سكريبت خطوة مترددة للمستقبل (كامل) بقلم هاجر نورالدين
_تيجي نشرب قهوة؟
بصلي وقال بهدوء وعيونهُ مليانة فراغ:
=خطوبتي الإسبوع الجاي يا حنين.
كملت كلام بإبتسامة مُزيفة ودموعي بتحارب عشان تنزل:
_بجد، ألف مُبارك، نسيت تعزمني؟
إتنهد ولف نفسهُ وكان هيمشي، إتكلمت بسرعة بنبرة مخنوقة وقولت بعد ما الإبتسامة المُزيفة مقدرتش تتحمل كدبي أكتر من كدا:
=هي مين؟
رجع بصلي تاني وقال بهدوء:
_واحدة زميلتي في الشغل التاني.
هزيت راسي بتفهُم تحت وفوق 3 مرات وإتنهدت تنهيدة طويلة عشان دموعي متنزلش وقولت:
=ربنا يتمملك بخير، إبقى إبعتلي اللوكيشن والميعاد عشان آجي أعمل معاك الواجب.
هزّ راسهُ ومِشي كام خطوة ورجع من تاني بحركة سريعة ووقف قدامي وقال بعصبية وغضب:
_إنتِ إي، مش هتتحركي خالص كدا، مش فارق معاكِ أنا خالص طب حتى إنطقي وإعترضي؟
في الوقت دا مقدرتش أمنع دموعي أكتر من كدا وإنهارت من البُكا والحُزن اللي فارط قلبي ومقدرتش أتكلم ولا أرد عليه، إتكلم من تاني بعصبية وقال وهو بيحاول يخلي نبرتهُ هادية عشان أجاوبهُ:
_إتكلمي يا حنين، قولي آي حاجة، لو لقيت منك آي رد فعل هوقف كل دا وهفضل معاكِ، حتى قولي إنك رافضة إني أبقى لحد غيرك، حسسيني إنك بتحبيني وعايزاني عشان أقدر أفرط في الكل لأجلك!
بصيتلهُ بعد ما هديت من الدموع شوية ومسحت وشي ورسمت إبتسامة خفيفة مُزيفة وقولت بهدوء مُبالغ فيه واللي مش في محلهُ في الموقف دا اللي حبيبي هيخطب فيه:
=ألف مُبارك يا سليم، إن شاء الله هبقى معاك في اللحظة دي، عن إذنك عشان لازم أمشي دلوقتي هتأخر.
سيبتهُ بعدها ومشيت وأنا الدموع مغرقة وشي، أه بحبهُ وأه عايزاه بس مقدرش أقول ولا أقدر آخد خطوة في الموضوع دا بالذات، مقدرش أعيش نفس التجربة القديمة من تاني.
خايفة من كل حاجة، حتى والدتي ووالدتي كانوا تجربة فاشلة وماما كانت دايمًا بتعاني مع بابا وكان متضطرة تتحمل وتعيش عشان عيالها لحد ما ماتت من غير ذرة سعادة تُذكر في حياتها عملتها لنفسها، لما قولت إن مش كل التجارب كدا.
وبعد ما تعالجت نسبيًا من العُقدة اللي عندي إتخطبت لواحد كنت مفكراه ملاك وبيحبني بجد، بس بعد 3 شهور بس بان على حقيقتهُ ورجعلي كل ذكرياتي القديمة بعد ما مدّ إيدهُ وإتعصب عليا بسبب إني نزلت في مرة من غير ما أقولهُ، دا وإحنا مخطوبين بس!
ومن بعدها رجعت أسوأ من الأول وبقيت شايفة إن كل العلاقات مسيرها هتبوظ ومسير كل الرجالة تبان على حقيقتها السا* دية، وصلت البيت ودخلت على السرير على طول عشان أنام، كعادتي دايمًا لما أعوز أهرب من حاجة مش هقدر على مواجهتها.
حبيبي هيتجوز واحدة تانية ومش هيبقى ليا فيه ومع ذلك مش قادرة أو خايفة، خايفة أديلهُ ثقتي وأتطمنلهُ ويطلع زيهم، هما كلهم واحد، مع إني عارفة إنهُ شخص كويس وبيحبني بجد.
بس إي اللي يضمنلي إنهُ مش بيمثل عليا أو إنهُ يتغير ويعاملني بطريقة وحشة بعدين ووقتها يكون معايا أطفال ويعيشوا نفس المُعاناة اللي عيشتها، أجبرت دماغي إنها توقف تفكير ونمت وأنا دموعي على خدي.
تاني يوم الصبح نزلت الشغل وأنا شِبه ميتة وفاقدة الأمل في حياتي، دخلت الشغل ولقيتهم كلهم قاعدين بياكلوا جاتوه وهما مبسوطين، مهتمتش وقعدت على مكتبي، لقيت طبق جاتوه بيتحط قدامي، بصيت للي حط الطبق وكان سليم، إتكلم وهو باصص في عيوني وكإنهُ مستني يشوف الحُزن فيها أو آي تأثُر باللي بيقولهُ:
_دا بمناسبة خطوبتي، هستناكِ يوم الخميس الجاي، إبقي تعالي مع فريق العمل.
إبتسمت بهدوء وبعدت الطبق ناحية إيدهُ وقولت:
=مُتشكرة وكل حاجة بس أنا مش باكل سُكريات الفترة دي.
حطيت بعدها السماعات في وداني عشان مسمعهوش وشغلت جهازي وبدأت في الشغل، حسيت بعصبيتهُ وبعدها مِشي من جنبي، كان قلبي بيتفرم جوايا بس مع ذلك مقدرش أبينّ حاجة، أنا اللي غلطانة وأنا اللي متكلمتش وإديتهُ الفرصة دي.
وقفت شغل في نُص اليوم وقومت عملتلي قهوة سادة، عُمري ما حبيت مرارتها وهي سادة أبدًا، بس يمكن حسيت بالعزاء لقلبي ونفسي على ضياع حبيبها فـَ لأول مرة تناسبني القهوة السادة، وقفت بشربها في البلكونة بتاعت الشركة وأنا بفكر.
هو أنا هعيش بقية حياتي كدا، هفضل عايشة خايفة من كل حاجة ومن إني أكون أُسرة وأطفال ويكونلي شخص يحبني بجد ويخاف عليا وعلى زعلي، طب لو متقدمتش خطوة دلوقتي، هل يا ترى بعدين هبقى مبسوطة بقراري دلوقتي دا ولا بعدين هندم إني ضيعت حُب العُمر اللي مش بيتكرر ولا هفضل عايشة وحيدة وهموت وحيدة وأنا بتفرج على العائلات السعيدة في الجنينة وجنبي كلب بيونسني في وحدتي برغم إنهُ مش بيتكلم لدرجة نسيت أنا كمان الكلام بسبب وحدتي، قطع تفكيري البائس سليم وهو بيُقف جنبي وبيقول بهدوء وهو باصص للسما:
_تعرفي يا حنين أنا عيشت تجارب قاسية كتير قد إي؟
بصيتلهُ بعدم إستيعاب ومردتش عليه، كمل كلام وقال بإبتسامة جانبية:
=متعديش، لو كنت وقفت حياتي على تجاربي دي مكنتش نجحت في حاجات كتير أوي، لو كنت فضلت عند نفس النقطة واقف خايف أتقدم لإني مش عارف المستقبل هيبقى فيه نفس التجارب دي ولا لأ مكنتش هبقى أنا اللي إنتِ شيفاه، ممكن كان ينتهي بيا الحال تحت آي رصيف بحتضن الكراتين عشان أستمد منها الدفء، أنا في البداية خالص مكنش معايا فلوس ولا كان عندي أهل أغنية، كُنا كلنا في أوضة واحدة بس، 4 أفراد، وبننام على الأرض، لو كنت فقدت الأمل ومكملتش في الدراسة زي ما كانوا كلهم بيسخروا مِني وبيقولولي أخر إبن البواب يطلع إي غير بواب، كان زماني من وقتها بواب فعلًا واليأس تملكني، ولكن خدت التجارب والقساوة دي حافز إني أكمل وأتحدى كل دا عشان أثبتلهم إن إبن البواب بقى رجل أعمال مُهم وإن البواب عرف يطلع ويربي واحد زيي، مش كل الخبطات اللي بناخدها في حياتنا هتدمرنا، إحنا اللي بنختار دورها في الحقيقة، بنختار لو هنخليها توقف حاتنا ونقعد نبكي على اللبن المسكوب أو ناخدها تحدي وتزيد فينا العزيمة والإرادة.
كنت متأثرة جدًا بكلامهُ لدرجة إن دموعي نزلت من غير ما أحس، يمكن دا جانب مكنتش عرفاه عن ماضيه، ثقتهُ في نفسهُ وفخرهُ بوالدهُ خلوا منظروا في عيني بقى عالي أوي، خلاني أشوف التجارب بتاعتي بشكل تاني، وخلاني أشوفهُ هو كمان بشكل تاني، خلاني إتطمنتلهُ إلى حدًا ما، بصلي وإبتسم وقال بهدوء:
=وعلى فكرة، أنا مش هخطب ولا حاجة، دي بس كانت تجربة يمكن تتحركي بس منفعتش، وبصراحة مش هقدر أكون لغيرك لإني للأسف بحبك، ممكن تديني فرصة أثبتلك إني عمري ما هكونلك غير السند والأمان والسعادة؟
بصيتلهُ برفعة حاجب بعد ما مسحت دموعي وقولت:
_إنت كدبت عليا!
وكمان للأسف بتحبني!
بصلي بعدم إستيعاب وقال:
=دا اللي لفت نظرك؟
كنت هسيبهُ وأخرج برا بس لقيتهُ مجاش ورايا فـَ رجعت تاني ووقفت قدامهُ وقولت بغضب طفيف:
_مش هتيجي ورايا تصالحني كمان؟!
بصلي بملل وقال:
=أه، يلا بقى، عشان البعيدة حلوفة وأنا تعبت، أقولك بقى أنا هروح أخطب واحدة تانية بجد.
كان هيمشي وقفت قدامهُ بغضب وقولت:
_طلعت منهم أهو، وبعدين إستنى كدا رايح فين مش كنت لسة هتبقى الأمان والحنان ليا ولا معدش فيه؟
إبتسم وقال:
=ومش هكون لغيرك، بس ربنا يهديكِ عليا ويصبرني عليكِ، وأكيد مكنتش همشي ولا هشوف غيرك، بس كنت مستني أسمع كلامك اللي بيدُل على الموافقة.
إبتسمت وقولت بجدية المرة دي بهدوء:
_توعدني تنسيني كل اللي فات وتعالج ذكرياتي بذكريات أحسن وحنينة عليا وعلى قلبي؟
إبتسم إبتسامتهُ الجميلة وقال بصدق واضح في لمعة عيونهُ ونبرة صوتهُ:
=أوعدك يا حنين، أوعدك بحاجات كتير أوي مش هقولها ولكن هتشوفيها بتحصل قدامك لإن كُتر الكلام بيقلل الأفعال، وأنا عايزها تزيد.
إتكلمت بسعادة وقولت قبل ما أخرج:
_حيث كدا بقى كلم بابا عشان تتفقوا على كل حاجة لإني عايزة فترة خطوبة طويلة أكتشفك فيها براحتي.
فضل واقف مكانهُ مُبتسم بهدوء وقال بصوت واطي بعد ما خرجت:
=إكتشفيني براحتك، مساحتك عندي كلها جنينة مليانة ورود وحُب وبس، على عكس باقي الناس، عمري ما أستغل أو أدوس على جرحك أبدًا، هساعدك في تخطيه ونسيانهُ وكإنهُ لم يكُن.
#هاجر_نورالدين
#خطوة_مُترددة_للمستقبل
#تمت