رواية دموع علي ارض الصعيد الفصل الثامن 8 والخاتمة بقلم نور الشامي


 رواية دموع علي ارض الصعيد الفصل الثامن 8 والخاتمة بقلم نور الشامي


الخاتمه 

دموع علي ارض الصعيد 


تجمدت رحمة وارتعشت يدها ثم شهقت بصدمة حين وقع نظرها على كاسر مردده :


اخوي.... إنت....انت لسه عايش


نظرت بعينين مجنونتين نحو فرات ثم صرخت:


هي السبب... هي السبب يا اخوي فرات السبب في كل حاجة خدت مني إخواتي.. خدت أدهم هي ال تستاهل تموت مش أنا


وما إن أنهت كلماتها حتى كانت فرات تنهض ببطء تتكئ على حافة السرير وجهها شاحب لكن عينيها تشتعلان بالغضب ثم فجأة صرخت:


انا هجتلك يا رحمة... هجتلك 


وخطت نحوها خطوة قوية ثم صفعتها صفعة عنيفة على وجهها جعلت رأس رحمة ينحرف بعنف وفي لحظة خاطفة سحبت فرات المسدس من يدها وثبتته في وجهها فـ شهقت روح بقوة وهتفت بانكسار:


لع يا فرات بالله عليكي… سيبيها.. هيهتاخد عقابها.. متضيعيش نفسك.. انتي الحق كله معاكي والله.. بلاش تعملي اكده ابوس يدك 


لكن فرات كانت تهتف بغضب :


لع... لازم تموت.... أنا هجتلك يا رحمة.... إنتي مسيبتيش  غير الشر  لكل ال حواليكي.. ال زيك لازم يموت ونخلص منه 






صرخت رحمة بمرارة ودموعها تنهمر:


إنتي ال خونتيني.... خونتيني مع جوزي! إنتي ال لازم تموتي مش أنا.. يا اخوي اجتلها... اجتلها هي خاينه 


وفجأة ارتفع صوت أدهم بغضب عاصف وهو يتقدم نحوها مردفا :


محصلش.... أنا ال حبيتها جوايا… وهي أول ما عرفت جالتلي إنها بتحبني بس عمرها ما قربت مني.... وجالتلي إنها هتسيب الشغل عشان متاخدنيش منك... انتي المريضة يا رحمة مش هي... هي حتي محاولتش تتكلم معايا نص كلمه والله


اقترب كاسر بسرعة ووجهه محتقن وهتف :


نزلي السلاح يا فرات… سيبيها تتحاسب.... إحنا مش زيها... بلاش تضيعي تفسك اكتر من اكده 


وانضم إليهم رائف قائلا بحزم:


الشرطة جاية يا فرات … وهي هتاخد عقابها سيبيها هي في جميع الخالات ميته يبجي بلاش انتي ال تتحاسبي علي موتها 


لكن فرات هزت رأسها بعنف والدموع تملأ عينيها وصرخت:


لع..... دي سرجت عمري كله علشان اكده لازم اخد عمرها 


وفي لحظة خاطفة ضغطت زناد المسدس لكن روح قفزت أمامها صارخة:


لع يا فرات و


وانطلقت الرصاصة تخترق ذراعها فتراجعت خطوة وهي تتأوه من الألم… ووقع السلاح من يد فرات وهي ترتجف والذعر يجتاحها وفي اللحظة ذاتها انفتح الباب بقوة، ودخل رجال الشرطة مسرعين فصرخت فرات وهي ترتعش وهتفت :


لا… روح.. جومي بالله عليكي انا اسفه... انا اسفه والله العظيم 


بينما كانت روح تمسك ذراعها المصابة وتتراجع قليلا كان كاسر وأدهم ورائف يندفعون نحوها وهتف كاسر بلهفة:


انتي كويسة... روح… كلميني بالله عليكي جولي اي حاجه.. يا حكيييم.. يا حكيم حد يحي بسرعه 


أومأت روح وهي بالكاد تتنفس ودماؤها تنساب من ذراعها قائله بتعب: 


انا كويسة… مكنش ينفع أسيبها تضيع نفسها… كانت هتضيع نفسها بإيديها يا كاسر…


صرخت رحمة وهي تقتاد نحو الباب والعساكر يمسكون بها جيدا مردده': 


انتو هتندموا كلكم... أدهم انت بتحبني.. انت ليا... فرات مش هتفضل عايشة


صرخ كاسر على الأطباء حتي يأتوا.... لكن روح ترنحت بين ذراعيه وابتسامتها المرتجفة ارتسمت على شفتيها قبل أن تفقد وعيها بين احضانه وبعد مرور شهرين…كانت روح تجلس على الكنبة الصغيرة في شقتها المتواضعة التي انتقلت إليها مع عمتها تحاول أن تتأقلم مع الهدوء الذي أعقب كل العواصف وصوت التلفاز منخفض وفنجان الشاي بين يديها فقد حرارته وهي تحدق فيه بشرود حتي قاطعها صوت رنين جرس الباب فنهضت بتردد وفتحت…وتجمدت في مكانها كان كاسر واقفا أمامها  نفس الوقفة نفس العينين، لكن نظراته اليوم كانت مختلفة… هادئة وصادقة وفيها شوق الدنيا حتي ابتسم بخفة وقال:


مشوفتكيش بجالي كتير.


لم ترد فقط حدقت فيه بدهشة فتنحنح وقال:


سيبتك تهدي... وجولت آخد وجتي بس مجدرتش اسيبك اكتر من اكده 


ثم أضاف بنبرة جادة:


أنا لازم أتكلم معاكي يا روح


اتسعت عيناها قليلا وهمست:


اتفضل..جول كل ال انت عايزه واتفضل ادخل 


لكن كاسر هز رأسه برقة:


مش هدخل... أنا جاي أجولك كلمتين وبس ومينفعش ادخل قبل ما اجولهم اصلا 


ابتلعت  روح ريقها بصعوبة، وتابعت صمته حتى قال بصوت متزن:


انا بحبك يا روح.... ومش جادر أعيش من غيرك لحظة واحدة. عارف إني غلط لما سكت علشان كنت خايف على أختي لما افتكرت ان اميره هي ال عملت اكده.. انا ندمان والله ومعترف بغلطي 


بدأت روح دموعها تنزل بهدوء فاقترب خطوة وتابع :


انا جاي أطلب منك تسامحيني... انتي وفرات 


في تلك اللحظة انفتح باب الغرفة الخلفية وخرجت فرات وجهها هادئ، ونظراتها مليئة بالنضج وقالت بهدوء وهي تقترب:


أنا مش زعلانة منك يا كاسر... بالعكس أنت طول عمرك كنت كويس معايا . وال عملته مع رحمة مش سهل... إنك تسلمها بإيدك للشرطي حتى وهي أختك... دا كان القرار الصوح. وهي دلوجتي خلاص هتتحاكم والإعدام مستنيها... لكن إحنا لازم نعيش ونكمل ونسامح وانا مسامحه 


نظر كاسر إليها بتأثر ثم أعاد بصره إلى روح وهمس:


انا آسف... آسف من طلبي... ومفيش لحظة عدت عليا إلا وأنا بدعي إنك ترجعيلي. أنا بحبك يا روح... بحبك أكتر من أي حاجه والله 






كانت روح تبكي واقتربت ببطء ونظرت إلى عينيه ثم وضعت يدها على قلبه وهمست:


وأنا كمان بحبك... ومش جادرة أعيش من غيرك لحظة واحدة. بس كنت مستنياك تيجي... تيجي وتجولها زي دلوجتي 


ثم ارتمت بين احضانه واحتواها بذراعيه كمن احتضن وطنه بعد غربة طويلة وبعد مرور ثلاث اشهر في شرم الشيخ كانت الشمس تغازل صفحة البحر بلونها الذهبي والنسيم يداعب خصلات الشعر المفرودة بينما خطوات ثلاث عرائس بالفساتين البيضاء ترسم ضحكة على رمل الشاطئ الناعم....... روح وفرات وسارة كانو يركضزن بفستان الفرح يضحكون بأعلى صوتهم والدانتيل يرفرف خلفهن كأن الفرح نفسه يجري معهم وصوت المصور ارتفع من خلف الكاميرا بحماس:


بس كده... كفاية اللقطة طلعت تحفة


وفجأة خرج من بعيد كاسر ورائف وأدهم، ووجوههم مرسوم عليها مزيج من الانزعاج والسخريه حتي ارتف صوت كاسر وقال:


خلصنا بجا يا عم! الفرح هيخلص واحنا لسه بنتصور.. والله انا غلطان اني وافجت اعمله اهنيه ما كنا عملناه في الصعيد 


ضحك رائف وردد:


من أول اليوم وهما بتصوروا صور أكتر من ال في جوازات السفر


 هز ادهم راسه بمرح وقال:


بس كله يهون علشان العرايس.. خلاص بجا سيبوهم براحتهم 


واقترب كل واحد من عروسته...و مد ادهم  يده لـفرات وقال بلطف:


عارفة... لولاكِي مكنتش هعرف يعنى إي حياة هادية وجلبي مستريح. انتي البداية الجديدة، وعمري الجاي كله.. انا بحبك جوي والله العظيم 


ابتسمت فرات وهي تهمس له:


وانت أول راجل حسيت معاه بالأمان... ومش هسيبك أبدا طول العمر.. انا كمان بحبك... بحبك جووي 


أما رائف فوقف أمام سارة وعيونه تمتلئ دفء وقال:


من ساعة ما شوفتك وأنا عارف إنك انتي ال هتبجي مرتي مع انك ضايجتيني كتير جوي وانا الصراحه كمان مكنتش بسكت بس والله بالرغم من كل دا عمري ما حبيت غيرك 


 ردت ساره بضحك: 


طيب ما تجول اكده من بدري بدل ما دوختني وراك بالشهور


ضحكوا الاثنين ثم التفتت الأنظار إلى كاسر وروح الذي كان يقف امام روح واخذ نفس عميق مرددا ،: 


كل حاجة عدت الحمد لله انا بحبك يا روح، ومش ناوي أعيش ثانية من غيرك. 


 وضعت روح  كفها برفق على صدره ثم همست بصوتٍ يحمل كل ما في قلبها من حنين:


وأنا يا كاسر... عمري ما كنت هبجى بخير من غيرك أنت روحي وكل حاجه ليا والله العظيم 


في تلك اللحظة، ارتفع صوت المصور من جديد يقطع سكون المشاعر مرددا:  


يلا يا جماعة علشان نجمعكم كلكم مع بعض في صورة واحده 


تجمعوا جميعا... وفساتين العرس البيضاء تضيء المشهد والبدل الرسمية تزيده بهاء والضحكات المتبادلة كانت أصدق من كل العهود... لحظة من العمر لقطة ستبقى ذكرى لا تنسى محفورة في الوجدان قبل الصورة وقبل أن تلتقط الكاميرا آخر صورة...مال كاسر نحو روح وهمس في أذنها بصوتٍ لا يسمعه سواها مرددا: 


أنا بحبك 


ثم... التقطت الكاميرا الصورة 

تمت

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا  

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×