رواية واحة الخراب الفصل السادس عشر 16 بقلم اسماعيل موسي
#واحة_الخراب
١٦
أول ما خرجنا من الممر الضيق، كنت حاسس بجسمي كله متكسر، هدومي متقطعه والتراب مغطي وشى وجسمى
كأنى خرجت من مقبره للتو
بصيت حواليا.
كان المصنع بقى كتله من المعدن ، والجدران متكسرة، الشبابيك كلها محطمه، الحديد متني كأنه سكراب، المخلوقات كسرت ومزقت كل حته فيه.
أعمدة الإضاءة محنية… السقف منهار… وأرض المصنع مليانة بقايا حاجات شبه العظام، وأجزاء من معدات صدية، ودم أسود لسه بيقطر.
أما الوحدة الصحية… فكانت أسوأ.
اتحولت لكومة طوب متفحم، الدخان طالع من بقاياها، ريحة الحديد المحروق … والحوائط اللى كانت موجودة مابقاش منها غير أجزاء متفحمة بتتشهد قبل ما تنهار.
كنت سامع لسه صوت خشب بيتكسر فى الهوا… والدنيا حواليا فاضيه… مفيش ولا كائن.
المخلوقه مشيت قدامي.
كانت بتتألم… ماشيه بترنح
وصلتنا لمنطقة مهجورة جنب المصنع، كنت دايمًا شايفها من بعيد ومفكرتش ادخلها.
حطت إيدها على صفيحة حديد ضخمة فى الأرض، وبدأت تزيحها،طلع تحتها ممر.
ممر مظلم… بارد… ريحته زى العفن والمعامل القديمة.
بصت ليّا، وشاورت بأيدها
نزلت ووراها، الممر كان بيودي لباب حديد، فتحته بالعافية… ولقيت نفسى قدام معمل،معمل متكامل تحت الأرض.
أنابيب مكسورة… محاليل لسه فيها سائل أخضر.
ملفات قديمة مكتوب عليها بالألمانى…
"Projekt Chimäre — 1942"
وجنبه شعار الصليب المعقوف.
أدراج مليانة عينات محفوظة فى سائل، بعضها لسه فيه أشكال كائنات مش بشريه… وأوراق باهته مكتوب فيها عن "تجارب الطفرات الوراثية أثناء الحرب".
كان معمل سرى… اتبنى تحت الأرض، لما النازيين كانوا بيجروا تجارب على الأسرى… تجارب لخلق كائنات تمزج ما بين الإنسان ووحوش الصحراء.
وفعلا، لقيت خريطه على الحيط.
خريطه قديمه فيها موقع اسمه "Dakhla 52"
وملاحظات عن بعثه رومانية وأخرى فارسية.
وفى درج مقفول… لقيت وثيقة قديمة مكتوب فيها:
"بقايا جيش قمبيز… لم تختفِ…
(*الجيش الفارسى اللى ضاع فـ الصحراء، جيش قمبيز إلى كل الدلائل كانت بتقول ان الصحراء بلعتهم، كان لسه موجود
استطاع الجنود انهم يعيشو تحت الأرض ويتكيفو مع البيئه
لحد ما قامت الحرب.
أسرهم معسكر الأبحاث النازى وقت الحرب العالمية التانية… وبدأوا يجروا عليهم تجارب جينية لتحويلهم لكائنات تناسب مناخ الصحرا… ضخمة، قاتلة، تقدر تعيش وسط العواصف… كائنات فقدت ذاكرتها… وفضلت هناك… وانتشرت…
والمخلوقات اللى هاجمتنا… هى نسلهم.
المخلوقه بصت ليا… بعنيها اللى كانت خلاص بتفقد بريقها…
وحسيت إنها بتقوللى:
"انت كده عرفت الحكايه. انا كنت انسانه زيك
_________
المعمل تحت الأرض كان أشبه بقبر جماعي.
الجدران من الأسمنت الرمادى المتآكل، مغطاة ببقع سوداء وزرقة عفن قديم.
الهواء تقيل، ريحته زى جلود فاسدة ونحاس صدئ، وكنت بحس إن كل نفس بسحبه بيدخل جوايا سم.
فى وسط القاعة الرئيسية…
طاولات معدنية عليها بقايا عينات محفوظة فى أوعية زجاجية متشققة.
بعض الأوعية لسه فيها سوائل خضرا باهتة… جواها أشكال مش مفهومة — جمجمة شبه بشرى لكن بعيون أفقية… ذراع فيها أصابع أكتر من الطبيعي… جنين مشوه بجناحات جلدية متكسرة.
وفى الأركان…
جثث علماء.
لابسين بالطو أبيض متعفن، عضمهم باين من تحت الجلد المتيبس…
ملامحهم متجمدة فى لحظة رعب…
فيه واحد منهم كان لسه ماسك قلم ومتجمد فوق ورقة مكتوب فيها:
"عينة 47… فقدت السيطرة. يجب إغلاق البوابة فورًا."
على الأرض حوالين المعمل…
أدوات تشريح ملطخة… مشرط غرس فى عظمة فك مكسورة… أنابيب اختبار وقع منها سائل لازج عمل بقعة بتبرق تحت نور خافت جاي من لمبة وحيدة لسه شغالة وبتترعش.
فى ركن جنب الحائط…
لقيت بقايا تابلوه كهرباء… والأسلاك خارجة منه زى شرايين مقطوعة…
وجنبه رفوف فيها ملفات متآكلة…واحدة منهم كان مكتوب عليها:
"ملف: تحويرات نسل قمبيز"
ولما فتحتها…
صور قديمة بالأبيض والأسود… لرجال فارسيين مربوطين فى طاولات، وجنود نازيين حواليهم، وورق ملاحظات عن معدل التحول فى الأنسجة، وتحذيرات عن "تضاعف الحجم الغير متحكم فيه".
أما أبشع حاجه…
كان خزان زجاجى كبير فى قلب المعمل…
جواه سائل داكن…
وبيطفو فيه جثمان مشوه، طوله أكتر من 3 متر…
جلده أزرق مسود…
ومكتوب على الخزان:
"النموذج الأول — قائد الكتيبة المفقودة"
كان لسه عينه مفتوحة…
والنور بينعكس جواها كأنها بتراقب.
المخلوقة اللى معايا…
وقفت قدامه، وانحنت برأسها.