رواية زهرة العاصي الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم صفاء حسني
زهرة العاصي -
الكاتبة: صفاء حسني
في بيت الجد "محمد" - الهدوء مشوب بالحذر... زهرة لسه خارجة من الصدمة بعد ما شافت "نعيمة" و"حسين" داخلين عليهم... الكل ساكت، وسكينة توتر ممدودة في الهواء.)
زهرة (بصوت مهزوز وهي بتبص في الأرض):
ـ "أنتم هنا...؟"
نعيمة (بابتسامة مصطنعة، تمثل الرقة):
ـ "كنا لازم نيجي، مش عشان روح نيفين ترتاح ...و عشان نعتذر على كل إهانة حصلت منى ليك واتهمك إنك السبب في موت بنتى
حسين (بصوت هادي وملامح حزينة):
ـ "الظلم بيكسر... بس الجهل بيكسر أكتر... يمكن كنا جهلة بحقيقتكم... وبحق بنتكم..."
(زهرة تبص لجداها ومحاولة تفهم الحقيقة من ورا الكلام، لكن قلبها مش مطمّن... تحس إن في حاجة مش راكبة... تشوف نظرة حسين اللي بتتغير بسرعة وهو يبص في المكان، كأنّه بيهرب من حاجه أو بيقيم المكان.
زهرة (تسأل بهدوء):
ـ "أنتم جيتوا عشان تعتذروا منى ولا ل سبب تأنى ؟"
نعيمة (بنبرة مصطنعة):
ـ "... كنا بس عاوزين نقول... إننا آسفين."ونتقابل مع دكتور عاصي
زهرة العاصي -
الكاتبة: صفاء حسني
(هزت راسها زهرة انسحبت بهدوء غسلت وشّها،
رجعت من غرفتها وقعدت على الكرسي اللي جنب الشباك... من المكان ده تقدر تبص على القعدة من بعيد، من غير ما حد يحس. عينيها ثابتة على عاصي، وعلى حسين ونعيمة وهم بيهزوا راسهم ويبتسموا... لكن حاجة جواها مش مريحاها.)
زهرة (في سرّها، وهي بتكتم شهقة جوة صدرها):
ـ "في حاجة مش طبعية... الهدوء ده مش طبيعي، وكأنهم حافظين كل كلمة... ونعيمة؟ بتضحك وبتقول يا بنتي؟! دي من شهور كانت بتصرخ في المحكمة وتقول عليّا قاتلة صاحبتها!"
(تسند راسها على الحيطة، وتفكر... وتفتكر الحلم اللي شافته في الطيارة... نفس الضحك، نفس النار، نفس الشعور بالخطر... وتبدأ أنفاسها تتسرّع.)
زهرة (بهمس):
ـ "مش لازم أتهوّر... بس قلبي مش مرتاح، وأنا عمر قلبي ما كذب عليّا..."
(في الوقت ده، عاصي بيرفع عينه، وكأنه حس إنها بتبص عليه... عينه تقابل عينها، يلاحظ توترها، يلمح الارتباك في وشّها... لكن ما يطولش النظرة، ويكمّل كلامه.)
عاصي (وهو بيرجع يبص للملف):
ـ "بكرة يوم كبير، وبنرحب بأي دعم حقيقي... بس الدعم اللي من القلب، مش دعم بيتركن في صور أو ورق."
(زهرة تكتم دمعة، وتقوم تقفل الشباك بهدوء... وتاخد نفس عميق.)
زهرة (بصوت واطي جدًا):
ـ "أنا مش هسكت لو حسّيت إن في حاجة ممكن تأذي حد تاني... مش بعد كل اللي حصل، ومش بعد كل اللي خسرته."
(تخرج من أوضتها، بخطوات هادية لكن وراها قرار... قرار إنها تفتح عينيها أكتر، وتفهم إيه اللي بيحصل حوالين عاصي ومشروعه، وخصوصًا الناس اللي بتحاول تدخل حياته من باب "الدعم".)
---
زهرة العاصي - الخاتمه الثالث )
الكاتبة: صفاء حسني
. بعد ما مشي حسين ونعيمة من بيت الجد محمد، زهرة كانت واقفة عند الشباك، عينها بتتابع ضوء العربية وهو بيختفي، وقلبها بيدق بسرعة. خدت نفس عميق، وقررت تطلع تقول ل عاصي .
---
عاصي كان قاعد على الترابيزة بيقلب في أوراق المشروع، وبيراجع بعض البيانات على اللابتوب، لما سمع خبط خفيف على الباب.
عاصي (يرفع عينه):
ـ "ادخلي..."
تدخل زهرة، خطواتها هادية لكن ملامحها مش مرتاحة.
زهرة (بصوت ناعم لكنه حاسم):
ـ "همّا جُم من القاهرة لحد هنا... بس عشان ياخدوا رأيك في الافتتاح؟"
عاصي يرفع حواجبه بدهشة، يحاول يفهم المغزى:
عاصي (بهدوء):
ـ "وفيها إيه لما يجوا؟ الشركة دي هتكون بينا وبينهم، فطبيعي يحبوا يعرفوا تفاصيل قبل ما نبدأ رسمي."
زهرة تهز راسها وتنزل عينيها شوية، وكأن قلبها بيشدها للي مش منطقي في الموضوع:
زهرة (بتنهيدة):
ـ "هو... إنت محتاج فلوس؟"
عاصي يسيب القلم من إيده، ويبص لها باستغراب:
عاصي:
ـ "فلوس؟ مش فاهم تقصدي إيه؟"
زهرة (بصوت مرتبك لكنه صادق):
ـ "يعني... محتاج تمويل عشان المشروع؟
ولا تقدر تبدأ من تحت؟ يعني بشقة صغيرة، بأجهزة بسيطة... مش محتاج شركة فخمة ومبنى وافتتاح ضخم.
مش هنبيع منتجات... أنت محتاج عقول، مهندسين شطار، مش مكاتب جلد وديكورات."
عاصي يفضل ساكت لحظة، بيهز رجله بتوتر ويفكر، لكن زهرة تكمل، وقلبها بيحكي قبل لسانها:
زهرة (بحزم وحزن):
ـ "أنا مش ضد الحلم الكبير... بس ضد اللي يحاول يشتريه مننا.
مش مرتاحة لوجودهم... قلبي مش مرتاح، ومش عارفة ليه. مرة واحدة يسامحوا على دم بنتهم، إنت شايف ده منطقي ، بترجاك، بالله عليك، فكر تاني... قبل ما يدخلوا معانا حاجة ممكن تبقى سبب ضياع كل حاجة."
سكون... عاصي يبص لها بعينيه، فيها دهشة وامتنان، وفي نفس الوقت صراع داخلي بين طموحه وإحساسها.
عاصي (بصوت واطي):
ـ "أنا كنت فاكر إن الحلم محتاج دعم...
بس واضح إن أكتر حاجة محتاجها... حد بيخاف عليه من جوه."
زهرة تبص له، وبهدوء تقول:
زهرة:
ـ "أنا مش عايزة غير أشوفك ناجح... بس مش على حساب روحك، ولا مشروعك، ولا قلبك."
وانت معاك فريق كلهم متخرجين من نفس القسم، ياسمين و زياد وزينة ورمى وكريم وفي زملاء تأنى كتير ممكن نعلمهم إلا اكتسبنا ب التعليم برا
يسالها عاصي عن سبب خوفها وتحكى الحلم إلا بيتقرر معها
---
زهرة العاصي -
الكاتبة: صفاء حسني
وفى نفس الوقت
ليلًا، في أوضة ضلمة، نور الشاشة بس هو اللي منوّر المكان. حسين قاعد على كرسي، ماسك الموبايل، ووشه متوتر، وعرق خفيف ظاهر على جبينه. جنبه نعيمة، بتتابع المكالمة بكل تركيز.
(صوت راجل غامض من التليفون - الصوت مش واضح ومشوّش)
المجهول (بحدة):
ـ "لازم تخلصوا عليهم... كلهم. دفعة واحدة. المشروع ده ماينفعش يشوف النور... وخصوصًا زهرة وعاصي. عندهم خبرة كبيرة يعني يقدرو ينجحوا "
حسين (بقلق وتردد):
ـ "إزاي؟! دي أرواح بني آدمين... وشقي عمري كله يضيع ورا الانتقام، فاهمنى ازى أحرق حلمهم؟! ده حلم ناس، وناس ساعدونا وانت الا طلبت مننا نسامحهم .."
المجهول (بصوت أكثر تحكم):
ـ "هنعوّضك... أضعاف اللي خسرتوا. بس أوعى تنسى إن حلمهم ده هيهدّ سوقنا... وهيفتح عيون كتير.
وما تنساش بنتك يا حسين... بنتك اللي دفنت وانت مش قادر تعمل لها عزاء...
ياسمين وزهرة، سبب اللي حصل، وصحابها كمان. مش كفاية تمثيل!"
نعيمة (بصوت خافت لكن حاد):
ـ " لكن انا كنت فاكرة لم قولت لينا نقبل اعتذرهم ونبرا زياد ونسامح ياسمين ،عشان نبوظ شغلهم ... و نمسح كل حاجة لكن مش حريق وموت ؟"
المجهول (ببرود قاتل):
ـ "بكرى في الافتتاح... المكان كله لازم يتصفّى كلمة ومش اقررها وفلوس الشركة وتعويض دم بنتكم + أخد التار منهم كلهم كفيل ان قلبكم يرتاح ."
(يسود الصمت لحظة، حسين يبص لنعيمة، وعينه فيها رعب... وندم... لكن كأن الشر رجع يخنقه من تاني.)
نعيمة (بصوت مرّ):
ـ " أكيد فى أفكار تأنى غير الموت بلاش يكون ده آخر الطريق؟"
المجهول:
ـ "هو ده الطريقة الوحيد... عشان وجعك يبقى له معنى."
(المكالمة تقفل... وتسيب السكون القاتل يلف المكان... حسين يقوم، يروح للشباك، ويبص في السواد برّه، وعينه تدمع.)
حسين (بصوت واطي):
ـ "هو ده الانتقام؟... ولا إحنا اللي اتحرقنا من جوه؟"
زهرة العاصي -
الكاتبة: صفاء حسني
الباب الخشبي يتفتح بهدوء... وتدخل سارة، لابسة فستان بسيطة بلون هادي.
وراءها كنان زوجه ، واقف جنبها، ماسك إيدها، عيونه بتدور على ملامح الرجل اللي سمع عنه كتير... ومقابلش منه غير الغضب والرفض .
عزيز كان قاعد على الكرسي الهزاز، لكن أول ما شافها... قام ببطء، عنيه اتملت دموع من غير ما ينطق.
سارة (بصوت متهدج):
ـ "بابا..."
عزيز ماستحملش، فتح دراعاته بحنان الدنيا كله، وهي جريت عليه كأنها لسه بنته الصغيرة، حضنها حضن طويل سنين بتتدارك فيه.
عزيز (يبكي):
ـ "سامحيني يا بنتي...
سامحيني ع الغربة اللي حوّشتها جواكي، والبعد اللي زرعته بينا.
أنا كنت فاكرك بعيد، لكن قلبي كان موجوع كل يوم..."
سارة (وهي تبكي):
ـ "أنا كمان يا بابا... كل يوم كنت بتمنى أرجع الحضن ده."
يبص عزيز ناحية كنان، ويقرب منه، يمد له إيده برجولة وانكسار في نفس الوقت.
:
ـ "أنا آسف يا كنان...
ظلمتك كتير، واتسرعت في حكمي،
وأكتر حاجة ندمت عليها إني كنت احرم بنتي من راجل زيك ...
مكنتش عارف إن كل الناس حواليّ بيكدبوا عليّا... وأنا كنت العايش في كذبة ابنك إلا من صلبك هو إلا انقذني ."
كنان ياخد إيده، ويحضنه برفق:
كنان (بابتسامة دافية):
ـ "كفاية إنك عرفت الحقيقة، والقلوب الصافية عمرها ما بتقفل الباب على الندم."
سارة تبص حوالين البيت، وتضحك ببكاء:
سارة:
ـ "رجعت يا بيتنا... ورجعت يا بابا."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
ليل هادي... الكل نايم، والنجوم معلقة في السما، لكن عاصي كان صاحي... قاعد على السطوح، شايل راسه بإيده، وصوابع رجله بتتحرك بعصبية على الأرض.
عاصي (يفكر في سره):
ـ "حلم؟ ولا نبوءة؟
قلبها بيخاف... وأنا؟ قلبي عاوز يصدقها، بس عقلي بيرفض."
ينهض، يمسك موبايله، ويبدأ يتصل بخاله عصام...
عاصي (بقلق):
ـ "خالو... آسف إني بكلمك دلوقتي، بس محتاج رأيك في حاجة مهمة."
عصام (بصوت هادي ونايم نص صاحي):
ـ "خير يا عاصي؟"
عاصي:
ـ "لو حد حلم إن في مصيبة جاية، وكنت حاسس إنها ممكن تكون حقيقية... تاخد كلامه جد؟"
عصام (بعد تفكير):
ـ "على حسب مين اللي حلم...
لو إنسان حساس ، واحلامه بيتحقق يبقى لازم تسمعها كويس.
لإن ممكن يكون الحلم مش حلم... يكون إحساس... ربنا بيرسله في شكل حلم."
ثم يتصل بالدكتورة نادين.
عاصي:
ـ "دكتورة نادين، ممكن أسألك حاجة بخصوص زهرة؟"
نادين (بهدوء):
ـ "اسأل يا عاصي."
عاصي:
ـ "هي بتاخد أدوية؟ هل ممكن تعمل كوابيس؟"
نادين:
ـ "أه ممكن، بس زهرة من النوع اللي أحلامها بتيجي من إحساسها، مش من دوائها.
لو حلمت بحاجة، فكر فيها... لأن اللاوعي عندها واعي أكتر من ناس كتير وهي صاحية."
يقفل معه وهو في حيرة
الكاتبة: صفاء حسني
وأخيرًا، يركب العربية و يروح على بيته جده عزيز فى القاهرة
يدخل عاصي، ولسه أثر التوتر باين في ملامحه، لكنه بيتحول لدهشة دافئة أول ما يشوف سارة بتفتح الباب، عينيها بتلمع بالدموع من الفرح.
سارة (بحنان وقلق):
ـ "مالك يا ابني؟ شكلك مهموم!"
عاصي (بلهفة):
ـ "انتي جيتي؟ وبابا رجع معاكي؟"
تبتسم سارة وتطبطب على كتفه:
سارة:
ـ "يعني أسيبك في يوم زى ده؟ دا بيتنا بيلم تاني يا عاصي."
ينزل عاصي بسرعة، يلاقي أبوه قاعد مع الجد عزيز، ضحكتهم بتملأ البلكونة، وريحة الشاي بالنعناع ماليه المكان.
عاصي (بصوت مبحوح):
ـ "بابا..."
يقوم كنان من مكانه ويفتح له حضنه، وعاصي بيحضنه كأن سنين الوحشة بتسيب قلبه في اللحظة دي.
بعد وقت يسأل عاصي (بصوت هادي):
ـ "ممكن الحلم يكون إنذار؟"
الكل يسكت، ويبصوا له، وسارة تقعد جنبه بهدوء.
سارة:
ـ "احكي يا عاصي... حلم إيه؟"
يحكي لهم عن حلم زهرة... عن النار، عن الضحك اللي فيه شماتة، وعن إحساسها اللي ما كانش مطمن.
عاصي:
ـ "أنا كنت مستغرب خوفها من فكرة الشركة... بس لما حكيت لي الحلم، حسيت إنه مش مجرد كابوس... حسيت إنه رسالة."وخصوصا لما سالتنى
ـ " إنت شايف إن أي مشروع محتاج تمويل كبير في الأول؟"
عزيز (بيهز راسه):
ـ "اللي محتاجه المشروع يا ولدي هو النية الطيبة، والعقول اللي بتشتغل بضمير... والفلوس عمرها ما كانت ضمانة، لكن القلوب الصافية هي اللي بتبني وتكبر."
سارة:
ـ "لو زهرة قلبها مش مرتاح، ماينفعش نتجاهل ده... خلي حلمها يبقى علامة، مش خوف."
عاصي (بهدوء):
ـ "أنا قررت... نبدأ صغير، من مكان بسيط، ونبني المشروع بعرقنا، مش بفلوس ناس مش واثقين في نيتهم."
سكت الكل لحظة، وبصوا لبعض... كانت لحظة اتخاذ قرار، لحظة انتقال من حلم ممكن يتحول لكارثة، لحلم حقيقي مبني على ثقة ومحبة.
الجد عزيز (بابتسامة فخورة):
ـ "أهو ده العقل... ودي البداية الصح."
في اللحظة دي تدخل زينة وياسمين عليهم، شايلين صينية فيها شاي وكحك معمول بإيد سارة.
زينة (بضحكة):
ـ "لو بابا كمان يرجع يبقى أحلامنا كلها اتحققت."
سارة (وهي بتضحك):
ـ "هيجي هو ونادين بكرة، وعدوني... ما هو يوم فرح زياد وياسمين لازم يكونوا موجودين."
الضحك يملأ البيت... لكن عاصي يفضل ساكت شوية، وعينيه فيها شرود...
زينة (بضحكة):
ـ "فيه اجتماع مهم واحنا مش فيه؟ ولا إنتوا بتخططوا وناويين تسيبونا برّه الحكاية؟"
ياسمين (وهي تقعد جنب عاصي):
ـ "ولا تكونوا بتتكلموا عن الحلم اللي زهرة شافته؟"
يبصلهم عاصي، وعينيه فيها امتنان.
عاصي (بهمس):
ـ "آه... بس عرفتي إزاي؟"
تنهدت ياسمين، ونظرتها راحت بعيد، كأنها بتسترجع اللحظة.
ياسمين (بهدوء):
ـ "اتصلت بيّ وسألتني... قالتلي: "إزاي سامحتيني بالسرعة دي؟""
أ فلاش باك،
نعيمة (بصوت مرتعش في التليفون):
ـ "أنا محتاجة أقابلك... فيه حاجات لازم أعرفها عن اللي حصل لنيفين... وعن زياد."
انتقلت الكاميرا لمكان اللقاء... قعدة بسيطة في حديقة صغيرة. نعيمة قعدت قدام ياسمين، وشكلها كان تعبان من الزمن، لكن عنيها فيها ندم. وحكت كل إلا حصل
نعيمة (بصوت صادق):
ـ "اللي حصل لبنتي مش ذنب زياد... يمكن ذنبي أنا. شغلنا، ودوامتنا، وانشغالنا... خلانا نغلط، وندفع بناتنا التمن. يوم الحادثة... كلنا كنا غايبين، بس أنا اللي كنت المفروض أكون موجودة. ولو في حد يستحق العقاب... فأنا."
مرت أيام، وزيارة ورا زيارة، الكلمة الطيبة مسحت جزء من وجع القلب... وياسمين، بعد ما سمعت وعاشت معاها اللحظات، بدأت تسامح... مش بس عشان نعيمة، لكن عشان نيفين، وعشان نفسها.
الفلاش باك ينتهي، ونرجع لياسمين اللي بتكمل كلامها:
ياسمين (بابتسامة حزينة):
ـ "ماقدرتش أكرهها... لقيت فيها أم تايهة، بتدور على خلاصها... فسامحتها، واعتبرتها بنتي زي نيفين."
وبعد كده زهرة حكتيلي عن حلمها
تنهد عاصي
وانا مصدق إحساس زهرة
... وقررت أبدأ من تحت، من الأول... من قلبي وعقلي، مش من تمويل غريب."
زينة (بحزم وابتسامة):
ـ "وأنا معاكم... وهنعمل خطة تسويق للمشروع بنفسنا... المشروع ده هيبقى علامة لبلدنا، ووجهة لطلاب العلم من كل حتة."
ياسمين (بحماس):
ـ "وإحنا عندنا شباب كتير، ومواهب أكتر... وكل اللي محتاجينه دعم وإدارة نضيفة. المشروع ده هنبنيه بإيدينا، مش بفلوس مشبوهة."
يبصلهم الجد عزيز بفخر، ويهز راسه.
عزيز:
ـ "اللّي شايفه قدامي... هو مستقبل نظيف، مليان نور."
سارة (بعين بتلمع):
ـ "وكل حلم نظيف، ربنا بيكمله."
يسود صمت بسيط، صمت مفيهوش غير راحة النفس... الكل حاسس إن القرار اللي خدوه هو البداية الحقيقة.
عاصي (بابتسامة خفيفة):
ـ "زهرة كانت السبب في إننا نفتّح عنينا... والحلم اللي خوفها، هو اللي أنقذنا."
وفي الخلفية، الكاميرا تتنقل على لمّة العيلة، كأن الحياة أخيرًا بدأت ترجع لمكانها الصحيح.
الأب (بصوت مليان حكمة):
ـ "المشروع محتاج نية صافية، وتخطيط.
الفلوس تيجي بعدين.
بس لو دخل في نيتك شركاء قلبهم مش نضيف... المشروع يتوسّخ حتى لو نجح."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
في كافيه صغير، عاصي، زياد، كريم، ورامي مجتمعين حوالين ترابيزة، وأمامهم اللابتوب ورسومات المشروع.
عاصي (بنبرة حازمة):
ـ "قررنا نرجع عن فكرة الشركة الكبيرة، خصوصًا بعد تحذير زهرة... حسينا إن في حاجة مش مضمونة."
زياد (باستغراب):
ـ "بس إزاي؟! كنا خلاص على وشك الافتتاح! إيه اللي غير رأيكم؟"
رامي:
ـ "مش بس حلم زهرة.. في حاجات مش مريحة بتحصل، تفاصيل صغيرة بس بتقول إننا مترقبين، وممكن في حد مستهدفنا."
كريم (بهدوء):
ـ "احنا مش هنلغي الحلم... هنبدأه من مكان تاني... خطوة بخطوة."
زياد (بعد صمت وتفكير):
ـ "أنا عندي شقة العزوبية... كانت فاضية وبفكر أبيعها، بس دلوقتي... إيه رأيكم نبدأ منها؟ نجهزها تبقى مقر المشروع."
الكل بصله بفرحة وانبهار، وعاصي قام وسلّمه بإيده.
عاصي:
ـ "أنت مش بس شريك... أنت أخ حقيقي."
انتقلوا للشقة، وابتدوا ينقلوا الأجهزة، الكمبيوترات، الشاشات، الكابلات، من باب خلفي للشركة والكل متحمس. ياسمين وزينة بيشاركوا في التجهيز، وبيتحول المكان لخلية نحل.
رامي:
ـ "التمويه؟"
كريم:
ـ "اتفقنا نسيب الشركة مفتوحة عادي، والناس تشوف زينة هناك، كأنها بتجهز للافتتاح... بس في الحقيقة، هنخرج من الباب الخلفي، ونكمل شغلنا هنا."
وفعلا يتم التنفيذ
نعيمة وحسين بيتابعوا الشركة من بعيد، ومعاهم المجهول في عربية سودة.
المجهول:
ـ "الليلة هننهي كل حاجة... جاهزين؟"
حسين (ببرود):
ـ "جاهزين."
في اللحظة دي، يدخل فريق "التمويه" من الباب الأمامي، ويتم تفعيل خطة التفجير.
الكل شغال، زهرة بتتابع عن بعد، فجأة تليفون كريم يرن.
كريم (بقلق):
ـ "فيه حريق في الشركة!"
عاصي (وهو بيقف بسرعة):
ـ "مين جوه؟!"
رامي:
ـ "ولا حد... كله تمويه! الحمد لله..."
لكن الكاميرا تنتقل لباب سري في الشركة الكل يخرج منه ، وفى نفس اللحظة المفاجئة:يدخل حسين ونعيمة والرجل المجهول عشان يزرعوا الانفجارت
لكن باب الشركة يتقفل إلكترونيًا!
صوت إنذار... وانفجار ضخم يهز المكان.
الجد محمد يتوتر وكمان عزيز وصالح
الكل بيتفرج على الخبر في التلفزيون، والقلوب بتقف. لكن في لحظة، زياد بيبعت ڤيديو مباشر:
زياد (مبتسم وهو بيصور الكل في الشقة البديلة):
ـ "احنا بخير... والحمد لله... كل ده بفضل زهرة!"
الكل يتنفس الصعداء... والدموع تملأ العيون.
الجد محمد:
ـ "سبحان اللي بيحمي عباده من حيث لا يحتسبوا... زهرة دي نعمة من ربنا."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
بعد أيام
قاعة كبيرة بتلمع بالأضواء، مزينة بالورد الأبيض والدهبي، فيها مرايات بطول الحيطان، وسلالم نازلة على الجانبين، والستارة الستان ورا الكوشة بتتهز من الهوا الخفيف اللي داخل من فتحة سقف مفتوحة. الفرحة مالية القاعة... بس في جنب هادي، محجوز لتجهيز العرايس.
في الغرفة الجانبية للقاعة، البنات بيستعدوا...
زينة كانت قدام مراية طويلة، لابسة فستان نبيتي غامق بأكمام طويلة وتطريز هادي حوالين الخصر والصدر، شعرها مرفوع لفوق وطرحتها متعلقة على ضهرها برقة.
زينة (بضحكة):
ـ "أنا دايمًا بحب البساطه... بس النهارده، حبيتني بزيادة."
ياسمين لابسة فستان فضي مطرّز بنعومة، طرحته لونها قريب من لون الفستان، نازلة على جنب كتفها، وشها فيه نور، وابتسامة خفيفة كأنها بتقول: "أنا وصلت."
أما زهرة...
كانت واقفة قدام المراية الكبيرة، وسط الكل، بهدوء ووقار.
فستان أبيض محتشم، واسع ومنسدل بنعومة، بدون أي بهرجة، تطريزه بسيط حوالين الأكمام والصدر.
طرحة من الشيفون السادة، نازلة تغطي شعرها وكتفها، مربوطة ببساطة على شكل حجاب شرعي.
وشها فيه سلام داخلي، وهدوء نادر.
بسنت (واحدة من صحبات الجامعة):
ـ "يا بنتي... انتي مش شبه أي حد هنا."
زهرة (بابتسامة صافية):
ـ "مش لازم أبقى شبه حد... أنا شبه دعوة أمي، ورضا ربنا، والبنت اللي اتعلمت إنها تفضل واقفة مهما الدنيا وقعتها."
زينة بصوت هادي:
ـ "عارفة يا زهرة... لو في يوم اتمنى أكون زي حد، فده هيكون إنتي."
ياسمين (بدمعة فرح):
ـ "ربنا يكتبلك كل الخير اللي بتستحقيه..."
يدخل الجد محمد القاعة، بعكازه، ومعاه الجد عزيز... يقفوا يبصوا على البنات، وعيونهم تدمع.
الجد محمد (بصوت مبحوح):
ـ "يوم ميتنسيش... يوم بيجمع فيه الفرحة... والستر... والحلم اللي بقى حقيقه."
الكاميرا تبتعد شوية، وزهرة واقفة في وسط البنات...
كل واحدة جميلة بشكل مختلف،
لكن هي... كانت النور اللي بيطمن القلب،
كانت بنت "زهرة العاصي"... اللي بدأت من العتمة، ولبست النور.
كتب كتاب زياد وياسمين، والكل بيضحك ويهلل، وبعدها ييجي دور كريم وزينة.
الشيخ (بصوت واضح):
ـ "وبكده تمّت البركة على بيتين جديدين، وربنا يجعلهم من السعداء الصالحين..."
يبدأ الكل يوزع جاتوا و وعصير ، والفرحة تملأ القلوب.
فجأة... عاصي يوقف، ويقرب من الشيخ وهو ماسك إيد الجد محمد، بنظرة كلها رجولة وصدق.
عاصي (بصوت هادي، لكنه بيخبط في القلب):
ـ "أنا كمان عندي طلب...
طالما القلوب اجتمعت... وكتبنا صفحة جديدة...
أطلب إيد زهرة بنتك يا حاج...
مش بس عشان بحبها، لكن عشان قلبي عمره ما استقر غير وهي فيه."
زهرة تتجمد في مكانها، ووشها يحمر، والكل يلف يبص لها.
الجد محمد (بابتسامة فيها رضا كبير):
يكمل عاصي
ـ "ولو ما وافقتش دلوقتي، هفضل أستنى لحد ما تقول (نعم) بإيدها وقلبها..."
زهرة تبص لعاصي، وعنيها تلمع، وسكوتها ماكانش رفض... كان ارتجاف قلبها من الفرحة.
الشيخ يضحك:
ـ "يعني نكمل الثلاثة كتب كتاب في يوم واحد؟ ماشاء الله... يوم تاريخي!"
زهرة (بهمس، وهي تبص للأرض):
ـ "طالما حضرتك مستني قلبي، يبقى نكتب كتابنا... بس على حب، وصبر، ورضا."
المأذون قاعد، قدامه الأوراق الرسمية، بيبدأ كلامه بصوت ودي ومليان بركة.
المأذون بابتسامة دافئة: ـ "نبدأ بسم الله… ونصلي على النبي عليه الصلاة والسلام."
الناس ترد بصوت جماعي: ـ "اللهم صلي وسلم وبارك عليه."
المأذون: ـ "معانا دلوقتي عريسنا الجميل الأستاذ عاصي محمد عزيز، والعروسة الطيبة المحترمة زهرة صالح منصور محمد.
وربنا يتمم بخير يا رب."
يبص لعاصي ويقول بنبرة رسمية محببة:
المأذون:
ـ "ياريت يا أستاذ عاصي تسلّمني صورة البطاقة وصورتين شخصية... وكمان من العروسة، لو سمحت."
عاصي يبتسم، يطلع من جيبه ظرف صغير، يسلمه للمأذون... وزهرة تمد إيدها بهدوء وتسلمه صورها، بصوت واطي:
زهرة (بهمس):
ـ "اتفضل يا مولانا..."
المأذون ياخد الورق، يرتبه على مهله، وبعدين يرفع عينه ويفتح الدفتر، ويبدأ الكلام الجاد والرسمي اللي الكل حافظه بس دايمًا بيبكيهم:
المأذون (بصوت هادي مليان رهبة):
ـ "يا أستاذ عاصي... بتقبل السيدة زهرة على سنة الله ورسوله، زوجةً لك شرعًا وقانونًا، على الصداق المسمى بينكم؟"
عاصي يبتسم، وبصوت ثابت يرد:
عاصي:
ـ "أيوه، بقبل."
المأذون يبص لزهرة، اللي عنيها مكسوفة... لكن فيها فرحة مخبيها العالم كله، وبيقول بنعومة:
المأذون:
ـ "وإنتِ يا زهرة، بتقبلي الأستاذ عاصي زوجًا ليكي، على سنة الله ورسوله، وعلى المهر المسمى بينكم؟"
زهرة تبص لعاصي بسرعة، عينيها تغرق حب، وبصوت واطي مكسوف:
زهرة:
ـ "أيوه، بقبل."
الكل يفرح، وتبدأ الزغاريط، والمأذون يضحك وهو بيكتب ويقول:
المأذون:
ـ "اللهم بارك لهما، وبارك عليهما، واجمع بينهما في خير... كتبنا الكتاب، وزي ما بيقولوا... ألف مبروك يا عريس، ويا عروسة."
الحاج محمد يرفع إيده بدعاء:
الحاج محمد:
ـ "ربنا يجعل أيامكم كلها فرح وسكينة... ويبارك فيك يا زهرة يا بنتي، وفيك يا عاصي يا ولدي."
تكبيرات تطلع من الحضور، والفرحة تعلى، ودموع الجد محمد تنزل من الفرح.
عاصي (بصوت منخفض وهو يقرب منها):
ـ "أخيرًا... بقيتي على اسمي، وعلى قلبي، من غير خوف."
الكاميرا تبتعد بهدوء... وسط أضواء الزينة... وأصوات الفرح... وزهرة تبتسم والكل حواليها بيهتف:
"مبروك يا زهرة... مبروك يا عاصي!"
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى