رواية لقاء في غرفة العمليات الفصل الخامس 5 والاخير بقلم سلمي جاد
#سكريبت_لقاء_في_غرفة_العمليات
#الكاتبة_سلمي_جاد
"أنا جاي لسبب تاني ، عمي أنا جاي أطلب إيد سارة .
أنا عايز أتجوزها ."
الدنيا وقفت لحظة.
سارة وقفت متسمّرة،الكلمة وقعت على ودنها كالصاعقة.
الدنيا حوالينها بطلت تتحرك، الأصوات بقت بعيدة، وكل اللي سمعاه هو صوت دق قلبها اللي ضرب بقوة كأن في طبول بتخبط جوه صدرها.
عنيها فتحت على وسعهم، وشها احمر، والدم سخن في خدودها.
سرت في جسمها رعشة وكأن كل صوت في الدنيا اختفى إلا جملة واحدة...
"أنا عايز أتجوزها".
جريت بسرعة من المكان وهي بتهمس بخجل بكلام مش مفهوم، طلعت على أوضتها وسابت قلبها اللي فضل قاعد في الصالون.
سكون لحظي ساد، لحد ما والد سارة ضحك بهدوء، وبص لحيدر بحنية:
واضح إنها اتفاجئت، بس مش رد فعلها هو اللي هيغير رأيي.
أنا شايفك راجل قد المسؤولية يا حيدر.
حيدر اتنفس بارتياح وقال:
أنا ناوي أجي قريب بخالتي، وحسن ابن خالتي، نتمم الموضوع زي ما يليق بيكم.
الأب هز راسه بموافقة، وقال:
أهلاً وسهلاً. البيت بيتكم.
بس حيدر رجع ساند ضهره شوية، وقال بنبرة أهدى:
بس قبل ده... أنا محتاج وقت مع سارة.
هي مش سهل تقتنع، وعندها حاجز كبير
كل ما تبصلي، بتحاول تخبي، بس أنا شايفه...
شايف الخوف اللي جواها، من اللي حصل زمان...
لسه شايفاني هو، الراجل اللي خطفها وضربها، مش حيدر اللي وقف جنبها بعد كده."
والد سارة سكت لحظة، وبعدين قال:
أنا واثق إنك هتغير صورتك في عينيها.
سارة عنيدة... بس قلبها طيب.
بس أوعى تزعل منها، هي اتعذبت كفاية.
حيدر ابتسم ابتسامة صغيرة، كلها وجع وإصرار، وبص للسقف كأنه بيكلم نفسه:
"أنا مش هتقدملها، ولا هاخد خطوة، قبل ما تبقى هي اللي عاوزة كده.
وواعد نفسي... إني أشيل الخوف من جواها وميتبقاش غير الآمان .. الآمان وبس".
"""""""""""""""""""""""""""""""'''''
بعد يومين من "الصاعقة":
سارة كانت قاعدة في أوضتها، حاطة سماعات في ودنها، بتحاول تهرب من أفكارها
كل ما تفتكر جملته وهو بيقول "أنا جاي أطلب إيد سارة ،أنا عايز أتجوزها ".
وشها يولع، وتدفن راسها في المخدة كأنها بتكتم الخجل جواها.
مش مصدقة!
هو كان بيهزر؟ ولا دي كانت لحظة حماس مش أكتر ، وحتى لو بجد... هي جاهزة؟
ولا قلبها لسه عايش في الماضي ..
مرّ يوم كمان علي الحال ده...
لحد ما راحت شغلها في المستشفي، كالعادة.
في نص اليوم، وهي مشغولة، جت ممرضه وقالت:
دكتورة، في مريض مستني حضرتك في أوضة الكشف .
أومأت براسها وقالت : تمام جايه أهو .
سارة دخلت الأوضة بخطوات هادية، لابسة البالطو الأبيض، وبتقول:
– "مساء الخير، حضرتك..."
رفعت عينيها، وتجمّدت مكانها.
هو!
قاعد ع الكرسي، رجل فوق رجل، وبصص لها بنظرة فيها مية نغمة، جدية، وسخرية، و... حب.
– "إزيك يا دكتورة؟ أنا حاسس إني تعبان شوية... في القلب غالبًا."
سارة اتلخبطت، قلبها رجع يدق بالطبلة تاني، وقالت وهي بتحاول تتماسك:
دي أوضة كشف حضرتك ، كده محتاج تروح الطوارئ ...
ــ ده طوارئ عاطفية بقى، ينفع؟
قالها وهو بيبتسم بعيونه قبل شفايفه، مستمتع بكل ثانية هي فيها متوترة ومش قادرة تبص له.
ــ حيدر بلاش هزار... إنت جاي ليه؟
ــ جيت أطمن، إنك لسه بتفتكريني... وإنك لسه بتجري أول ما أتكلم.
ردت بارتباك وخجل :أنا مجريتش، أنا كنت... محتاجة أروق من بعد اللي انت قولته.
– "وسّعتي قوي في الرَوَقان على فكرة. اتنين وسبعين ساعة من التجاهل."
سارة بصت له بغيظ خفيف، وقالت بسرعة وهي بتتهرب من أي مشاعر:
بص، لو جيت تهزر... فـ الباب أهو.
أنا عندي شغل، و... ومش ناقصة دراما.
قامت وهي بتحاول تبين الحزم، بس كل حركة منها كانت بتفضح التوتر، وكل كلمة بتتهرب فيها من عينيه، كانت بتأكد له إنها مشاعِرها مش ميتة... بس خايفة.
وهي خارجة، قالت بسرعة:
سلام، يا حيدر باشا.
ما اكتملتش الجملة، وهو رد وراها بنبرة فيها وعد مكتوم:
سلام يا دكتورة... بس على فكرة، أنا مش هسكت.
وهفضل وراكِ...
لحد ما قلبك يقولك بنفسه، إنك مشيتي ناحيتي من زمان،
بس لسه بتقاومي.
سارة سابته وخرجت، بس قلبها لسه جوه... واقف قدامه، محتار، وخايف، ومكسوف.
وهو؟
قاعد، وبصص للباب اللي قفل وراها، وبيوعد نفسه بصوت داخلي هادي:
"أنا مش هستسلم...
مش المرة دي."
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
بعد تحديد فرح حسن ابن خالة حيدر، وندى صديقة سارة واللي كان بعد أسبوع بعد أخر مواجهه بينهم
بيجمعهم فيه ظرف اجتماعي، لكنه بيكشف مشاعر أعمق، خصوصًا من سارة اللي بدأت الحواجز عندها تترج شوية... بس لسه في خوف بيشدها ورا.
القاعة كانت مزينة بأضواء ناعمة، والجو كله بهجة.
ندى كانت واقفة زي الأميرة بالفستان الأبيض، والكل حواليها بيضحك ويصوّر.
سارة كانت لابسة فستان بني بسيط، بس أناقتها كانت بتخطف، حتى وهي بتحاول تهرب من الكاميرات.
واقفة بعيد، بتحاول تستخبى ورا صحابها، بس عينيها كل شوية تتشد ناحية واحد بعينه...
حيدر.
هو كان واقف مع حسن، بيهزر معاه، بس كل شوية عينه تتسلل ناحيتها.
وفي اللحظة اللي بصّوا فيها لبعض في نفس الوقت...
الدنيا سكتت بينهم.
بعد شوية، ندى جت ناحيتها وهي مبتسمة:
سارة... بلاش تقفي لوحدك كده، تعالي معانا.
– "أنا تمام هنا والله، بهرب من الكاميرات."
– "على أساس حيدر مش جاي دلوقتي مخصوص علشانك."
سارة خبطتها بخفة في كتفها:
– "ندى! سكتي."
ندى ضحكت وسابتها...
وسارة لقت نفسها فجأة قدّامه.
حيدر، بشياكته الهادية، ونظرة عينيه اللي دايمًا فيها كلام مش بيتقال.
– "إيه؟ مستخبية ليه؟"
ردت بارتباك وبتحاول تهرب بعينيها :
مش مستخبية... واقفة عادي.
– "فيه فرق. الوقوف عادي... إنما الوقوف وانتِ بتبصي للناس بعين بتقول "ما تقربليش"، ده له معنى تاني."
سارة ابتسمت خفيف، غصب عنها، وقالت:
مش كل الناس بتفهم المعاني دي يا حضرة الظابط.
ضيق عينه بغيظ لإنه من واقع خبرته في التعامل معاها فهم إنها لما بتحاول تغيظه مبتقولش اسمه وبتستبدله بلقب كإنها بتعاقبه إنه ميسمعش اسمه منها .
سكتوا لحظة...
وبعدين قال:
عارفه ،في الفرح دلوقتي وأنا شايف حسن وندى ،كنت بفكر... لو جت اللحظة دي لينا،
هيبقى شكلك عامل إزاي، وهتوقفي فين؟
سارة بصّت له بسرعةواتصدمت من الثقة اللي بيتكلم بيها عن الموضوع، وقلبها خبط خبطة قوية:
بلاش الكلام ده دلوقتي، حيدر.
ــ "ليه؟ هو كده كده في دماغي، وفي قلبي...
وإنتِ عارفة، حتى لو بتنكري."
سارة اتوترت، مش قادرة ترد، فلفت وشّها ناحية الناس.
قال هو بهدوء:
أنا مش مستعجل...
بس مش هفضل سايبك تهربي كل مرة.
أنا مش الشخص اللي أذاك زمان...
وأنا ماجيتش في حياتك عشان أكمّل الخوف،
أنا جيت عشان أهدّيه
سارة بصّت له، ولأول مرة ما كانش في عنيها مقاومة...
كان في وجع بسيط... واعتراف ساكت.
قالت بصوت شبه مسموع لكنه سمعه :
أنا... مش عارفة أكون جاهزة.
أنا بتعب لما بحس إني قربت،
وبتشد أول ما تطمن.
هو قرب منها خطوة، وقال بنعومة:
يبقى خليكِ قريبة، بس على مهلك.
وأنا هفضل مستني...
في نفس النقطة اللي قلبك هيرجع لها يوم ما يطمن بجد.
سارة سكتت، حسّت بشوية دموع قربت توصل، بس حبستهم جواها.
قالت له وهي بتبعد عينها:
مش عارفة ليه... بس يمكن أول مرة أحس إنك فعلًا...
مش ناوي تخلّي قلبي لوحده."
ابتسم... ابتسامة كلها حنية ورضا:
مش ناوي... ومش هعمل كده أبدًا.
ثم سابها تمشي،
لكن جوّه قلبه، ساب وعد جديد :
"الليلة دي...
أنا قربت أكتر من أي مرة قبل كده.
وهكمل، لحد ما أشوفها بتضحك،
وهي في حضني... مش خايفة."
سارة رجعت البيت، وهدومها لسه عليها ريحة الفرح...
ريحة ورد وبخور وعطر ناس مبسوطة،
بس جواها... الدنيا كانت ساكتة.
طلعت أوضتها، لكن قبل ما تدخل، سمعت صوت باب الصالة بيتفتح.
– "سارة؟ تعالي يا بنتي."
كان صوت أبوها...
هادئ كالعادة، بس فيه لمحة "عارف اللي في قلبها".
دخلت الصالة، لقت النور الخافت شغال، وأبوها قاعد على الكنبة، لابس جلابية خفيفة، ماسك كباية شاي، كأنه مستنيها.
– "اتأخرتي شوية."
– "كان فرح ندى زي ما أنت عارف ، وكان لازم أفضل معاها."
قعدت قدامه، وشالت الطرحة من على راسها، ونفخت بهدوء.
سكت شوية، وبعدين قال:
كان فيه ضحك كتير... بس عنيكي ما ضحكتش.
بصّت له، ما ردتش، بس صوتها اتكسر:
أنا... مش عارفة يا بابا.
كل الناس مبسوطة، وفرحانة... وأنا حاسة إني متفرجة من بعيد.
كأني مش قادرة أعيش اللحظة زيهم.
قرب منها شوية، وقال بهدوء:
– "يمكن لأن قلبك واقف عند باب... مش راضية تفتحيه."
سارة بصت له باندهاش:
– "باب إيه؟"
– "باب حيدر."
سكتت، وشالت عينيها بسرعة، وقالت بصوت واطي:
– "بابا... الموضوع مش بسيط.
– "بس إنتي طول عمرك بتحلمي بالأمان...
وإنتي دلوقتي قدامه، بس بتقفي بعيد علشان مش قادرة تصدقي إنه حقيقي."
دمعت عنيها، وعضّت شفايفها، وقالت:
– "أنا خايفة، بابا.
أبوها سكت لحظة، وبعدين قال بنبرة كلها يقين:
– "أنا راجل، وعشت العمر ده كله، وعيني ما بتخيبش...
حيدر راجل يا سارة.
ابن أصول، وبيحبك بصدق،
وواقف مستنيك، رغم كل الهروب اللي بتعمليه.
فيه رجالة بتزهق من أول كلمة رفض...
وهو؟ لسه بيجري وراكي، وبيقول لكل الناس إن "نعم" وإن طال الوقت."
سارة اتنهدت، وقالت وهي بتحاول تمسك دموعها:
– "بس يمكن يكون بيحب صورة أنا مش قادرة أكونها..."
– "ويمكن هو شايف فيكي حاجة إنتي مش شايفاها.
اللي بيحب بجد، ما بيحبش الصورة...
بيحب الوجع، والضعف، واللي مستخبي ورا الضحكة."
قرب منها، ولمس إيديها، وقال برقة:
– "أنا مش هضغط عليكي، أياً كان هو ايه
بس اللي زي حيدر... ما يتفلتش من الإيد.
بس القرار في الآخر... ليكي.
بس يا ريت ما يبقاش خوفك هو اللي يقول لأ بدل قلبك."
وسابها، ومشي.
وسارة فضلت قاعدة،
بس قلبها بيدق بطريقة جديدة،
وأول مرة تحس إنها محتاجة تسمع صوت قلبها...
مش بس تحرسه.
"""""""""""""""""""""""""""""""
بعد يومين من كلامها مع أبوها...
سارة كانت في المستشفى، لابسة البالطو الأبيض، ماسكة ملف، ومركزه تحاول تبين إنها شغالة... بس الحقيقة إنها مش مركزة فـ ولا حاجة.
كل شوية تبص في ساعتها...
مش منتظرة حد، بس قلبها بيرقص كأن في ميعاد مش متحدد.
وفجأة، جالها اتصال من الاستقبال:
– "دكتورة سارة، في حد مستني حضرتك تحت، بيقول اسمه حيدر."
قلبها خبط خبطة عالية، بسرعة قالت:
– "قولي له يطلع أوضة الكشف 3."
دخلت الأوضة بسرعة، وقعدت على المكتب، بتحاول تظبط ملامحها وتخبي لهفتها.
دخل حيدر...
ووشه كان باين عليه حزن، ومفيهوش أي من الشقاوة المعتادة.
وبعدين قعد قدامها وقال بصوت هادي ومكسور:
– "جيت أقولك كلمتين وأمشي... وعد."
سارة اتشدت، قلبها اتخض، وقالت بحذر:
– "إيه في إيه؟"
– "أنا...
قررت أسيبك فـ حالك.
واضح إني كنت غلطان،
كنت فاكر إن في بينا حاجة،
بس يمكن كنت واهم."
سارة عينيها اتفتحت، واتنفضت من مكانها:
– "بتقول إيه؟!"
– "أنا تعبت، سارة...
كل مرة باخد خطوة، ترجعي ورا خطوتين.
وأنا... مش عايز أبقى عبء عليك."
قامت وهي مش مصدقة، وقالت بانفعال:
– "يعني إيه تسيبني؟
أنا اللي قلتلك امشي؟!
أنا بس... كنت محتاجة وقت!"
– "وأنا ادّيتك الوقت...
بس واضح إنك مش عايزاني في حياتك.
و... أنا هاحترم ده."
بصّ لها بنظرة حزينة، وقام يتحرك ناحية الباب.
سارة صوتها علي فجأة:
– "حيدر!
لفّ لها وبصّ...
سكتت لحظة، وبعدين قالت بصوت كله توتر ودموع في عنيها:
– "أنا...
أنا موافقة."
هو وقف، وشه اتجمّد، وبعدين قال وهو بيقرّب:
– "موافقة؟ تقصدي إيه؟"
اتكلمت بخجل شديد بتحاول تهرب بعينها من عينيه اللي بتحاصرها :
يعني...
لو لسه العرض قائم،وانت لسه عايز
فأنا... موافقة
لحظة صمت، وبعدين...
حيدر انفجر ضحك
سارة اتصدمت:
– "إيه؟ بتضحك على إيه؟"
– "كنت بهزر!
كنت بعمل تمثيلية صغيرة كده، أشوف هتتنازلي ولا لأ."
– "إنت مجنون!!!"
ووشها كله احمرار وخجل.
– "يعني أنا كنت هعيط فعلاً، وإنت قاعد بتمثل؟!"
– "أنا آسف يا دكتورة... بس قلبي كان محتاج يسمعها منك،
من غير لف ولا مراوغة."
ضحكت غصب عنها، وقالت:
– "أنت رخم عفكرة
قرب منها، وقال بصوت ناعم:
– "خلاص بقى، نلحق نجهز نفسنا."
– "نجهز لإيه؟"
– "البيت، والضيوف، والسُفرة اللي هتتحط عليها الشبكة...
أنا جاي بكرة بخالتي، وحسن، رسمي...
محدش هيضحك علينا تاني بتمثيليات."
ضحكت، وخبّت وشها في إيديها
""""""""""""""""""""""""""""""""""""
البيت كان رايق، ريحة البخور مليا المكان، والأنوار الدافية معلقة في السقف ورايات ورد في الركن.
سارة كانت واقفة قدام المراية، لابسة فستان سكّري ناعم، بسيط وأنيق، وحجابها اللي من نفس درجة الفستان ومنسدل بنعومة على كتفها.
اكتفت بليپ جلوس شفاف، عيونها فيها لمعة خجل وفرحة مش مستوعباها.
جنبها ندى كانت قاعدة على طرف السرير، ومبسوطة أكتر من سارة نفسها:
– "يا بنتي وشّك منور! بس إنتِ وراكوا فرح ولا كتب كتاب؟"
– "ندى بالله عليكي... كفاية توتر."
– "أنا مش هسيبك أصلاً، قلت لحسن يروح هو وأمه وحيدر لوحدهم، وأنا هفضل معاكي طول اليوم... مش هسيبك تتكسفي وتموتي لوحدك."
سارة بصتلها وقالت بضحك:
– "أنا فعلاً هموت من الكسوف... ده أنا حتى مش عارفة أبص في وش خالته."
ندى مسكت إيدها وقالت بحنان:
– "بس هتبصي في وش حبيبك... وده لوحده كفاية."
بعد شوية...
جرس الباب بيرن، وسارة قلبها بيوقف لحظة.
ندى بتروح تفتح، وبعد كام دقيقة...
سارة ماسكة صينية فيها عصير وحلويات خفيفه، بتدخل الصالون بخطوات بطيئة، كل عين مترقبة، وكل قلب بيدق.
خالته،كانت ست جميله جدا، لابسة إسدال أنيق، وبصّة لسارة بنظرة فيها دفء وأمومة.
سارة بتسلم عليها بخجل، وقعدت جنب ندى بخجل واضح، مش قادرة ترفع عينيها.
بعد السلامات والضحك الخفيف، خالة حيدر بدأت الكلام:
– "أنا عارفة إن حيدر مش ابني من بطني، بس من يوم ما أمه توفّت، وهو في حضني.
ربنا رزقني بيه مع حسن، وكنت دايمًا بدعيله يكون من نصيبه بنت أصل وحنان."
بصّت لسارة وقالت:
– "وسارة فيها كل اللي كنت بتمناه.
ويسعدني من قلبي إني أجوزها لابني، قبل ما تكونوا أنتم موافقين."
سارة كانت هتنزل تحت الكنبة من الكسوف، وندى ماسكة إيدها علشان ما تنهارش خجل.
لكن المفاجأة لسه ما حصلتش...
حيدر، اللي كان ساكت طول القعدة، بص لوالد سارة، وقال بنبرة جد:
– "أنا بصراحة مش عايز أطوّل في الموضوع،
وأنا شايف إننا اتأخرنا كفاية...
فأنا ناوي أعمل كتب الكتاب الأسبوع الجاي،
لو حضرتك موافق طبعًا يا عمّي."
الكل اتفاجئ، وسارة فتحت بذهول، وندى عضّت شفايفها من الضحك.
والد سارة ابتسم وقال:
انت ناوي تخطفها مني بقا
حيدر ضحك، وبص له بعين فيها حب واحترام، ورد بنبرة خفيفة وفيها رومانسية:
– "هو أنا طول عمري مستني اللحظة دي،
بس الحقيقة... مش ناوي أخطفها،
أنا جاي آخدها بإيدك،
وأوعدك...
هفضل شايلها جوه قلبي قبل ما تكون في بيتي.
وهعيش طول عمري أبرّ بيك فيها."
سارة كانت هتموت من الكسوف، وندى عضّت شفايفها بالعافية علشان تكتم الضحكة، وقالت في سرّها:
– "ده مش حيدر... ده ساحر رسمي!"
والأب هزّ راسه وهو بيضحك، وقال:
– "خد بالك منها... دي بنتي ودنيتي."
وحيدر ابتسم بإخلاص وقال:
– "وهي هتبقى دنيتي أنا كمان...
الزغاريد ملت الأوضه من خالة حيدر وندي، اللي قامت تسقف وتقول:
– "يااااه! مش كنتوا تقولوا نجهز من بدري؟"
""""""""""""""""""""""""""""""
بعد أسبوع – كتب الكتاب
الفستان الأبيض مش لازم يكون طويل علشان يبقى مميز...
سارة كانت شبه الملاك، بسيطة، ومكسوفة، بس مبتسمة.
حيدر واقف جنبها، ، بيوقّع...وقلبه بيقول بصوت واضح:
"كتبنا الكتاب... بس أنا كاتبه في قلبي من زمان."
ــ "بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير."
الكل صفق، والدنيا اتملت زغاريط، وسارة كانت واقفة مكسوفة ووشّها متلون بلون الورد.
حيدر قرب منها بهدوء، وقال بصوت واطي بس مسموع ليها:
"أخيرًا... بقينا لبعض."
وحضنها بحنية قدام الناس، حضن مش بس بيعبّر عن حب، ده حضن راجل لقى أمانه.
ندى كانت بتصوّر، وسارة كانت بتحاول تمسك دموعها، بس الفرحة كانت أكبر من كل حاجة.
وبعد شوية، حيدر راح ناحيه والد سارة، وانحنى باحترام وقال له:
"عمّي... بعد إذنك، ممكن آخد سارة نغير جو شوية؟ أنا محضرلها حاجة كده..."
والدها ابتسم وقال:
"اتفضل يا ابني، دي يوم فرحتها، خلوها تفرح."
سارة كانت مش فاهمة إيه اللي بيحصل، بس ركبت معاه العربية، وسكتين شوية، لحد ما وصلوا لمكان واسع على أطراف المدينة.
نزلوا من العربية، وكانت الدنيا مغرب، والنجوم لسه بتظهر على استحياء...
ولما دخلوا المساحة دي، اتفاجئت سارة.
كانت الأرض كلها مفروشة بملايين الورد الأزرق الملكي، كأنها لوحة من الخيال!
فيه فوانيس صغيرة منورة، وأضواء خفيفة بتلمع حوالين الورد، والمزيكا شغالة من سماعات محطوطة بحرفية...
وفجأة، وسط سكون المكان...
اشتغلت لأغنية بصوت عمرو دياب، واضح وقريب كأن الدنيا كلها سكتت علشان يسمعوا هم بس:
"وماله لو ليلة توهنا بعيد وسيبنا كل الناس "
سارة وقفت مكانها مندهشة، عنيها بترتعش من الفرحة، وقالت بصوت واطي:
"دي الأغنية اللي كنت دايمًا بحلم أرقص عليها وأنا لابسة الفستان الأبيض..."
حيدر مد إيده ناحيتها، وقال وهو بيبتسم:
"وأنا كنت بحلم تكوني إنتِ اللي معايا في اللحظة دي."
شدّها بلطافة، وابتدوا يرقصوا سوا على الأرض اللي كلها ورد، حواليهم الشموع والفوانيس، وفوقهم نجوم الدنيا كلها بتشهد على الحب اللي مايتوصفش.
"وماله لو ليلة توهنا بعيد، وسيبنا كل الناس؟
أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني ده الإحساس.
وأنا هنا، جنبي أغلى الناس... أنا جنبي أحلى الناس."
"حبيبي، ليلة... تعالى ننسى فيها اللي راح،
تعالى جوا حضني وارتاح، دي ليلة تسوى كل الحياة.
وما لي غيرك؟ ولولا حبك، هعيش لمين؟
حبيبي، جاية أجمل سنين، وكل ما دا، تحلى الحياة."
"حبيبي، المس إيديا عشان أصدق اللي أنا فيه...
ياما كان نفسي أقابلك بقالي زمان، خلاص، وهحلم ليه؟
ما أنا هنا، جنبي أغلى الناس... ده أنا جنبي أحلى الناس."
"حبيبي، ليلة... تعالى ننسى فيها اللي راح،
تعالى جوا حضني وارتاح، دي ليلة تسوى كل الحياة.
وما لي غيرك؟ ولولا حبك، هعيش لمين؟
حبيبي، جاية أجمل سنين، وكل ما دا، تحلى الحياة."
كان بيرقصها كأنه حافظ كل تفاصيلها، بيبصلها كأنها الحلم اللي استناه عمره كله.
ولما خلصت الأغنية، سارة حطت راسها على صدره وهم لسه واقفين في حضن بعض...
وقالت له بصوت فيه دفا وسكون:
"أنا أسعد واحدة في الدنيا يا حيدر، وحاسة إن الليلة دي مش حقيقة."
رد عليها وهو بيحضنها أكتر:
"وعد... هخلي كل يوم بعد كده أحلى من اللي قبله."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم بفضل الله أولًا، ثم بدعمكم وتشجيعكم الغالي الانتهاء من الإسكريبت🎉
وحقيقي من قلبي بشكر كل حد دعالي وقت ما كنت تعبانة، دعواتكم كانت سند كبير ليا 🤍
وطلب صغير كده على جنب… بس من القلب 🥹
ياريت كلكم تحوّقلوا
يعني تقولوا: "لا حول ولا قوة إلا بالله" سواء في الكومنتات أو ترددوها كده بينكم وبين نفسكم بنية ربنا يكرمني في النتيجة…
اللي هتظهر النهارده أو بكرة (على حسب البارت هيتنزل امتى في الجروب 😅)
وأخيراً دمتم سالمين وفرحانين🤎
🍉Salma Gad :🖋️
تمت