سكريبت الدنيا (كامل) بقلم هاجر نورالدين
_بس أنا مهما دعيت مش بيستجيبلي وتعبت!
إبتسم إبتسامة خُبث وقال بِـ ملامح مسكنة:
=ومين فينا مهما دعا بيستجيب ليه...
قرب من الشاب اللي قاعد قدامهُ وقال بـِ صوت واطي شوية:
=بيني وبينك، ساعات بفكر كتير في إنهُ موجود أصلُا، أصل إي الإثبات وبعدين محدش شافهُ قبل كدا.
بصلهُ الشاب بـ تردد وقال:
_القرآن فيه كل حاجة، وبعدين المعجزات اللي حصلت واللي مذكورة في القرآن بثبت وجودهُ.
رجع تاني وعدل قعدتهُ وقال بـِ حروف مليانة خُبث:
=وإنت تعرف منين إن القرآن كمان حقيقي!
أصل محدش فينا يعني عارف فين الحقيقة، وبعدين طلبت منهُ كام حاجة وعملهالك، والحادثة الأخيرة اللي عملتها وقعدت شهرين في العمليات دا غير حادثة السرقة اللي اتعرضتلها وسرقوا منك 10.000 جنيه كل اللي حيلتك وإنت ياعيني ماحيلتكش إلا هما، مكنش قادر يقف جنبك ويمنع كل دا، بصراحة بقيت شاكك.
فضل الشاب باصص في الأرض وبؤبؤ عينيه رايح يمين وشمال وقال بتوتر:
_بلاش الكلام الكبير دا عشان دا يعتبر كفر.
بصلهُ بسخرية وقال بإسلوب إقناع بيحتوي على وسوسة وخُبث الأفعى بلّ أشد مُعتاد عليه:
=طيب إحنا ليه مع إننا ناس موحدين بالله ومش بنعمل الكبائر عايشين كدا ودا حالنا، ليه الأجانب الكفرة زي ما بنسميهم اللي بيعملوا كل حاجة بتغضبهُ عايشين حياتهم بأحسن شكل بلّ هما الدولة المتقدمة فينا أصلًا، مش شايف إن دا مش عدل لو الكلام دا حقيقي؟
بطريقتهُ والوسوسة اللي هي شغلتهُ اصلًا اللي قادرة تفضل في العقل البشري 24 ساعة حتى وهو نايم تدور وتروح وتيجي وتشككهُ في ثوابت وتخليه يفكر في اللي مش المفروض يفكر فيه اصلًا خلى الشاب اللي قدامهُ مش قاعد على بعضهُ، بؤبؤ عينيه مش ثابت، العرق اللي على جبينهُ من كتر التوتر والتفكير، إبتسم بسخرية وعرف إنهُ قدِر يحقق اللي جاي عشانهُ، شكك العبد في وجود الخالق، إتكلم بإهتمام وقال بإبتسامة جانبية بعد ما قام:
=أنا لازم أمشي عشان لازم أشتغل، إنت عارف العالم مفيش حاجة فيه بالساهل ولا بالدعاء.
كان هيمشي بس الشاب إتكلم بسرعة وقال بتردد:
_بس أنا لما بعمل الصح وبصلي وبقرأ قرآن ساعات بيحققلي حاجات.
ضحِك بسخرية وقرب منهُ جدًا وقال بِفحيح:
=وفكرك الخالق محتاج العبد يتذللهُ عشان يحققلهُ طلب!
وبعدين إنت بتقول ساعات أهو، يعني صدف، الصدف بتحصل كتير إنك تفكر في حاجة وتلاقي واحد صاحبك بيفكر في نفسها، عادي دي الطبيعة.
سابهُ بعدها ومِشي بِسعادة بعد ما شافهُ أخر مرة وهو قاعد مش مرتاح وعينيه رايحة جاية في المكان وباصص في وشوش اللي حواليه، سامع تفكيرهُ وخلاص عرِف هو هيمشي وهينفذ إي بالظبط، راح لـِ مكان تاني عشان يشوف ضحية جديدة "الشغل اللي بيقول عليه، شغلتهُ في الدنيا"، كلم نفسهُ بسخرية وقال وهو باصص للسما:
_دا المخلوق اللي فضلتهُ عليا!
سهل اللعب بعقلهُ وقد إي ضعيف وقليل الحيلة، البشر دول كلهم مش هياخدوا في إيدي حاجة، هما مليارات وأنا لوحدي قادر أخليهم كلهم يكفروا بيك، أنا اللي مخلوق من نار، أنا اللي كنت أحق بالأفضلية، أنا اللي كنت أحق إن الملايكة تسجدلي، أنا الأقوى، أنا القادر...
ضحك بصوت عالي وقال بسخرية أكبر:
_بس أنا مش هروح جهنم لوحدي، أنا هاخدهم كلهم معايا عشان أوريك إن هما مش أحسن مِني، جهنم هتتملي بملايين من البشر اللي فضلتهم عليا، جهنم مستنياهم بِـ فارغ الصبر وأنا اللي هبعتهم ليها، بني البشر المُقرفين الضعفاء نهايتهم أنا...إبليس.
عدِت أسابيع وفي وسط ما هو مُنشغِل بـِ ضحيتهُ الجديدة عشان يخليها تنحدر عن الإستقامة، حس بألم فظيع، برق بـِ عيونهُ وهو بيقول بزعيق وصوت عالي:
_لأ لأ، متعملش كدا.
راح بسرعة لـِ مكان الشاب اللي كان قاعد معاه من أسابيع وقال بتساؤل وغضب:
_إنت رجعت تقرأ قرآن وتقرب منهُ تاني، مش قولتلك إنهُ مش موجود.
إبتسم الشاب بـِ هدوء وقال:
=دا الحمدلله إني مسمعتش كلامك، أستغفر الله بجد، لولا إني مكنتش رجعت لـِ شيخ المسجد وفهمت منهُ كان زماني في طريق الضلال وجهنم ولعياذُ بالله مستنياني.
إتكلم بغضب أكبر وقال وهو حاسس بالعجز:
_مفيش حاجة إسمها كدا، عيش حياتك بالعرض والطول ومتمسكش في حاجات زي الدين مش هتفيدك بحاجة غير إنها هتمنعك عن حاجات كتير وإنك تعيش حياتك وشبابك.
فضلت الإبتسامة على وش الشاب وقال بـِ نفس الهدوء:
=طيب إقعد هفهمك زي ما قالي الشيخ.
إتكلم بـِ صريخ وغضب وهو حاسس بالفشل والعجز:
_إسكت، إسكت مش عايز أسمع حاجة.
مِشي من قدامهُ بغضب وهو بيلعن بني البشر وحاسس إنهُ الخسران في اللعبة ولكن مش هيستسلم، الشيطان عمرهُ ما هيستسلم لحد يوم الدين، لحد ما يروح لكل مؤمن ويخليه يعصي كلام ربهُ وكل ما يرجع لربنا تاني يرجعلهُ من جديد بـِ لعبة جديدة تبعدهُ مرة تانية، ولكن كل ما العبد بيتوب وينوي التوبة ربنا بيغفر لهُ، إبتسم الشاب اللي قاعد على القهوة بـِ هدوء وهو بيتمتم بِـ حمد ربنا إنهُ رجع عن اللي كان بيفكر فيه والأفكار اللي بتراودهُ راحت لـِ حالها ودماغهُ إستقرت، إفتكر لما راح للشيخ أول إمبارح وإفتكر الكلام اللي دار بينهم وهو كالتالي:
إتكلم بتوتر وتردد وهو داخل المسجد وقال:
_أنا محتاج أتكلم مع حضرتك شوية لو فاضي.
إتكلم الشيخ بوجه بشوش وقال بإبتسامة:
=أكيد يا إبني إتفضل.
بعد ما قعدوا إتكلم الشاب بتساؤل وقال:
_نعرف إزاي إن ربنا موجود؟
بصلهُ الشيخ بإستغراب بس لاحظ التوتر بتاعهُ وإبتسم بهدوء وقال:
=ربنا موجود حوالينا في كل مكان، شوف الطبيعة اللي حواليك كلها بتقول إن ربنا موجود، في آية في القرآن الكريم بتقول "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلِقت * وإلى السماء كيف رُفِعت * وإلى الچِبال كيف نُصِبت * وإلى الأرض كيف سطحت."، فكرك يا إبني كل العالم دا إتبنى إزاي ولا مين دا اللي يقدر يعمل كل دا غير ربنا سبحانهُ وتعالى؟
هِدي الشاب شوية وقال بتساؤل:
_طيب ليه مش بنقدر نشوف ربنا؟
الإبتسامة متمحتش من على وش الشيخ وهو بيقول:
=عشان لو كلنا شوفنا ربنا فـَ كلنا هنؤمِن بيه ودا مُنافى لسبب وجود الدنيا، ومُنافى لـ خلق الجنة والنار، كُنا نفضل في الجنة بقى ومكنش ليها لازمة الدنيا، الدنيا هي أرض الفتن اللي منها ربنا هيعرف مين المؤمن الصالح والمؤمن الطالح، مين في الجنة ومين في النار مين هيمشي ورا كلام الشيطان ومين همشي ورا كلام الله، وقال ابن أبي العز الحنفي: وإنما لم نره في الدنيا لعجز أبصارنا, لا لامتناع الرؤية. اهـ .
قال النووي: وقال أكثر مانعيها في الدنيا: سبب المنع ضعف قوى الآدمي في الدنيا عن احتمالها، كما لم يحتملها موسى صلى الله عليه وسلم في الدنيا. اهـ.
الشاب وشهُ بقى مُستقر ونفسهُ كذلك وقال بتساؤل:
_طيب إحنا مؤمنين وبنصلي وبندعي وبنحاول نتجنب المعاصي على قد ما بنقدر، ليه ربنا مش بيستجيب لينا؟
إتكلم الشيخ بنفس الهدوء والإبتسامة:
=ربنا عز وجل خلق الإنسان والجن لـِ سبب واحد آلا وهو "وما خلقتُ الچِن والإنس إلا ليعبدونِ"، فـَ إنت بتعمل الفرض اللي عشانهُ إتخلقت، مش حاجة قصادها حاجة، إنت بتصلي عشان ربنا قالك كدا وخلقك عشان كدا، مش بتصلي عشان عايزهُ ينجحك في إمتحان ولا عايزهُ يجبلك عربية، وفي آية تانية بتقول "وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى "، يعني متبقاش نايم على السرير وتقول يارب أنا عايز مليون جنيه عايز أبقى شخص ناجح وإنت نايم على السرير، ما هو المليون جنيه دي مش هتنزلك وإنت نايم مش بتعمل حاجة لـِ مجرد إنك دعيت ربنا والمفروض بقى يستجيبلك عشان إنت بتصلي بس، إتعب عشان تلاقي، ربنا سبحانهُ وتعالى بيدي للإنسان على قد تعبهُ مش بيبُص دا مؤمن ولا دا كافر ولا دا يهودي، الإنسان اللي بيتعب ربنا بيديلهُ على قد تعبهُ في الدنيا حتى لو كان كافر، هي دي الدنيا ولكن حسابهُ على إنهُ مؤمن أو كافر دي في المحكمة الآخرة محكمة العدل وإنت بين إيدين ربنا، كل واحد هيتحاسب لوحدهُ ومصيرهُ هيبقى يا جنة يا نار، متفكرش يابني في الحاجات دي لإنها أول طريق الضِلال، إن الله يهدي من يشاء، ومفيش حاجة بتحصل من غير ما ربنا يأمر بإنها تحصل، توكل على الله وقرب منهُ أكتر وإنت هتلاقي النور للضلمة اللي جواك وهتلاقي إجابات لـِ كل اللي بيدور في عقلك بـِ مجرد إنك مؤمن قوي.
فاق من ذكرياتهُ مع الشيخ على صوت أذان العصر وقام بسرعة بإبتسامة وهو مبسوط وبيقول:
_الله أكبر الله أعظم، الحمدلله الذي هداني، الحمدلله إني لسة عايش للحظة دي عشان أُلبي نداء حبيبي وأقف بين إيديه وأصلي فريضتهُ.
#هاجر_نورالدين
#الدُنيا
#تمت