سكريبت بياع الورد (كامل) بقلم ملك عبدالله

سكريبت بياع الورد (كامل) بقلم ملك عبدالله

 سكريبت بياع الورد (كامل) بقلم ملك عبدالله


كنت واقفة في آخر الممر، عيني بتدور على كل اللي حواليّ. جسمي متكتف، وبحاول أهدّى من سرعة ضربات قلبي اللي خارجة عن سيطرتي.

 أطراف إيديا ورجليا بترتعش، وفجأة سمعت صوت بينادي اسمي.

 في اللحظة دي مقدرتش أتماسك... لقيت نفسي بجري، بجري من غير ما أفكر.

 نزلت السلالم بسرعة، خرجت من الشركة، وكملت في الشوارع كنت عايزة أتأكد إن مفيش حد ورايا.

 فضلت أجري لغاية ما وصلت لمكان فاضي تقريبًا من الناس.

 قعدت على مقعد حديدي قدامي، وبدأت آخد نفسي ببطء. إيدي حطّيتها على قلبي كأني بحاول أهدّيه بالعافية.


بعد وقت مش قصير، بدأت الأعراض تهدى شوية بشوية. حسّيت إني لوهلة ارتحت، بس الراحة دي جابت معاها انهيار تاني.


– يا رب والله حاولت بس معرفتش كانوا كتير أوي، وأنا لو دخلت أكيد كنت هترفض هما أحسن مني

 يمكن أنا الفاشلة، وأنا اللي كان هترفضني الدنيا زي كل مرة أيوه، كويس إني هربت، كده كده كنت هترفض، خلاص مش فارقة.


كنت عارفة إن كل اللي بقوله ده غلط، بس وأنا في قمة ضعفي مضطرة أصدقه عشان ماحسّش بالذنب.


رجعت على البيت وأنا لسه بحارب دموعي أول ما دخلت سمعت صوت أمي:


ــ وصلتي يا غزل؟ طمِّنيني المرادي.


كلمة بسيطة، بس طالعة من قلق قلبها عليّ، كانت خايفة يكونوا رفضوني.


بصّيت لها وحاولت أعمل نفسي طبيعية، بس نظرة عيني فضحتني.

 قربت مني، مسكت إيديا وقالت:


ــ مالك يا حبيبتي؟ عملتِ إيه في المقابلة؟


مقدرتش أتماسك، ردّيت بصوت مكسور:


ــ زي كل مرة يا ماما، مفيش فايدة فيّا مهما حاولت، برجع لنقطة الصفر لأ، ده أنا برجع لورا كمان. 

رُحت استنيت دوري، ويعلم ربنا حاولت بكل الطرق أهدّى وأستنى، بس كل ما حد يطلع من جوّه ووشّه عليه علامات الرفض، بخاف أكتر، وأحس إني مش هقدر... كأني ما بتعالجش ولا حاجة!


اتنهدت، وخدتني في حضنها، بتحاول تاخد من جوايا الوجع والرعشة اللي ماسكة جسمي كله سمعتها بتقول:


ــ النهارده ميعادك عند الدكتور، صح؟ هتروحي وتقوليله كل اللي حصل ولسه بدري، مش من يوم وليلة هترجعي زي الأول استهدي بالله، قومي اتوضي وصلي، وأنا هجهّز الغدا، وبعدها نروح.


هزّيت راسي بالموافقة، ورُحت أوضتي. وقفت قدام المراية أبصّ لنفسي بصمت... بس دموعي خانتني. 

بكيت، بكيت على كل اللي حصل. 

لما ضاق صدري، رُحت صليت أكيد ربنا هيطبطب عليّ أكتر من أي حد.


وصلت للعيادة، قعدت أستنى دوري. 

عقلي شرَد، ورجع بيا لليوم اللي أمي طلبت مني أزور طبيب نفسي.

 وقتها اتكلمت بعصبية:


– يا ماما، مش رايحة لأي مكان! أنا مش عايزة أتعالج. حتى لو اتعالجت، مش هرجع أحاول تاني خلاص، كرهت كل اللي حواليّ. 

كرهت الناس، كرهت الشوارع، حتى نفسي! خليني جنبك وخلاص، مش عايزة أشتغل ولا أتجوز ولا يكون ليا أصحاب مش عايزة والله!


فجأة حسّيت بإيد رقيقة على كتفي، رفعت راسي، لقيت السكرتيرة بتبتسملي:


– يلا يا غزل، دورك جه.


– حاضر يا حنين.


دخلت لجوا، والدكتور سلّم عليّ بابتسامة دافية:


– إزيك يا مس غزل؟ أخبارك وأخبار الحجة انتصار؟


– الحمد لله بخير.


– الحمد لله. قوليلي بقى، حاسة بتغيير من آخر جلسة؟


تنفست بعمق وبدأت أحكيله:


_كنت فاكرة كده. خرجت من عندك المرة اللي فاتت، حسّيت إني مرتاحة افتكرت خلاص إني اتعالجت وإن حياتي هترجع كنت عايزة أشتغل، أخرج، أتصاحب. 

بس كل ده اختفى مع أول خوف رجعلي، ومع أول إحساس بالرفض... هربت. 

هربت من المقابلة اللي جهّزت نفسي ليها شهر كامل. هربت وهما بينادوا اسمي جريت ومش فاكرة إيه اللي حصل بعدها.


بصلي الدكتور بهدوء وسألني:


– حسّيتي بإيه قبل ما تهربي؟


مسحت دمعة نزلت على خدي وقلت:


– حسّيت بالضياع. جسمي اتشنج، قلبي بيدق بسرعة، نفسي ضاق، لساني تقيل ومش قادرة أتكلم الدنيا بتلف بيا، الجو حر بس كنت سقعانة، إيديا بترتعش، حسّيت إني هفقد السيطرة على نفسي. مقدرتش... لقيتني بجري.


قاللي بهدوء:


– وليه هربتي؟


بصّيت لإيديا وبصوت واطي قلت:


_خوفت... خوفت أترفض.

الإحساس كان محاوطني، لو دخلت هترفض مقدرتش، فهربت.


– وليه خايفة من الرفض؟ ليه ما دخلتيش وشوفتي الأول النتيجة؟


_الخوف... خايفة أترفض.

خايفة حد يقولي إنتِ مرفوضة.

خايفة أتوجّع لأني اترفضت.

خايفة أفتكر كل اللي رفضوني

حلمي، أهلي، صحابي، الشخص اللي حبيته...

دول رفضوني، فلك إنك تتخيل إحساسي لو اترفضت تاني.


ابتسم وقال:


_بس إحنا مشينا في الطريق ده عشان نعالج كل مخاوفنا.

مشينا مع بعض علشان تحاولي ترجّعي غزل، الطفلة اللي كان عندها عشر سنين، وكانت بتحب الحياة والدراسة وأهلها وصحابها وألعابها بتحب الشوارع اللي حواليها، وبتحب تجري فيها وتستمتع بطفولتها.


_بس غزل الطفلة، من وقتها، ما بقيتش طفلة، بقت شخص منبوذ من كل اللي حواليها.

 بدأوا يعاملوني كأني عندي عشرين سنة وأنا مكمّلتش عشر سنين.


_ده موضوع تاني هنتكلم فيه يا غزل، لكن البداية دلوقتي إنك تحاولي تتلاشَي إحساس الخوف اللي محاوطك دايمًا.

قلقك المستمر، خوفك من الجاي... الخوف ده لازم نقضي عليه.


– بس إنتِ شاطرة يا غزل، فاكرة إنك رجعتي لنقطة الصفر، لكن بالعكس، إنتِ مشيتي خطوات كتير.


استغربت كلامه وبصّيت له باستنكار:


_إزاي يا دكتور؟ فين أول خطوة دي؟ حضرتك أنا هربت!


_ما عنديش خلاف إنك هربتي ومكمّلتيش، بس ده مش معناه إنك ما حاولتيش.

هل لو ما كنتيش جيتي للدكتور، وحاولتي تعالجي نفسك وبدأتِ الطريق، كنتِ هتروحي تقدّمي أصلاً لمقابلة شغل؟

بالعكس، ما كنتيش حتى حاولتي تدوري على شغل من الأساس.

كنتِ دايمًا هتتواجدي في أوضتك وبيتك وبس، ما كنتيش هتحاولي تخرجي.


_تعالي كده نشوف إيه محاولاتك عشان ترجعي لحياتك تاني

جيتِ هنا... أول خطوة.


خروجك في الشارع عادي، من غير خوف ولا إحساس بيضايقك... تاني خطوة.


بقيتِ تيجي لوحدِك هنا، من غير حد معاكي

 فاكرة أول مرة كنتِ جاية، كنتِ ماسكة في مامتك إزاي؟ مش قادرة تسيبي إيديها، وكنتِ مُصرة تدخّليها معاكي. بس واحدة واحدة، بعدتي عن طوق الحماية اللي كنتِ بتحتمي فيه.

وآخر خطوة عملتيها، ودي أهم خطوة كبداية ليكِ...

إنكِ روحتي مقابلة شغل.

 آه، صح مشيتي، بس حاولتي! روحتي وقدّمتي، واستنيتي دورك، وده في حد ذاته إنجاز هايل يا غزل.


لأول مرة حسّيت إن كلامه بيطبطب عليّ، يمكن عنده حق… أنا حاولت يمكن أنا مش ضعيفة أوي زي ما فاكرة.

هنا بدأ جوايا يهدى، إحساس الذنب يتلاشى، أنا بالفعل حاولت. عمري ما كنت هوصل للمرحلة دي لوحدي.


أخدت نفس أحاول أرتّب فيه كلامي:


_عندك حق، ده كله مجاش في بالي. كل اللي فكرت فيه إني فشلت زي كل مرة. 

شكرًا يا دكتور، كلامك خلاني أحاول تاني، وبالفعل هحاول تاني.


استمرت الجلسة شوية وقت كمل فيها الدكتور أسئلته ليّ.


خرجت من عنده، ورُحت على معرض الورد اللي بحبه، المكان المفضل ليا "Florist". ريحة الورد هناك بتريحني.

بدأت أختار، خلصت ووقفت أحاسب.

 ناديت:


– عمو ياسين، فينك؟.


لفيت على صوت حد ورايا شاب واقف.


 استغربت:


– حضرتك مين؟ فين عمو ياسين؟


– الحاج ياسين خرج مشوار.


– آه… حضرتك يعني العامل الجديد؟ بياع الورد؟ اتفضل فلوس الورد.


بصلي بنظرة غريبة، رفع حاجبه وضحك بسخرية:


– أنا بياع الورد؟!


ولما شافني خارجة، صوته جالي من ورايا… هادي، لكنه ساخر:


– على آخر الزمن… الظابط نوح يبقى بياع الورد! 


بعد ما خرجت واستنكر نوح موقفي، دخل وقعد على كرسي المكتب، سرحان في الفلوس اللي أدَّتها له، ومحسش بصاحبه اللي كان بينادي عليه، لحد ما فاق على خبطة في كتفه.


نوح بضيق:


_ إيه يا عم! إيدك رخمة، في إيه؟


كريم رد:


_ اللي واخد عقلك من شوية بنادي عليك ومش سامع. فين أبويا صحيح؟


نوح بجهل:


_ معرفش يا كريم. قالي خليك هنا وهروح مشوار وهاجي على طول.

بس كان جاله تليفون قبلها أعتقد حد كلمه يروح له.


كريم باستغراب:


_ وأبويا هيسيب المعرض ويروح فين دلوقتي؟


نوح:

_ عادي يا كريم المهم إني همشي دلوقتي، عندي كام مشوار.


خرجت من المعرض وأنا ماسكة الورد،

بحبه جدًا، بحس إنه بيكلمني من غير صوت.

كل وردة فيه كأنها بتطبطب عليّ، وبتقولي: لسه في جمال في الدنيا.

قربتها من وشي، وشمّيت ريحتها، حسّيت للحظة إني بخف من كل اللي جوايا.


مشيت في الشارع وأنا سرحانة فيه،

كأني ماشية ومعايا سر صغير محدش يعرفه غيري أنا والورد.


انتبهت على رنة تليفوني، مسكته بلهفة:


_ ألو يا ماما، أنا خلاص هدخل البيت أهو طيب، سلام.


مشيت بسرعة عشان ألحق أوصل البيت. وبالفعل مرّ أكتر من عشر دقايق ووصلت.

دخلت على طول، لقيت ماما بتصلي سبْتها ودخلت أغيّر هدومي وأتوضّى عشان ألحق صلاتي.


بعد ما خلصت، خرجت وقعدت جنب أمي بصمت تام. كل واحدة فينا غرقانة في أفكارها.

لحد ما قاطع صمتنا صوتها:


_ عملتِ إيه عند الدكتور؟


رديت:


_ كانت جلسة لطيفة اتكلمنا كتير وسألني على كذا حاجة. بس قالي حاجة خلت الأمل يتجدد تاني.


خدت نفس عميق وكملت:


_ عارفة يا ماما، كان في حاجة جوايا بتقولي إنتِ مش وحشة يا غزل، ومش إنتِ السبب في حالتك دي!

طب ليه أضيّع حياتي عشانهم؟ هما عايشين حياتهم عادي، طب ليه أنا مش عارفة أعيش حياتي عادي؟


سكتّ لحظة وبعدين قلت:


_ حاجات كتير متلخبطة جوايا يا ماما. بس حوالين كل ده، في نقطة جوايا متمسكة بالأمل... ممكن يكون بعيد، بس أنا حاسة بيه.


خلصت كلامي، ومفيش رد من أمي كان باين عليها إنها مش مركزة معايا ولا في كلامي.


استغربت ولمست إيدها:


_ ماما، في إيه؟ مش معايا ليه؟ حاجة حصلت؟


بصت لي بصمت، ولاحظت إنها بتحاول تكتم دموع جوه عنيها.


قلقت وخفت عليها:


_ ماما، حبيبتي، في إيه؟


مسكت إيدي وشدت عليها وكأني هطير منها. لقيتها مترددة في الكلام، لكنها بتحاول تطلع جملة كاملة.


قلبي انتفض، ولقيتني بتوتر بسرعة. إيه ممكن يكون حصل خلاها بالشكل ده؟ التفكير في اللحظة دي كان هيموتني.


قالت وهي مترددة:


_ بُصي، دلوقتي هقولك، بس ممكن تاخدي الأمور ببساطة؟ معنديش حلول تاني حاولت أفكر في كذا حل تكوني مرتاحة فيه، ملقتش.

بس كان أفضل حل يضمن إنك هتبقي في أمان.


كلامها كله خلاني أحس بأبشع إحساس من تاني. مش فاهمة هي عايزة حلول إيه اللي ممكن متأذينيش؟ ومن إيه؟ وليه؟


رغم إني كنت شاكّة في الإجابة، لكن كنت بحاول أتناسى ده.

 أكيد الموضوع مش صعب كده، وكل اللي بيحصل أوهام.

أقنعت نفسي بده، بس كلامها خلاني أرجع لـ غزل الطفلة اللي عمرها متجاوزش العشر سنين، اللحظة اللي حياتها اتدمرت فيها.


قالت أخيرًا:


_ باباكي عايزك، وكمان ناوي يجوزك لابن شريكه في الشركة.


حاولت أفكر في أي حاجة عشان أشتت عقلي عن كلامها، بس فشلت.

كلامها كان ليه أثر كبير إنه يدمر حياتي تاني.


إيدي بدأت ترتعش. لكن الارتعاش مكنش توتر، كان خوف. غير سرعة نبضات قلبي، عقلي اتشل عن التفكير.

سيبت إيديها وقمت ألف حوالين نفسي بحاول أهدي نفسي، بس فشلت فشل ذريع.


فجأة لقيتني بصرخ وبتكلم بنبرة عالية:


_ إنتِ بتقولي إيه؟! يعني إيه كلامك ده؟!

أنا مش عارفة أستوعبه! قولتيه إزاي؟!


_ يعني عايزني... عايزني أروح للراجل ده؟! أروح له برجلي وأقوله أنا أهو، تعالَ اجـ..لدني تاني! تعالَ، أنا بقيت مريضة نفسية أهو زي ما كنت عايز!

تعالَ اد..بحني زي ما كنت بتعمل! تعالَ اشبع في تـ..عذيبي زي ما كنت بتحب!


_ قولتي كده إزاي؟! عرفتي توجعيني كده إزاي؟!


انهرت على الأرض، ضامّة رجلي وكأني بحاول أختفي من العالم.

كل اللي كنت بفكر فيه إزاي أهرب؟ أكيد ههرب.. مستحيل أروح له، مستحيل!


بدأت أردد كلمة الهروب على لساني:


_ أنا ههرب.. ههرب، ومش هعرف حد طريقي.

لقيتها جت قعدت جنبي، حضنتني، وبتتكلم بنبرة فيها وجع.

كنت عارفة إنها كمان موجوعة.. هي كمان شافت العذاب.. زي ما اتدمرنا أنا وهي.


لقيتها بتطبطب عليا وبتكتم عياطها:


_ والله يا غزل، مكنش هاين عليّا أقولك حاجة، بس اضطريت.

من شهر بحاول أخفي الموضوع عنك، بس هو هددني يا بنتي، والله!


_ هو شخص معندوش ضمير، كان هيدمر حياتنا تاني. وكان لازم أشوف حل.

أنتِ فاكرة إني هرميكِ للنار تاني؟! ده أنا ما صدقت إنك طلعتي منه!


_ يا حبيبتي، والله لو كان هددني أنا بس، مكنتش هقولك حتى لو هيموتني.

بس هو هددني بيكِ.. كان لازم أحميكِ حتى لو هتحرق في النار. بس عمري ما هخليكي ترجعي له تاني، صدقيني يا حبيبتي!


بدأت أهدي عشان أحاول أطمنها كلامي كان جارح ليها هي كمان.

هي بتطبطب عليّ وهي محتاجة اللي يطبطب عليها المرة دي.


أخدتها في حضني، عيّطت أكتر. كانت هي كمان على حافة الانهيار، وكانت بتحاول تتماسك.


قلت وأنا بحاول أطمنها:


_ ماما، اهدي.. أنا بقيت كويسة أهو.

كلامي كان نابع في وقت عصبية، والله.

عارفة إنك مش قاصدة حاجة.

أنا وإنتِ مع بعض، وهنحل ده كله مع بعض، والله متقلقيش.


كنت بطمّنها وأنا جوايا كان بيرتجف من الخوف… إيه اللي ممكن يحصل؟ هل فعلًا هروح له؟ هيأخدني؟

كل ما أفتكر إن ده هيحصل، رعشة جسمي بتزيد، وذكريات كتير قاسية بتيجي في بالي.


شردت في واحدة من أسوأ ذكريات حياتي…


قاعدة على كرسي، متربطة في أوضة ضلمة، خالية من أي بصيص نور.

أصوات غريبة بسمعها، ملمس غريب بيتحرك على جسمي. كنت بصرخ من الخوف، وفجأة الباب اتفتح!


غمّضت عيني كرد فعل من خوفي اللي زاد أكتر، لكن حسّيت بسكون تام حواليا، ولا كأن حد فتح الباب!


فتحت عيني بشويش… كان واقف قريب مني، عينه في عيني، كانت كلها قسوة.

لمحِت سـ..كينة حـ..ادة في إيده.


ضربات قلبي زادت بسرعة، نفسي بقى بطيء، رعشة جسمي بقت أوضح… كان بيقرّب مني ببطء، وكأنه مستمتع إنه يـ..قتلني بالبطء.


الخوف سيطر عليّ، جمّد جسمي، وكلمات عشوائية بتتردد في دماغي:

هيـ/قتلني… هيـ/دبحني… أنا خايفة… يا رب… ماما… حد يساعدني… أنا خايفة!


ارتجف قلبي لما سمعته بيقول:


_ عارفة جايب السـ..كينة ليه؟ طب هسألك سؤال… إيه تفكيرك دلوقتي في استخدام السـ..كينة؟ بتستخدم في إيه؟ يلا يا شاطرة، قولي!

لو قولتي صح، هسيبك.


قلبي كان بيرتجف… اتمنيت في اللحظة دي أمـ-وت بسرعة! هو مختل أكيد…


صدمة احتلت كياني لما مسك شعري بقسوة، واتكلم بنبرة عالية:


_ قولي يلا! هعدّ من 1 لـ 5… لو مقولتيش، اقري الشهادة!


1… 2… 3… 4…


صرخت بسرعة:


_ بت-قطّع… بن-قطع بيها!


اتكلمت بسرعة، خوفت! ماعرفش هو بيفكر في إيه، بس الأكيد إنه مجنون… أكيد!


فوقت من شرودي على خبط خفيف على الباب.

قمت بسرعة بخوف… ممكن يكون هو؟ أكيد هو! جاي وهياخدني!


قرّبت مني ماما، مسكت إيدي علشان تطمّنني:


_ متخافيش يا غزل… مش هو، اطمني!

روحي افتحي الباب، متخافيش


رغم إنها طمّنتني، إلا إن الخوف ما زال مسيطر عليا. قدّمت بخطواتي، فتحت الباب…


انصدمت من الطارق لثواني، لكن بسرعة ابتسمت بودّ، ورحّبت بيه:


_ عمو ياسين… تعالَ، اتفضل!


استغربت مجيته لكن ما اهتمتش كتير طلعت بالشاي وقعدت.

فجأة كل الأنظار اتحولت عليّ ابتسمت بتوتر وسألت بهروب:


_ روحت المعرض ولسه جاية من هناك، مكنتش موجود.


رد بهدوء:


_ فعلاً كان عندي مشوار وجيت على هنا طمنيني، أخدتي اللي عايزاه؟


رديت بفخر:


_ طبعًا، وكمان البياع اللي هناك اديته الفلوس.


رد باستغراب:


_ بياع؟! محدش هناك بيبع غيري يا غزل.

وبعدين بتدفعي ليه؟ كم مرة أنبه عليكِ متدفعيش وخدي اللي أنتِ عايزاه.


ابتسمت بحرج ومعرفتش أرد بصيت لماما تنقذني، فقالت بابتسامة:


_ كتر خيرك يا حج ياسين، كفاية جمايلك علينا.


هو بابتسامة:


_ يا خبر! ده أنتِ بنت الغالي يا انتصار أبوكي كان حبيبي من صغرنا، الله يرحمه.


وبعدين وجّه كلامه ليا:


_ أمك عارفة أنا جاي هنا ليه يا بنتي. أنا عرفت بالمشكلة وحاولنا نشوف حل للموضوع. القرار هيرجعلك في الآخر، بس هو ده يا بنتي الحل الوحيد اللي هينقذك… تتجوزي.


قلت بصدمة:


_ اتجوز!!


بصيت لماما بضياع:


_ اتجوز مين؟ أنا معرفش حد هنا، ومحدش يعرفني! جه منين موضوع الجواز ده؟


رد بهدوء:


_ كريم ابني يا غزل.


اتصدمت، وحاولت أحافظ على هدوئي:


_إزاي مش فاهمة؟! كريم ابنك متجوز!


رد بهدوء:


_بس الجواز لحمايتك يا بنتي، غصب عنّا. 

هو أكيد هيتقبل الموضوع، سيبها على الله.


_مستحيل! أنا مش وحشة للدرجة دي عشان أدمّر حياة عيلة بسببي، سيبها أنتَ على الله يا عمو ياسين.


_ليه متقبّلة الهزيمة يا غزل؟! حبيبتي بلاش.


_يمكن ده هو نصيبي، يمكن يطلع إنسان كويس. مش لازم كل الناس تكون غير سوية.


بصولي بقلة حيلة، كلامي وأفعالي غير منطقية. يمكن أنا بدمر حياتي من تاني، بس المرة دي بإرادتي واختياري.

بس هل فيه حل؟

أنا مستحيل أدمّر حياة وعيلة تانية على حساب أماني.


ودَدْتُ لَو أنِّي فِيهَا  غَريب.. 

لَيْسَ غَريبُ الوَجْهَ 

بَل غَريبٌ عَن المَعرِفَة .. 

لَا يَعرِفُني غيرَ كِتَابي ورَبي، ووﷲِ مَا أُريْدُ غيرَ ذَلک ..)"


_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


_وعليكم السلام ورحمة الله، تعالَ يا نوح، نورتني.


_ده نورك يا حج ياسين، ها الواد كريم عامل مشاكل ولا إيه؟


_لأ يا حبيبي، المشاكل المرة دي من عندك!


رد بدهشة واستغراب:


_من عندي؟! خير؟


_مش القصد يا حبيبي، خالك عبدالعال عنده ولدين، واحد فيهم ناوي يتجوز، صح؟


_أه، أحمد. سمعت إنه هيخطب بنت صاحب عمي وشريكه في الشغل، خير؟ عمل حاجة؟!


_هو شخص كويس؟ معتمد عليه؟ يشيل مسؤولية؟ ولا شبه خالك؟!


_شبه إزاي؟


_قاسي في المعاملة، مش هقولك عليه، أكيد أنت عارف.


اتنهد بعمق:


_خالي كويس يا حج ياسين، بس اللي فيه والصراعات اللي حواليه خلّته كده، لكن في الأساس هو شخص كويس. محتاج اللي يتعامل معاه بضمير، من غير غش، زي اللي حواليه.


_قصدك مراته؟!


_ربنا يهديهم. أنتَ عايز تعرف عن أحمد؟ هو مش شبهه، هو أسوأ منه بمراحل طالع لأمه في كل حاجة.

غير إنه عصبي وعيل، ما لهوش في الجد، ولا إنه يتحمل مسؤولية ربنا يعين زوجته لما يتجوز، والله أشك إنها تكمل معاه.


_وابنه التاني؟ شبهه؟


_رامي كويس عنهم، وده لأن جدتي –الله يرحمها– كانت أخدته تربيه، وبعدها سافر يدرس في فرنسا.


_صغير لسه؟


_أيوه، بس خير؟ قلقتني ليه بكل ده؟ حصلت حاجة؟


_طالب منك خدمة. هي ممكن تكون مش هينة بالنسبالك، لكن والله هي حياة أو موت.


_متقلقش، أنا معاك.


قد تختلفُ رحلتك عن خُطتك..

لكنّ الله قَد كَتبَ مَا سيكونُ لَك.


_يا غزل، لازم ده يحصل، مسمعتيش كلام عمك ياسين؟


_الطريقة غلط مينفعش يحصل كده. مينفعش أعرّض نفسي على شخص عشان يتجوزني.

مينفعش أُرغم حد على حاجة شبه كده.

مش معنى إن حياتي هتتدمر يبقى أدمّر حد بدالي.


_قسمًا بالله يا غزل، لو ما ريّحتي قلبي أنا همشي وأسيبك، ومش هتشوفي وشي تاني، فاهمة؟

أنا مش هسيبك تبوّظي حياتك! بطّلي قهرة في نفسك!

الولد مشكور، وعمك ياسين أنقذونا، نحمد ربنا إننا لقينا حل. وبلاش كلمة منك، يلا اجهزي عشان المأذون على وصول.


مش هينفع!

إزاي أتجوز بالشكل ده؟

ومين وافق؟ وليه واثقين فيه؟

ما يمكن هو كمان شخص مش كويس!

هو حد يعمل في نفسه كده إلا لو ليه مصلحة؟

أنا بتكلم لمين؟ ومين هيسمعني أصلًا؟


المحصلة واحدة إني مش مبسوطة.

لا أنا بخير، ولا هبقى بخير.

الغريب إني مش خايفة!

أنا مطمنة… وده شيء نادر.

إزاي؟ وحياتي هتتشقلب، هيتقلب موازينها كليًا.


أخدت نفس يمكن أخفف من توتري، اللي كان طبيعي مش توتر خوف، ولا الأعراض اللي ملزماني دايمًا.

فرحة جوايا اتشكّلت… يمكن ده الخير اللي هيغمرني.

مش شرط يكون زواجي، بس يمكن ده الحل اللي هيخلصني من أسوأ شخص في حياتي.

يمكن أكتسب حريتي من جديد، وأقدر أمشي من هنا بدون مراقبة أو جدال.

يارب يكون ده الخير ليّا.


إنسانٌ، يبتغي الطمأنينةَ في مهبِّ الأذى،

يُناجي نجاتَهُ بظلالِ غيرِه،

صادقُ القلبِ، محبٌّ، يحملُ في عينيهِ أملاً،

تسكنُهُ الأمنياتُ كما تسكنُ النسمةُ وردَها،

ويُخفي في وداعتهِ ودّاً،

كأنَّهُ في الصمتِ يُحدّثُ الكونَ عن سلامٍ ضائعٍ.


طالعة من أوضتي، وكل التوتر اللي في العالم مالكني.

أنا جاهزة عشان أتجوز!!

فيه مأذون وشهود… وهو!!

هو؟!!

مش ده بياع الورد!!!


جالي ذهول تام، وأنا بتحرك مش دايرانى باللي بيحصل.

إزاي؟ وإمتى؟!

سبحان الله على الصدف…

أن يجمعنا الله بموقف زي ده.


فُقت من أفكاري، ولقيت الدفتر جنبي، وحد بيقدّمني القلم.

اللي هو… ده بجد؟!

مجرد إني أوقّع الورق أبقى زوجته؟!


_طب ما يمكن هو مغصوب عليّا؟


لقيت الكل نظراتهم عليّا، وماما بتبصلي بصدمة،

وده لأني كنت بفكر بصوت عالي.


ردّيت بتوتر وحرج:


_أنا آسفة يا جماعة، محدش ياخد على كلام مريضة!


_أه حبيبتي، عندها بس دور برد وسخنية مبهدلاها، مش عارفة بتقول إيه.


ماما قالت كده عشان تصلّح الموقف،

لكن الحقيقة… أنا قصدي إني مريضة نفسية!


_ليه حاسس إني سمعت نبرة الصوت دي قبل كده؟!!


كحّيت ألف مرة وأنا قاعدة، يا نهار أبيض!

هو فاكر صوتي؟!

أنا قلت مش هيعرفني وكده، طلع ظابط فعلًا!


قبل ما حد يتكلم أو أنا أنقذ الموقف،

ردّ المأذون –ربنا يباركله–:


_يلا يا بنتي، وقّعي عشان ورايا كتب كتاب بعدكم.


في لحظة واحدة وقّعت، وكأني مدلقوة مثلًا!

لاء… مش مثلًا، دي حقيقية!


معرفش إزاي، بس لأول مرة مخفش!

أنا مش خايفة.

كان نفسي أصرخ وأقول أنا مش خايفة!!


مظهر نوح كان مبهر،

ماكانش بالشخص الصعب أو المتعب،

طريقته في التعامل معاهم، ابتسامته الهادية، نظراته المريحة،

كان مميز وفريد.


يمكن دي أول مرة أحب عيني تبصر لراجل من غير خوف أو توتر.

حاسّة إني هبقى مطمّنة بوجوده.

بس يا رب يكون مثلي.


نظراتي وكلامي ليه كان بعد كتب الكتاب،

لإن غض البصر واجب عليّا، وهو مش محلل ليّا.


بعد ما المأذون مشي وفضلنا قاعدين: 


_كل حاجة جت بسرعة، عشان كده هنسيبكم مع بعض لوحدكم،

ولو عايزين تخرجوا عادي،

كده كده إنتو متجوزين على سنة الله ورسوله.


_لاء، هنفضل هنا.


قولتها بسرعة من فكرة يخرجونا لوحدنا.

مش معنى إني اطمنت أخرج معاه عادي.

ما زال غريب عني، وما زلت غريبة عنه!


_ماشي يا غزل، مبارك عليكم الجواز، تتنهوا يا رب، هنمشي إحنا بالسلامة.


_تعالي معايا يا غزل ثواني.


_حاضر يا ماما.


قرب عمو ياسين من نوح، وباين إنهم بيتكلموا في موضوع مهم،

لكني قمت أشوف ماما.


_أنا مديون ليك يا نوح يا بني، ربنا يكرمك ويوفقك في حياتك.

جميلك ده هشيله فوق راسي للعمر كله.

البنت كانت أمانة ليّا، جدها وصاني عليها، كان صاحبي وأخويا كمان في الرضاعة، ربنا يرحمه.


_عيب يا حج ياسين، أنا زي كريم ابنك ولا إيه؟

اللي تطلبه أنفذهولك.

حضرتك ونِعم الأب والصاحب، ربنا يباركلنا فيك يا رب.


_طبعًا يا حبيبي، أنت زي الغالي وأكتر.

أنا عرّفتك حالة غزل يا نوح، وكل اللي مريت بيه من والدها –حسبي الله فيه–وإنها بتروح لدكتور نفسي، أنت عارف حالتها، حاول تراعيها.


_في عينيّا يا حج، سيبها لله.


_ونِعِم بالله. ابن أصول ربنا يحميك يا رب.

يلا يا كريم عشان نمشي.


_إيه يا حبيبي، هتفضل قاعد؟ مش أبوك قالك يلا؟


_عايز أقعد وأشوف هتعمل إيه بعد ما تقعد مع مراتك.


_حد قالك إنها قناة كرتون هنتفرج عليها كلنا؟


رد بحماس:


_لاء، بس الموضوع كله مريب كده!

والظابط نوح يتجوز بالطريقة دي؟ غريبة يا جدع!


_تخيل بقى لو كنت اتجوزت على مراتك وقعدت أنتَ قعدتي؟!


_مش عايز أتخيل، شكرًا لمعاليك. سلام عليكم


جميعُنا سيأتي علينا يومٌ ،

نقولُ فيه: أقدارُ الله خيرٌ من أمانينا ،

وأعظمُ ممّا تخيّلنا.


_يلا، اقلعي النقاب.


– أفندم؟!

أقلعه ليه يا ماما؟ مش فاهمة!


– أنتِ هبلة ولا عيلة هبلة؟!

يعني هتخرجي لجوزك وإنتِ لابسة نقاب؟


عندها حق، لكن بالفعل… إزاي هعمل كده؟!!

هو ما زال غريبًا، ما زال شخصًا مجهولًا بالنسبة ليّ.

أنا أعرف اسمه بالكاد، إزاي في ليلة يكون زوجي؟

لكن أعتقد… لازم!


قلعته، وظبّطت حجابي، وجوايا خوفي من إنه يعرفني.

بس هيعرفني إزاي؟!

هو عمره ما شاف وشي قبل كده.

لكن نبرة صوتي ممكن تشتبه عليه… طمّنت نفسي،

أكيد مش هيلاحظ.


– السلام عليكم ورحمة الله.


– وعليكم السلام ورحمة الله، آنسة غزل!


– أحم، أيوه… وأنتَ؟


– بياع الورد.


من الصدمة، قمت شربت ميه،

أحاول أضيع الوقت لحد ما ألاقي رد مناسب.

بس إزاي عرفني؟!!!


قلت بحرج وذهول مصطنع:


– ده بجد؟ ما شاء الله، على كده عندك معرض وكده؟


كان بيراقب ملامحي، وده وتّرني جدًا،

لكن حاولت أتصنّع الهدوء.


رد بتسلية:


– تُؤ، أنا ظابط.


– أيوه أيوه…


– مكنتش متخيّل إنك إنتِ العروسة.

معرفتش آخد حقي منك المرة اللي فاتت،

بس دلوقتي… حقي بقى واجب، صح؟


– إنتَ عرفتني إزاي وأنا كنت لابسة نقاب؟


– عيونك حلوة، وأنا بضعف قدّام العيون الحلوة،

وبفتكرها لو عدى عمر.


ردّيت بحدّة:


– على كده تعرف كتير بقى؟


– تُؤ، مفيش غيرك ضعفت قدّامها بجد،

عيونك دوّختني.


– بلاش كلام خارج لو سمحت، إحنا لسه في حكم المخطوبين.


– عيوني.


اتوترت…

ده حقيقي!

اللي يشوفه يقول إحنا مرتبطين من سنين،

مش من مقابلة واحدة.


كمل بغمزة:


– بس لو عايزاني أفتحلك معرض ورد،

ما عنديش مانع.


عارفين الإحساس لما تطيري من الفرح؟

ده وأنا بس بيجيبلي شوية ورد…

تخيّلوا لو فتحلي معرض!

يا نهار حلاوة عليه وعلى حلوتُه!

بس لأ، نلتزم الهدوء.


ردّيت بجدية:


– ليه؟!


– هو إيه اللي ليه؟ غلطان إني عايز أفرّح مراتي؟


الكلمة هزّتني من جوّه،

وللمرّة الأولى حسّيت إني مسؤولة من شخص سوي،

قادر ينسّيني مرارة الأيام.


– مش قصدي… ليه اتجوزتني؟

ليه تدبس نفسك في حياة شخص كلّها مشاكل؟

إزاي وثقت فيّ؟ ما يمكن أكون مختلفة عن اللي في خيالك؟

هل وافقت بس علشان تساعدني؟ أو خدمة من عمو ياسين؟

ولا… ليك مصلحة؟!


– ليّا مصلحة فعلًا.


– إيه؟!!


قولتها بصدمة وترقّب،

هو فعلاً طلع بيعمل ده كله علشان مصلحة؟

طلع مش... أكيد يا غزل، كنتِ مستنية أوهام غبية!


– مصلحتي إني أوقعك في حبي!

لإني أنا واقع أصلًا، ناقص إنتِ.


كنت بستغرب دايمًا من اللي بينفوا الحب من أول نظرة،

وكنت ساعات بصدقهم.

بس هل فعلًا حد ممكن يحب من مجرد نظرات قليلة؟

إنتِ أكّدتيلي إن آه…

إحنا بنقع، ومش أي وقعة…

إحنا بنقع من الدور المليون!


حد يزغدني بالله، أبغي أصدق!

أنا حاسة بحلاوة كلامه،

قلبي بيتهلل من جوّه…

معقول؟!

سبحان الله، هو ده كان اختيارك يا رب؟

رفضته ألف مرة في الأول،

لكن إنت كنت عارف…

هو ده طريقي،

هو ده الحلم اللي رسمته في خيالي زمان،

والنهاردة بيتحقق.


لكنّي رديت بهدوء وجمود مصطنع،

وكأني مش متأثرة بكلامه:


– يبقى هتتعب معايا، ومش مع أي حد،

دانا مريضة نفسية، مجنونة ها!


– كان حلمي أتجوز مجنونة،

عشان أقدر أجنّن معاها.

سبحان الله، بيتحقق!

سيبيلي نفسك وقلبك ليّ،

وأنا بوعدك، هطمنك،

وهنسيك الأيام المتعبة،

وأبدّلها بحب مسكّر.


استرخيت في قعدتي، وبصيت في عيونه، وقلت:


– اللي تشوفه يا بياع الورد.


– بياع الورد متيّم بيكِ.


" ‏يَستَرِيحُ المَرءُ فِي كُلِّ مَوطِنٍ يُشبِهُهُ 🩷 ".


ما كنتُ أعلم أنَّ القدرَ يُتقنُ اختيارَ القلوب،

حتى ساقَني إلى قلبِك…

فأدركتُ أن أقدارَ الله

تُهدي الأرواحَ ما تعجز الأماني عن وصفه


كتابة وسيناريو: ملك عبدﷲ أحمد

نَـهْــر 'ر 

#بياع_الورد

#نَـهْــر 'ر

تمت              

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×