رواية ما بعد العداوة (كاملة جميع الفصول) بقلم زينب محروس
كان وقت صلاة الضهر، فقربت من المسجد و في إيدها طفل عنده حوالي تمن سنين، و طلبت منه يدخل الجامع.
الطفل بدأ يعيط و هي كانت بعدت عن المسجد شوية، لكنها وقفت لما سمعت صوت جهوري بينده عليها:
- اقفي مكانك يا ست.
التفتت و هي بتشاور على نفسها باستغراب:
- بتكلمني أنا!
شاور على الطفل اللي في إيده و قال:
- مش سامعة صوت ابنك اللي بيعيط!!!
حركت ايدها ب لاء و قالت باستنكار:
- لاء مش ابني، و الله معرفوش.
عروق رقبته و جبهته برزت، و بشرته البيضا احمرت، و قال بغضب:
- من حظه السيء إنك أمه، اللي زيك متستاهلش كلمة أم أصلا.
رهف بغيظ:
- حيلك حيلك يا أستاذ، بالراحة علي عضلاتك شوية، قولتلك مش ابني، ف لو قولت كلمة زيادة هتزعل مني، و أنا أحب اوي ازعل مني الناس اللي معرفهمش.
سويلم ابتسم بسخرية و قال باستهزاء:
- أنا يعني مستني ايه من واحدة، جاية ترمي ابنها و تمشي، حسبي الله و نعم الوكيل!
اتكلمت بصدمة:
- يا لهوي! هو أنت عبيط و لا مش بتفهم! اقولك خليك كدا في عبطك و عقدك النفسية.
قبل ما هي تمشي الولد ساب إيد سويلم و جري تجاه واحدة منتقبة خرجت من الجامع و هو بيناديها ب ماما.
ف رهف خبطت سويلم على شنطتها على دراعه و قالت:
- اهو راح لأمه، يا حيوان!
سابته و مشيت و هو بينقل نظره بين الطفل و مامته و بين رهف اللي كانت لابسة فستان صيفي قصير، و عاملة شعرها الأشقر جديلة واصلة لنص ضهرها.
سويلم نزل من التاكس قدام مركز البحوث العلمية، و لما وصل قدام مكتب معين، خبط على الباب ٣ مرات، و ثواني سمع الإذن بالدخول، فتح الباب و دخل كان قاعد رجل خمسيني ب شعر ابيض خفيف، كان قدامه ملفات و بيشتغل عليهم، و لما شاف سويلم، ابتسم و قال:
- اقعد يا سويلم، قل لي عملت ايه؟؟
سويلم بجدية:
- زي ما حضرتك طلبت بالظبط يا دكتور عامر و ساعة كدا و هيكون ورق البحث الأولى عندك.
عامر بجدية:
- تمام يا سويلم، تقدر تمشي يعد ما تسلمني الورق.
كان سويلم قايم لكنه بالغلط وقع برواز لصورة، و لما رفعها عشان يعدلها، شاف صورة رهف مع بنت تانية، ف سأل عامر باهتمام:
- مين البنت دي يا دكتور؟
عامر بحب:
- دي رهب، بنتي الصغيرة، و اللي معاها في الصورة دي تبقى لمار بنتي الكبيرة.
على الطرف التاني، رهف دخلت ڤيلا في التجمع، و كانت ماشية بتدندن، لحد ما شافت شاب تلاتيني نازل على السلم، كان مرتب شعره لورا، و ملتحي شوية، و كان ببشرة قمحية، اول ما شافته كشرت وشها و همست:
- يكش تخرج ما ترجع يا شيخ و نخلص منك بقى!
قرب منها و باسها من دماغها و هو بيضغط على دراعها و بيقول:
- افردي وشك ده، و تعالي عشان في ضيوف.
سحبها من أيدها و هي تكلفت الابتسامة و مشيت معاه من غير ما تنطق، كان موجود في الصالون رجل أعمال كبير في السن و معاه بنته اللي أكبر من رهف بسنوات قليلة.
سلم عليهم و قال:
- اعرفكم يا جماعة، دي مدام رهف، مراتي.
رهف ابتسمت و سلمت عليهم، ف البنت اتكلمت و قالت:
- ماشاء الله يا مستر أشرف زوجة حضرتك زي القمر.
أشرف بتفاخر:
- دا من ذوقك، بس انا فعلاً ساعات بخاف اتحسد عشان معايا زوجة جميلة و رقيقة زي رهف.
بعد ما الضيوف مشيوا، طلعت رهف اوضتها عشان تغير هدومها، و لما كانت واقفة بترتب شعرها قدام المرايا، الباب اتفتح فجأة و دخلت أمها اللي قالت بغضب:
- أنتي هتفضلي مصدرة الوش الخشب دا لأشرف كتير؟
رهف ب لامبالة:
- اعمله ايه يعني؟ دا اللي عندي، و لا عرفت أصدر له وش حديد هعملها.
امها بغضب:
- اسمعي يا بت انتي، لو محترمتيش نفسك أنا اللي هطلب منه ياخدك بالإجبار، كفاية دلع لحد كدا، الراجل صابر عليكي بقاله ٣ شهور.
رهف بسخرية:
- و الله مش صعبة عليكي، ما أنتي أجبرتيني اتجوزه، و كل دا عشان تكسري لمار، و انتي عارفة كويسة انها بتحبه و كانت عايزاه.
الأم بتهكم:
- و أنا مالي هو اللي طلبك لما عجبتيه، هو محبش ست الحسن لمار، و أنا مش هجبره.
- صح أنتي تجبريني أنا بس، و كلامك يمشي عليا انا بس حتى لو هعيش عمري كله حزينة، أهم حاجة عندك إنك ت شايفة بنت ضرتك مش مبسوطة......كرهك ليهم مش بيدمر حياة حد غيري، و لازم تعرفي إني طاقتي لما تخلص مش هعملك حساب، ف خفي عليّ شوية.
بعد ما كانت مقررة إنها مش هتخرج، خالفت قرارها و اختارت فستان سهرة شيك و حطت مكياچ خفيف و فردت شعرها و خرجت من الڤيلا من غير ما تهتم أو تاخد إذن أمها أو حتى أشرف جوزها.
دخلت كافيه على البحر، و طلبت مشروبين و هي ناوية تضيفهم على بعض مع إنها عارفة إنهم بيزودوا ضربات القلب و ممكن تروح فيها.
و بالفعل عملت كدا، لكنها قبل ما تشرب، كانت ايده أسرع للمشروب، ف شده منها و هو بيقول:
- غلط عليكي، يا رهف.
رفعت عيونها ف اتقابلت مع عيونه الواسعة برموشه الخفيفة، و أنفه الحاد الصغير، و دقنه البارزة و المزينة ب طابع الحسن.
ابتسمت بنعاس و قالت:
- أنت تاني يا أبو عضلات.
ردد بخفوت و هو بيتأمل ملامحها بإعجاب:
- سويلم، اسمي سويلم.
حركت كتافها و قالت:
- مش فارقة.
- طيب ممكن أقعد؟
ضحكت بسخرية:
- كان نفسي اقولك لاء، بس عمري ماقولتلها لحد و سمع مني، مش مهم رأي شوف أنت عايز ايه.
سويلم حط الكاس من أيده و قال:
- لو مش عايزة فأنا مش هقعد.
- يبقى امشي.
فعلاً سابها و اتحرك ل طاولة تانية كان صاحبه مستنيه عليها، و بدأ يتكلم مع صاحبه و هو كل شوية يبص عليها، و هي استغربت جدًا إنه سابها و مشي، لأن بالنسبة لها دي اول مرة تعترض على حاجة و فعلاً كلامها يتسمع، اول ما شافته قامت من مكانها و اتحركت ل عنده.
كانت معلقة شنطتها على كتفها لورا و سألته:
- ممكن أقعد؟
شد لها كرسي و قال:
- طبعًا لو حابة تقدري تقعدي.
قعدت و هي بتحط شنطتها بزهق، ف صاحب سويلم استأذن و مشي، ف سويلم سألها بشك:
- هو انتي سكرانة؟؟
حركت دماغها بنفي وقالت:
- لاء، اقولك سر؟
سويلم باهتمام:
- قولي.
- دا بسبب علاج الاكتئاب اللي باخده، بحس نفسي مش مركزة، و شوية دلوقت و هتلاقيني نعسانة.
سويلم باهتمام:
- و أنتي ايه اللي تاعبك نفسيًا.
رهف بسخرية:
- قول ايه اللي مش تاعبك نفسيًا!
سويلم ابتسم ب خفة و قال:
- طيب ايه اللي مش تاعبك نفسيًا.
أخدت كاس العصير اللي كانت قدامه و شربت منها، و بعدين قالت:
- انت، مع إنك حيوان و مش محترم و دبش بس مرتاحة ليك يا أستاذ سويلم.
سويلم ب سخرية:
- أستاذ! إيه الكلمة الغير محترمة دي!!
بصتله ب ببرود و قالت:
- دمك تقيل على فكرة.
ضحك ب خفة و قال:
- طيب مش عايزة تحكيلي حاجة!؟؟
قبل ما ترد عليه فزعها صوت أشرف اللي نده عليها بغضب.........
يتبع..........
بقلم زينب محروس
#ما_بعد_العداوة
#الفصل_الأول