رواية فتيات القصر الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم اسماعيل موسي
#فتيات_القصر
٢٢
في تلك الليلة المتوهجة بنعاس القصر، حيث لا يُسمع إلا وقع الريح الخفيف بين أغصان الحديقة، أُرسلت لارينا إلى غرفة السيد.
لم تكن تعلم لأي شيء استدعاها هذه المرة، لكنها حين دخلت، شعرت على الفور أن شيئًا ثقيلًا في الهواء… العطر لا يزال يعبث بالجو، وضوء الشموع يتراقص ببطء.
وقف السيد جوار المدفأة، يدور كأسد حبيس حول فريسته. عيناه لا تفارقانها.
ــ اقتربي.
تقدّمت، رأسها منكّس.
دنا منها، دار خلفها ببطء، كأنه يتلذّذ بمراقبة ارتجافة كتفيها كلما مرّ بأنفاسه قريبًا من عنقها.
ثم بغتة، أمسك ذقنها بقوة ورفع رأسها لتواجهه.
ــ لازلتِ تتبعين أوامري، أليس كذلك يا لارينا؟
همست: ــ نعم… سيدي.
تركها تسقط نظرتها إلى الأرض مجددًا، وراح يدور حولها بهدوء كالصياد.
ثم انحنى قريبًا من أذنها، قال بصوت رخيم لكن يحمل قسوة: ــ أريدك أن تفتعلي شجارًا مع راما. الآن.
أحرقي أعصابها، استثيريها… حتى تخطئ أمام الجميع.
ثم… اجمعي الخدم، اجلديها أمامهم بلا رحمة.
توقفت أنفاس لارينا للحظة، لكنه أكمل: ــ بعدها… أرسليها إلى غرفتي. كما تفعل الكلاب المطيعة.
أمسك بها من كتفها، دفعها للخلف خطوة: ــ مفهوم؟
أومأت بصمت.
ثم بنبرة لينة تخفي لؤمًا: ــ ولا تنسي، اجعلي الأمر يبدو كأنه غضبك أنتِ… لا أمري. افعليها بذكاء يا لارينا.
ابتسم بخفة، لمعت عيناه في ضوء المدفأة، ثم أدار لها ظهره كأن الأمر حُسم.
أشارت له بانحناءة، وخرجت.
كانت تعرف أن هذه الليلة لن تمر كأي ليلة.
خرجت لارينا من غرفة السيد بخطوات سريعة، لكن قلبها يثقل صدرها كصخرة.
في الممر الطويل المؤدي إلى جناح الخدم، كانت أنفاسها مضطربة، وعيناها تتجنبان انعكاس صورتها على زجاج النوافذ.
شيء بداخلها يصرخ… لماذا الآن؟ ولماذا راما تحديدًا؟
كانت تشك منذ البداية أن القصر كله لعبة بيد السيد، لكن الليلة… بدا وكأنه يسحبها نحو ظلمة لا تعرف كيف تعود منها.
توقفت عند آخر الرواق، وضغطت على صدرها، تحاول أن تثبت نفسها.
"لن أُظهر ضعفًا… لن أُظهر ضعفًا."
ثم استدارت.
في الحديقة الجانبية، حيث كانت راما تقف تقطف وردة وتبتسم وحدها، اقتربت لارينا بخطوات حادة.
بصوت مرتفع: ــ ماذا تفعلين هنا يا راما؟! ألم تُحظر الخروج ليلًا؟!
كيف تجرؤين على كسر قوانين القصر؟!
استدارت راما باندهاش،. ،لم تتوقع من لارينا، التي بالكاد تستطيع أن ترفع عينها فيها ، أن تثور بهذا الشكل.
ــ أنا… فقط كنت أستنشق الهواء… لم أفعل شيئًا…
لكن لارينا لم تمنحها فرصة.
أمرت الخدم أن يُجمعوا فورًا.
في أقل من دقائق، تجمع من بقي مستيقظًا، والذهول في العيون.
صرخت لارينا: ــ من يخالف النظام… يُعاقب!
وأنا بنفسي سأنفذ.
حاولت راما، أن تفهم ما الذي يحدث، لكن لارينا لم تكن ترى أمامها سوى أوامر السيد وصوته يتردد في أذنيها ،لم ترغب ان تهرب منها تلك الجرأه التى تحصلت عليها للتو
اذا تلكعت ستخسر كل شيء
أمسكت بالسوط.
وبدأت.
كل جلدة كانت تتردد في جسد لارينا أكثر من ظهر راما.
كأنها تضرب نفسها… تنتقم من انكسارها الداخلي.
وراما… لم تصرخ.
ظلت تنظر إليها بذهول، عينان تتساءلان:
كيف
الخدم صمتوا، أحد لم يتجرأ أن يتدخل.
في قصر السيد… الأوامر لا تناقش.
بعد أن سقطت راما أرضًا، رفعت لارينا السوط.
بصوت متحشرج: ــ احملوها… وأرسلوها إلى غرفة السيد.
ثم استدارت، وأخفت ارتجافة يدها تحت ملابسها، قبل أن تسير مبتعدة.
لم تشعر إلا بدموع صغيرة تنسل من طرف عينها… مسحتها سريعًا.
في آخر الليل، بعدما هدأت أصداء الحديقة، وسكنت أنفاس الخدم…
تقدّمت راما صوب غرفة السيد.
خطواتها خفيفة، لكنها تحمل ثقلًا داخليًا لا يُرى.
فتحت الباب.
كان السيد يجلس هناك قرب المدفأة، شرارة متوهجة تقفز وسط الحطب.
وفي عينيه… تلك النظرة.
نظرة من يعرف تمامًا ما يحدث… من كان يراقب، ينتظر، ويمد خيوط اللعبة بلا استعجال.
ابتسم.
ابتسامة ساخرة، مستفزة.
ابتسامة كفيلة أن تحطم داخلها ذلك الشعور الطفولي بالنصر.
لم يتكلم.
لم يكن بحاجة.
نظراته وحدها قالت:
"أنا سيّد هذا القصر… كل خيط يمرّ بين يدي… حتى أنتِ يا راما… حتى خدعكِ الصغيرة أعرفها، وأدعها تمر… لأنني أختار متى وأين تنتهي."
انكسرت نظرتها للحظة.
غرورها تصدّع تحت ثقله.
ثم بصوت هادئ، لكنه يقطر جبروتًا:
ــ تعالي.
اقتربت.
ومع كل خطوة، شعرت كأن الأرض تضيق.
بيده التقط السوط الجلدي الداكن، ناعم الملمس، حادّ الأثر.
وأمرها بصوت رخيم مخيف: ــ انزعي هذا الرداء… اخلعي كبرياءك أولًا.
لم تجادل.
لم تتوسل.
عرفت أن الندم الآن لا معنى له.
وشرع في جلدها.
ضربة…
ثم أخرى.
كل جلدة تحمل رسالة:
"هذا القصر لي… رغباتي لي… حتى تمردك، هو إذعان لي."
لم تكن الضربات لتعاقبها على فعلتها…
بل لتذكيرها…
أن كل خطوة تخطوها… كانت تحت عينيه.
وفي عينيها دمعة، لكنها لم تسقط.
تمسّكت بما بقي من عنادها بصمت.
وحين أنهى…
تركها هناك…
وقال بلا نبرة: ــ الآن… اذهبي.
انهضت راما جسدها الممزق، تمالكت نفسها ،اسمح لى يا سيدى ان اشكرك على عدلك
رفع السيد حاجبه بأندهاش لكنه لوح بيده اقتربى
اقتربت من السيد الذى لم يمانع وضعت عنقه بين ذراعيها التى يفوح منها ألعطر أشكرك سيدى وطبعت قبله فوق جبهته
ثم خرجت، والدم ينقط خلفها..