رواية نوح الباشا الفصل السادس عشر 16 بقلم ندا الشرقاوي
#الفصل_السادس_عشر
#سفر_كرياتور
في أحد الفنادق المشهورة في "سويسرا"،الذي يتميز بالفخامة والعلو ،وجهته من الزجاج الذي يعكس الرؤية ،تصميمه الجبار،كاد يلامس نطحات السحاب ،يتكون من عدة أدوار لا تعرف عددها ،لا يُقيم به إلا ذو سلطات كبيرة .
وقفت في منتصف الجناح تنظر إليه بعيون متلألئة،لأول مره ترى هذه الاشياء،كانت تراها في التلفاز فقط.
اليوم أصبحت من هذه الطبقة بفضل "نوح"الذي ظهر في حيّاتها فجأة،لكن تتمنى أن تتذكر حتى تتذكر أول مرة التقت بـ"نوح".
ولج العامل يضع الحقائب في أرضية الغُرفة ،ثم قف نوح الباب بقدمه ،خلع عنهُ سُترته ،وجدها تقترب من النافذة تستنشق الهواء ،ثم تُزفِره رويدًا رويدًا .
اقتربَ ليقف إلى جانبَها ، وضع راحةَ يده على أحدِ كتِفَيها ، فابتسمتْ ابتسامةً عريضةً، وقد رأى نضارةَ وجهِها تتلألأ في ضوءِ المساءِ.
سكنتْ لحظة ،ثم قالت بصوتٍ خافت
-حاسه إني بَحلم ،معرفش ليه ،نُوح أنت مُمكن تكون حلم؟
أنزل يده بجانبه ووقف أمامها يقف ،فتُقَلّ المسافة بينهما، مدّ سبّابته برفق، ثم رفع ذقنها بخفّة ، كأنّما يدعو ملامحها إلى أن تُزهر في عينيه ، تلاقت عينها بعينه ،وهمس
-ولو طلع حلم يا موج هتعملي ايه!؟
كانت علامات الأستفهام ،تتسابق في عقلها،وهمست لة
-معرفش بس هفضل أدور عليك ،ولو لقيتك وأنت متعرفنيش ،هحاول أخليك تحبني،بس يا ترى ساعتها ،نوح هيرضى يتجوز موج بتاعت السمك !؟
ردّ وهو يربتُ على يدها برفقٍ كما لو كان يُختم وعده
-لو كانت موج البحر هي اللي مفرحاني ومكّفياني،أنا مستعد أعيش على شطّ حُبها طول العمر.
سكتتْ لحظةً، ثم همست قريبةً من أذنه
-لو حَلم ،اتمنى أفضل بحلم ،ولا إني أصحى وأقابل حد تاني
أجابها وهو يقرّبُ وجهَه من وجهِها حتى اكتسى الكلامُ بصوتٍ شبهٍ مُختنقٍ بالانفعال
-بموتي يا موج،بموتي إنك تكوني لحد تاني ،أنا وبس .
ثُم مدَّ يدَه بحنانٍ فمسحَ خصلَةً من شعرِها خلف أذنِها، ثم استطرد ……
-فاهمة !
همست برفق
-فاهمة
أغلقتْ عيناها لثانيةٍ، وابتسمتْ ابتسامةً ترتجفُ فيها شجونةٌ من الفرح، ثم ميّلتْ رأسَها نحوَه، فوضعَ شفتاه برفقٍ على جبينِها كما لو كان يُباركُ بدايةَ عهدٍ بينَ قلبين.
قَاطَعَهُما صَوْتُ دَقاتِ البَابِ،فتَحَت عينَها سريعًا وهربت من أمامه ،ضَرَبَ كَفًّا عَلى كَفًّ ،وتَحرك بإتجاه الباب ،وقام بالفتح ،وجد العامل يَمُد يده بظَرف مُغلق وهتف
-سيدي ،هذا الظرف جاء مُنذ دقائق
أومأ له برأسه ،وشكره، ثم أغلق الباب ،أستمع إلى خرير الماء،فاستدلّ على أنّها تنعم بحمام دافئ يزيح عنها عناء السفر و الآلم .
جَلّس على أقرب مَقعد ،قام بَفتح الظرف المُغلق ،وجد بداخلها دعوةً عن إفتِتاح "أتيليهٍ فَخم للأزياء في سويسرا "
أحد أحدث دور التصميم في العالم، حيث تُعرض آخر صيحات الموضة وتُقدَّم لمحاتٌ فنية راقية.
أخذ يقرأ الدعوة بتمعّن، فتخيل الألوان والأقمشة والفساتين الفخمة التي ستتزيّن بها العارضات، وفكّر في كيف سيكون الحدث مناسبةً تجمع بين الفن والجمال والأناقة الرفيعة على ضفاف جبال الألب الساحرة.
……………………
-الورق معايا ،في أقرب وقتٍ هيكون نوح على الحديدة ،حتى الحديدة مش هيلاقيها.
كان هذا حديثٌ مجهولٌ لم يُكشَف عن هويته إلى الأن .
جاء الردُّ بنبرة واضحةٍ حادّةٍ
-نوح لازم قبل ما يُموت ،يعيش أسوأ أيام حياته قبل ما يموت ،الموت راحه.
-أكيد بس الصبر ،وكُلُّ حاجة مع نوح الباشا هتكون ملك لينا
هتف الطرفُ الأخر بعد ما أشعل أحد سيجاره
-ومراته !
هزَّ رأسه بالرفض
-لا ،ملناش دخل بالحريم ،أحنا عاوزين ننهي على نُوح وبس.
شَرَد الأخر في الحديث وهو ينوي على كُلَّ الشر .
…………….
في مصر….
تحديدًا في الأسكندرية…
في منزل" عبدالعظيم الباشا"كانت سما تتسطح على الفراش بعدما تمت ولادتها على خَير ،وعادت بطفلتها الصغيرة.
ولج سامح وهو يمسك بيده "شهادة الميلاد "لدى الطفلة ،كانت علامات الحُزن تُزين وجه سما ،بسبب أختيار الأسم.
وضع الورقة بجانبها وهمس بهدوء
-مش هتفتحيها!؟
كانت تداعب طفلتها بهدوء،وردت
-ويفيد ب اي ،مش عمله اللي في دماغك وسمتها على اسم طنط الله يرحمها ،سميحة .
-بس أنا مسمتهاش سميحة يا سما
التفتت له واختطفت الورقة وجدت الأسم "صفا سامح"،ابتسمت ابتسامة واسعة وردت بسعادة
-صفا!!
سمتها صفا ،زي ما أنا عاوزة،بجد يا سامح ،بجد؟
جلس بجانبها وأحتضنها بذراعه وهمس بصوت خافت
-مقدرش ازعلك يا سما ،أنا معنديش غيرك ،وعادي ياستي أنا مش زعلان علشان أسم يعني .
دق الباب ودلفت "وفاء" وهى تمسك أحد الأواني وتقول
-عملتلك بقى الفرخة وشوية شربة علشان تتغذي كده
……………….
في سويسرا …..
كانت تقف "موج " أمام "نوح"،ترتدي فستانًا من اللون الأسود الداكن يبدو عميقًا في الظل ولامعًا حيث يلتقطه الضوء، بحمالات رفيعة ،مُجسم عند الخصر ،التنورة تنساب بإعتدال إلى اسفل رُكبتها ،ملمسه ناعم وكأنّه يحتضن الجسد،توازن الأنوثة دون مُبالغة ، مع شق جانبيٍّ طفيف يسمح بحركة أنيقة عند المشي.
كان يقف ينظر إليها نظرات ثاقبة ،نظرة مُصمم الأزياء العالمي "نوح الباشا"
-أستني
دلف إلى الغرفة وجاء بعُلبة سوداء أخرج منها صندل بكعبٍ متوسط رفيع ،انحنى أمامها ورفع أحد قدميها على ركبته ، ثم ألبسها الصندل بعنايةٍ وأناقة
وقف وهو ينظر إليها ثم ولج مره أخرى ،جاء بوشاح أبيض قام بوضعة على كتفيها وهتف
-كده الأنوثة كُلها أكتملت أكتر ،قطعة مارشميلو اتحطت في الشوكولاتة السايحة
-نوح
هتفت بهذه الكلمة وهى في قمة الأحراج من تصرفاته .
نظر إليها وهتف بحنو
-مالك يا موج ،زعلانة !؟
-لا مُحرجة .
-من اي ،اتعودي على كده ،هلبس وأجي علشان ننزل .
………….
بعد مرور أقل من ساعة ،كان باب الفُندق يُفتح ،ويدلف "نوح" يحتضن كفّها بكفه ،سلطت الأضواء عليهم ،فهو "نوح الباشا" ،ولأول مره يحضر شيئًا ومع أمرآه .
جلس على مقعده بعد ما تأكد من راحتها ،كانت تنظر حولها تكتشف العالم الجديد ،النساء التي تملئ المكان ، سارت الفتياتُ بثباتٍ واتزانٍ، وجوهُهنَّ هادئةٌ تُكملها ابتسامةٌ خفيفة ،تنوعت الأقمشة ،كالحرير المنساب كالماء،الألوان تتقاسم بين الداكن والفاتح، توقّفتُ إحداهنّ عند الطرفِ لتلتقط الأنظار، فامتزجت أنفاسُ الحضورِ مع نورٍ خافتٍ وموسيقىٍ ناعمةٍ، ثم تصاعدت الهتافاتُ والتصفيقاتُ مع ختام العرض
اقترب نوح منها وهتف بصوت عالٍ نسبيًا
-رأيك في الفساتين ايه
ابتسمت بسعادة وردت
-حلوين أوي يا نوح شكلهم يجننوا
جاء من الخلف "سُليمان "جلس بجانب نوح دون استأذان،نظر إليه نوح بنفس غير راضية وهمس
-خير ؟
وضع قدم على قدم وهتف بتعالٍ وتفاخر
-جيت أرحب بيك أنت سايب سويسرا من زمان بقالك خمس شهور ولا اي يا مدام
قبض على ياقة قميصه ،جذ على أسنانه وهتف
-ماتختبرش صبري يا سليمان وقوم أخفى من وشي
تمسكت نوح بذراع نوح وهتفت
-نوح الناس بتبص علينا
خفف قبضته على "سليمان "وهو يرى الأشخاص ينظرون إليه
أمسك" سليمان "يد "نوح" وأنزلها بجانبه وهمس
-هدي أعصابك يا نوح ليطق ليك عرق ،مش دا مثل مصري عندكم برده
ثم استطر ووجه حديثه لموج
-هيا المدام متعرفش إنك بتضحك عليها وإن مفيش قصة حب وأن أول مقابله بينكم كانت في المستشفى وإن دا كله بتضحك عليها يعني بتستغلها بس يا نوح الباشا