رواية ليس لها ذنب الفصل العشرون 20 والخاتمة بقلم ميلي ميس


 رواية ليس لها ذنب الفصل العشرون 20 والخاتمة بقلم ميلي ميس


 ليس لها ذنب

جاد (بغضب):

"تفو… خلص الرصاص."


لف بجنون وركض للخروج، بيزعق لحراسه:

"يلااا! من المخرج السري… دلوقتي!"


وهو بيطلع من القبو،

فجأة صوت طلقة قوية دوّى في المكان،

رصاصة اخترقت ضهره.


جاد صرخ بصوت مخنوق وهو بيترنّح:


"آآآااااهه!!"


في آخر الممر…

كان سليم الأسيوطي واقف، المسدس في إيده ولسانه ساكت…

بس عنيه كانت بتتكلم، مليانة نيران الغضب.


سليم (بصوت خافت):

"ده عشان أمي… وعشان كل حاجة ضاعت بسببك، يا كلب."


جاد رغم الإصابة، قدر يجر نفسه ويوصل للسيارة اللي كانت مستنياه في مخرج جانبي،

ركبها بسرعة مع الحراس، والدم بينزف منه،

لكن الهروب نجح… النهارده.


داخل القبو…


الدخان كان لسه بيتسلل من بعيد، ريحة البارود مليا المكان، والقلوب كلها على حافة الانفجار.


سيف بيحاول يفك السلاسل برجله، مازن بيبصله بزهق.


مازن (بتهكم):

"يا عم خلّيك ثابت… هتفكنا برجلك ولا ده تمرين تايكوندو؟"


سيف (بضيق):

"ولا كلمة… إنت السبب أصلاً، كان لازم أسيبك للبنت اللي كانت لابسة بلوزة مش بلوزة."


ليلي (بتتأفف):

"وقتكم ده للكلام؟ أنا هموت من القرف… وممكن حد يبعد الحشرة اللي ماشية على دراعي؟"


وفجأة…


باب القبو بينفتح بعنف، والنور يضرب عيونهم.


صوت رجالة بيصرخوا وأقدام بتجري…

وبينهم معتز واقف، والسلاح في إيده،

بس اللي كان وراه…

كان الصدمة.


سيف (بصدمة حقيقية):

"إيه الـ... إيه ده؟"


ليلي (بعينين متوسعة):

"أنا بشوف شبح؟"


مازن (واقف بصعوبة):

"أنا خلاص… مت، وبد hallucinate."


سليم الأسيوطي كان واقف… لابس أسود، وشه مرهق، بس عينيه حية.


سليم (ببرود ساخر):

"إيه؟ حد وحشني؟"


مازن (مصدوم):

"ده طلع عايش! أنا كنت بحتفل جوه قلبي والله…"


سيف (بصوت مخنوق):

"مش طبيعي… مش طبيعي… إنت كنت فين؟ اتدفنت؟ تتحرقت؟ اتبخرت؟!"


معتز (وهو بيفك قيودهم):

"أشرحلكم بعدين، أهم حاجة دلوقتي نخرج."


سليم (بيضحك وهو بيفك ليلي):

"ليه؟ شكلكوا كنتوا مستمتعين."


ليلي (بحدة):

"هموتك تاني لو ما شرحتليش!"


الكل بدأ يتحرر… الكل إلا نرمين.


كانت واقفة مكانها، عنيها معلقة بجثة أمها،

دموعها ساكنة على خدها، واللحظة كانت تقيلة.


سيف (بصوت هادي):

"نرمين… لازم نخرج، دلوقتي."


نرمين (بصوت مكسور):

"هي جت تنقذني… وماتت قدامي…"


سليم بصّ لها، صمته كان فيه احترام، وهدوءه فيه حزن دفين.


سليم (بصوت واطي):

"هنخرج… وناخد حقها."


معتز أشار للرجالة يرفعوا جثة ثريا برفق،

وبدأوا يطلعوا الكل من القبو المظلم… للنور.






في سيارة جاد…


الهدوء داخل السيارة كان مريب، وريحة الدم ماليه الجو، مع كل مطب كانت أنفاس الحارس بتتسارع أكتر.


جاد كان قاعد في الكرسي ورا، حاطط إيده على الجرح اللي في ضهره، ووشه شاحب كأن الدم انسحب منه كله.


الحارس (بقلق واضح وهو بيبص في المراية):

"سيدي... سيدي لازم نروح المستشفى فورًا، النزيف كده مش طبيعي!"


جاد بصعوبة، عينه شبه مغمّضة، وصوته مبحوح وهو بيحاول يتمسك بالوعي:

"أنا... أنا... مش هسيبهم... مش هس...ـ"


وما كملش.


رأسه ميّلت على جنب، وأنفاسه بقت تقيلة، وجسمه استرخى تمامًا.


الحارس صرخ وهو يدوس على البنزين بكل قوته:

"الحقونااااا! لازم نوصل المستشفى حالًا!!!"


السيارة اندفعت في الطريق بسرعة جنونية، وأصوات الإطارات كانت بتصرخ على الإسفلت…

في سباق مع الزمن لإنقاذ حياة مجرم… لسه ما خلصش لعبته.


في ساحة القصر...


وصلت العربية واتفتحت الأبواب، وخرج منها سيف ومازن ونرمين، وليلي كانت ماسكة إيد نرمين، لسه متأثرة من اللي حصل…

سليم نزل آخر واحد، وعينه بتلف حوالين الناس اللي متجمعة قدام الفيلا، اللبس الأسود، والوشوش الحزينة، والدموع… كلهم بيبكوا عليه.


سليم (بضحكة نصها سخرية ونصها تعب):

"واضح إننا عندنا عُرس… أو مهرجان حزن جماعي."


معتز (بصوت واطي وهو بيقفل باب العربية):

"لأ… دي جنازتك يا نجم."


سليم (بضحكة ساخرة):

"كويس إنهم مهتمين، كان ناقص بس حد يبيع كروت عزاء."


معتز (بجدية وهو بيبص حواليه):

"ابعد عن المدخل الرئيسي… لو ظهرت قدامهم دلوقتي، في منهم هيتوقف قلبه بجد… وده هيبقى أول قتيل فعلي في الجنازة."


سليم (بضحكة وهو بيرجع خطوتين):

"يعني نمشيها رعب بدل دراما؟ تمام… هدخل من الباب الخلفي، خليكوا انتوا تلهوا الجمهور."


معتز (بغمزة):

"بلاش تعمل حركات أفلام… وافتكر إنك راجع علشان تحاسب، مش تهزر."


سليم (بعين فيها نظرة غامضة):

"حاسب… بس بعد ما أشوف مين اللي كان بيوزع التعازي باسمي وهو السبب في اللي حصل."


وسليم اختفى في الخلف…

داخل القصر اللي فيه الكل بيبكي عليه…

من غير ما يعرفوا إن "الميت" رجع… والانتقام جاي.


في المستشفى…


الحارس وهو بيصرخ بلهفة:

"ساعدونا بسرعة! حالته بتسوء!"


الممرضين جروا بالنقالة، بسرعة شالوا جاد وودّوه لغرفة العمليات، الأطباء لابسين بسرعة، وكل شيء اتحوّل لحالة طوارئ.

الباب اتقفل ووراهم، والأنوار الحمرا فوق بتعلن إن معركة مع الموت بدأت.


---


وفي القصر…


كانت الناس لسه متجمعة، الوجع مالي المكان، وكل العيون بتدور على معتز…

وأول ما دخل، ليلى شافته.


عيونها حمرا من كتر البكا، قلبها مليان غضب، ولسانها ما سكتش:


ليلى (بعصبية وانهيار):

"شرفت فيني! أخيرًا ظهرت! تعرف جنازة مين كانت شغالة؟ جنازة أخويا! وسايبني لوحدي، ما وقفتش جنبي، ولا حتى ظهرت!"


معتز (بيحاول يمسك أعصابه):

"ليلى، حبيبتي… ممكن تهدي؟ دلوقتي مش وقت الكلام ده."


ليلى (بعصبية):

"لأ! دا وقته جدًا! إنت حتى مردّتش على مكالماتي!"


معتز (بصوت واطي بس حاسم):

"أنا محتاجك تطلعي للطابق التاني… تاخدي أمك ونور، وتبعدوا من هنا شوية."


ليلى (بشك وخوف):

"ليه؟! في إيه؟"


معتز (بيبص حواليه ويتأكد محدش سامع):

"عشان في مفاجآت… ومينفعش يكون في حد منكم تحت لما تحصل."


ليلى (بقلق):

"مفاجآت إيه؟!"


معتز (بصوت غامض):

"ثقي فيا… ومتسأليش دلوقتي، بس صدقيني، اللي جاي هيغير كل حاجة."


وسابه ومشي… وعيون ليلى بتتابعه، بين غضبها، وخوفها، وقلبها اللي حاسس إن في حاجة كبيرة جدًا على وشك تحصل.


 في الطابق العلوي…


خطواتهم كانت سريعة، قلوبهم بتنط من مكانها…

فتحوا الباب، وكل العيون اتجمّدت.


سليم واقف.


وسط الغرفة، بكل هيبته، بكل صدمته…

سيف، مازن، ليلي، ونرمين كانوا حوالينه، ولسه علامات الذهول مرسومة على وشوشهم.


زمرد أول ما شافته، شهقت بصوت عالي، وإيدها اتسندت على الحيطة، كأن رجليها مش شايلينها.


زمرد (بدموع وابتسامة مذهولة):

"ابني… ابني ما متتش؟!"


جريت عليه تحضنه، حضن عمره ما كان كفاية يعبّر عن كل حاجة جواها.

حضن أم فقدت روحها ولقتها تاني.


زمرد (وهي بتحضنه بقوة):

"كنت بسمع صوتك في خيالي… بس ما كنتش متخيلة إنه  هارجع ألمسك فعلاً…"


سليم (بصوت مختنق):

"أنا آسف يا أمي… بس كان لازم أختفي."


ليلى (وهي بتقرب، عينيها بتدمع):

"يعني أخويا… حي؟"


جريت عليه هي كمان، وحضنته:


ليلى:

" سليم… خضتنا عليك قوي."


سليم (وهو يربّت على ضهرها):

"أنا هنا… ومش هسيبكم تاني."


وفجأة، يدخل صوت جديد من وراهم…


سمية (بصوت عالي ومصطنع):

"الحمد لله إنك عايش يا حبيبي… يعني إحنا عاملين الجنازة دي لمين؟!"


سكت الكل، واتجهت الأنظار نحوها، وسليم بصّ لها بنظرة باردة،


سليم :

"أكيد مش ليا… أنتو بتعرفوا تجهزوا جنازات بسرعة."


سمية (بابتسامة بايخة):

"والله كان بس احترام للموقف، إحنا كنا بنعيط كلنا…"


سيف (بهمس لمازن):

"أكيد… المعظم دموع تمساح."


مازن (مكتم ضحكته):

"أنا عن نفسي كنت بوزع بلح وفرحان."


نور وقفت بعيد… عينيها معلّقة بسليم، كأن الزمن وقف بيها،

مخها بيرجع يعيد كل لحظة من اللحظات اللي عاشتها من بعد غيابه،

الصدمة، القهر، الندم، والجرح اللي عمره ما التئم.


وفجأة…


انهارت.


الدموع نزلت مرة واحدة، من غير صوت، بس وجعها كان بيصرخ.


نور (بهمس مكسور):

"كنت فاكرة إنك خلاص… راحت روحك مني."


ومع كل خطوة خدتها ناحيته،

كان قلبها بيرجع يدق… بس مش زي الأول.

دقة فيها حزن، فرحة، خيانة، وحب… كله متلخبط.


نور (وهي بتوصل له وتبص في عينه):

"ليه؟ ليه عملت فيا كده؟ ليه سبتني أعيش على خبر موتك؟!"


سليم (بصوت هادي وندمان):

"كان لازم… كان في حاجات أخطر من إني أقولك إني عايش…"


نور (وهي بتنهار أكتر):

"أنا موت كل يوم، وكل يوم أقول يمكن ترجع… بس لما ما رجعتش، أنا اللي مت."


سليم (وهو بيمد إيده ويمسك إيديها):

"أنا رجعت… علشانك إنتي… علشان كلكم… وعلشان آخد حقنا."


نور (بهمس وهي بترمي نفسها في حضنه):

"ما تسبنيش تاني… حتى لو هنتخانق، حتى لو هنكره بعض… بس ما تختفيش تاني."


سليم (وهو بيحضنها بقوة):

"أنا هنا… ومش هبعد تاني، مهما حصل."


والغرفة سكتت…


كل اللي حوالين سليم ونور سابوا لهم لحظتهم،

لحظة كانت كأنها نهاية لفصل طويل… وبداية لحكاية جديدة.


في المستشفى، بعد يوم من الأحداث...


كانت الشمس بتدخل من شباك صغير في غرفة جاد، والهدوء الساكن بيغلف المكان، لولا صوت الأجهزة الخفيف.


جاد فتح عينيه ببطء، أنفاسه متقطعة للحظة، قبل ما يستوعب إنه على سرير المستشفى.


الحارس (بلهفة وارتياح):

"الحمد لله على سلامتك، سيدي!"


جاد (بصوت مبحوح وهو بيبص حواليه):

"أنا… فين؟"


الحارس (بحذر وهو يقرب):

"في المستشفى، بس ما تقلقش، أنا حليت الأمور، لا الشرطة عارفة بوجودك هنا، ولا حد بلغ عن الإصابة… كل حاجة تحت السيطرة."


جاد بيعتدل ببطء، وبينهض من السرير، رغم إن الحارس حاول يمنعه.


الحارس (بتوتر):

"بس حضرتك تعبان! الإصابة كانت قريبة جدًا من العمود الفقري، ولازم ترتاح شوية على الأقل…"


جاد بدأ يلبس هدومه، ملامحه جامدة، وكأنه ما بيفكرش في نفسه.


جاد (ببرود وهو بيقفل القميص):

"هنغادر… دلوقتي."


ومع خطواته الهادئة، وبينما هما خارجين…


وقف فجأة.


صوت بكاء خافت طلع من إحدى الغرف، شد انتباهه…

لف برأسه ببطء، وأذنه مركزة.


جاد (بهمس):

"استنى هنا."


فتح الباب بهدوء، لقى قدامه مشهد مفاجئ.


سارة.


على سرير أبيض، ملامحها باهتة، عيونها متورمة من البكاء، ويده مليانة محاليل، وهي حاضنة بطنها وكأنها بتحاول تحميه من العالم.






⚡ فلاش باك – ليلة أمس


غرفة سارة في المستشفى

الباب بيتفتح وسليم داخل بخطوات تقيلة ونظرة باردة.


سليم (بجفاف):

"سمعت إنك تعبانة."


سارة (بصوت مكسور):

"حتى دلوقتي فاكرني؟ كان ممكن ابننا يموت وانت فين كنت؟!"


(سارة ما تعرفش إن سليم كان مختفي ومعلن عن موته)


سليم (ببرود):

"أحلام اعترفت بكل حاجة. وصدقيني، أنا مأذيتكيش عشانك تعبانه بس…"


سارة (بدموع):

"يعني لو كنت واقفة على رجلي كنت موتّني؟!"


سليم:

"لو قربتي من نور وابني تاني… هأنهيكي. واللي في بطنك؟ ما يفرقش معايا. أول ما تولديه… اعتبري نفسك مطلقة."


سارة (بانهيار):

"سليم… ده ابنك… أرجوك…"


سليم (بقسوة):

"اللي عندي قلته."


سارة (تمسك بطنها بخوف):

"وهو؟ هتعمل فيه إيه؟"


سليم:

"هياخده… وهيربيه بعيد عنك. وانتي؟ تسافري… تروحي بلد تانية، ومترجعيش."


نظرة وجع على وش سارة… وباب الغرفة بيتقفل وراه.


⏪ رجوع للحاضر


سارة أول ما شافت جاد اتوترت.


سارة (برعب وهي تمسك الغطاء):

"مين… مين حضرتك؟"


جاد (بهدوء ونظرة غريبة في عيونه):

"ما تخافيش… مش جاي أؤذيكي. سمعت صوتك… بس حبيت أعرف إذا كنتي بخير."


سارة (بصوت مهزوز):

"أنا بخير… أو على الأقل بحاول أصدق كده."


جاد (وهو بيقرب وبيقعد على الكرسي):

"شكلك مش تمام. بتحبي تحكي؟"


سارة ما ردتش… بس نظراتها اتعلقت بالسقف، والدمعة وقعت تاني.


سارة (بصوت واطي مليان وجع):

"جربت تحب حد بكلك… وتعمل المستحيل عشانه… وبالنهاية تكتشف إنك كنت مجرد خطة مؤقتة في حياته؟"


جاد بصّ ليها، وصمته بقى تقيل.


جاد (ببساطة):

"لا… أنا عمري ما حبيت. ومش ناوي أحب. قلبي… مش شغال من زمان."


سارة (بتلف له بعينين مستغربة):

"مش طبيعي… أول مرة أشوف حد يعترف بكده ببساطة."


جاد ابتسم بسخرية، وهو بيقول:


جاد:

"الآخر وحدة قالتلي بتحبني… دفنتها في الحديقة."


سارة (شهقت):

"نعم؟!"


جاد (بضحكة خفيفة):

"بهزر… رغم إنها كانت مزعجة فعلًا."


ابتسمت سارة غصب عنها، كأن أول مرة تبتسم من أيام.


جاد طلع من جيبه كارت، ومدّه ليها.


جاد:

"خدي ده. لو في يوم احتجتي تحكي، أو حتى تعملي جريمة وتهربي… أنا موجود."


سارة خدت الكارت بتردد.


جاد (وهو بيقوم):

"اسمك إيه؟"


سارة (بهدوء):

"سارة… سارة الأسيوطي. وإنت؟"


أول ما الاسم وقع على ودنه… كأن صاعقة ضربته.


نظرة عينيه تغيّرت، وجسمه تشنج.


جاد (بصوت مبحوح):

"لازم أمشي."


سارة (بدهشة):

"ما قلتليش اسمك!"


جاد (وهو واقف عند الباب، بنبرة مش مفهومة):

"جاد."


خرج وساب وراه سكون تقيل،

وسارة بتبص في الكارت…

وفي بالها ألف سؤال عن الراجل الغريب اللي دخل فجأة… وساب أثر كبير.


في بلكونة القصر…


الهواء كان ساكن، والليل نازل بهدوء كأنه بيحاول يواسي الحزن اللي ساكن القلوب.


نرمين واقفة، باصة للسماء، عيونها مغرقة بالدموع اللي مش راضية تهدى…

كل شيء جواها كان بيصرخ: فُقدان، ألم، ندم، ضعف.


سمعت خطوات وراها، كانت خفيفة… لكنها مألوفة.


سيف وقف جنبها، مسك السور بإيده وبص للسماء هو كمان.


سيف (بصوت هادي):

"نرمين… ما تفكريش إنك لوحدك.

أنا هنا، وجنبك، وإذا احتجتي حاجة… أي حاجة، هكون أول واحد جنبك."


ما كملش كلامه، إلا ونرمين فجأة رمت نفسها في حضنه،

عنيها اتقفلت والدموع نزلت بحرقة،

وحضنته كأنها بتحاول تمسك نفسها قبل ما تقع أكتر.


سيف اتفاجئ، لكنه لف دراعه حواليها بحنان،

وربت على ضهرها بحنية خالصة:


سيف (بهمس وهو يربّت):

"ششش… أنا معاكي، خلاص… سبيها تخرج، طلّعي كل اللي جواكي… أنا هنا."


اللقطة كانت هادية، لكن مليانة دفء…

نرمين لأول مرة تحس إن فيه كتف تقدر تبكي عليه…

وإنه فيه حد فعلاً شايفها، مش بس شايف وجعها.


🌙


أما في فيلا مازن…


كانت شنطه كبيرة محطوطة على السرير، والتيشيرتات متكومة جنبها.

مازن بيحاول يجهز أغراضه، وإيده بتتحرك كأنها بتخلص مهمة، مش كأنه بيمشي من بلده.


وفجأة…

الباب بيخبط.


فتح… وكانت ليلي واقفة.


مازن (ببرود):

"خير؟ جيتي ليه؟"


ليلي (بتحاول تبتسم):

"جيت أطّمن عليك…"


مازن:

"أنا كويس."


عين ليلي وقعت على الشنط، قلبها ضرب.


ليلي (بصدمة):

"إنت مسافر؟"


مازن (وهو بيقفل الشنطة):

"راجع ألمانيا."


ليلي (بنبرة متكسّرة، وقلبها يدق):

"إزاي ترجع تاني؟!

وهتقعد قد إيه؟ خمس سنين زي المرة اللي فاتت؟ أكتر؟!

وإمك؟ أختك؟!"


مازن (بهدوء فيه وجع):

"رجوعي كان علشان أنهي سليم…

بس دلوقتي؟ الأمور خرجت عن السيطرة.

أمي واختي اختاروا طريقهم، وأنا ما بقاش عندي سبب يخليني أستنى."


ليلي حسّت قلبها بينهار…

كل حاجة كانت كاتماها، طفت فجأة، مش قادرة تكتم أكتر.






ليلي (بانهيار):

"طب وانا؟!!!

عمرك ما لحظتني؟

أنا بحبك يا مازن… من زمان… من وإحنا صغيرين!

ليه مش شايفني؟!

لارا عمرها ما حبتك زيي… وأنا كنت دايمًا هناك، بس إنت عمرك ما بصيتلي!"


مازن اتجمد، اتفاجئ…

عينه فليلي، وقلبه مش فاهم يتكلم ولا يسكت.


مازن (بصوت مبهوت):

"ليلي… اهدي…"


بس ليلي ما كانتش ناوية تهدى.

اللي جواها طالع كله و كانت تبكي بهستيريىة كأنها خلاص فقدت قدرتها على الصمت.


مرت يومين، والعلاقات حوالين القصر بدأت تهدى وتتشكل من جديد…


ليلي ومازن بقوا يتكلموا بهدوء، الضحكة رجعت لوشها، خصوصًا بعد ما مازن قرر يرجع عن فكرة السفر.


سيف أخيرًا اعترف بحبه لـ نرمين، وكانت المفاجأة إنها كمان حاسة بنفس الشيء، وابتدى بينهم رابط جديد يتبني على الوجع اللي عاشوه سوا.


نور وسليم، اللي مرّوا بكتير، علاقتهم بدأت تتصلّح، وكل يوم بيفهموا بعض أكتر، وبدأت نور تحس بالأمان اللي غاب عنها سنين.


لكن بعيد عنهم…


سارة، كانت بتتكلم مع جاد كل يوم، تصب عليه وجعها، دموعها، حكاياتها اللي ما قالتهاش لحد قبل كده…

وجدت فيه صدر بيسمع، عقل بيفهم، وقلب – حتى لو هو بينكر – حَنّ ليها بطريقة مختلفة.


📅 يوم الخروج من المستشفى…


سليم لبس هدومه، أخذ مفاتيحه، وخرج من القصر وهو بيجهز نفسه…


في المستشفى، في أوضة سارة…


كانت قاعدة على السرير، لابسة لبس الخروج، بس باين عليها القلق، بتتحرك بعصبية، وبتبص كل شوية على الباب.


وفجأة… اتفتح الباب، دخل جاد، لابس جاكيت أسود ونظرة سريعة شافت كل اللي فيها.


سارة (بصوت مكسور):

"جاد… ممكن تساعدني؟"


جاد (قرب منها):

"قوليلي، مالك؟"


سارة (بانهيار):

"أنا عايزة أهرب… سليم ناوي ياخد مني ابني، ويبعدني عنه، وأنا مش هسمحله."


جاد (وقف قدامها وسأل بهدوء):

"متأكدة من اللي بتقوليه؟"


سارة (بدموع):

"قالها ليا بعنيه… أول ما أولد، هيخده، ويبعدني برّا البلد، زي ما أكون مش موجودة.

هو بيكرهني يا جاد… وكل يوم بحس إني مش بس فقدته… أنا فقدت نفسي، وكل حاجة."


جاد (ببرود ساخر، وهو يحط إيده في جيبه):

"وأنا؟ المفروض أعمل إيه دلوقتي؟ أهربك من جوزك؟"


سارة (برجاء):

"مش عايزة منك غير فرصة… فرصة أشوف ابني، أعيشه معايا، من غير خوف…

أنا غلطت، ودفعت التمن، بس ابني ملوش ذنب."


جاد (بصوت واطي ومفكر):

"مش أول مرة أساعد حد عايز يهرب… بس أول مرة حد يطلبها عشان يعيش مش عشان يهرب."


سارة (بعيون باكية):

"وإنت أول مرة أحس إنك بتسمعني… بجد."


جاد وقف ثواني، سرح، وبعدها قال بنبرة شبه همس:


جاد بص لها للحظة، وبعدين هزّ راسه.


جاد (بنبرة جد):

"تمام… ههرّبك. بس لازم نمشي بسرعة، قبل ما يوصل."


---


🚗 بعد ساعة تقريبًا…


سليم دخل المستشفى، ملامحه متوترة، إيده فيها وردة، وعينيه بتدور على أوضة سارة.


مشي بسرعة في الكوريدور، فتح باب الأوضة…

لكن…


كانت فاضية.


السرير مرتب، مافيش أي أثر ليها.


سليم وقف لحظة، قلبه بدأ يدق بسرعة، وعينيه وقعت على ورقة صغيرة محطوطة على السرير.


مسكها… فتحها…


وكل حرف فيها كان بيولّع فيه نار.


"مراتك عندي.

جاد."


سليم عينه اتسعت، الورقة اتهزّت في إيده، والورد وقع على الأرض.


سليم (بصوت عالي وقهر):

"جاااااااد!!"


🔥 بعد خمسة أشهر…


في قصر منعزل في آخر المدينة، تحيطه الغابات والصمت القاتل…

السماء رمادية والجو ثقيل كأنّه بيحمل سر غامض.


🏰 داخل القصر – أوضة سارة


سارة قاعدة على الكنبة، بطنها كبير وواضح إنها قربت تولد، وجهها شاحب، شعرها مش مرتب، وعنيها فيها حزن سنين.


الباب بيتفتح فجأة…

يدخل جاد، نظراته حادة وصوته جاف.


جاد (بعصبية):

"قالولي إنك مش راضية تاكلي تاني!"


سارة (بصوت مبحوح):

"سيبني أمشي… أرجوك…"


جاد (ببرود):

"دخول البئر مش زي خروجه يا عصفورة…"


بياخد صينية الأكل من على الطاولة، يقرب منها ويقعد قدامها.


جاد (وهو بيقرب المعلقة لفمها):

"يلا… افتحي بُقّك!"


سارة (بانفجار غاضب):

"مش هاكل من إيدين واحد قاتل! مجرم! أنت حابسني… ومش ناسيه!"


عيونه بتضيق… ولسان حاله بيقول "لسّه ما شوفتيش حاجة".


---


⏪ فلاش باك – قبل ٤ شهور


سارة ماشية في ممر القصر، لابسة روب خفيف، وعيونها بتلف حوالين المكان، لحد ما وقفت قدام أوضة دايمًا جاد بيقفلها ومش بيسمح لحد يدخلها.


مسكت المقبض…

الباب كان مش مقفول لأول مرة.

دخلت… بخطوات حذرة.


جوه… كانت الأوضة مليانة صور.


صور لعيلتها…

أمها، إخواتها، حتى صور نور وسليم.

لكن الصورة اللي وقفت قدامها وسابت قلبها يوقف…


صورة أبوها…

وعليها مكتوب بالخط الأحمر العريض:

"تم."


وراحت توقع الصورة من إيدها.


وفجأة… صوت الباب وراه بيقفل.


جاد (بصوت عالي ومنفجر):

"مش قلتلك مليون مرة ما تدخليش هنا؟!"


سارة (وصوتها بيرتجف):

"إنت… إنت اللي قتلت بابا؟!"


عيونها كانت مليانة دموع، بس عيون جاد…

كانت صخر.


انتهى الفلاش باك.







---


🏠 مكان آخر – غرفة العمليات الخاصة بمعتز


الجو متوتر، خرايط وأجهزة منتشرة على الطاولة.


معتز (وهو بيبص في ملف):

"قدرنا نوصل لمكانه… القصر في آخر المدينة، محصن، بس جاسوسنا بين الحراس اتأكد إن سارة لسه عايشة."


مازن (وهو بيشد أنفاسه):

"يبقى نتحرك فورًا! مش هنسكت أكتر من كده!"


سليم (بصوت حاسم وبارد):

"الهجوم هيكون بالليل… لازم تكون حركة مفاجئة. جاد مش هيتوقع إننا عرفنا مكانه."


مازن:

"والنهاية؟"


سليم (بنظرة فيها نار):

"النهاية… هتكون جاد في القبر…


🔥 في القصر المنعزل…

الجو كان خانق… الصمت بيتقطع بأصوات أنفاس غاضبة.


جاد واقف قدام سارة، نظراته فيها نار، لكنه بيحاول يبين نبرة هادية.


جاد (بهدوء مصطنع):

"ليه ما ننساش اللي فات ونبدأ من جديد؟  رح خلي سليم يطلقك، ونتجوز… نفتح صفحة بيضا، معايا."


سارة (باحتقار):

"لو كنت آخر راجل على الأرض… مش هتجوزك. أنت قاتل، ومجرم، ومريض!"


وجهه اتبدل… ويده طارت على خدها.


جاد (بغضب وعيونه بتولّع):

"ما تفكريش إن علشان قلبي دق ليكي… هضعف! أنا مش لعبة في إيد حد!"


وفجأة…


سارة (بتصرخ وهي بتقع على ركبها):

"آآآه! بطني!! أنا… أنا بولد!!!"


جاد اتجمد مكانه، وشه اتغير، وصرخ بأعلى صوته:


جاد:

"سعد!!! سعد تعال بسرعة!!"


دقايق وظهر الدكتور سعد، وجهه متوتر، وبدأ يفحص سارة.


سعد (بصوت مرعوب):

"لازم ننقلها للمستشفى فورًا! في خطر على حياتها وحياة البيبي!"


جاد مسك سعد من هدومه، وعينيه كلها تهديد:


جاد:

"هتولدها هنا… لو صار لها أي حاجة، أقسم بالله هفجّر راسك… فاهم؟!"


سعد (مرعوب):

"فـ… فاهم!!"


🕰️ مرت ساعات…


الليل غطّى المدينة، والقصر بيرج من صريخ سارة اللي الألم شاقها نصين…

المكان كله على حافة الانفجار.


وفجأة… صوت طلق ناري!


الحارس (داخل ووجهه كله دم):

"سيدي! بيهاجمونا! قتلوا معظم الرجال!"


جاد شتم بصوت عالي، ومسك سلاحه، وركض للخلف علشان يهرب…


لكن…


📍عند البوابة الخلفية

كان سليم واقف… في إيده السلاح، وحوله عشرات من رجاله، ومازن ومعتز معاهم.


سليم (بنظرة قاتلة):

"رايح فين يا جاد؟ وقت الحساب جه يا ابن اللي خاني…"


معتز (بحزم):

"سليم! لا تتهور… لازم يتحاكم! إحنا مش زيه…"


سليم (بهدوء مرعب وهو بيرفع المسدس):

"بس كام طلقة فـ رجله ويده… مش محسوبة…"


بوووم!

رصاصة تخترق رجل جاد… بعدها بثانية بوووم تانية تخترق إيده.


جاد وقع على الأرض يصرخ، وسليم بصّ لمعتز:


سليم:

"دلوقتي نقدر نحاكمه براحتنا."


🏃‍♂️💨 الكل دخل القصر…


الصوت الوحيد اللي مسيطر…

بكاء طفل.


جروا ناحية الصوت…

لقوا الدكتور سعد ماسك طفل صغير، ولد، ملفوف في بطانية.


على السرير، سارة كانت غرقانة في دمها، ووشها شاحب، وعنيها بالكاد مفتوحة.


سارة (بهمس وضعف):

"أنا… آسفة."


مازن (بيقرب منها بسرعة):

"ما تخافيش… الإسعاف ف الطريق… هتكوني بخير، سارة!"


سارة هزت راسها بـ لا، ودموعها بتنزل…


سارة (بصوت متقطع):

"مازن… أوعدني… تهتم بابني… يا أخويا…"


مازن (وصوته بيترعش):

"بوعدك… بوعدك من قلبي!"


نظرت لسليم… دموعها كانت مختلفة، فيها كل الحب اللي كان.


سارة:

"أنا حبيتك أكتر من نفسي… بس حبك قتلني…"


سليم (بدموع وعينيه بتلمع):

"ششش… هنصلح كل حاجة، أوعدك…"


سارة (بصوت راجف):

"طلب… أخير… بوسني."


سليم قرب، وشفاهه لمست جبينها بلطف…

لمسة حب… وداع… ندم.


وببطء…

أغمضت سارة عينيها.


رحلت مفارقة الحياة


والكل واقف حوالين السرير، في صمت مطبق… والطفل لسه بيبكي.


القصر 


الجو كان كئيب، الحزن مالي المكان، والخُطى كلها بطيئة كأن القصر نفسه بيبكي.







🚪أول ما دخلوا…


سمية ركضت بسرعة، وشها مرعوب، صوتها عالي وهي تصرخ:


سمية (بلهفة):

"فين بنتي؟! فين سارة؟! فين أختك يا مازن؟!"


مازن ما قدرش يتكلم، دموعه كانت أسرع من كلماته…

قرب منها، حضنها بقوة، وصوته كان بيترعش:


مازن (بهمس):

"راحت يا أمي… راحت لمكان أحسن… ارتاحت من وجع الدنيا."


سمية انهارت، صرخة خرجت من قلبها، وقعت على الأرض وهي تبكي بحرقة.

بس عنيها وقعت على الطفل اللي في إيد سليم…


👶 آدم، ملفوف بالبطانية، صغير وبريء، ما يعرفش حاجة عن العالم اللي اتولد فيه.


قامت سمية، وراحت لسليم، وبصّت للطفل، ولمسته بإيدها المرتجفة.


سمية (بصوت مكسور):

"ده ابنها؟"


سليم (وهو بيهز رأسه):

"آه… ده ابننا… آدم."


الجميع كان واقف… الحزن ملموم في عيونهم.

نور كانت سنده على سليم، وزمرد بتبكي في صمت، وليلى مخنوقة وهي حضنها سيف.


سليم حضن نور، وشال عينه عن الكل، وبص في عينيها.


سليم (بصوت هادي، فيه رهبة):

"أنا بقيت أب… نور… أنا بقيت أب."


نور ابتسمت له، وعنيها مليانة حنية، ومسحت دموعه بإيديها.


نور (بثقة):

"وأنا بقيت أم… مش هفرق بينه وبين اللي فبطني."


وحطت إيدها على بطنها اللي كبر وبدأ يبان…


نور (بصوت دافي):

"الاتنين ولادي… الاتنين هيتربوا على الحب… مش على الانتقام."


سليم بص لها، وهو لأول مرة من زمن طويل…

حس إن فيه فرصة… لشيء حقيقي، نضيف.


بعد شهرين…


الدنيا اتغيرت.


نور ولدت ولدها التاني من سليم…

وسموه عاصي الأسيوطي، عشان يفضل اسمه محفور زي الصخر… قوي، وعنيد، لكن قلبه طيب زي أمه.


👶 آدم و عاصي… الاتنين كبروا جنب بعض، إخوات، ما يعرفوش غير الحنية، ولا عاشوا لحظة من اللي عاشها أهاليهم.


💍 وبعد سنة…


مازن اتجوز ليلي، أخيرًا القلوب لقت راحتها بعد سنين تعب وانتظار.


وسيف ونرمين، الحب اللي بدأ بالدموع… اتحوّل لبيت، دفا، وأحلام بتتبني كل يوم.


🌍 مازن وليلي سافروا ألمانيا، وبدوا حياة جديدة بعيد، بس الحب والحنين دايمًا بيرجعهم كل شوية لذكريات القصر، والأيام اللي شكلت قلوبهم.


🏢 سيف فضل في مصر، ماسك إدارة شركاته مع مازن ، ونرمين كانت دايمًا جنبه، شريكة مش بس في الشغل… لكن في كل خطوة من حياته.


---


📚 والرواية وصلت لنهايتها…


مضطرة أنهيها لأسباب صحية، لكن حبيت أسيب كل شخصية في مكانها، مرتاحة، وعارفة إنها مش لوحدها.


وأفتكروا دايمًا…


كل اللي في الرواية…

ماكانش ليهم ذنب 😉


بقلم ميلي ميس

تمت

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×