رواية فتيات القصر الفصل الخامس والثلاثون 35 والاخير بقلم اسماعيل موسي


 رواية فتيات القصر الفصل الخامس والثلاثون 35 والاخير بقلم اسماعيل موسي


#فتيات_القصر


            ٣٥


الأخيره


في الليلة التالية لاجتماع الخدم، حين شمّت راما للمرة الأولى أثرًا خافتًا لعطر السيد المعدل في أرجاء غرفتها — رائحة لا تشبه "أثير الظلال" ولا مزيجها القديم، بل رائحة هادئة لا يمكن الإمساك بها، كرائحة الأوراق القديمة عند أول المطر — أدركت أن المعركة بدأت.


جلست إلى طاولتها، وعلى سطحها امتدت القوارير الزجاجية، ودفاترها الممتلئة بملاحظات عن خصائص الزيوت، ودرجات الاشتعال، وأثر الأزهار الطازجة مقابل المجففة.

أخذت نفسًا بطيئًا، وقالت لنفسها:

"صنع ترياق مضاد ليس إلا مسألة وقت… لقد فعلتها من قبل."


---


التجربة الأولى: ترياق اللافندر المدخن


مزجت زيت لافندر محمص على فحم أزرق مع رحيق "إيلينورا الغامقة" ونقطة من الكحول النقي المعتّق.


استنشقت البخار…

شعرت بارتجافة طفيفة، ثم بهدوء مؤقت.

ظنت أن تأثير السيد بدأ يبهت.


لكن في اللحظة التالية، استيقظ فيها وهم بأن ظلال غرفتها تتحرك، وأن الأثاث يميل صوب ركن بعينه.

دوّنت:

"العطر المضاد يفتح الذهن… لكنه لا يصُد."


---


الثانية: بخار الزعفران والمرمرية


مزجت رحيق الزعفران وخلاصة المرمرية السوداء مع قطرة مستخلص كهرمان مائي.


حين أشعلت المبخرة وملأ البخار الغرفة، بدا لعقلها أنه يقاوم… للحظة.

لكن بعد دقائق — سقطت رأسها على الطاولة، وراحت تتخيل رائحة عطر السيد في شعرها.


كتبت:

"العطر يعكس أثره… يجعلني أطلبه دون وعي."


---






الثالثة: ترياق زهرة "سيرافين الباردة" مع الفلفل الأسود


كانت تلك أقرب المحاولات للنجاح.


خلطت سيرافين الباردة مع رائحة الفلفل الأسود المعتق ومستخلص زيت الكندر.

عند الاستنشاق، سرت في جسدها يقظة باردة.

لأول مرة شعرت أن الأثر الأثيري ينحسر.


لكن…

بمجرد أن فتحت النافذة، حمل الهواء من الخارج أثر العطر الأصلي — وانسحبت الرائحة البديلة كأنها خيط دخان ممزق.


دوّنت:

"السيد لا يبث عطرا… بل فكرة مزروعة في الهواء. وهذا لا يحارَب بالرائحة."


---


لحظة الإدراك


مع كل محاولة، كلما ظنت أنها اقتربت من تركيبة ناجحة، كانت النتيجة واحدة:


إما أن يدغدغها الحنين لرائحة السيد


أو ترتجف الأصابع فوق الطاولة


أو يتبدل المزاج إلى طواعية صامتة


وفي النهاية، عرفت.


أن ترياقها ليس ناقصًا من تركيبة… بل من فهم.


قالت لنفسها، وهي تكتب بحبر قاتم على ورقة قديمة:

"لقد تجاوز السيد علم العطر… وصاغ إرادة سائلة يتنفسها من يشمّها."


وكانت المرة الأولى التي يعترف فيها كبرياؤها بهذا.


---


نهاية المشهد


في الغرفة الهادئة، جلست راما.

أمامها ٦ قوارير… كل واحدة تحمل اسم ترياق فاشل.

أطفأت المصباح، واستسلمت لصمت الليل.


ومن نافذتها، دخل تيار هواء رقيق…

يحمل عبق السيد الأثيري.


وابتسمت ابتسامة مرة.

وقالت:

"يا له من عطر… يُغري حتى في الهزيمة."


حين أسدلت الستائر الثقيلة على شبابيك الحجرات العتيقة، ولم يبقَ في الغرفة سوى ضوء المصباح الزيتي، كانت راما دي فلور جالسة إلى طرف سريرها، كتفيها مرخيين، وعيناها غائمتان كمن أُنهك بسنوات من الركض وراء سرابٍ لزج.


تراقب لهب المصباح يتراقص على الجدران العالية، وتسترجع — دون رغبة — طوابير المحاولات العقيمة: بخار الزعفران، خلاصة "إيلينورا الغامقة"، بخور العنبر، ترياق اللافندر المدخن… كل وصفة دونت تحتها:

"أثر خافت… لا يكفي."


الخذلان لم يعد ثقيلاً… بل صار مألوفًا.


نهضت بتثاقل.

أرادت أن تغادر الغرفة… أن تتنفس في الممرات المعتمة علّها تنام وقوفًا.

وفيما هي تجرّ أطراف ثوبها الطويل باتجاه الباب، اصطدمت قدمها بشيءٍ صغير.


طقطقة زجاجية خافتة.


نظرت إلى أسفل…

كانت القنينة الزرقاء ذات السدّادة الفضية، تلك التي هجرتها منذ أسابيع، وقد انقلبت على الأرض، تتدحرج ببُطء فوق السجاد الداكن.

وبحركة عفوية — التقطتها قبل أن تتحطم.


لكن…


لمجرد أن انسكب منها قدرٌ ضئيل…

ارتفعت في الغرفة رائحة ليست كغيرها.

رائحة لم تضعف، لم تتبدد، لم تشبه عطر السيد.

بل عطرٌ يتكثف ببطء… كأنه ضوءٌ سائل يغلف المكان.


رائحة ناعمة حد الثمالة…

مزيج بين أوراق عنب طرية بعد مطر خريفي، وقطرات مسك في عتمة قبو، ونفحة من زهر غريب مجهول الاسم.


راما، التي اعتادت كل الرواح، وجعلتها مهنَتها أن تعرف الأثر قبل الرائحة، شعرت بدوارٍ ناعم.

عطرها هذا… لم تعد تتذكر صنعه.

كيف؟

متى؟

أي تركيبة؟

أي زهر؟

أي ساعة من الليل مزجته؟


اندفعت تغلق القنينة بسرعة، أناملها ترتجف.

وضعتها أمامها فوق الطاولة.

عيناها دامعتان.

ابتسمت.


لأول مرة منذ شهور، ضحكة صغيرة تشق طريقها إلى فمها.


— "هو ذا… لقد كان بين يديّ."


استخرجت دفترها القديم — ذاك الذي سُحقت صفحاته بالحبر والملاحظات المشطوبة.

صفحة صفحة… حتى توقفت عند وصفة تركتها يوماً بلا تقييم.


قرأت:


"خلاصة زهرة ‘أورفانتا النائمة’ مع قطرة واحدة من دمع العنبر المذاب على نار ساكنة، مزج بتوقيت انكسار القمر، فوق بخار زهر البنفسج الغائم."


أورفانتا النائمة…

زهرة نادرة لم تذكرها من قبل.

وراما لا تتذكر كيف وصلت إليها.

ولا متى وضعتها.


لكن القنينة تشهد.


---


ولادة الترياق


في عالم العطور — حين تملك تركيبة أصلية ثابتة — يمكن دائمًا استنساخ ترياق مضاد.


وهكذا جلست راما دي فلور، للمرة الأولى منذ أشهر، ليس بائسة ولا متخبطة… بل هادئة… واثقة… دامعة الطرفين.


قوارير اللافندر والزعفران والفيتيسيا والنيكتافلور وخلاصة أورفانتا النائمة

— كلها مصطفّة.


راحت تمزج — لا بتسرع هذه المرة، بل كمن يصلي.


خليط مسك معتق

رحيق البنفسج المائي

سحابة من دمع العنبر

ونقطة من زهر أورفانتا السائلة


وعلى نار زرقاء هادئة — تركت البخار يتصاعد.


رائحة الترياق كانت نقيّة، ثابتة، لا تُجامل.

لا تغري… بل تمنع.

رائحة كأنها تبني جدارًا حول النفس.


دوّنت في دفترها:


"ليس عطرًا… بل حاجز ضد من يظن نفسه ربًّا للهواء."


--





منذ تلك الليلة التي ولِد فيها الترياق الأزرق تحت لهب المصباح الزيتي، مضت راما دي فلور تواظب على استنشاقه…

لا جرعة واحدة.

بل مرتين… ثلاث… وأحيانًا خمسًا قبل شروق النهار.


كانت تُغمس أطراف مناديلها القطنية في خلاصة الترياق، وتُخفيها بين طيّات أكمامها.

تتظاهر بالسهو فتُقربها من أنفها كلما مرّت برواقٍ أو غرفة يُشاع فيها عبير السيد.


بمرور الأيام، صار الترياق يسري في دمها ببطء…

يسكن تجاويف رئتيها، يتسلل من مسام بشرتها، يختلط بنبضها.


لكنّ راما، بذكاء خالص، لم تظهر أبدًا ما يدور بباطنها.

بل أبدت الخضوع التام.

انحنت كالباقيات حين يمر السيد إدوارد في الردهات.

سارعت لفتح الأبواب، وأطرقت رأسها باحترام خافت.


كانت أكثرهن طاعة.

الأكثر التزامًا بتعليماته، بل والأكثر امتثالًا لأي إشارة.


في صمتٍ بالغ، التقطت هذا الدور.


حتى لارينا نفسها — كبيرة الخدم — أبدت ارتياحًا غريبًا وهي تلاحظ أن السيدة الصغيرة التي لطالما أثارت شكوك القصر، باتت الآن أسهلهن انقيادًا.


كل أمر يُصدره السيد — تُنفّذه راما دون نقاش.

وكل اجتماع خدمٍ يحضره، تتقدّم إلى الصفوف الأولى، رأسها منحني، ونظراتها مطفأة.


كان الجميع يظن أن راما استسلمت.

أن ذكاءها غادرها، وأن عطر السيد نال منها كما نال من سائر الخدم.


بل أن السيد نفسه، وهو ينفث دخانه من خلف ستارة الشرفة، كان يبتسم لذلك الانكسار الظاهري.

يراقبها تنحني وتُطيع، تغدو خادمة عادية… بل أكثرهن خضوعًا.


ويوماً بعد يوم، كلما تمدد عبير السيد في الأروقة، واشتدت وطأته على الآخرين…

كانت راما تشرب ترياقها بصمت، تدعمه في دمها قطرة فقطرة، حتى صار جزءًا من تكوينها.


ورغم أن رائحة عطر السيد كانت تُثقل الأجواء وتثني الإرادات، إلا أن راما كانت الوحيدة التي تتنفسه… وتبتسم… وتنحني… وقلبها يقظٌ، يتفرس.


لأنها أدركت أن الانكسار الظاهري… هو وحده الطريق إلى استعادة الكلمة.


كان عليها أن تُمسك الخيط من الداخل.

أن تصير أكثر الخدم إخلاصًا… قبل أن تنقلب.


وبينما تنحني للباب، وتُقدم الصحون، وتمسح الزجاجات، كانت كل قطرة ترياق تختمر في دمها أكثر… تُحصّنها… وتُصيغ سلاحها الهادئ.


حتى حين يناديها السيد بلهجة آمرة:


> — "اقتربي يا راما…"


كانت تقترب برأس مطأطأ، عيناها تغشى بلون الطاعة،

وأنفها يشم… ودمها يقاوم.


**


الخضوع الأخير… قبل العاصفة.


في كل هذا…

لم تكن راما ضحية.

ولا خادمة مسلوبة.


بل ممثلة بارعة…

كل حركة انحناء كانت خطة.

كل تنهيدة خضوعٍ كانت مصيدة.


لأنها — دون أن يدروا — كانت وحدها من بقي واقفًا.


في الرواق الواسع ذي الأعمدة الرخامية والثريات المتدلية كأعناب زجاجية، جلس السيّد على مقعده المذهّب، يتكئ برفق على مسند من القطيفة الحمراء. كان الدخان يتصاعد من سيجاره الفاخر كأفعى كسلى، يتلوى في الهواء ساخرًا من سكون المكان.


حول قدميه الحافيتين، تجمّعت الخادمات في خضوعٍ كلبيّ بائس، يدلكن جلده بخشوعٍ مذل، كأنما لا وجود لهن سوى ليكن امتدادًا لرغباته. السيّد، بعينين نصف مغمضتين ونظرات مشبعة بزهو لا يعرف الشفقة، يوزع ابتساماته الساخرات، مستمتعًا بامتياز السلطة في هذا القصر الذي يبتلع أنفاس الجميع.


لكنّ شيئًا ما لم يكن على ما يرام.


تفقد بعينيه الحشد الخاضع، وتوقف حين لم يعثر على وجه بعينه.

رمق كبير الخدم بنظرة جامدة، ونطق ببرود قاتل:

ـ أين راما؟


الصمت، كعقوبة قديمة، سيطر للحظة.

ثم تهادى صوت:

ـ سوف تُحضَر حالًا يا مولاي.


**


لم تمر لحظات حتى ظهرت راما.


كانت تسير في الرواق بخيلاء لا تعرف التواضع، ترتدي ثوبًا أشبه بفساتين الأميرات في الليالي المقمرة، يغمر جسدها الهش ويزيده سحرًا. فستان من حرير أسود تتناثر عليه زخارف فضية كأنها شظايا ضوء. أما العطر...

ذاك العطر الذي لا يُقاوم، فيتبختر في الأرجاء سابقًا خطواتها، رائحته تخترق الجدران وتسكر الأرواح. لكنه، هذه المرّة، لم يكن يملك عليها سلطانًا، بعد أن شربت الترياق الذي أذاب مفعوله في دمائها.






تقدمت حتى صارت أمام السيد.

رفع رأسه نحوها، بنظرة مشوبة بالاستنكار والدهشة لهذا التجرؤ.


قال بصرامة معتادة:

ـ اركعي. والعقي قدمي.


لكن راما لم تنحنِ.


بدلًا من ذلك، مدت يدها إلى قنينة زجاجية صغيرة، برائحة لا توصف، ووسط ذهول الحاضرين، سكبَت محتواها على رأس السيّد.

رائحة العطر، مركّزة قاتلة، تسللت إلى أنفاسه، وحين حاول أن يصرخ، ارتجف جسده فجأة، وبدأ يترنح كسكران فقد صوابه.


شهق.


حدق في عينيها، كأنه للمرة الأولى يدرك من تكون.


إشارة خفيفة من يد راما، كانت كافية.


بلا مقاومة، ترك السيّد مقعده.

تقدمت راما، وجلست عليه، بثقة من تعرف أن زمنها قد بدأ.


فتحت قنينة أخرى، ورشّت العطر فوق رؤوس الخادمات والخدم واحدًا تلو الآخر.

وبين لحظة وأخرى، تحوّل الصمت إلى همهمة طاعة مسعورة.

العيون الذاهلة تحولت إلى نظرات خاوية لا تعرف إلا الأمر والتنفيذ.


حتى السيّد…

ترك سيجاره يتهاوى من بين أصابعه المرتجفة، وركع عند قدميها، مأخوذًا بقوة غير مرئية تجره جرا نحو الخضوع.


**


وعلى مدار أيامٍ وليالٍ متتابعة، لم تمنح راما أحدًا فرصة لصنع ترياق.

كانت تمحو الدفاتر، تحرق الأوراق، تسكب القنينات في أتونٍ خفيّ.

وفي قصرٍ غرق تحت عباءة العطر المسحور، صار الجميع — من خدمٍ وحاشية، وحتى السيّد العتيق — أسرى إرادتها، يخضعون لها كما يتبع المدمن سمّه الأول.


حتى لم يبقَ من العالم سوى أسطورةٍ واحدة:

راما، السيّدة التي لا تُعصى.

عطْرها دين، وأمرها قدر، وخضوعهم لها أبدية لا مهرب منها.


انطفأت الثريات ذات ليلة، وابتلع الظلام ما تبقى من إرادتهم.


ومنذها… لم يُذكر في القصر اسمٌ غير اسمها.


____(نهاية القصه كما وردتنى من المخطوطه المنسيه) 


---


مقتبس من المخطوطة الخامسة والثلاثين: "تاريخ القصر العتيق وأسرار آل إيراسيل"


"…ولما دانت السُلطات والرقاب لسيدة القصر الجديدة، المعروفة في سجلات السادة والأقنان بـراما العُليا، استقامت الأمور على طاعتها، وانفرجت لعنتها على أرجاء البلاط كسُحُبٍ خانقة لا تُبقي ولا تذر.


وأما السيد — ذاك الذي لُقِّب قديمًا بـربّ الرواق وحاكم الحجرات السبع — فصار أسيرًا ذليلًا تحت وطأة عقابٍ لم يُحك مثله في سِيَر الأقدمين. إذ قُيِّد بسلاسل من فضّة مطلسمة، وتركته مولاتنا العُليا يبتلع أنفاس عطرها الثقيل حتى اعتراه الجنون وسُلب لبه. وكان يُسحب كل مساءٍ، في طقسٍ جليلٍ مشهود، إلى ساحة القصر الكبرى، حيث يُحمَل على الأيدي كالخرقة الممزقة، فيُلزم تقبيل موضع أقدامها الطاهرة أمام العيون الخاضعة، إلى أن يُغمى عليه أو يدنو من حتفٍ تُمنّيه به ولا تُعطيه.






وذُكر في دفتر المَصائر المُغبرة أن السيدة راما — دام ظلها — كانت تحتفظ بذاك الجسد النحيل المهترئ، لا تتركه يفنى ولا تمنحه الخلاص، حتى شاخت ملامحه وغاب صوته، فصار لا يُعرف له وجه ولا يُحفظ له اسم.


وبقي القصر على حالٍ من الطاعة المُطلقة، والهيبة الدائمة، تعلوه سُلطتها في يقظة الرواق وهمس الأروقة، حتى حلّ المساء العاصف في العام الخامس والخمسين بعد الواقعة، حين عُثر على جثمان السيدة العُليا مسجى على عرشها، تتدلى من بين أصابعها قنينة العطر الخالد، وأمامها السيّد العجوز، جاثيًا ميتًا عند قدميها، وقد فارق الحياة في سكونٍ مُهيب.


ومنذ ذاك اليوم، صمتت جدران القصر، وابتلعته العزلة، ولم يجرؤ مخلوق على دخوله، إذ بقيت رائحة العطر مرسومة في الهواء، تحرق أنفاس الطامعين.


وهكذا، خطّ المؤرخون في دفاتر التاريخ المنسي أن راما العُليا، صاحبة السطوة العُظمى، قد كتبت بيدها الفصل الأخير في سجلّ الطغاة… وكان عبرة لمن يُفكّر أن يقترف في السر ما يُزهق أرواح البريئات.


🌸وهذا ما وقع تحت يدى من بداية المخطوطه انقله دون تغير او اضافه 


---


افتتاحية المخطوطة الخامسة والثلاثين: "في سيرة السيدة العُليا وسقوط ربّ الرواق"


"إلى من تجرأ وبلغت يداه هذا السِّفر المحظور، احذر أن تسير على خُطا من سبقوك. فإن ما يحويه هذا الدفتر من وقائع وأسرار، هو ممّا حرّمت المجالس تداوله، وامتُحيت أسماؤه من دفاتر السادة حفاظًا على نقاء التاريخ الظاهر، وبقيت حكايته حبيسة الهمس في أقبية العابرين.


هذا سجلٌّ خطّه العبدُ الفقير "أورليان دي مارنوف"، أحد كَتَبة البلاط البائد، الذي شهد بعينيه سُقوط ربّ الرواق وسُلطان القصر، على يد سيدةٍ قيل إنها من نسل النساء العارفات، ذات دمٍ اختلط فيه الظُلم بالمجد، والحُب بالانتقام.


وتحمل هذه الأوراق تفاصيل تلك الليالي الثقيلة، حين خضعت الرقاب لرائحةٍ لا تُرى، وأُسقط عرشٌ بلمسة امرأة. فويلٌ لمن استهان بعطرٍ يسري في الدم، وويلٌ أعظم لمن ظنّ أن العدل لا يأتي بثوبِ امرأة.


وليعلمنّ من يقرأ، أني كتبت ما كتبت خشية أن يضيع ما جرى في ليل القصر العتيق، إذ لا يبقى من الممالك سوى الحكايات…


كتبه بخطّ يده

أورليان دي مارنوف

في العام الثاني بعد حادثة الرواق

وتحت ضوء شمعة واحدة."*


تمت

كتبها اسماعيل ابن موسى عام الفان وخمسة وعشرين ميلاديه

تمت      

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا      

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×