوضع الحالي وممكن تكونوا عصابة وخاطفيننا أصلًا أو آيًا كان، أنا أكيد مش هستسلم للوضع دا وهمشي.


رد عليا بمنتهى الهدوء وقال:


_مش همنعك، الباب وراك أهو، إفتح وإخرج زي ما إنت عايز بس وقتها متلومش غير نفسك، وهتلف في متاهات وكوابيس عقبال ما توصل تاني للقصر، دا لو عرفت توصل تاني من أصلهُ.


خلص كلام معايا وبعدين بص للباقي وقال:


_اللي عايز يحصلهُ يحصلهُ، واللي خايف على نفسهُ ييجي ورايا عشان أوريكم الأوض بتاعتكم.


كلهم بصولي ومترددين وبعدين لقيتهم مشيوا وراه واحد ورا التاني وأنا واقف لوحدي، بصيت بتردد وخوف للباب شوية وللقصر شوية، أنا برضوا مش عارف إي اللي مستنيني برا الباب دا، بس الأكيد إنهُ مش هيبقى أسوء من اللي إحنا فيه، ومش طبيعي إني أستسلم وأعيش باقي عمري وشبابي هنا مع الناس اللي معرفهومش دول وجوا حيطان القصر دا زي المحبوس، أنا لاوم أخرج وأفهم الألغاز والأسرار اللي بتحصل دي، وكان القرار، فتحت الباب وأول ما فتحتهُ هبِت رياح قوية جدًا جدًا في وشي لدرجة وقعتني في الأرض، ولكن بعد ثواني وكإنها مكانتش أصلًا، لإن الجو بعدها كان عادي، قومت من الأرض وبصيت برا وكان المنظر عادي، أشبه بـِ غابة ماليانة شجر، مش شابف معالم لبيوت ولا طُرق، كلهم شجر وبس، والدنيا كانت ليل، المنظر برا يخوف شوية أيوا، بس مش ممكن يكون كلام الراجل العجوز دا عشان يخوفنا بس ومفيش حاجة، خرجت وأنا بقدم رجل وبأخر التانية لحد ما بقيت برا القصر فعلًا ولكنني لسة في الجنينة بتاعتهُ اللي مليانة شجر زي الغابات والباب إتقفل ورايا جامد، بصيتلهُ بصدمة لإني كنت متأكد إن كل اللي موجودين طلعوا ورا الراجل العجوز ومفيش حد، بدأت أمشي واحدة واحدة ما بين الأشجار وأنا بتلفت يمين وشمال وفجأة سمعت صوت حاسس إني عارفهُ بيقول بنبرة باكية:


_هاشم.


بصيت حواليا مفيش حد ولا في صوت تاني غير صوت الهوا بين الأشجار اللي زاد الموقف رعب، سمعت الصوت من تاني وهو بيبكي بصوت ملحوظ جدًا ومزعج وبيقول:


_هاشم إلحقني.


فضلت أبُص حواليا وأنا قلبي بيدق بسرعة رهيبة جدًا ومش عارف السبب بس حاسي إني مخنوق جدًا، الثوت بيزيد إزعاج وشوية صريخ على شوية ضحك فضلت أجري وأنا بحاول أوصل لباب القصر من تاني ولكن كل اللي شايفهُ حواليا أشجار وبس، فضلت أجري وأجري لحد ما فاجأة وقفت لإني شوفت جسم واحدة ست أشبه بالخيال لإني مش شايف ومفيش نور غير نور القمر بس وكانت راسها مايلة شوية ناحية كتفها ولابسة فستان من الواضح بس مش واضح معالمهُ ولا لونهُ وشعرها مُبعثر جدًا، وسمعت الصوت من تاني بس جاي من ناحيتها بيقول بهدوء:


_ملحقتنيش ليه يا هاشم؟


فضلت باصصلها وأنا مش فاهم إي اللي بيحصل ولا عارف حتى إذا كان هاشم دا أنا ولا مين، لإني من ساعة ما فوقت هنا وأنا مش فاكر حاجة، قولت بتساؤل وحيرة:


=أنا هاشم؟

إنتِ تعرفيني؟


سمعت بعدها صوت ضحكة عالية جدًا شكل مزعج لدرجة إني حطيت إيدي على وداني وهي كانت بتتحرك بهستيريا غريبة وأنا باصص عليها برعب لحد ما لقيتها فاجأة في وشي وملامحها بانت، عيونها اللي من غير بؤبؤ والد م اللي نازل من كل حتة في وشها والفستان الأبيض المليان د م، وقالت بصوت جهوري مزعج ومخيف عكس من شوية:


_ملحقتنيش ليه يا هاشم.






صرخت بأعلى صوتي من المنظر المهلك دا وفضلت أجري وأنا سامع صوتها في كل مكان، شوية صريخ وشوية ضحك لحد ما تعبت وأنا مش لاقي مخرج وقعدت في الأرض وأنا حاطط وشي بين إيدي برعب وتعب لحد ما حسيت بحد بيحط إيدهُ على كتفي فـ قومت بسرعة وأنا بتنفض مفكرها هي بس لقيتهُ واحد ماسك سا طور وبيلمع على ضوء القمر ونازل منهُ د م واضح طازة، بصيتلهُ برعب وأنا مش فاهم في إي ولا مين دول، إتكلم الراجل وقال:


_مش كنت لحقتها يا هاشم، كنت خلصت من كل دا!


رديت عليه بخوف وأنا باخد نفسي بصوت عالي وحاسس إني هتجنن وقولت:


=هي مين دي وألحقها من إي وإنت مين وعايزين مِني إي؟


إتكلم الراجل بهدوء وهو بيمدلي إيدهُ وقال:


_تعالى يابني متخافش، أنا مسئول الجنينة بتاعت القصر، تعالى متخافش هوصلك للباب.


بصيتلهُ بتردد وبصيت لإيديه، إستسلمت بصراحة ما أصل كدا موتة وكدا موتة مش فارقة، حطيت إيدي في إيدهُ وقومت واللي يحصل يحصل، وإحنا في طريقنا للباب إتكلمت بتساؤل وقلق وقولت:


=هو إي الد م اللي في الساطور دا؟


إتكلم بضحكة هادية وقال:


_كنت بصطاد غزالة، متخافش مبقـ تلش بني آدم.


بصيتلهُ وقولت بتساؤل وحيرة:


=وليه بتصطاد الغزال؟


جاوبني بنفس الهدوء وقال:


_عشان الأكل بتاع الناس اللي في القصر.


رجعت بصيت للطريق من تاني وكان كل مادى الطريق بحسهُ طول جدًا، إتكلمت بملل وخوف وقولت:


=هو الطريق طويل أوي كدا ليه، معقول كل دا جنينة قصر؟


بصلي الراجل نظرة حادة وخالية من آي مشاعر وقال:


_وإنت فكرك دا قصر عادي زي باقي القصور العادية؟


بصيتلهُ بجنب عيني بحيرة أكبر وقولت بتساؤل وقلق:


=تقصد إي بالكلام دا، وإي الأسرار والألغاز اليل بتدور حوالين القصر دا؟


بصلي وقالي بنفس النظرة الخاوية واللي مش فاهمها ووقف عن المشيّ وقال:


_وصلنا لباب القصر يا هاشم، إدخل يلا قبل ما يختفي.


بصتلهُ بعدم فهم وبصيت قدامي لقيت الباب فعلًا في وشي، رجعت بصتلهُ بصدمة ملقتهوش جنبي، الراجل إختفى، دا غير إني مكنتش شايف الباب أصلًا وإحنا ماشيين، وصلت قدام الباب ومجرد ما حطيت إيدي على الباب إتفتح، دخلت وقفلت الباب ورايا، إتنهدت بتعب وأنا حرفيًا دماغي بقت مليانة كتير لدرجة إني عايز دماغ تاني، أنا ولا فاهم أنا فين ولا إي اللي بيحصل ولا حتى أنا مين، قعدت جنب الباب بتعب وحطيت راسي بين رجلي وإيدي الإتنين على راسي، بفكر المفروض أعمل إي فعلًا وإي الطريق الصح في المواقف دي، قطع صمت القصر صوت صراخ واحد من الموجودين فوق، فضلت شوية متردد أطلع ولا لأ لحد ما الصراخ عِلي وسامع كمان صوت دوشة وخبط جامد على الباب، قومت بسرعة وطلعت أشوف في إي في القصر الملعون دا،  طلعت بسرعة ولما وصلت لقيتهم كلهم متجمعين قدام الباب وبيحاولوا يفتحوه ولكن مفيش فايدة وصراخ الشاب اللي جوا عمال بيزيد وبيقول:


_إبعد عني، إبعد عني بقولك.


بصراحة جِه في بالي إن الراجل العجوز هو اللي بيأذيهي جوا خصوصًا إن كلنا برا وهو مش موجود، وهو الوحيد برضوا الشخص الغامض فينا واللي وراه أسرار كتير، ولكن قبل ما أبوح باللي جِه في بالي لقيتهُ جِه من ورانا وبيقول بتساؤل ولكن تساؤل غامض وهادي:


_إي اللي بيحصل هنا؟


باصينا كلنا تجاههُ وبدأ كل شخص يقول كلمة شكل زي مثلًا، "طلعنا من الأوضة على صوت صريخهُ، دا شكل في حد عايز يأذيه جوا، شكل اللي جوا قافل الباب عشان كدا محدش عارف يدخل."

لحد ما هو قال بصوت عالي نسبيًا:


_بس، وسعولي من عند الباب.


وسعنالهُ ووهو بيعدي من جنبي بثلي بجنب عينهُ بدون ما يقولي كلمة، بمجرد ما فتح الباب في المحاولة الأولى الباب إتفتح، كلنا باصينا جوا بفضول وقلق ولقينا الشاب اللي جوا قاعد في ركن من أركان الأوضة ومنكمش على نفسهُ وبيبُص حواليه برعب والعرق مغطي كل وشهُ وبيترعش في مكانهُ وهو بينتفض، دخل الراجل العجوز وقفل وراه الباب بمنتهى الهدوء، قعد جوا حوالي 10 دقايق وبعدين طلع بنفس الهدوء اللي دخل بيه وقفل الباب وراه وقالنا:






_يلا كل واحد على الأوضة بتاعتهُ، كان بيحلم بكابوس وفاكرهُ حقيقة مش أكتر، يلا عشان من قواعد القصر منتجمع كلنا في مكان نقطة ضعف شخص بالمنظر دا.


إتكلمت بتساؤل وقولت:


=نقطة ضعف الشخص؟

تقصد بيها إي؟


بصلي بتفس النظرة اللي بصهالي وهو داخل وتجاهل سؤالي وقال وهو بيمشي:


_تعالى ورايا عشان أوديك أوضتك.


كان مِشي كام خطوة وبصيت حواليا لقيتهم كل واحد فيهم رايح أوضتهُ فـَ مشيت وراه وأنا مش بتكلم، لحد ما وقف قدام أوضة وبصلي وقال:


_دي الأوضة بتاعتك، هتدخل تنام والصبح تقوم وعليك كل يوم الفطار.


بصيتلهُ وقولت بتساؤل وتردد:


=مش عايز تسألني رجعت ليه أو شوفت إي خلاني رجعت؟


إتكلم بنفي الهدوء الغريب واللي مخليني خايف منهُ ومن اللي بيحصل أكتر وقال:


_لأ مش عايز، وزي ما قولت قوانين القصر أعتقد كان فيها بند إننا منحكيش اللي بيحصل معانا مهما شوفنا أو سمعنا، يلا أسيبك تنام.


سابني بعدها فعلًا وإختفى عن نظري، بصيت للأوضة وإنا بتنهد بقِلة حيلة وكان عليها إسم مش عربي، أو الحروف عربية بس الإسم مش مفهوم، الإسم كان "كالهلا"، كان عليه تراب كتير، مشيت بصباعي على الإسم ومسحت التراب لحد ما وضح وبرضوا مش فاهمهُ، مفكرتش كتير فيه وفتحت الأوضة وعلى عكس المتوقع كانت نضيفة مش متربة على عكس الباب وهادية، دخلت رميت نفسي على السرير ولسة بغمض عيني عشان أنام سمعت صوت حد بيندهلي:


_هاشم.


فتحت عيني بسرعة وخوف وقومت مرة واحدة قعدت وبصيت حواليا مفيش حد ولا في حاجة، الصوت إتكرر من تاني بس كان أوضح وكان جاي من برا الأوضة، كان صوت أنثوي هادي، فكرت أقوم أو لأ ولكن الصوت إتكرر للمرة التالتة وبعديها الرابعة والخامسة، مش هفضل عايش هنا بالشكل دا وجبان، لازم أفهم اللي بيحصل بالظبط، قومت وفتحت الباب بتردد وخوف كبير أوي عشان خايف اللي حصل برا القصر يحصل من تاني، ولكن دا كان عقاب إني سيبت القصر ولكن دلوقتي أنا جوا القصر، بصيت يمين وشمال مفيش حد، كنت هدخل من تاني بس سمعت الصوت من تاني بيقول:


_تعالى يا هاشم، تعالى عشان تفهم.


الصوت كان جاي من آخر الطُرقة، مشيت وأنا بقدم رجل وبأخر التانية، مشيت وأنا سامع صوت دقات قلبي بيتنافس مع صوت الساعة المزعجة اللي على الحيطة الكبيرة، وصلت لآخر الطُرقة والصوت كمل وهو جاي من الدور اللي تحت، فضلت ماشي لحد ما وصلت تحت قدام الأوضة اللي مانعنا الراجل العجوز إننا ندخلها، وسمعت الصوت جاي من جوا، من جوا الأوضة!

وهي بتقول:


_إدخل يا هاشم عشان تعرف الحقيقة، إدخل.


قربت من الباب بتردد وأنا بفتكر إن ممنوع نقرب للأوضة دي وخوفي من اللي وراها وكمان كمية السلاسل اللي الأوضة متسلسلة بيها دي، إتكلمت وأنا حاسس بدوشة في دماغي:


=هدخل إزاي بكمية السلاسل والأقفال دي؟


بمجرد ما خلصت السؤال لقيتهم كلهم فكوا واحد ورا التاني وهما بيعملوا أصوات مزعجة، كلهم فكوا وسمعت الصوت من تاني جاي من جوا بيقول:


_دلوقتي تقدر تفتح الباب وتدخل يا هاشم.


قربت من الباب بتردد وفضول وخوف شديد وفتحتهُ، فضلت واقف مبرق ومذهول من اللي شايفاه عيني لحد ما لقيت نار بتخرج من كل ركن في القصر، القصر بيولع!


بصيت حواليا برعب من اللي بيحصل وغصب عني وسط كل اللي بيحصل حواليا دا عيني وقعت جوا الأوضة وأنا شايف واحدة فيها واقفة وبتشاورلي أدخل بسرعة، ولما مستاجبتش ليها بسبب إني كنت متنح ومرعوب لقيتها بتشد إيدي لـ جوا بالعافية، لحد ما دخلت الأوضة والباب إترزع ورايا، بثيت حواليا بعد ما فوقت من حالة الذهول اللي كنت فيها والأوضة كانت ضلمة تمامًا، واحدة واحدة لحد ما عيني خدت على الضلمة وبدأت أشوف طشاش وأشوف الست اللي سحبتني للأوضة بتتحرك وبتاخد حاجة من المكتب واللي عرفت بعدين إنها خدت كبريت وراحت ناحية الشمع الكبير اللي في الأوضة وولعتهُ، كل حاجة ظهرت قدامي في الأوضة دي واللي صدمني بعدين، صور ليا كتير، كتير جدًا، وصور ليا وأنا في أعمار مختلفة، أنا مش فاكر خدت كل الصور دي إمتى، حسيت بدوخة رهيبة محتلاني والأوضة بتلف بيا من جميع النواحي وبتوريني الصور صورة صورة، لحد ما صرخت بصوت عالي وكل حاجة هديت، قربت مِني البنت دي وحطت إيديها على كتفي بحنية حاسسها منها، بصيتلها وكانت جميلة، جميلة جدًا عكس كل اللي بشوفهُ من ساعة ما جيت هنا، إتكلمت البنت وقالت بهدوء:






_لازم تبقى أقوى من كدا يا هاشم، قوم عشان أعرفك الحقيقة قبل فوات الآوان.


قومت معاها بكل أريحية على عكس العادة وخدتني لصورة ليا وأنا مع ناس ولكن وشوشهم عليها زي غيمة مش شايف ملامحهم،  إتكلمت البنت من تاني وقالت وهي بتحط إيديها على راسي:


_ركز كويس في الصورة يا هاشم، متخليش التشويش يسيطر عليك، ركز أوي في الصورة، اللي معاك في الصورة والدتك ووالدك وأختك وأخوك الصغير، لازم تركز وتجيب ملامحهم بشكل صح،  إفتكر اللحظة بتاعت الصورة والمكان والمواقف الي حصلت يومها، ركز يا هاشم.


فعلًا سمعت كلامها وفضلت مركز جامد مع الصور وأنا حاسس بصداع رهيب ودق في نفوخي ولكن إستمريت في التركيز لحد ما بدأت أسمع صوتهم وأفتكر مواقف حصلت قبل ما الصورة دي تتاخد، سامع صوت الضحك والكلام والحب اللي في نبرة الصوت، إفتكرت كل دا، وواحدة واحدة بدأت ملامحهم تبان، والدي الجميل، وإبتسامة والدتي الحنينة واللي بتطلع طمأنينة، وأخويا وأختي الصغيرين اللي السعادة والبراءة مالية ملامحهم، إبتسمت بحنين وأنا غصب عني بينزل مِني دموع كتير، وفضلت على الحال دا مع كل ذكرى ليا مع أهلي لحد ما شِبه إفتكرت كل حاجة، إتكلمت بتساؤل للبنت وقولت:


=طيب إنا دلوقتي فاكر أهلي وفاكر حياتي بس مش فاكر أنا جيت هنا إزاي وليه، وليه إنتِ بتساعديني؟


إتكلمت البنت بحزن واضح على ملامحها:


_هقولك بس عايزاك متتصدمش أو طبيعي تتصدم بس تركز معايا على طول متستسلمش...


بصيتلها بقلق وقولت:


=حاضر أوعدك، قولي.


إتكلمت من تاني بمنتهى الحزن وقالت:


_إنت هنا لإنك يا قا تل وتوفيت يا مقـ تول.


بصيتلها بصدمة وقولت وأنا بحاول أفهم أكتر:


=مش فاهم، دا إزاي يعني ولو أنا فعلًا ميت يبقى إزاي واقف دلوقتي وبتكلم معاكِ وعايش والناس اللي برا دي كلها شايفاني و...


إتكلمت من تاني بحزم وهي بتقاطعني:


_لإن كلهم ميتين.


بصيتلها بصدمة وقولت بتهتهَ:


=إزاي؟


مشيت خطوتين قدام وقالت وهي مدياني ضهرها:


_ركز كدا في إسم القصر يا هاشم، إسمهُ قصر البرزخ، ومعنى كلمة البرزخ هو المكان اللي بيفصل عالم الأحياء عن عالم الأموات زي ما بيقولوا، والمكان دا بيجمع أرواح الناس اللي في غيبوبة أو ميتين ولكن لسة اللي قتـ لهم عايش، أو اللي قتـ لوه أهلهُ مش مسامحينهُ.


حطيت إيدي على ءاسي بتعب وقولت بتساؤل:


=طيب إزاي وأنا بقى يا ترى قا تل ولا مقتـ ول؟


بصتلي وقالت بهدوء:


_إنت الإتنين يا هاشم.


بصيتلها بعدم فهم وقولت بتساؤل وحيرة:


=دا إزاي؟


راحت ناحية صورة لأختي وهي لابسة فستان خطوبة أبيض سادة جميل شبهها وشبه ضحكتها وقالت:


_فاكر اليوم دا يا هاشم؟


بصيت للصورة بتركيز زي المرات اللي فاتت ومع التركيز الزايد رجع الصداع من تاني ورجعت الذكريات، كانت أختي لابسة الفستان دا وبتتصور صور خطوبتها مع خطيبها وأنا قبل ما يخلصوا طلعت أجيب سجاير وهما كانوا خلصوا وأنا جاي، كانت خارجة ولما شافتني على الطريق التاني ضحكتلي قربت خطوتين من الطريق وفي اللحظة دي جات عربية سريعة جدًا وخبطتها في ثواني قدام عيني، فجأة اللون الأبيض إتحول لأحمر، والناس كلها راحت تجاهها واللي بيعيط واللي مش مصدق واللي واللي وأنا واقف مكاني مصدوم وباصص على عينيها اللي لسة بصالي بألم، جريت بسرعة وشيلتها وجريت بيها على أقرب مستشفى ولكن للأسف كانت توفت، وفي نفس اليوم بالليل من كتر تأنيب الضمير ولإني حاسس إني السبب مقدرتش أتحملهُ وإنتـ حرت، دموعي نزلت بعد ما إفتكرت كل دا وبصيت للبنت دي ولقيت فاجأة ملامحها إتغيرت والفستان بقى باللون الأبيض نفس فستان أختي وملامح أختي، بصيتلها بدموع وتأنيب ضمير وحزن رهيب ملى قلبي وقولت:






_نسرين.


إبتسمت إبتسامتها الجميلة والدافية ومسحت دموعي بإيديها وقالت:


=حبيبي متعيطش، إنت مالكش ذنب، الموضوع كان مقدر ومكتوب، متموتش بالشكل دا يا هاشم، أنا عايزة أشوفك في الجنة، سيب الغيبوبة وإرجع لحياتك من تاني، متستسلمش، إنت مكنتش ولا عمرك هتكون سبب يا هاشم في موتي، أنا عارفة إنك لو طولت تديني حياتك هتديهالي ولكن دا عمري يا هاشم وإحنا مؤمنين وعارفين بحاجة زي دي كويس أوي، كل اللي برا زي ما قولتلك ميتين ولكن إنت مش زيهم يا هاشم، متستسلمش للغيبوبة وتموت، الراجل العجوز اللي برا هو الشر يا هاشم، عايزكم تستسلموا وتفضوا جوا الغيبوبة أو الإحساس بالندم والوجع، والأوضة دي هي يعتبر أوضة النجاة بالنسبالكم، عشان كدا هو مانعكم من الدخول ليها ولو كنت نمت يا هاشم كان عيبقى فات الآوان، لإن النوم في قصر البرزخ مع الشر هو الموت، بس إنا مكنتش هسيبك أبدًا يا هاشم، فوق يا هاشم، فوق.


بمجرد ما خلصت كلامها لقيت باب الأوضة بيتفتح والراجل العجوز داخل من الباب بغضب غمضت عيني وركزت في كل تفاصيل حياتي وأهلي زي ما قالتلي وأنا هادي جدًا ورافض أستسلم للغيبوبة لأول مرة وحسيت كإني فقدت الوعيّ، 

فوقت بعد شوية وفتحت عيوني وكان نظري جايب سقف أبيض، فضلت شوية على حالتي دي لحد ما قدرت أحرك إيدي وشيلت جهاز التنفس من على وشي وبصيت جنبي وحطيت إيدي على ءاس أمي اللي نايمة جنبي وقولت بصوت هادي جدًا جدًا ومبحوح أثر الغيبوبة:


_أمي.


أمي صحيت بعدم تصديق وضحكت وبعدها عيطت مع مشاعر متلغبطة وعيطت معاها وفضلت تحمد ربنا وتبوس فيا وتزغرط وجه باقي أهلي وكلهم فرحانين بيا وبرجوعي من تاني، وعرفت إني في الغيبوبة بقالي 6 شهور والدكاترة كانوا هيفقدوا الأمل وهيشلولي الأجهزة عشان أموت موت رحيم، ولكن كان لسة باقي في عُمري عمر، بعد ما فوقت بـ إسبوع كنت أحسن، كنت قاعد على سريري وماسك صورة أختي اللي توفت وفضلت أعيط وأنا مُبتسم، وكل اللي قدرت أقولهُ:


_شكرًا، شكرًا لإنك فاكراني حتى وإنتِ مش في العالم بتاعنا، وحشتيني أوي.


#هاجر_نورالدين

#قصر_البرزخ

#تمت

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×