رواية جحيم فرعون العمدة الفصل الرابع 4 والاخير بقلم شيماء طارق
★جحيم فرعون العمدة★
★الفصل الأخير ★
★للكاتبه شيماء طارق ★
بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحجة نعمات: ابعد عنها يا ولد أنت وهو اللي هيجي جنبها مش هيحصل له طيب يا غفر تعالوا شوفوا يا أهل البلد الناس دول بيتهجموا علينا؟!
عمها رحيم قرب منها وقا لها : انتي خلاص دورك جه ولازما تموتي النهاردة خدت اكثر من وقتك يا بت المحروق؟!
(قبل ما يمدوا إيدهم عليها، فجأة صوت طلق نار في الهواء)
فرج (بصوت جهوري وغضب): مين بيفكر يقرب من رحمه وانا عايش انتم اتجننتوا اياك نزل يدك لقطعها لك!
(فرج جاي راكب حصانه، نازل يجري ناحيتهم، مسك العصاية، وضرب عم رحمه الكبير وعمها التاني الصغير وقعوا على الأرض والباقي هربوا )
رحمة (بدموع وخوف):
هم كانوا… كانوا هيقتلو'ني يا فرج!
فرج (يبص في عنيها وبيقول بخشونة فيها رقة):
طالما أنا عايش، محدش يقدر يقربلك انتي بقيتي تخصيني وهتكوني مرتي عن قريب ما فيش حد هيقدر يمسك ولا يقرب منك يا حبيبتي!
رحمه بصيتله بدموع وهي مش مصدقه معقوله ده الراجل القاسي اللي كل البلد بتتكلم على قسوته اللي المفروض بياخد حاجات من أهل البلد هي مش من حقه
و في نفس الوقت عمامها اللي المفروض معروفين في البلد ان هم ناس محترمه كانوا عايزين يمو"توها ويقتل"وها والراجل اللي المفروض سيء وكل الناس بتقول عليه مش كويس هو اللي حماها.
( في المندرة عند العمدة)
الناس متجمعةو الغفر واقفين بالسلاح حوالين دار العمدة
بينهم اتنين مربوطين بحبال هدومهم متبهدلة، وعيونهم مليانة ذل وخوف… دول هما: “رحيم” و” وفاروق” – أعْمام رحمة.
الغفير: يا عمدة… جِبناهم كيف ما حضرتك امرت ربطناهم ورميناهم قدام حضرتك اهم ؟!
فرج (بصوت عالي ومليان غل وغضب وخوف قال ):
دخلوهم جوّه… الدار !
(الغفر بيدخلوهم ويقعدوهم على الارض قدام الكرسي بتاع العمدة، والناس كلها حواليهم)
فرج (بصوت عالي):
–نادوا لشيخ البلد ييجي، ومعاه الورقة اللي أبو رحمة همله له والوصيه وكل حاجه كانت لرحمه وياها!
(فعلا الغفير بيروح يبلغ شيخ البلد و بعد لحظات بيدخل
شيخ البلد، رجل كبير في السن وفي ايده ورق وهو داخل المندرة بتاعه العمدة)
شيخ البلد:
السلام عليكم يا حضره العمدة؟!
فرج: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
اقرا يا شيخنا… خَلِّي كل الناس تعرف الحق كان لمين والحاج رمضان الله يرحمه كان كاتب الوصيه لمين بالظبط علشان يعرفوا ان إحنا ما بنجيش على حد؟!
شيخ البلد (بيفتح الورقة وبيبدا يقرا بصوت مسموع ويقول ):
انا رمضان مصيلحي أوصي بأن كل ما أملك من أرض ودار وزرع، يكون باسم بنتي رحمة بعد وفا'تي. انا لا انسى حق الله اخواتي انا اعطيتهم المال في حياتي وكل هذه الممتلكات ملك ابنتي فقط
وأي حد من إخواتي أو ولادهم يتعرض ليها أو لورثها، فده يكون خصيم ربنا وخصيمكم، وإنكم تحكموا فيه بالحق لان في هذا الوقت هكون فرقت الحياة.
(صوت همهمة بين الناس)
– الله يرحمك يا الحاج رمضان…
– كان راجل حقاني…
– شوفوا أخواته عملوا إيه في بنته كان عنده حق من مرضاش يكتب لهم حاجه باسمهم احسن حاجه اللي هو ما نولهمش اللي هم كانوا رايدينه
كان عنده حق الراجل الطيب ومحترم!
رحمة (كانت واقفة في الركن، سكتة، ودموعها نازلة بس مفيش صوت… لما سمعت وصية أبوها، قربت بخطوات و وقفت قدام أعْمامها، بصتلهم بعينين فيها وجع السنين):
– كرهتوني في الحياة من وأنا طفلة…
– وبعد موت أبويا، كان نفسكم تمو'توني كمان…
– بس أنا عشت… عشت علشان اللحظة دي شفت وربنا كبير ما بيسيبش حق حد والحق بيرجع لأصحابه ربنا اسمه والعدل والحمد لله كان عادل في حكمه عليكم ؟!
فاروق (بيحاول يفك نفسه):
– دي بتفتري… دي كذابة احنا ما سوينالهاش حاجه يا شيخ البلد وانت يا عمده اكيد انت عاشقها علشان كده بتسوي معانا اكده!
فرج (قام واقف، وقال بصوت عالي ومليان عصبيه): بس يا وسخ انت وهو اسكت لو ما لمتش لسانك هقطعه لك واخليك عبره لكل من اعتبر اللي هيتحدت على رحمه بكلمه واحده هقطع له لسانه يا كلب يا حقير!
شيخ البلد (يبص للعمدة):
– الحكم دلوقت على رحيم وفاروق…
– حاولوا يقت'لوا بت أخوهم ورايدين ينهبوا ورث مش من حقهم…
– واللي زيهم، مكانه معروف… السجن!
فرج:
– أنا هسلّمهم بنفسي للشرطة…
– وهبلّغ الحكو'مة بكل حاجة… بالأدلة…
– وكل الأرض، والبيت، والدنيا دي… باسم رحمة…
– وهي دلوقت تبقى ستّ البلد!
( الغفير بيمسك رحيم وفاروق وبيوديه للعربيه علشان يسلموا المركز الشرطه بتاع البلد
و رحمة كانت واقفه ودموعها نازله ومش مصدقه اللي بيحصل حواليها وان اخيرا ربنا جبرها)
الحجة نعمات ( بتقوم من مطرحها، وتروح لرحمة):
– يا بنتي، حقك رجع…
– وانتِ رجعتيلي ابني يا حبيبتي …
– كنتِ بركة علينا…
– أنا خابرة إنك خايْفة منه، بس والله فرج بقى غير اللي عرفتيه ابني بقى حد تاني بسببك يا رحمه ربنا يبارك لنا فيك يا بتي؟
رحمة (بصت في عنيها، وبعدين بصّت لفرج):
– أنا مش خايفة، أنا بس مش مصدقة ان اخيرا بعد كل اللي حصل و ربنا رجعلي حقي…
فرج (قرب منها، وبص في عنيها، بصوت هادي لأول مرة):
– كنت فاكر الرجولة في القسوة…
– بس لما شوفتك بتوقفي قصادي، وانتي ضعيفة، بس واقفة كيف الجبل…
– فهمت إن الرجولة إنك تحمي، مش تظلم…
– تسمحي لي أبدأ وياكي من جديد؟
رحمة (بسمة خفيفة):
– لو نويت تتغير ماشي انا رايداك ما تكونش العمده فرج اللي هم كانوا عارفينه انا رايداك تكون العمدة فرج سيد الناس سند وضهر الاهل البلد كلتها !
فرج بص لها بحب وقالها :هعمل كل اللي انتي رايداه يا ست البنات وانتي من النهاردة بقيتي على اسمي وهتكوني بكره ان شاء الله مرتي قدام اهل البلد كلتها وكلكم معزومين على فرحي انا ورحمه بكره ان شاء الله والموجود يعرف الغايب كلكم معزومين الدعوة عامه يا أهل البلد؟!
وكمان احنا خدنا قرار لازم اهل البلد كلهم يعرفوه؟؟!
– من النهارده مفيش عمدة بياخد إتاوة من حد…
– اللي فات ما'ت، بس الحق عمره ما بيضيع!
– وأنا أول واحد هدفع تمن غلطاتي… لكن من دلوقت، كل صاحب أرض، وكل تاجر، كل واحد عنده خير… هيتبرّع للناس الغلابة اللي حوالينا!
سعيد (واحد من المزارعين في البلد ): يعني يا عمده ما فيش حد هيجي يحاسبني وياخد حاجه غصب عنينا؟وخيرنا إحنا حرين فيه!
فرج (يبصله بحزم):
– الخير اللي في إيدك مش بتاعك لوحدك، دا رزق ربنا، وهو قسمه ليك علشان يختبرك!
– هيشوفك هتدي ولا هتمنع…
– كل بيت فيه زيادة، يطلّع منها على قد ما يقدر…
– اللي معاه زراعة، يطلّع شوال رز، قُرط درة، تنكة زيت…
– واللي معاه فلوس، يساعد في الجهايز، أو في العلاج، أو يسد دين مديون!
(الناس بيبص لبعضيهم وفرحه وبيهزوا راسهم بالموافقه وفيه اللي متردد… في اللحظة دي، رحمة بتدخل من بين الناس علشان ما تخليش حد يرجع في كلامه والكلام يكون ثقه ما بين فرج واهل البلد)
رحمة (بصوت ثابت، وعينها ع الناس):
– قال الله تعالى:
"من ذا الذي يقرضُ الله قرضًا حسنًا فيضاعفهُ له أضعافًا كثيرة"صدق الله العظيم”
– الخير مش بيروح، ده بيرجع… بس أضعاف!
– اللي يساعد فقير، ربنا هيرزق اكتر من اللي هو طلعه…
– واللي يطبطب على محتاج، ربنا هيطبطب عليه وقت ما الكل يتخلّى عنه.
– احنا بلد واحدة، والبلد اللي ناسها بيحبوا بعض وبيقفوا جنب بعض، عمرها ما تقع.
فرج (يبص لها وهو فخور بيها وبيقولها):
– اسمعوا حديت رحمة
– ومن اهنا ورايح، كل موسم زرع،هطلع من ارضي اللي يرضيه عليا ضميري
– مش هحاسب حد…بس كل اللي رايدو منكم تسالوا ضميركم هو اللي هيتحكم فيكم مش احنا هنسيبكم لعقلكم والقلبكم اللي هيبخل
مش أنا اللي هحاسبه… دي حسابها عند ربنا لان الصدقه دي اساسي عندنا لازما نساعد الفقراء والمحتاجين علشان ما يبقاش في حد فينا محتاج للتاني.
(الناس بيبص لبعض وبيتكلموا بصوت واطي بس المره دي كلهم كانوا فرحانين والستات بيزغرطوا و هم بيعلنوا فرحتهم وسعادتهم وفرحانين من كلام العمده فرج وحكمه رحمه )
واحدة من الستات (بصوت عالي ):
– الله ينور عليكي يا رحمة! انتي ربنا بعتك علشان تنوري لنا دنيتنا يا بتي ربنا يخليكي لينا وما يحرمناش منك واصل!
الحاج ممدوح (بيبكي ويمسك إيد حفيده):
… العدل رجع، والبلد اتطهّرت من الشر الحمد لله يا ولدي!
فرج (بيرفع إيده):
– وإحنا داخلين على ليلة فرح… مش بس فرحي بمراتي…
– دي فرحة بلد، فرحة رجوع الحق، وفرحة ستر لكل محتاج!
– والليلة دي، مش هتتقفل إلا وكل واحد فيكم بيضحك من قلبه.
ثاني يوم في دار العمدة كانت الدنيا متزينه والناس بتهيص والمزمار البلدي كان شغال والناس من كل عزب والنواحي في البلاد المجاورة كانوا بيجوا علشان يهنوا العمده بفرحه.
أهل البلد بيغنوا ويرقصوا والستات بيرقصوا حوالين رحمة اللي قاعدة جوه المندره الكبيرة، في قلب دار العمدة.
رحمة لابسة فستان أبيض وباين عليها الفرحه والسعادة وحواليها الستات من كل نواحي البلد – البنات بيرقصوا ويزغردوا
الحاج نعمات (بدموع في عينيها وهي بتمسك إيد رحمة): إنتِ بت أصول، وقلبي كان حاسس إنك من نصيب ولدي…
رحمة (بصوت ناعم وهي تبوس إيدها): – ده من طيبتك يا امايا … وربنا ما يحرمني من وجودك في حياتنا ؟!
(اما في الناحيه الثانيه عند الرجاله كان، فرج لابس جلابيه الفخمة، على كدفه شال حرير، واقف يستقبل المعازيم، ووشه فيه فرحة راجل لقى قلبه بعد عُمر طويل من الجفا والقسوة)
شيخ البلد، وهو بيسلّم عليه: ربنا يهنيك يا حضره العمده الف مبروك؟!
فرج (بثبات): الله يبارك فيك يا شيخ البلد اتفضل يلا علشان عايزين نكتب الكتاب بقى؟!
شيخ البلد :اتفضل يا حضره العمدة حاضر ؟!
بعد دقائق كتبوا الكتاب وفرج كانت الفرحه مش سيعاه وهو ما صدق اني اخيرا رحمه بقت مراته وحبيبته وكل حياته والفرحه اللي هو كان مستنيه من أول دقيقه شافها فيه اخيرا وصل لها.
وفجأة... الباب اتفتح.
دخل "فرج"بكل هيبه، بس المرة دي كان وشه هادي، فيه وقار، بس كمان فيه خجل، وابتسامة الناس ما كانتش متعوده ان هي اشوفها على وش .
بص ناحيتها وقال بصوته اللي دايمًا كان حاسم، بس المرة دي فيه نغمة دافية:
يلا يا رحمة... ؟!
رحمة قامت، وخطوتها كانت تقيلة من رهبة اللحظة، بس عيونها بتبص له بحنية وخضوع، فيها أمان وثقة، وشوية دموع فرح.
قرب منها، مدّ إيده، وهي حطت كفها في كفه، وسط الزغاريط والتهليل، ومشوا سوا وسط الناس، وهو ماسكها كإنه لاقى كنز عمره، وهي ماشية وراسه مرفوع كإنها بنت السلطان.
طلع بيها فوق، عالأوضة اللي كان مجهزها بنفسه، واللي لأول مرة رحمه تدخلها وحست ان هي مملكتها .
فتح الباب، دخلوا سوا... وساب الباب يتقفل وراهم على بداية جديدة.
بص لها وقال:
أنا عمري ما كنت أعرف يعني إيه دار... ولا قلب يدق غير للاسواه على الناس كل الناس كانوا بيقولوا عليا ما عنديش قلب بس وياكي عرفت يعني إيه ابقى انسان وعندي قلب كيف بقيه الناس!
رحمه قربت منه وحطت ايديها على صدره وقالتله بحب :
وأنا يا فرج، عمري ما حسّيت بالأمان إلا لما شُفتك انت حميتني ونقذتني من المو'ت وكنت سند وضهري ليا وكنت راجلي وعوضي من ربنا في وقت ما كانش ليا حد فيه ربنا بعتك ليا في الوقت اللي انا كنت محتاجاك فيه ربنا كبير وعوضني بيك ؟
سكت لحظة، وبعدين جابت من الجنب مصحف صغير، ملفوف في قماش أبيض مطرز بخيوط دهب وقالت:
ــ "أول هدية مني ليك... كتاب ربنا، نبدأ بيه طريقنا... ونمشي على منهج ربنا وعلى منهج الرسول صلى الله عليه وسلم؟
خده بإيد بترتعش وباسو وحطه فوق راسه وقالها : عليه افضل الصلاة والسلام تعرف يا رحمه
اني عمري ما صليت، كنت دايمًا شايف إن الرجولة فـ الضرب والبطش، لكن إنتي علمتيني إن الرجولة في محبه الناس حوالينا انا رايد اصلي واول ركعه اركعها في حياتي هتكون وياكي ؟!
قالتله وهي بتدمع:
"تعالى نصلي، وأنا هكون وراك، وأعلّمك كيف تصلي وربنا هيكون وياك على طول وبعد اكده أنت اللي هتعلم عيالنا ؟!
وقفوا سوا، وهي قدّامه، بتقوله الخطوات، وهو بيكرر، ولأول مرة في حياته، ركع، وسجد، والدموع غرقت سجاد الصلاة.
وبعد ما خلصوا، حضنها، وقال:
ــ "من النهاردة، أنا وانتِ سوا... وعد على كتاب ربنا، لا هجرّحك، ولا أوجّعك، ولا يوم هنسى إني كنت تايه وانتي رجّعتيني لطريق الحق.
هو... بقى إنسان جديد، قلبه فيه رحمة، وعينيه فيها نور.
دي مش حكاية حب وبس،
دي حكاية عن الظلم والوجع والحق اللي بيرجع في وقته.
عن راجل كان قلبه حجر، اتعلم الرحمة على إيد واحدة ست بسيطة اسمها "رحمة".
كانت جُرح، وبقت دوا.
كانت مكسورة، وهو كان ضايع… ولما اتقابلوا، كملوا بعض.
هو رجع لها حقها، وهي رجّعته لطريق ربنا.
علمته يعني إيه يصلي، يعني إيه يحب بصدق،
وخدت بإيده من الظلمة للنور.
وفي الآخر، كانت فرحتهم مش بس فرح جواز،
كانت فرحة عمر كامل اتبدّل،
وبداية لحياة فيها حب، وستر، وعدل.
رحمة وفرج… اسمين، بس وراهم قصة كلها وجع وشفا، قسوة وحنان، ونهاية حلوة تستاهل التعب.
"تمت بحمد الله"