رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل الثامن 8 بقلم صفاء حسني
خرج مومن ورهف من الكافيه…
الهدوء بينهم كان زي سكوت بعد عاصفة.
ركبوا العربية،
ومافيش ولا كلمة اتقالت…
كل واحد غرق في تفكيره، وكأن الصمت بيحكي أكتر من الكلام.
الكاميرا تركز على ملامح مومن وهو سايق،
نظراته على الطريق، لكن باله معاها.
رهف بصه سريعة ليه،
وبعدين تنزل بعينيها على إيديها المرتعشة.
وصلوا قدام بيتها.
مدت إيدها تفتح الباب، لكن صوته قطع الصمت:
مومن (بهدوء وحزم):
"فكري في كلامي يا رهف…
مش بطلب حاجة ضدك،
بس اللي بينا لازم يكون فيه وضوح من البداية."
رهف هزّت راسها بخفة،
ما ردتش، بس عينيها كان فيها وجع وحيرة.
نزلت من العربية،
وقبل ما تقفل الباب، بصت له نظرة سريعة،
كأنها بتسأله: "لو كنت أنا… من غير تقليد… هتفضل تحبني؟"
مومن رجّع عنيه للطريق،
وشغل العربية ومشي،
يسيب وراه رهف واقفة تحت نور خافت قدام البيت،
شايلة في قلبها أسئلة كتير.
خاينة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء حسنى
الفصل 8
رهف في الحمام،
ميّه سخنة نازلة من الشاور،
بتحاول تهدي نار التفكير اللي جواها.
صوتها الداخلي بيهمس:
رهف (من جوّا نفسها):
"هو بيحبني…
ولا بيحب الصورة اللي كنت بقلدها؟
وإزاي أعيش بنفسي وأنا خوفت أخسره؟
أنا مش عارفة أرجع زي زمان،
بس مش عايزة أكون غيري كمان…"
تنزل دمعة وسط الميّه،
وهي بتحط إيديها على وشها،
وبتتنهد تنهيدة وجع…
مش بس من كلامه،
من كلامها مع نفسها كمان.
تخرج رهف من الحمّام،
لابسة بيچاما قطن بسيطة بلون هادي،
وشعرها مبلول مربوط ورا،
ووشها عليه أثر البخار،
لكن عينيها هي اللي كانت باينه فيها الحرب الحقيقية.
تقف قدّام المراية…
تبص على نفسها،
وتتأمل ملامحها…
كأنها بتحاول تفتكر هي مين قبل ما تقلد أي حد.
تمد إيدها على درج التسريحة،
تفتح صندوق صغير فيه حاجات زمان:
خاتم صغير، دبوس حجاب طويل، صورة لها فى الشبكه مع مومن وهى بالحجاب المحتشم، وجواب كانت كتبته ايمان…
تمسك الصورة…
تبتسم ابتسامة شجن.
رهف (بصوت واطي وهي بتبص في الصورة):
"إيمان… حاولت اكون زيك عشان الفت نظره ،رغم اكتشفت إنك كنتِ قوية… وأنا ضعيفة .
قليدك زمان … لكن شكلي وأنا بقلدك عمره ما كنت أنا."
تقوم من قدام المراية،
تروح تقعد على السرير،
تجيب الموبايل،
تبص على رقم مومن،
وتحط الموبايل على صدرها وهي مغمضة عنيها.
رهف (من جوّا نفسها):
"أنا محتاجة أختار…
مش عشانه… عشاني.
أنا عايزة أكون حد لما يحبني، يحبني أنا… مش صورة حد تاني."
الإنارة تبقى هادية جدًا،
وتبان دمعة ساكنة على خدها،
مش دمعة حزن…
دمعة اعتراف.
خاينة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء حسنى
وتكون قاعدة على طرف السرير، عينها سابحة في الفراغ،
وإيديها بتفرك بعض من التوتر…
صوت مومن بيرن في ودنها:
"لو هتدخلي بيتي، يبقى تسمعي كلامي…"
تحط إيديها على وشها وتتنهد:
رهف (لنفسها):
"أنا اتسرعت؟
يعني علشان حبيت أكون على طبيعتي… ممكن أخسره؟
بس برضو أنا مش عايزة أعيش في صورة مش بتاعتي."
قامت من على السرير، وقفت قدام المراية،
بصت لنفسها وهي لابسة البنطلون والحجاب القصير،
وبعد لحظة… فتحت الدولاب
وطلعت الطرحة الطويلة والفستان الواسع القديم.
رهف (بتهمس وهي بتلمسهم):
"هو ده أنا اللي هو حبني بيها ومن وقت ما قررت تاخد مكان ايمان فى حفلة التخرج وهو شافك كدة …
طب ليه اتغيرت فجأة؟
عشان شوية صحاب؟ ولا عشان أثبت إن ليّا شخصية؟"
سكتت شوية، ومسكت موبايلها
وبعتت له رسالة:
📩 "مومن،
أنا محتاجة وقت أراجع نفسي…
أنا مش ضدك، ولا ضد كلامك،
بس بحاول ألاقيني وسط كل الزحمة دي…
مش هلبس اللي يزعلك، ومش هغيّر كل حاجة دفعة واحدة…
بس كمان عايزة تحبني عشان أنا، مش عشان شكلي مهما كان هو طبعي .
أنا هغلب خوفي، وهحاول أكون أقرب ليك
من غير ما أخسر نفسي.
لو فعلاً بتحبني… استناني."
رمت الموبايل على السرير، ومسحت دمعة نزلت على خدها،
وقعدت تفكر:
"أنا لازم أرجّع رهف اللي كانت بتعرف توازن ما بين الحياء، والحرية…
اللي كانت بتعرف تحب من قلبها، من غير ما تتوه."
خاينة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء حسنى
مومن قاعد لوحده، النور خافت،
ورايح جاي بعنيه على شاشة الموبايل،
والرسالة اللي جاية من "رهف" لسه مفتوحة…
كأن الكلام نزل على قلبه بحنين ووجع في نفس الوقت.
قرأ الجملة الأخيرة تاني:
"أنا هغلب خوفي، وهحاول أكون أقرب ليك
من غير ما أخسر نفسي.
لو فعلاً بتحبني… استناني."
شد نفس طويل، وراح سند ضهره للكرسي،
بص للسقف، وكأنه بيسترجع لحظات زمان…
لما شافها لأول مرة في الحفلة،
ولما كانت دايمًا بتضحك وهي لابسة واسع وحجاب طويل
وتحاول تقرب له بشوية خجل وحياء.
مومن (بصوت هادي):
"أنا حبيتك بالشكل ده…
بالبساطة دي… بالطيبة دي…
مش عايزك تكوني نسخة من حد…
بس برضو مش عايز أصحى في يوم،
وألاقي اللي في قلبي ضاع واتبدّل."
وقف من مكانه، ومسح وشه بإيده،
وفتح الموبايل وكتب الرد:
📩 "رهف…
أنا مش عايزك تلبسي حجاب طويل بالعافية،
ولا تتغيري بالعافية…
أنا عايزك تفتكري أنتِ كنتي مين،
وإزاي كنتي بتلمعي من غير ما تقلدي حد.
أنا مستنيك،
بس مستني رهف اللي عرفتها،
اللي حبتني بطريقتها، وخافت عليّا من غير ما تجرح كرامتها.
لو هترجعي لي… رجعي بنفس الروح،
مش بنفس اللبس…
لأن اللي في القلب… أكبر من كل حاجة."
قفل الموبايل، وتنهد براحة،
كأن قلبه رجع يهدى بعد ما قال اللي جواه.
تمام، نكمل بالمشهد التالي من تاني يوم، ونحافظ على التوتر الهادئ اللي بينهم:
🎬 مشهد داخلي – صباح اليوم التالي – غرفة رهف
رنة موبايل بتقطع الصمت…
رهف بتكون قاعدة على السرير، لابسة إسدال صلاة، ولسه عنيها فيها آثار السهر والتفكير.
ترد بتردد:
رهف:
"ألو؟"
مومن (بنبرة جادة لكن هادية):
"صباح الخير يا رهف…
جاهزة؟ هنروح نتفرّج على فساتين الفرح النهارده."
سكتت لحظة…
صوتها يخرج بنعومة متلخبطة:
رهف:
"آه… حاضر، هدخل أجهز وأنزل."
مومن:
"هعدّي عليكي خلال ساعة.
بس المرّة دي رايحين على أتليه محجبات.
قلت أكون واضح من الأول."
رهف ابتلعت ريقها، ماعلقتش…
لكن في قلبها حصل ارتباك خفيف ما بين الخوف والرضا.
رهف (بصوت خافت):
"ماشي… هستناكم."
قفل الخط.
🎬 مشهد خارجي – قدام بيت رهف – بعد ساعة
مومن مستني في عربيته، لابس قميص بسيط وبنطلون غامق، شكله مرتب وفيه جدية.
رهف تنزل…
لابسة عباية شيك، لونها سكري، وحجاب منسدل ببساطة، بدون مبالغة.
يركبلها الباب، تبتسم بخجل، وهو ما بيقولش ولا كلمة، لكن نظراته بترصد كل تفصيلة في شكلها.
مومن (بصوت هادي وهو بيسوق):
"شكلك هادي… شكلك شبه نفسك."
رهف (بهمس):
"دي أول مرة أبقى شبه نفسي بجد."
يسكتوا لحظة، قبل ما هو يقول:
مومن:
"الأتليه ده مختلف… مش بس عشان الفساتين،
أنا عايزك تشوفي إنك ممكن تفرحي… من غير ما تضحي بشخصيتك."
تبتسم رهف بخجل…
وتبص على الشباك وعينيها فيها أمل صغير، بيتولد من جديد.
يتركه مومن ويجوا أصدقاء رهف ملك قاعده فى اتيليه ومعها اصاحبها بتختار الفستان
رهف قاعدة على كرسي قدام المراية، لابسة فستان بروفة، لونه سكري ناعم، بس واضح عليها التوتر.
بتبص في المراية بنظرة مشوشة، تحاول تضحك… لكن عينيها فيها قلق كبير.
صوت البنات حواليها بيملأ المكان بحيوية:
ملك (بحماس):
"أنا شايفة فستان ستان منفوش، يا رهف! لازم تبقي ملكة بجد… مش هنتنازل!"
منار (وهي بتشاور على فستان بكم واسع وتطريز ناعم):
"أنا شايفة ده أحلى، هادي وبسيط… شبهك!"
رانيا (بضحكة دلع):
"أنا بقى عاجبني ده القصّة المودرن، قصير من قدام وطويل من ورا… جامد جدًا!"
رهف بتبتسم بخفة، لكن تحاول تخبي توترها:
رهف (بصوت واطي):
"مش عارفة… خايفة أختار حاجة وأندم…
عاوزة أفرح، بس من غير ما أخسر نفسي…"
ملك (وهي بتبص ليها من المراية):
"إنتي خايفة من إيه؟ مومن؟ ولا من نفسك؟"
سكتت رهف، ضمت إيديها على بعض، ونظرتها للمراية تغيرت…
رهف (بهمس وهي تبص على الفستان):
"أنا عملت حاجات كتير عشان أوصل له…
غيرت شكلي، غيرت طريقتي…
بس النهارده، أنا عايزة أفرح وأنا على طبيعتي.
مش حابة أكون نسخة من حد… حتى لو كان ده هيبعده عني."
البنات سكتوا شوية، نظراتهم فيها تقدير، بس في نفس الوقت حيرة.
منار (بلُطف):
"اللي بيحبك، هيقبلك زي ما إنتي…
بس خدي بالك، الفرحة يوم واحد… بس القرار باقي."
رانيا (بمزاح):
"وبعدين… مهما لبستي، لو قلبه معاكي… خلاص، كسبتي الجولة!"
رهف تضحك لأول مرة من قلبها، وتقوم تمشي بين الفساتين.
تقف قدام فستان كلاسيك محجّب، كم طويل، قماشه ناعم من الدانتيل، ومطرز بتطريز بسيط حوالين الوسط…
حجاب طويل نازل بنعومة على الأكتاف.
رهف (بابتسامة حقيقية):
"هقيس ده… حاسة إنه يشبهني دلوقتي."
يقطع شرودها
لما الموبايل رنّ بنغمة واتساب جديدة،
رقم مش مسجل… دولي… لكن له طابع غريب.
فتحت رهف الرسالة…
وفي لحظة، عيونها دمعت من غير ما تنطق بكلمة.
"يارب تكوني لسه فاكراني…
أنا إيمان."
سكت الزمن…
الموسيقي اتحولت لصمت…
والصوت الداخلي جواها بدأ يصرخ:
"معقول؟ بعد كل السنين؟"
"إيمان… عايشة؟!"
رجعت تتنفس بصعوبة، والبنات حواليها مش فاهمين دموعها المفاجئة.
مسحت بسرعة، وكتبت بإيديها المرتجفة:
"إيمان؟ إنتي؟ إنتي فين؟ إزاي؟!"
لكن مفيش رد…
كانت الرسالة دي كأنها فتحت باب من الذكريات…
الطفولة… الرصاص… فستان الزفاف… والوداع الأخير.
رفعت رهف عنيها للمراية،
وفي قلبها سؤال بيكويها:
"يا ترى إيمان بعدت الرسالة… عشان تهنيها؟
ولا عشان تطلب منها حاجة أخيرة؟
بعد دقايق كانها ساعات
وصلت 📱رسالة واتساب – من "إيمان" – بعد دقائق طويلة من الانتظار
"ربنا أنقذني من الموت بأعجوبة يا رهف…
ياااه، أنا كنت بموت كل يوم وأنا وسطهم…
من مخبأ لمخبأ، ومن بلد لبلد…
كل لحظة كانت كأنها نهاية،
وكل صوت رصاصة كنت بحسبها نهاية.
مش هكدب عليكي…
اتكسرت، اتعذبت، واتهدّيت من جوايا،
بس كنت بدعي ربنا كل يوم إنه ينجيني ويرجعني يوم أشوفك…
قدرت أهرب من سوريا عن طريق البحر،
رحلة مرعبة بس ربنا كان معايا،
ودلوقتي أنا في تركيا… بحاول أبدأ من جديد.
المهم… إنتي عاملة إيه؟
طمنيني عليكي… وعلى ابن القاضي انتم بخير … وعلى حياتك كل ما اسمع فى الاخبار المصري، ان ظابط استشهد بكون بتقطع جوي …
المهم وحشتيني أوي يا رهف،
أنا لسه مش مصدقة إن عرفت اكلمك كده بعد كل السنين دي…"
تنظر 📱رهف الى الرساله ومش مصدقة نفسها وردت :
"الحمد لله يا إيمان… دخلت كلية حقوق، وخلصت السنة دي.
أربع سنين كانوا تحدي، بس كنت ماشية ورا حلمي…
وورا حبّي.
كنت دايمًا بحس إنك معايا، دعم ليا، وصوتك بيشجعني في كل موقف صعب.
ابن القاضي بقي جوزى دلوقتي انكتب كتبنا وجوزك عامل ايه
كتبت الكلمه وهى بتختبر مشاعر ايمان
وصلت الرساله ل ايمان.
ابتسمت ايمان وفرحت ليها
الف مبروك ياقلبي الحمدلله انكم بخير
واتنهدت بوجع
لم هربت جوزى لحقنى لما اكتشفوا انى هربت فضلوا يدور عليا كتير، ولم وصل ليا شرط عليه نفضل فى تركي ونقطع علاقتنا بيهم لو عايزين او يطلقنى لكن هو كان مخنوق منى علشان اعتبرني صغرته اقدمهم
الكاتبة صفاء حسنى
سالتها رهف
لو عرفت ترجعى ارجع وسيبك من هناك
انا عرفت ان ولدك مات ومامتك واخوك الصغيره رجعوا عاشوا فى الشقة
هزت راسها ايمان
لاسف دخلت هجري غير شرعي ومعنديش اي اثبتت هواي ادعلي المهم الف مبروك
يارب تكون بخير
تنهدت رهف
حاسة ان مومن … اتغيّر، مش هو اللي كان زمان.
بقى متشدد…
اشترط عليّا ألبس فستان بكم وحجاب طويل…
محدش يصدق إنه كان ظابط شرطة،
دلوقتي بقى نائب في النائبة العامة ،لكن تحسي انه اصبح متشدد مش عايزين اكون على طبيعتى
---
ارسالة رساله 📱إيمان:
"وماله يا رهف؟
هو التدين حرام؟
في فرق كبير يا قلبي ما بين التديّن…
وبين التشدد أو الإرهاب.
الدين عمره ما كان ضغط أو فرض،
الدين حب، وستر، وحرية اختيار،
مش أوامر وتهديد.
عارفة؟
أنا دلوقتي بشتغل في تصميم أزياء المحجبات،
ومصممة فستان فرح جميل…
شيك، محتشم، وأنثوي جداً.
أبعتهولك لو عجبك…
خلي أي أتيليه يصممه ليكي،
وتكوني أجمل عروسة…
وأنا من بعيد هدعيلك من قلبي."*
---
الكاتبة صفاء حسنى
كان فستان أشبه بحلم أنيق ومحتشم…
اتصمم من قماش الحرير الكريب الناعم، لونه أوف وايت مائل للسكّر، بسيط في لونه لكن فخم في تفاصيله.
الكمّان كانوا طويلين ومنفوخين بنعومة، مزينين بخيوط تطريز يدوي على شكل ورود صغيرة بتلمع بلون فضي ناعم.
الصدر كان مغلق تمامًا، بخط طولي من أزرار مغطّاة بنفس القماش، وخصر الفستان اتحدد بـحزام رفيع مطرّز بخيوط فضية ناعمة، أبرز رشاقتها.
الجيبة كانت واسعة لكن ناعمة في حركتها، بتنزل بنعومة من الخصر لحد الأرض، ومع كل خطوة كانت بتتحرك زي موجة رقيقة.
الخمار كان طويل وشفاف بطبقة مزدوجة، بنفس لون الفستان، ومثبت بـبروش فضي على الجنب، بسيط لكنه لافت للنظر.
كل قطعة من الفستان كانت بتنطق برُقيّ أنثوي… بلمسة إيمان.
حجاب ساتان مطفي أوف وايت، ملمسه ناعم زي الحرير، ولفّته بسيطة راقية، مغطّي شعرها ورقبتها ونازل بانسيابية على كتفها، بدون مبالغة أو طبقات كتير…
لكن اللمسة الخاصة كانت بروش فضي صغير على شكل هلال مرصّع بحجر أبيض لامع، هدية قديمة من إيمان لبِستها يوم فرحها بكل فخر.
الطرحة كانت طبقتين من الشيفون الناعم، أول طبقة قصيرة لحد نص الظهر، والتانية طويلة لحد الأرض، خفيفة جدًا وكأنها ضباب بيلفها، فيها تطريز بسيط وردات صغيرة بتبرق لما ييجي عليها الضوء، تطريز متناسق مع فستانها من غير أي مبالغة.
الجزء المميز الحقيقي؟
إن فيه جزء من نفس الطرحة كان ملفوف برقة وأناقة حوالين منطقة الصدر، متثبت فوق الفستان بطريقة عبقرية، بيخفي تفاصيل الجسم بشكل محتشم لكن أنيق جدًا…
مش مجرد تغطية، ده تصميم ذكي، خلى الكل يشوف إن الحجاب مش ضد الجمال، بل هو الجمال بذاته.
والتاج؟
تاج رفيع من الكريستال، بسيط ولامع، زى خط نور مرسوم على جبينها، مخلّي الطرحة ثابتة وبيكمّل جمال الملامح الهادية اللي كانت بتلمع من الفرح والخجل في نفس الوقت.
---
كانت القاعة مزدحمة…
الكل بيضحك وبيتكلم… لحد ما النور خف شوية، واتفتحت الستارة بهدوء، ودخلت رهف.
الصمت نزل على المكان…
الكل اتشد.
مفيش ولا كلمة اتقال… بس العيون كلها قالت نفس الحاجة: "سبحان اللي جمّلها."
مومن كان واقف جنب المنصة… أول ما شافها، حس إن قلبه وقع من مكانه.
اللي قدامه مش بس عروسة…
دي رهف اللي وقفَت قدامه يوم الرصاصة،
اللي حبته من غير ما تقول…
واللي دلوقتي، قدام الناس كلها، بقت حلم اتحقق.
ملك قربت منها، حضنتها وهمست في ودنها:
"ده مش فستان بس يا بنتي… ده قصة حب لبستك."
الدقايق بتمشي ببطء، وصوت الموسيقى الهادية شغال في الخلفية، الكل مستني لحظة دخول العريس…
دخل مومن من باب القاعة، لابس بدلة سودة بتلمع تحت الأضواء، قميص أبيض، كرافت بسيطة، وحذاء جلد شيك،
بس اللي كان لافت أكتر من لبسه هو ملامحه الجديدة…
لحية خفيفة مرسومة بدقة، مدياله وقار وهيبة، وعينيه فيها نضج راجل شاف كتير، لكن جواه لسه في طفل بيحب أول حب في حياته.
كان بيبص قدامه بثبات… لحد ما شافها.
رهف…
واقفة على بُعد خطوات، ماسكة طرف فستانها، ضحكتها خفيفة، عيونها فيها فرحة خجولة…
الفستان بتصميمه المختلف، والحجاب اللي لافف صدرها برقة، والطرحة اللي بتنزل كأنها سحابة نور حوالين وجهها، خلّوه يتجمّد في مكانه ثواني.
شهق بدون ما يحس…
قلبه دق، كأنها أول مرة يشوفها،
اتقدّم ناحيتها ببطء، وهو لسه مدهوش، ولما قرب منها قال بصوت هادي وناعم:
"أنا… مش مصدق… إنتي أجمل مما كنت متخيّل…"
بص في عيونها بابتسامة راضية، ولمح تفاصيل الفستان الهادية،
قرب منها وهمس:
"شكرًا إنك استجبتي لطلبي… الفستان محتشم وجميل… بس الأجمل إنك انتِ اللي لابساه."
رهف خدت نفس طويل وهي بتحاول تمسك دموع الفرح، وردّت بخجل:
"أنا اللي بشكرك… كنت خايفة ما يعجبكش، بس كنت حابة أفرّحك زي ما دايمًا فرحتني بكلامك واهتمامك."
ابتسم مومن، ورفع إيدها بهدوء، وطبع قبلة خفيفة على ضوافرها:
"النهاردة أنا أسعد راجل في الدنيا… وربنا يعلم قد إيه كنت بحلم باليوم ده."
---
تتبع