رواية القرية الفصل السادس 6 بقلم اسماعيل موسي
القرية
٦
أشعلت سيجاره على باب منزل مسعد عبد الرؤف المتهالك محدقآ بالنهر، البقعه التي التهم فيها الليل الفلوكة، أنه الشخص الوحيد الذي يتجول ليلا وتصله رسائل من خارج البلده، انتابنى الفضول، لم أصدق ابدآ فكرة انه ذاهب لصيد أسماك البلطى وتسمرت فى مكانى
كل ما يحدث لى هنا عجيب، هذه القريه اللعينه ستفقدنى صوابى
السباك، البقال، وكل اولائك الحثاله المقيمين هنا
لماذا يخشون الليل ويحتمون بمنازلهم، وما سر تلك التمائم التى يحمون بها منازلهم فى الليل ؟
راح فضول ينهشنى وجلست على الأرض فى شرود وهواء بارد يلسعنى، انهيت ثلاثة لفافات تبغ ولم افلح فى إيجاد مبرر يقنعنى
كان لدى طريق طويل لأقطعه لذلك نفضت ملابسي واستدرت خلف منزل مسعد عبد الدايم وسط الظلام وانا أشعل لفافة تبغ أخرى
كنت فى الجهه الشماليه من القريه حيث مزارع العنب والبرتقال والرمان وحقول الذره التى لا آخر لها، أسير بين منازل ميته
لا حركه فيها ولاروح وشعرت فى عمقى بلذة التبغ وسط كل ذلك التيه المرعب، ويبدو أننى شردت اكثر من الازم، تلك اللحظات التى تقطع فيها اقدامنا مسافه كبيره بلا وعى ووجدتنى أمام منزل نائي لا جار له
وكان هناك ضوء منبثق من شرفه عتيقه، لم أرى هذا المنزل من قبل، لكننى لم أرى العديد من الأشياء ولم اجربها فأنا جديد فى هذه القريه
الغامضه، وقفت لحظه غير مصدق
اول شعلة ضوء تقابلنى منذ حضرت ورغم أننى لم امكث سوى يومين او ثلاثه الا أننى أشعر انى قضيت عمر كامل هنا
حاولت أن اسمع اى صوت ولم تصل لاذنى أدنى حركه
كان الوقت متأخر وكنت لازلت أشعر بالخوف الا أننى بكل حماقه نقرت باب المنزل عدت نقرات، كان لدى شغف ان اعرف من يقيم هنا
ولماذا هو مختلف عن أهل القريه وهل من الممكن أن يساعدنى فى فهم تلك الأوضاع الغريبه؟
لم يصلنى رد، الا انه بعد نصف دقيقه وقبل رحيلى سمعت خطوات وراء الباب جعلتنى اتسمر فى مكانى ابذل محاولاتى لخلق مبرر مقنع
لنقر أبواب الخلف فى انصاف الليالي
سرعان ما رحل كل ذلك عندما انفتح الباب واطلت منه أجمل فتاه رأتها عيني، أقسم انها كانت تمتلك جمال جنيه مسحوره
وقفت مبلم لا أعرف ما اصابنى ووجدتتى اهمس انت من اهل القريه؟
همست بلا خوف لو كنت انت من اهل القريه لعرفت الحقيقه
لكنك غريب والغريب أعمى
قلت بارتباك هل يمكننى ان ادخل ؟
همست فى أرضك يدخلون بيوت النساء فى نصاص الليالى ؟
اعتذرت قلت انا اسف، لكن اتعرفين كل ما فى هذه القريه يصيب بالجنون ،ثم انك المنزل الوحيد الذى أرى فيه ضوء مصباح خلال الليل خلاف الحانه
وضعت يدها على الباب واغلقت جزء منه، اذا كنت تبحث عن اجوبه فهذا ليس المكان المناسب
قلت انتظرى من فضك
كيف يكون بيتك الوحيد الذى أشعل مصباحه ؟
قالو لأنهم لا يصلون اليه، يبدو أنك قادم من عند منزل
مسعد عبد الرؤوف حيث انك قطعت كل تلك المسافه وسط الخراب والتيه، اسمعنى جيدا لا تسير خلف فضولك
ثم أغلقت الباب وهى تقول لا تسير تجاه الشمال أكثر من ذلك
الحمايه التى تتمتع بها وتجعلهم لا يقتربون منك ستفقدها
وقفت دقيقه غير مصدق ان هذا الحديث دار من أصله
كنت كالذى فى حلم جميل ولا يرغب الافاقه منه
ولما لسعنى البرد رحلت.
قطعت ما تبقى من المسافه فى مايشبه الجنون ، عقلى لا يصدق كل ماحدث،
ان ما حدث لم يحدث لى، كنت شخص أخر أرى نفسي أتحرك، امشى، اتكلم.
ضغطت باب منزلى انفتح بسرعه، تهاويت على الاريكه بكل جمود العالم وهزيانه
لقد شربت جرعة مخدر مركزه افقدتنى صوابى
أخرجت لفاقة تبغ واشعلتها، روحت احرك الدخان بيدي، السعنى لأتأكد أننى حى أشعر
اللوحه اللعينه على الجدار تراقبنى، أشعر انها حيه تتحرك وتتنفس وتري
لكنهم ثلاثة فتيات فقد، كانو اربعه، سأجن، اقتربت من اللوحه كانو أربعة فتيات
احداهن رأيتها منذ قليل...
اللعنه، كيف لم أدرك ذلك ؟
نعم تلك الجميله كانت واحده من فتيات اللوحه، يالى غبائى
ثم سرعان ما شعرت بالخوف والرعب وارتعش جسدى
كيف تكون هى؟
كيف تترك اللوحه ثم تعود ؟
ما هذا المكان؟ بيت الشيطان ؟
بعد أن هدأت بعض الشيء
اخذت نفسي على الحمام، اغرقتنى بالماء البارد حتى ارتعش جسدي
ومض نور المصباح، ارتعش كعادته
وسمعت ضحكه مجلجله قادمه من قبو المنزل
التصقت بالجدار، خائف، مرتعب، مرتجف، وضائع، ثم فتحت باب الحمام، واربته
كان الطريق خالى، ارتديت ملابسي بسرعه، إذآ كنت سأموت فلا أرغب ان يجدو جثتى عاريه، انا لا أرحب بذلك ولا افضله
لن اذهب الى القبو، رميت نفسى على الأريكه وانا ادعو الله ان تمر تلك الليله بلا مفاجأت أخرى.
شقشقت العصافير التعيسه وأطل نور الصباح من كوة المنزل مما زاد من طمأنينتى
كانت الساعه السابعه صباحآ
تجرأت وفتحت باب القبو، كان خالى، تهيأت عقل مريض
عدت للنوم مره اخرى وقبل أن أنام أشعلت لفافة تبغ أخرى واسلمت عينى لملك الأحلام
سمعت طرقات عنيفه علي باب المنزل، كان النهار قد انتصف، وأشعر بحرقه فى عيونى
جسدي عارى
اخر ما اتذكره أننى ارتديت ملابسي
ارتديت ملابسي المبعثره على الأرض وفتحت باب المنزل،،وجدت السباك بسحنته التى اعرفها
قال لقد حضرت لإصلاح سباكة الحمام، هناك تسريب هناك
قلت اعتقد انك مخطاء؟
تقافز السباك مثل قرد وقفز ثم دخل المنزل وقصد الحمام، تبعته بصمت
هناك كانت المياه تغرق كل الأرضيه
لم اتجادل معه، شربت كوب شاي وانا ادخن لفافة تبغ والقيت برأسي للوراء فى شرود لعين
