رواية بنات ورد الفصل السادس عشر 16 بقلم رشا عبدالعزيز

رواية بنات ورد الفصل السادس عشر 16 بقلم رشا عبدالعزيز

❣️بنات ورد❣️16
ارتجف قلبها وهي تجده يجلس على الأريكة يضع رأسة بين يديه لتقترب منه وتجلس بجانبه تنادي عليه بقلق

-طارق …مالك أنت تعبان ؟

لكنه لم يجيب على سؤالها لتضع يدها على كتفه وتكرر سؤالها

-طارق أنت كويس؟

فزع عندما لامست يدها كتفه ليلتفت نحوهاوكأنه احس الآن بوجودها وان ندائها قد سحبه من تلك الدوامه السوداء التي يسبح بها مابين الحزن والخوف معاً

-طارق مالك أرجوك رد عليا !

رغم أن شحوب وجهه وأحمرار عينيه يخبرها أن هناك شيء خطير لكنه رسم شبح ابتسامة مغتصبة كي يطمئنها عليه

-أنا كويس ياندى بس تعبان شوية

-سلامتك ألف سلامة…طب  تحب أعملك حاجة تأكلها

ربت على يدها التي لازالت تمسك بذراعه
 
-لا ياندى أنا مش جعان روحي نامي
 
-طب وأنت مش هتنام؟
 
-هرتاح شوية وألحقك

نهضت نحو المطبخ تصنع له عصير الليمون فيبدو أنه ليس بخير لتلتقط أذنها مكالمته مع فارس فعلمت سبب ماحل به عادت اليه تحمل كأس العصير
 
-اشرب ياطارق عشان ترتاح
 
رفع نظره إليها يطالع خوفها عليه ود لويخبرها أنه يحتاج أن يصرخ أن يبكي ودلو يطلب منها أن تاخذه بين أحضانها مده يده المتعبه والتقط منها العصير وشربه دفعة واحده عله يطفئ النار التي تشتعل في جسده
مدت يدها له
 
-يلا ياطارق عشان ترتاح

تنهد بتعب ومد يده يمسك يدها ساعدته على النهوض واتجهت نحو غرفتهم ليجلس على السرير بجسد متعب
 
احضرت له ملابس مريحه وشرعت تساعده في ارتدائها حتى انحنت نحو قدمه تساعده في خلع حذائه كما كانت والدتها تفعل مع والدها عندما كان يعود متعب من العمل لكنه أعتراض وأمسك كتفها

-بتعملي أي ياندى

-بساعدك ياطارق

-بس أنا مابحبش أشوفك كدة

-بس أنا حابه أعمل كده

لم تستمع لكلامه وخلعت عنه حذائه وجوربه  ووضعتهم جانبا وما أن وقفت حتى امسك يدها يقبلها ثم نظر لها بعين متوسله

-عاوز أنام في حضنك ممكن؟

اومئت له بخجل وتمددت بجانبه ليضع رأسه على كتفها ويحيط جسدها بذراعيه  تعلم انه بحاجه إليها لتضع يدها على شعره وتبدأ بتحريك يدها بين خصلاته
 
-طارق أنت الي عملت العمليه الي تكلم عنها انت وفارس

همم بخفوت

-مممم

-بلاش تحمل نفسك فوق طاقتها أنت عملت الي عليك والمريض دا قدره

-كانت بنت عندها ١٧سنه كان عندها أحلام كتير ووعدتها اني أساعدها بس…………

اختنقت الكلمات بين شفتيه

-هو حصل خطأ طبي

-لا…العملية كان نسبه نجاحها قليل بس ماكنش فيه حل القلب كان تعبان كنا عاوزين ننقذه باي طريقة

كانت لاتزال تحرك يدها على شعره

-يعني دا قدرها مش هنقدر نغيره ومدام مفيش خطأ يبقى أنت ملكش ذنب

أغمض عينه وقال بحسرة

-غصب عني كان نفسي أنقذها

-بس ياحبيبي انت عملت الي عليك

ورغم أنه كان تائه بين دوامة أفكاره السوداء كان رنين هذه الكلمة يطرق مسامعه  هل تناديه حبيبي حقاً

ابتلع ريقه بضطراب ولسانه لايستطيع نطق مثيلتها تمنحه الحب في وقت ألمه ولايستطيع رده إليها 
ربما قالتها عابره وربما صادقه لكنه لن يستطيع نطقها إلا إذا شعر بها

اعتصر عينه بقوه وأبتعد عنها بسرعة استغربتها ثم استدار ودثر نفسه بالغطاء

-تصبحي على خير ياندى

تعجبت تصرفه وظلت تنظر له وهو يواليها ظهره منذ قليل كانت تشعر بمشاعر جميلة وأنه بدأ يميل لها كما بدأت هي تميل نحوه بل وربما تحبه استدارت هي أيضا ودثرت نفسها بالغطاء لكنها عادت تقنع نفسها أنه ربما كان متوتر بسبب تلك العملية لتعطيه عذراً لذلك
حتى انها كانت تود سؤاله عن شقيقتها لكنها أثرت الصمت

*******************************. 

صعدت نحو جناحها وحيده بعد أن أخبرها أنه سيبيت مع والدته لأنها مريضة  دخلت الشقة التي كانت موحشه بدونه لتدخل غرفة نومها وتستلقي على السرير تزفر أنفاسها بضجر  هي تعلم أنها والدته وهذا واجب عليه

لكن لاتدري لما نظرات والدته كانت غريبة كانت أشبه بنظرة إنتصار نفضت تلك الأفكار من رأسها وأنبت حالها

-بطلي ياهدى الأفكار دي دي أمو مهما كان 
أمسكت هاتفها تفتش عن شيء يسليها بدأت تندمج مع أحدى القصص لكن المشهد الذي حدث اليوم صباحاً لاح أمام ناظريها لتتذكر ماحدث عندما نزلت مع علي السلالم متشابكي الأيدي  ليصلو الى مائدة الطعام التي كان يجلس عليها الجده ووالديه لتفاجأه والدته بان طلبت منه أن يجلس في مقعده القديم بينها وبين والده أضطرب

وهو ينظر نحو هدى ونحو والدته وكاد حسن أن يغير مكانه لتجلس هي بالقرب من علي لكن صوت بدران سبقه

-تعالي ياهدى أقعدي جنبي

ارتبكت وكانت تود لو ترفض الجلوس بجانبه لكن نظرة علي المرتبكة وصمته جعلتها تفلت يده بضيق وتتجه نحو المكان الذي أشار لها. بدران بالجلوس فيه عين علي التي كانت معلقة بها يبصر انزعاجها لكن ماذا يفعل وهو يرى تلك المعة في عين والدته ليخفض عينه بأحراج وجلس حيث أمرته والدته التي بدات تضع الطعام أمامه كأنه طفل تكافئه على أطاعة أمرها

اما هدى فجلست على استحياء وقلبها يلومها هل جلست بجانب من جلب الحزن لوالدها ووالدتها لكنّه فجاها بدأ يضع أمامها الطعام ويسألها

-بتحبي البيض وألا الجبنه؟

لتجيبه بخجل

-لا البيض

-طب الشاي والا القهوة؟

-القهوة

-يلا تمدي أيدك متتكسفيش

رفعت عينها لتتلاقى مع عين علي الذي كان بالكاد يتجرع اللقمة عينه لاتحيد عن مراقبتها لتشيح هي عينها عنه وكأنها تعاقبه على تركها ليعتصره قلبه ويخفض عينه نحو الطبق الذي أمامه الذي امتلأ بالأصناف التي يحبها
لكنه رأه مراً بدون قربها

أندمجت هي في تناول طعامها لكنها احست فجأه أن هناك من يراقبها حاولت التجاهل ورفعت اللقمة نحو فمها وقبل أن تصله وصالها صوته

-بتحبي البيض زيو بالضبط وبتأكلي بنفس الطريقة

ابتلعت ماكان بفمها بصعوبه واعادت اللقمة نحو الطبق لتلتفت نحوه مندهشة

-حضرتك تقصد…

ليهز رأسه ويرسم ابتسامه مجروحة ملئتها الحسرة

-أيوه أقصد حسين الله يرحمه بس هو كان بيحب الشاي مش القهوة

-الشاي دا اختصاص شمس أختي وساعات شاي وبسكوت الي بتغمسه فيه زي العيال

قالتها هدى بعفويه ممزوجه بابتسامه تراخت عندما رأت الدموع تلمع في عينه وهو يقول:

-هو كمان كان بيعمل كده حتى لما كبر فضل يعمل كدة قصاد العمال ولما كنت بلومه كان بيقول يابا مبيمزجنيش غير كدة خليها على البساطة ياحج

ليرفع أصابعه يمسح دمعة هربت منه ويبتسم لها  يمازحها

-الظاهر كل وحدة فيكم وأخذه منه حته

كانت تود ان تسأله هل يحبه رغم أنها متأكده من ذلك لكن كانت تود أن تسأله لماذا فعل به ذلك واستجمعت قواها لتسأله لكن سبقها صوت عمها محسن

-صباح الخير

الذي طالعها بأستنكار وهو يجلس ليقول بتهكم

-الظاهر هدى خدت مكاني النهارده

احست بالخجل ونظرت لعلي نظره عتاب قبل أن تقف محاوله الرحيل ليمنعها بدران

-رايحه فين انت مكملتيش أكل

لتجيبه بارتباك

-الحمد الله شبعت

غادرت المكان ماجعل محسن ينظر لإثرها ويقول مستهزئاً وهو يتناول طعامه

-حساسة أوي بنت ورد

-أنا الي طلبت منها تقعد جنبي

قالها بدران بحدة

-اه وماله مش حفيدتك وبنت الغالي

-ايوه حفيدتي يامحسن وأبوها كان غالي وبلاش تلمحاتك الباردة يامحسن عشان أنا فاهمك
 
نهض بدران بغضب متجه نحومكتبه وسط نظرات ألوم التي وجهها حسن لشقيقه
نهض علي هو الآخر
 
على فين ياعلي مكملتش أكلك

-شبعت ياماما

ثم تركها مغادرا خلف هدى لتنظر نحو حسن وتقول بأمتعاض

-طبعا راح يصالح السنيورة

ليهز حسن رأسه بقلة حيل وهو يعلم غيره زوجته من زوجه ابنها
 
عادت من ذكرياتها وهي تبتسم وتتذكر كيف أسرعت بخطاها عندما علمت انه تبعها.  لتدخل جناحها راكضة

وتجلس على السرير بأنزعاج

دخل هو إلى الغرفة وجلس بجانبها وضع يده على كتفها

-هدى …حبيبتي

أشاحت وجهها نحو الجهة الأخرى
 
ليقترب منها حتى التصق بها يهمس لها

-حبيبي زعلان مني

لكنها لم تجيبه ليداعب وجنتها باصابعه

-دودي حبيبتي …خلاص متبقيش قموصة

لكنها أستمرّت في الصمت

ليمد يده نحو خصرها يحاول دغدغتها لتبعد يده بضيق

-أبعد ياعلي لوسمحت

تنهد بيأس وابتعد عنها قليلاً ليخفض عينه بأسف ويقول معتذراً

-هدى أنا عارف اني حطيتك في موقف محرج لكن غصب عني أنا اتلخبط معرفتش أقول لماما لا

ماما بتحبني أوي ياهدى عشان هي خلفتني بصعوبة كان عندها مشاكل في الحمل وتحملت كلام كتير
عشان كده هي بتحبني أوي وبصراحة هي مقدسة عندي عارف أنها صعبة بس دي آمي ياهدى
 
عندي أغلى من روحي…كل الي بطلب منك تستحمليها عشان خاطري

التفتت نحوه بعين لمعت فيها الدموع وقالت بحسرة

-عمري ما فكرت اني أبعدك عنها او حتى آخذك منها أنا حاسة أنها بتفكرفيا كدة ياعلي أنا فقدت أمي وعارفة يعني أي أم  ومش بلومك عشان بتحبها او بتسمع كلامها بس كنت أتمنى أنها تعتبرني بنتها وأنا والله كنت أتمنى ألاقي أم تانية ليه  بس الظاهر أنها مش متقبلاني

أختنق صوتها وتقافزت الدموع من عينها وكانها كان تحاول تقيدها لكنها هربت رغما عنها فزع عند رؤيته دموعها ليقترب منها ويمسح دموعها ويحتضنها بقوه رغم تمنعها

-حبيبتي عارف أنك أطيب قبل في الدنيا وصدقيني هي هتحبك زي أنها ما مجنون بيكِ بس هي محتاجة تعرفك

ومع الوقت هتحبك صدقيني

أخرجها من أحضانه يقبل عينها الباكية بحب

-بحبك يا أحلى حاجة في حياتي

ابتسمت بخجل لكنها تعجبت عندما وجدته يمسك رأسها ويحركه يميناً ويساراً ينظر بكل جانب يبحث بين خصلات شعرها

لتبعد يده متذمره

-بتعمل أي؟

-بدور على خزان الدموع الي خرجت منه دموعك منه دي ماسورة واتفتحت

قهقت ضاحكة وضربت كتفه بخفه مستنكره طالعها بهيام وقال:
 
-أحلى ضحكة في الدنيا ربنا مايحرمني منك ومن ضحكتك

قالها وهو يمسح على وجنتها بحنان و يمسح أثار دموعها
 
-ولا يحرمني منك ياحبيبي

عادت من ذكرياتها وهي تحتضن الهاتف الذي كانت شاشته تحمل صورته ثم أخذت تقبل صورته وتقول:

-بحبك…بحبك

لكنها شعرت بشوق إليه لتلمع فكرة في رأسها لتنهض وتقرر الذهاب إليه

وقفت أمام جناح والديه لتطرق الباب فتح لها الباب ليقف مندهشا عندما رأها

-هدى …!!

فركت يدها بتوتر وأخفضت عينها نحو يدها المتشابكة وقالت بحرج

-مقدرتش أنام في الأوضة وأنت مش فيها
شقت وجهه ابتسامة عريضة أشرق مبتهجاً يجذبها نحو الداخل بسرور
 
-تعالي

ثم دنى نحوها يهمس لها

-وأنا كمان اتعودت أنام وانت بحضني

احمرت وجنتها خجلاً ازداد عندما سمعت صوت عمها

-اهلا…ياهدى
 
-اهلا ياعمي

تحمحم علي بخجل وقال بأحراج

-احم …أصل هدى بتخاف تنام لوحدها

غمز له والده وقال بعبث وهو ينظر نحوه

-مش بس انت ياهدى  متعرفيش تنامي لوحدك فيه حد زيك كان زعلان من شوية سبحان الله دلوقت بيضحك ومفرفش

-حبيبي يابابا قافشني أنت 
أطلق والده ضحكة رنانه وقال:

-ربنا يسعدكم ياولاد هدى تقدري تنامي في أوضة علي

ثم نظر لولده يحرك حاجبه

-دي مريحة بشكل وأنت ياعلي أبقى أطمن على مامتك وروح نام
 
ثم تركهم متجهانحو غرفته دخلت هي غزفة علي وتمدد ت على سريره بعد مضي قليلاً من الوقت شعرت بمن يتمدد بجانبها ويحتضنها بقوة يحيطها بأحكام خوفاً من أن تسقط من سريره المفرد  ليضحك ويقول لها بخفوت

-تصدقي نومة تجنن

لتضحك على حديثه وهي تضم نفسها اليه تشعر بالأمان بقربه
********************************

كان الوقت متأخر لكن جافاه النوم ليهاجمه سيل من الذكريات التي تعتصر قلبه وهو يتذكر
كيف كان أبناً باراً لتسحبه الذكريات نحو ذلك اليوم  الذي استيقظ فيه قرب الفجر وهو يشعر بالعطش

لينهض متجه نحو المطبخ فيتعجب وهو يرى المطبخ منير ورائحة الشاي والبيض تنبعث منه

اقترب ليندهش وهو يراه يقف أمام الموقد ويصنع البيض يضعه على الطاوله ويجلس بعد أن 
سكب كأس من  الشاي ووضعه أمامة

-حسين بتعمل أي يا أبني أي الي مصحيك دلوقت

نهض حسين واتجه نحوه يقبل يده ورأسه
 
-اهلاً ياحج اعذرني صحيتك

-لا يابني أنا صحيت لوحدي بس شدتني ريحة الشاي والبيض
 
ليضحك وهو يلتفت نحو الطاولة ويشير نحو ماصنع

-اه أصل قلت أكل لقمة قبل ما اخطف ساعة نوم ورح المصنع

ليمسك كتفه بتعجب

-ليه أنت كنت فين ياحسين؟ 

-أبداً ياحج أصل فتحي أتصل بيا وبلغني أن البضاعة وصلت فروحت حملتها ونزلتها في المخازن مع العمال

وجيت أكل لقمه وأنام شوية عشان المهندسين هيجو يشدو المكن الساعة تمانية الصبح في المصنع ولازم أكون معاهم

ربت بدران على كتفه وقال يلومه

-ليه يا أبني تتعب نفسك كدة كنت خليت محسن وألا حسن يروح المصنع

عاد حسين إلى مكانه وقال وهو يقطع رغيف الخبز ويبدأ في تناول طعامه

-محسن قال ان عنده محاضرات وحسن كمان

ثم بدأ يأكل الطعام بجوع يأكل اللقمة ويتبعها بأخرى بسرعة ليشفق عليها بدران

-شكلك جعان اوي؟

أجابه والطعام يملأ فمه

-اه والله يأبه ما أكلتش  حاجه من وقت الغدا
 
سحب الكرسي وجلس بقربه

-طب يابني كنت صحيت ولدتك تعملك عشا وهي مهجه فين؟ 

-أمي تعبانه ماهانش عليه اصحيها ومهجة البنت شغالة من الصبح ونايمة حرام خليها ترتاح

تأمله بدران يرى عينه المتعبة وتلك الخدوش التي تركت اثرها على يده ليتنهد بحزن

-سامحني يابني

توقف حسين عن احتساء الشاي عندما سمع كلام والده

-ليه يأبه بتقول كدة

-شيلتك الحمل كله لوحدك

طبطب حسين على يد والده الموضوعة على الطاولة مبتسماً

-ولايهمك ياحج أهم حاجة عندي رضاك عني

-أنا راضي عنك ربنا يرضى عنك

ازدادت ابتسامته

-أهي الدعوه دي يابا عندي بالدنيا كلها

عاد بدران من ذكرياته وهو يردد قلبي راضي عنك ياحبيبي سامحني يابني كنت أعمى ياغالي عندي خلاني أنسى تعبك في لحظة وأعتبرته واجب عليك

أستاهل ياحسين أعيش عمري كله بحسرتي عليك الندم بيأكلني وأتمنى أشوفك لحظة واحدة عشان أقولك سامحني اه…ياحسين …اه ياحسرة قلبي عليك

********************************

فتحت أجفانها بثقل كأنها تائهه لاتعلم هل الوقت نهار أم ليل ثم ميز أنفها رائحته لتفزع عندما وجدت رأسه على الوسادة جانبها يجلس على الكرسي لكن جزئه العلوي مائل على السرير  ابتعدت بسرعة إلى الجهة الأخرى ومدت يدها توقظه من بعيد وبحذر

-فارس

-مممم

-فارس أصحى

فتح أحدى عينيه وحرك رأسه ليعتدل متأوه وهو يمسك ظهره نتيجه لطريقه نومئه الخاطئة

-اه …اه …ياظهري

-روح نام في مكانك
 
نظر إليها ليجدها كما توقع تماماً وكأنها شخص مختلف عن الفتاه البارحة كما لو أنها فقدت الذاكرة

-إزيك النهاردة أحسن

قالها يضغط على كلمته الأخيرة علها تستعيد ذاكرتها
 
-أيوه متشكره

قالتها وهي تشيح بنظرها بعيداً عنه وكأنها لاتريد تذكر لحظة ضعفها

نهض بصعوبة وهو يشعر بألم في كامل جسده ليسير متجه نحو الباب حتى اقترب منها ليقول وهو ينحني مقترباً منها

-أي خدمة يادكتورة

ثم تركها مبتسماً بعد أن امتعض وجهها من حديثه
****************************

تكررت فترات سيرهم معاً ونجحت في جعله يستمتع في الحديث والنقاش معها في مواضيع مختلفة وكل يوم تكتشف أكثر انه يمتلك معلومات كثير وأسلوبه متعقل 
ليطلب منها يوماً أن يأخذها إلى محلاته وافقت على الفور فقد تملكها الفضول لرؤية مكان عمله 
حتى وجدت سيارته تقف أمام محال كبيرة وفي أحدى المناطق الراقية ترجلت من السيارة ودخلت

استقبله العاملين بأحترام 
تركها قائلاً

-ثواني وراجعلك خذي راحتك

دارت عينها بأنبهار في أركان ذلك المحل فقد كان يشبه المحلات الأوربية في تصميمه حتى  البضاعة الموجودة كانت تحمل أرقى الماركات العالمية

أبتسم يطالع انبهارها وعينها التي أصبحت تستكشف المكان بتعجب

_هااا اي رأيك؟

اجابته وعينها لاتزال تتنقل بين جوانبه

_بصراحة مكنتش متخيلة أنه كدة ماشاء الله راقي جداً

_يابنتي دي محلات فارس الجوهري يعني مش أي حد

نظرت له بطرف عينها وابتسمت ابتسامه جانبية ساخرة

_طب حاسب غرورك وحوشو عنا يا ابن الجوهري

قهقه ضاحكاً على تعابير وجهها الممتعضه
وتعالت ضحكاته عندما وجدها تشهق وترفع حاجبها بدهشه عندما قرأت السعر المسجل على إحدى القطع بالدولار الأمريكي لتلتفت نحوه بعين متسعة

_هو دا سعر البدلة الحقيقي؟

هز راسه يجيبها

_ايوة

لترمش بعينها عدة مرات تحاول استيعاب الرقم

_دا  قد مرتبي سنه كاملة

_دا في اكتر من كدة كمان

لتلوي شفتها مستهزئ

_ليه يعني أدفع المبلغ دا في بدلة

أمسك  القطعه ورفعها من على الحامل الخاص بها يظهر لها أسم  الماركة الشهيرة

_عشان دي ماركة أكيد هتكون غالية

مطت شفتها مستنكره

_وهو فيه ناس بتشتري بالسعر دا؟

ليخبرها وهو يعيد القطعه إلى مكانها

_أكيد أنا زبايني أغلبهم أصحاب شركات وناس مهمة

يعني المبالغ دي بنسبالهم ولا حاجة

لتكرر كلمته بسخزية

_عندك حق ولا حاجة

_وبعدين أنا بعملهم خدمة

بجيبهم الباند لحد عندهم بدل مايسافر إيطاليا او فرنسا

حركت حاجيها بأستغراب

وكادت أن تتحدث لكن سبقها صوت انثوي أت من خلفها

_فارس الحمد الله اني لقيتك

لتجده يرتبك وابتلع ريقه بتوتر وكلماته تتلعثم

_مدام نادين أهلا وسهلا

ادعدت عدم مبالاتها وأستمرت تقلب و تستكشف الملابس وأسعارها التي أثارت فضولها

كان فارس يتحدث مع تلك السيده وعينه تتابعها يترقب

ردت فعلها على وجود نادين التي بدأت تتقرب منه وتتمايل بوقفتها تحدث بدلع
وتثني عليه

_فارس عاوزه بدله شيك تنفع هدية عيد ميلاد.. عاوزاها على ذوقك اصل عارفه ذوقك حلو اوي

قالت كلماتها الاخيره بغنج

جعلت شمس التي كانت تواليها ظهرها تفتح عينها بدهشه. وتحرك شفتها بهتكم تهمس كلماتها

_ذوقك حلو أوي

لتلوي شفتها بسخط وتقول بسخرية

_ ماشاء الله على تربيتك يا ابن عمي خمرة ونسوان يانعم ما ربيت يابدران

_شمس

أجفلها صوته وهي تجده يقف ورائها
 
_تقدري تستنى في المكتب على ما اخلص مع مدام نادين

قالها يشير لها نحو غرفة جانبية

التفتت نحوه تنظر له بجمود جعله يتوتر أكثر لتقول له بأقتضاب

_ماشي

لتنظر نحو تلك السيده التي يبدو عليها الأناقة والثراء

وعينها تحدق بها

_دكتورة شمس مراتي يامدام

رسمت شمس ابتسامة متكلفة وهي تطالعها وقالت:

_أهلا

لتنظر لها السيده بضيق وقالت:

_تشرفنا

سارت بخطوات واثقة نحو تلك الغرفة تتبعها عين فارس بأرتباك حتى دخلت واغلقت الباب خلفها ليتنهد بأرتياح فقد كان يخشى ردت فعلها

أما هي فأغلقت الباب واستندت عليه تربع يدها أمام صدرهاوهي تقول  متوعدة

_عاوز توزعني يا أبن الجوهري ماشي

نظرت نحو الغرفة التي كانت جميلة وراقية كحال المحل بمكتب راقي وكرسي فاهر رغم صغر مساحة الغرفة لكنها تبدو كمكتب لصاحب شركة  بأثاثها المتناسق

اتجهت نحو الكرسي الخاص به وجلست عليه ثم استرخت في جلوسها سانده ظهرها على ظهر الكرسي لتقول بستهزاء

-وكمان مريح لا شاري ومكلف كمان 

جذب انتباها الصورة الموضوعة على سطح المكتب والتي كانت لسيدة وطفل صغير خمنت أنها والدته حملت الصورة تتأمل ملامح المرأه الرقيقة تبدو طيبة كما وصفتها والدتها أعادت الصورة مكانها ليجول بصرها في أنحاء الغرفة

لمحت سجارته الإلكترونية على سطح المكتب لتلتقطها وتنظر لها عن قرب واردفت ساخره

-وvape.   كمان ماشاء الله جميع أنواع المحرمات خمرة نسوان سجاير …فاضل أي تاني يا أبن محسن

قربت السجارة من أنفها لتشم رائحة التوت أمتعض وجهها

-وانا بقول أي الريحة المنتشرة في البيت من أي لوثت بيت ابويا يامنحرف

لتحمّلها بضيق وترميها في سلة المهملات ثم تلتقط علبت المناديل الورقية تسحب عدد منها وترميها فوقها في محاولة لإخفائها لتبدأ بالبحث عن أوراق كي تزيد من اخفائها فتحت الأدراج تبحث عنها وجدت مجموعة لتحمّلها كي تمزقها بحثت ربما تحتوي على أشياء مهمة لكنها كانت فارغة لتبدأ في تمزيقها والقائها في سلة المهملات
 
رفعت أخرى لتتفاجأ بوجود أسمها مدون بعدة خطوط واشكال مختلفة أمسكت الورقة بكلتا يديها تطالعها  مندهشة
 
قبل ان تعيدها مكانها بسرعة وتغلق الدرج عندما سمعت الباب يفتح ويدخل هو مبتسماً

-عجبك المكتب؟

-مش بطال

اجابته وهي لاتزال جالسة مكانه ليجلس على الكرسي المقابل لطاولة المكتب

-تشربي أي؟

-أي حاجة عادي

-خلاص يبقى عصير لينادي
 
-حازم …حازم

تنبهت لاسم فعلم انه صاحب السوء  الذي يجره معه نهض نحو الباب وفتحه وعاد ينادي

-حازم لوسمحت اتنين عصير

عاد إليها يسألها

-هااا تقيمك للمكان أي بقى؟

لوت شفتيها وقالت بحيرة وهي تسند ساعديها على سطح المكتب

-هو جميل ومنظم بس فيه حاجة غريبة

قطب حاجبه يسألها

-أي هي ؟

- بصراحة استغربت أن فيه زباين ستات مع أن هو محل ملابس رجالية

ابتلع ريقه بتوتر وأجابها

-أصلهم بيكونو بيشترو الحاجة يا لاولادهم يا لجوازهم عادي

رفعت حاجبها ومطت شفتها ساخرة

-أزواجهم واولادهم قولتلي

ليجدو الباب يفتح ويدخل حازم يحمل العصير
 
-حازم صحبي ومسؤل عن المحلات في غيابي ياشمس دكتورة شمس مراتي ياحازم

-اهلا يامدام تشرفنا

-اهلا

نظراته توحي بعدم الراحة وشكله غير مستساغ لكن انتبهت لحديثه عندما قال:

-السفر نهاية الأسبوع. شوف لو عاوزني أكون معاك عشان أفضى نفسي

-متشكر ياحازم

-عن اذنكم

غادر حازم ليضع هو العصير أمامها

-أتفضلي

ارتشفت القليل منه لتسأله

-سفر أي الي بيقول عليه صاحبك

-سفرية الإيطاليا أجيب بضاعة vip متوصي عليها

قالها وهو يبحث بعينه عن سجارته الألكترونية 
ابتسمت خلسة وسألته

-بدور على حاجة؟

رفع عينه نحوها وأجابها بأرتباك

-هاااا لا

ليفتح عينه مندهشاً عندما سمعها تقول:

-ممكن أسافر معاك؟


تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×