رواية زهرة العاصي الفصل الحادي عشر 11 بقلم صفاء حسني

رواية زهرة العاصي الفصل الحادي عشر 11 بقلم صفاء حسني

 

زهرة العاصي - الفصل 11

الكاتبة صفاء حسنى

حصري قيد الكتابة 

رد عاصي بصوت من وراء الباب، سمع صوت رجل كبير:

ـ أنا يا ابني... عمك شعبان.


فتح عاصي الباب بحذر، وطلع بره.

كان الشخص جاب ليهم أكل   عشان يأكلوا.

وشنطة هدوم للبنات ول عاصي زى ما اتفق معه لكن نسي عاصي فتح الباب بحذر، وطلع شوية بره. كان عم شعبان ، وجهه بيشع برقة وحب، شايل معاه كيس مليان أكل. الراجل ابتسم بلطف وهو بيقول:


ـ دي شوية أكل جبتلكم إياه... شوية شاي مع فطير وصاج، كله لسه طازة. قولت أجيبه قبل ما تأخر عليكم.وشنط الهدوم الا طلبتها منى احطها فين 


ابتسم عاصي ورد  (بهدوء):

ـ جزاك الله خير يا عم شعبان، حطهم فى شنطة العربية عشان نمشي فى اي وقت 

كشر شعبان وساله 

ليه يا ابنى بسرعة كدة 

وضح عاصي 


معلش يا عم شعبان  ، احنا في وضع حساس دلوقتي.


عم شعبان (بابتسامة عميقة):

ـ أعرف يا ولدي، بس مش هسيبكم تتعبوا... الراحه في الأكل الطيب. خدوا اللي محتاجينه.


اطمنت زهرة (بصوت هادي):

ـ شكراً ليك يا عم شعبان... الله يخليك.


زينة (بتشكر):

ـ ربنا يبارك فيك.






عاصي كان اخد الكيس من إيد عم شعبان، وراح على الطاولة عشان يفرغ فيه الأكل.

كان في حاجة غريبة في الجو، الكل كان في حالة من الترقب، واللحظة كانت مليانة توتر لكن كمان إحساس غريب بالأمان.


عاصي رجع للداخل، وبدأ يوزع الأكل عليهم.

زهرة كانت قاعدة على الكرسي، والهمسات الصغيرة بين عينيها وعينيه كانت تحمل مشاعر مش متوضحة، لكن في قلب كل واحد منهم كان فيه لحظة سكون، زي ما لو الزمن وقف عندهم.


عاصي (بهدوء، وهو بيحاول يكسر التوتر):

ـ كلوا، علشان تبقوا في أتم استعداد. ممكن نحتاج طاقة في الأيام اللي جاية.


زهرة لمحت نظرته، واللي كانت كفاية علشان تحس بحاجة غريبة جواها.

إحساس مش واضح، لكن حقيقي... كأنها تايهة، كأنها كل مرة بتحاول تهرب من حد تروح تقع في حضن حد تاني.


سكتت شوية، وبعدها قالت بصوت واطي، وعينيها في الأرض:


زهرة (بهمس):

ـ إحنا آسفين يا دكتور عاصي... دخلناك في دوامة، ومش عارفة إيه اللي جاي. يمكن مكاننا هنا مش صح... يمكن كان لازم نرجع عند أهلنا، أو حتى السجن أهون.


عاصي استغرب تغير نبرتها، لكنه حس بالخوف اللي في كلامها، واتكلم معاها رسمي زي ما هي بدأت:


عاصي (بهدوء، وهو واقف):

ـ متقلقيش يا آنسة زهرة، مفيش حد هيوصل للسجن. إحنا بنجمع الخيوط، وكل حاجة هتوضح قريب. وأنا معاكم خطوة بخطوة.


زهرة سكتت، وحاولت تهرب من نظرته، وبصت في طبقها.

عاصي وقف يراقبها شوية، وقلبه تقيل، مش قادر يفهم ليه بتهرب بالشكل ده.


عاصي (بصوت منخفض):

ـ أنتي كويسة يا آنسة زهرة؟ الأكل مش عاجبك؟


زهرة اتلخبطت من قربه، وشربت الشاي بسرعة.

لسانها اتلسع، بس ما نطقتش. عاصي لاحظ، لكن سكت. وبعدها، قام وراح قعد في كرسي بعيد.


زينة (بقلق):

ـ مالك يا زهرة؟ بتفكّري في إيه؟


زهرة قربت منها، وتنهدت:


زهرة (بهمس):

ـ أنا مش مرتاحة في الوضع ده... داخلة أوضتي.


قامت بهدوء، وطلعت ودخلت  أوضتها، وقفلت على نفسها.

قلبها بيدق كل ما تفتكر نظرته. إزاي سمحت له يمسك إيدها؟ إزاي وفقت تيجي معاه هنا أصلاً؟ أسئلة كتير بتخبط في عقلها، والشك ماليها.


دخلت الحمام وهي مرعوبة يكون فيه كاميرات... الثقة معدومة في كل اللي حواليها.

فتحت الدش وهي لابسة هدومها، المية نازلة على حجابها وهدومها، كأنها بتحاول تغسل التوتر والخوف اللي ماليها، وكمان بتطهر عشان تصلي. 


عاصي (بصوت واطي، بيكلم زينة):

ـ ممكن تروحي تشوفي زهرة؟ واضح إنها متوترة جدًا.


فعلاً طلعت زينة عندها.

كانت زهرة خرجت من الحمام، والمية سايحة من هدومها على الأرض، والحجاب لزق في وشها، وحجابها تقيل من الميه. وقفت قدام الباب، بتبص حواليها في الأوضة، قلبها بيخبط بعنف. دورت بعينيها على أي هدوم تغيّر بيها، لكن مفيش...


قربت من الدولاب، فتحته بعصبية... مفيش ولا قطعة تخصها.

لا بيچامة، لا ترينج، ولا حتى فوتة.


زهرة (بصوت مكسور وهي بتهمس لنفسها):

ـ مش معقول... نسيت اني مجبتيش حتى هدومي؟ أنا فين؟ وليه هنا؟! وليه عملت في نفسي كدة؟!


قعدت على الأرض، ضهرها للباب الحمام ، ووشها بين إيديها.

المية كانت لسه بتنقط من هدومها، وبرودة الجو بدأت تتسلل لعظمها، بس اللي كاسرها مش البرد... ده الخوف، والضياع، وعدم الأمان.


بدأت دموعها تنزل بهدوء... الأول دمعة، بعدها التانية، وفجأة انفجرت بالبكاء.

صوت بكاها كان مكتوم، بس مرّ، كأنه طالع من جرح قديم اتفتح تاني.

كانت قعدت زهرة على الأرض، زي الطفلة اللي مستخبية من كابوس، وهدومها المبلولة لازقة في جسمها والمية بتمشي على البلاط تحتها، وبرودة البلاط بتزيد من رعشتها... بس الرعشة مش من البرد، دي من الخوف والخذلان.


زينة فتحت الباب بحذر، ووقفت لحظة تشوف المنظر... زهرة قاعدة على الأرض، منحنية، بتبكي ومش قادرة حتى تبص عليها.


اتخضت زينة من المنظر... نزلت جري على السلالم، وقلبها بيخبط.


زينة (بأنفاس متلاحقة وهي بتقرب من عاصي):

ـ دكتور. عاصي .. زهرة... زهرة


عاصي (استغرب خوفها وسأل بهدوء):

ـ مالها؟ فى ايه؟ حصل حاجة؟!


زينة (بتحاول تلم كلامها، بس صوتها كان باين عليه الارتباك):

منهارة جوا، قاعدة على الأرض، وهدومها مبلولة، واضح انها دخلت الحمام وهي لابسة هدومها، ولما خرجت ما لقتش حاجة تلبسها بعد ما استحمت... انا مرعوبة عليها بقيت تنهار من اقل حاجة.


عاصي أول ما سمع الجملة، عينه اتبدّلت... بص للباب للحظة، وبعدين من غير ما ينطق ولا كلمة، جري على العربية.


زينة وقفت مكانها مش فاهمة، وبعد دقايق، رجع عاصي وهو شايل شنطة صغيرة لونها غامق، ومدّها لها من غير ما يتكلم.


زينة (باستغراب):

ـ دي إيه؟!


عاصي (بهدوء، ونظره رايح على السلم لفوق):

ـ هدوم... كنت متوقع إنكم هتحتاجهم. وطلبت من عمى شعبان .. يجبهم.


زينة بصت له مستغربة، بس في عينها كان فيه احترام... لأنه فهم.


زينة (بهمس وهي بتاخد الشنطة):

ـ شكراً...






طلعت زينة (بصوت أهدى):

ـ زهرة... معايا هدوم ليكي، الدكتور عاصي كتر خيره عمل حسابه وبعت جابهم. تحبي أسيبهم على الباب؟


زهرة سكتت شوية، وبعدها قالت بصوت مبحوح:

ـ دخليهم... بس سيبيني لوحدي شوية.


زينة دخلت بسرعة، حطت الهدوم على الكرسي، وبصت لها بعين فيها شفقة.

كانت هتتكلم، لكن زهرة بصّت لها بعين كلها رجاء:


زهرة (بهمس):

ـ سيبيني شوية... بعدين نتكلم.


زينة خرجت، وقفلت الباب وراها بهدوء.


......


زهرة العاصي

الكاتبة صفاء حسني

حصري


قرار محمد. ان يخرج من البلد ويسافر عند عزيز ويوجهه.

وصل المكتب رحب بيه عزيز.


عزيز

تعبت نفسك يا حاج انا كنت هجى ليك.


وقف محمد اقدم الشباك.

الشمس داخلة من الشباك، ضاربة على وشه المجعّد، والوقت ساكن إلا من أنفاسه المتقطعة. قدّامه قاعد عزيز، باين عليه التوتر والندم، لكن لسه مش فاهم الحقيقة كلها.


تشرب أيها يا محمد 


محمد (بصوت جهوري فيه مرارة، ولهجة صعيدي تقيلة):

ـ أنى خرجت من بلدى يا عزيز، وسايب ورايا الطين والغيط ، والناس، ... مش عشان أتفسّح، ولا أتهنّى... خرجت أدوّر على الحق، أبرّأ حفيدي اللي اتلوى ظهره من كتر الظلم، ومرات ابنك اللي راحت في حادثة متخطّطة ليها وابنك الا مات وكل ده وانت ساكت. 


عزيز بيحاول يرد، بس محمد بيرفع إيده يمنعه.


محمد (بحزم):

ـ لا تقاطعني... اسمع لآخر الكلام.

أنت كنت بتقول عندك مدارس، وجامعات، وشغل نظيف... وأهو الشغل النضيف طلع غسيل وسِخ، مافيا بتبيع الموت للعيال،وغيره من الأعمال الوسخة ومين اللي بيغطي؟ أنت... يا عزيز، من غير ما تدري.


عزيز (بحيرة):

ـ بس أنا ماكنتش أعرف...


محمد (مقاطعًا، وبيقرب له بنبرة أعلى):

ـ ما تعرفش؟ تبقى مصيبة، ولو تعرف تبقى كارثة.

سعاد، بنت اخى ، اتقتلت بالحقيقة... اتخبطت من جوا، واتكسرت.

ومنصور،ولدك  راجل زي الجبل، لكن بعد ما عرف ان حبيبته ماتت هى وبنتها وقع من طولُه، ولم فاق سافر يدور على إجابة، سافر بدموعه وذكرياته، رجع مكسور،ولما خبرته ان بنته عايشة وفى امان 

ملحقش يتهنى ... سبقته رصاص الغدر من تانى. 

زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 

عزيز (بصوت مخنوق):

ـ وقتها ماكنتش لسه عارف إن  هو اتجوز سعاد  علاقة بالقصة دي كلها...






محمد (بيهز راسه، وبيتكلم ببطء):

ـ أنا مش جاي أعاتبك... أنا جاي أفوّقك.

المافيا دي ما خلّتش حد، ما سابتش ضهر ما طعنتهوش.

منصور ساب وصية، كتبها بدم قلبه، وخلاها توصل لعبدالله، الولد اللي من ضهر راجل، عشان يسلّمها لي، ويوصلها للي يستحق يعرف.


عزيز (بصوت واطي):

ـ وزهرة... تعرف إيه من كل ده؟


محمد (نظر له نظرة حزينة):

ـ البنت دي، دمها من دم منصور، وجدّها أنا.

ماينفعش تعيش في الضلال زيّنا. لازم نصلّح، قبل ما يجرفنا التيار كلنا.


محمد يسند على عصايته، ويبص له بعيون كلها حزم.


محمد:

ـ يا عزيز... لو ناوي تكفّر عن اللي فات، لازم تبدأ دلوقتي.

وإلا... التاريخ هيكتبك مجرم، حتى لو كنت تاجر مدارس.


---


رجع عاصي يقعد على الكنبة في الصالة، بس ماكنش شايف اللي حواليه.

عينه متعلقة بالسلم، وكأنها بتراقب كل صوت، كل حركة فوق. سحب نفس طويل، ومسح وشه بإيده. في اللحظة دي، الهدوء اللي في البيت ماكنش راحة... كان بيخبط في قلبه زي الطبول.


عاصي (بصوت داخلي، وعيونه شاخصة في الفراغ):

ـ أنا إيه اللي بيحصللي؟ ليه كل ما أقرب منها، بحس إني بخاف... بخاف عليها... وبخاف منها كمان؟

هي مش مجرد واحدة في قضية... مش ضحية... دي حطاني في وش المراية، شفت فيها حاجات كنت ناسيها.


وقف، وبدأ يمشي ببطء، إيده في جيبه، وصوته جواه بيزيد:


ـ هي مرعوبة... وأنا حاسس بده، بس مش قادر أطمنها...

مش عشان مش عايز، لأ...

عشان لو طمّنتها، أنا اللي هقع.

وهقع في إيه؟!

فيها؟

في الحكاية؟

ولا في اللي بيني وبينها ولسه ما اتقالش؟


وقف عند الشباك، وفتح ضلفة صغيرة، نسيم الليل دخل، خد أنفاسه معاه.


ـ زمان كنت بحط مسافة بيني وبين أي حد... ما ينفعش الدكتور يدخل عواطفه ف الشغل.

بس زهرة... زهرة مش حالة بدرسها...

دي حرب داخلي، كل مرة تبصلي كأني متشاف لأول مرة.


سحب كرسي، وقعد، وشبك صوابعه قدام بقه، وسرح في السقف:


ـ يا ترى فاكرة إمتى أول مرة قربت منها؟

كانت لما خافت... ودايمًا الخوف هو اللي بيخليني أقرب.

بس النهاردة... أنا اللي خايف.


سكت لحظة، وبعدها بص لنفسه في المراية اللي قصاده، وهمس كأنه بيكلم نفسه:


ـ دكتور عاصي... لو دخلت أكتر، مش هتعرف تطلع.

واللي بينك وبينها... لو ما حسمتوش دلوقتي، هيحسمك هو.


---






تمام، نكمّل المشهد دلوقتي بنزول زينة لعند عاصي بعد ما أدّاها الهدوم، وهي بتحاول تشرحله حالة زهرة وطبيعتها، وده جزء مهم يخلي عاصي يفهمها أكتر:


نزلت زينة من فوق بهدوء. كانت ملامحها لسه فيها أثر قلق، بس المرة دي فيه لمعة فهم مختلفة ف عينيها. وقفت قدام عاصي، وهو كان مستني أي كلمة تطمنه.


عاصي (بصوت هادي):

ـ هي كويسة؟

زينة (وهي بتحاول تختار كلماتها):

ـ آه... بس... لازم تعرف حاجة يا دكتور.


عاصي بص ليها باهتمام، وزينة خدت نفسها، وابتدت تحكي وهي قاعدة قصاده.


زينة:

ـ زهرة مش زي أي بنت... دي شخصيتين في جسم واحد.

يعني مرة تلاقيها هادية، متدينة، بتحط حدود لكل حاجة، ومش بتقبل الغلط...

وبعد شوية... تلاقيها طفلة، تضحك وتحكى، وتقول نكت، وتغني، وتقلش كأنها نسيت كل الهم.

ولو حست بحاجة... مثلا حب، حزن، توتر، أو حتى تضعف...

هتنتقد نفسها بعدها، وتلوم نفسها إنها سمحت للمشاعر دي تدخلها.


عاصي (باندهاش بسيط):

ـ يعني... جواها صراع؟

زينة (بابتسامة خفيفة):

ـ لأ، هو مش صراع... دي زهرة.

برجها جوزاء... موليد شهر خمسة 24/5 وبرج الجوزاء عمرهم ما كانوا سهلين.

عندهما قلبين، وعقلين، وروحين في نفس الجسد.

زي زهرة كده.

مرة تلاقيها بتجري تنقذ حد، ومرة تلاقيها بتستخبى من الحياة كلها.

هي كده... بتخاف تتعلق، وبتخاف تبعد.

عاوزة تحب، لكن أول ما تحس إنها قربت... تهرب.


سكتت زينة لحظة، وبعدين كملت بنبرة أهدى:


ـ إنت قربت منها... وده بيخوفها أكتر ما بيريحها.

لو عاوز توصل لها... متضغطش عليها، متسألهاش ليه بتبعد.

خليك بس موجود... وهي هتفتحلك الباب لوحدها، بس على طريقتها.


عاصي (بهمس، وهو بيبص للسقف):

ـ أنا... مش فاهم أنا ليه مهتم كده.

زينة (بابتسامة باينة فيها الحكمة):

ـ لأنك حسيت إنها ضعيفة من وقت ما شفوتها محتاجة حد يفهمها...


زينة (بفضول):

ـ طب ما قلتليش، برجك إيه بقى؟


عاصي (ابتسم وهو بيحرك صباعه كأنه بيوزن حاجة):

ـ برج الميزان...


زينة (صوتها اتعالى وهي بتضحك):

ـ آه والله؟! طب يا بخت زهرة بيك... أصل الجوزاء والميزان عاملين زي اتنين بيكملوا بعض، حتى لو ما اعترفوش بده.


عاصي (بص لها وهو بيفكر، وقال بهدوء):

ـ يمكن علشان كده من أول مرة شفتها... حسّيت إني فاهمها حتى وهي مش بتتكلم.

تقلبها، خوفها، وحتى لما بتضحك وتحاول تخبي... كل ده مفهوم بالنسبالي.


زينة (بابتسامة فيها حنية):

ـ متتأخرش عليها، لو الجوزاء حس إن حد فاهمه، بيبدأ يصدق... بس لو حس إنه لوحده، بيهرب للأبد.


ا:






  اقتربت زهرة من الإضاءة خافتة، وكانت هتكهرب لكن خايفة ليكون في كاميرا في اي مكان وصوت قطرات المية لسه على هدومها، والهدوء مالي المكان.


زهرة (بصوت داخلي، وعيونها في الأرض):

ـ أنا بعمل إيه هنا؟

أنا ازاي وصلت للمرحلة دي؟

إزاي سيبت قلبي لمكان يكون في رجالة؟

إزاي سبت جيت معى عاصي؟!


وقفت قدام المراية، نظرت لنفسها، بس المرة دي مكنتش شايفة وشها... كانت شايفة بنت صغيرة، تايهة، مرعوبة، بتحاول تلبس وش القوة وهي من جواها بتتهز.


زهرة (بهمس، وعنيها بتدمع):

ـ كل ما حد يقرب... بخاف

كل ما قلبي يدق... بعقله

كل ما أفتكر زمان... بجري


مدت إيدها بشويش على الهدوم اللي جابتها زينة، لمست القماش كأنها بتحاول تلمس أمان مش موجود.


زهرة (بصوت داخلي):

ـ أنزل؟

طب لو نزلت، هبصله في عنيه إزاي؟

وهواجه نفسي ازاي؟

أنا مش قد الحب...

ولا حتى قد نفسي...


سكتت شوية، وبعدين تنهدت، ومسحت دموعها بإيدها، وقالت وهي بتبص للمراية بصوت خافت، فيه شوية قرار:


ـ لو فضلت أهرب... عمري ما هعرف أعيش

كفاية هروب

كفاية خوف...


بدأت تغير هدومها بهدوء، ونظرتها بقت أهدى، بس لسه فيها قلق... لما خلصت لبس، وقفت قدام المراية للمرة الأخيرة، وغمضت عنيها، وخدت نفس عميق.


زهرة (بهمس، وهي بتلف الحجاب):

ـ يا رب... اديني القوة

مش عشانهم

عشاني أنا...

صلت فرض ربنا 

و نزلت بهدوء، لابسة هدوم بسيطة، وشعرها مبلول تحت الحجاب، وعيونها متجنبة أي نظرة لعاصي.

سمعت آخر جملة من زينة، وشافت عاصي وهو ساكت كأنه بيخبي إحساسه... قلبها دق بسرعة، لكن دماغها لسه بتشدها للورى. قربت منهم بخطوات خفيفة، ووقفت عند باب .


زينة (وهي تلاحظ وجود زهرة وبتضحك بخبث):

ـ أهو الجوزاء وصل...


عاصي (بص ناحيتها وابتسامته هادية):

ـ أخيرًا... كنت فاكر إنك مش هتنزلي تاني.


زهرة (بصوت هادي، وهي بتتجنب عينيه):

ـ كنت محتاجة شوية وقت... بس شكلي اتأخرت.


زينة (بتضحك):

ـ مش قوي، بس عاصي كان هيبدأ يعمل مؤتمر صحفي من كتر القلق.


زهرة (نظرت لعاصي بسرعة، وبعدين بصت للأرض):

ـ معلش...






عاصي (بهدوء):

ـ ما تعتذريش، خدي راحتك في أي وقت... بس متنسيش إنك مش لوحدك.


سكتت زهرة شوية، وبعدين بصت لزينة وقالت بنبرة فيها تهرب وضحكة خفيفة:

ـ كنتوا بتتكلموا عن الأبراج؟


زينة (باندهاش مصطنع):

ـ آه يا ستي، وطلع الدكتور برج الميزان... يعني الاتنين بتوع الهوا... هوا بيكمل هوا!


زهرة (ضحكت بخفة، أول مرة من وقت طويل):

ـ هوا بيطير بعض كده يعني؟ ولا يثبتوا بعض؟


عاصي (بص لها وابتسامته فيها معنى):

ـ الاتنين، بس لما يفهموا بعض... ممكن يبنوا من الهوا ده جناحات ويطيروا سوا.


زهرة حسّت بكلامه داخل جواها زي السهم... وغمضت عنيها للحظة كأنها بتحاول تهرب من الإحساس ده... لكن قلبها بدأ يتكلم حتى لو لسه عقلها رافض.


زهرة سكتت شوية، ونظرت في عينيه... اللحظة دي كانت كفيلة تهزها من جوا.

كان فيه إحساس كبير بيكبر جواها، مش قادرة تشرحه، بس كانت حاسة بيه بيزيد بين كل نظرة وكل كلمة. مش بس ثقة... ده كان أكتر، أقوى، حاجة قلبية خافت توهم نفسها بيها زي ما حصل زمان.*هربت مرة ثانية 


*عاصي لاحظ الحيرة في عينيها، وسألها بنبرة فيها دفء:

ـ أنا عارف إنك متعرفينيش كويس عشان تثقي فيا... بس؟


زهرة (بهمس):

ـ أنا واثقة فيك... بس...


عاصي لمح نظرتها، وضحك ضحكة خفيفة فيها طمأنينة، عايز يحسسها إنها مش لوحدها في اللي بيحصل، وإنه معاها في كل خطوة.

وكمان خايف يضغط عليها زي ما زينة قالت.


عاصي (بابتسامة هادية):

ـ ما تخافيش... مهما كانت المعركة، هنكسبها سوا. وهترجع حياتك 


*اللحظات دي كانت مليانة بمشاعر مختلطة... خوف، أمل، وشيء بيقربهم من بعض. ساد الصمت، لكن عيونهم كانت بتهرب منه وده الا خالها بيفكر في كلام زينة وافتكر 

الشباب الا فى حياة زهرة زياد وكمان ابن عمه وافتكر ، اسم يتكرر في دماغه:


عاصي (نظراته لزهرة، وصوته هادي لكن فيه نبرة غيرة خفية لكن خانه التعبير ):

ـ طيب... كريم ده مين؟ فين دلوقتي؟ وليه اختفى؟ وليه ساعدك من البداية، وبعد كده سابك فجأة؟وليه بترمي نفسك من واحد ل واحد 


تتبع


           الفصل الثاني عشر من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا    

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×