رواية بين هذا وذاك الفصل السابع 7 والاخير بقلم ناهد خالد
الجزء الأخير...
-مش احسن ما نطلق؟
-نطلق؟
قالها بصدمة وعيون وسعت من جملتها.
-اه, ما هو في حالتنا دي يانا اتغير يا انتَ تتقبل وضعي ورخامتي, يا نطلق.. وانتَ ماكنتش متقبل وضعي, يبقى كان لازم اتغير.. ولو مش عاجبك تغييري, خلينا نلجأ للحل الأخير, وكل واحد فينا يروح لحاله.
نزل ايده من على كتافها وهو بيقولها بعصبية:
-إيه الجنان ده! طلاق إيه وهبل إيه؟ بلاش تكبري الموضوع.
ردت بنبرة مخنوقة وكانت على وشك العياط وده بان على وشها بوضوح:
-ريان مش مكتفك يا حسام, طلاقنا مش هيأثر على علاقتك بيه, هو ابنك وهتشوفه وقت ما تحب وتعمله كل حاجه, مقدرش امنعك عنه, وعمري ما هكون الأم اللي تخلي طلاقها يأثر على نفسية ابنها, وهيفضل بينا الود والاحترام عشانه.
هز راسه مش مستوعب كلامها:
-انتِ بتتكلمي بجد؟
-انا بفكر في الموضوع بقالي مدة, ولاقيت إننا للأسف مش متفقين, ومش هنعرف نكمل سوا, فخلينا ناخدها من ....
سابها وراح ناحية السرير وهي متابعاه بعينها باستغراب, واستغربت اكتر لما لاقته بينام وبيتغطى!
راحت ناحيته وقعدت جنبه من الناحية التانية:
-حسام احنا بنتكلم!
انتفضت لما سمعت صوته بيقول بعصبية:
-سيبي زفت يتخمد بدل ما أقوم اكسر دماغك اللي بتفكري بيها دي.
سكت كلامها لكن ماسكتش صوتها اللي ظهر بعد شوية في عياطها, فنطر الغطا بعصبية وهو بيبصلها بنية الخناق, لكن لما شاف شكلها صعبت عليه, فاتنهد وهو بيهدي نفسه, وشدها ليه يحضنها وهو بيقول بتعب:
-يعني غلطانه وغبية وبتعيطي!
زاد عياطها فملس على ضهرها وهو بيهمس:
-حقك عليا طيب متعيطيش, انتِ هبلة يا رانيا! حصلت تفكري في الطلاق! طب ده انا في عز خنقتي من تحكماتك عمري ما فكرت فيها, ولا كنت هفكر.
-انت قولت ان لولا ريان كان...
قالت من بين عياطها فقاطعها وهو بينفخ وبيشتم في نفسه وبعدها قال:
-ي*** دي قعدة, كان يوم مطلعلوش شمس, يا ستي كنت حمار وكلمتين طلعوا مني وقت نرفزة, وكنت قبلها متغاظ منك بسبب حوار ريان والشوربة اللي سلخت رجله.
-انتَ مابقتش تحبني زي الأول.
قالتها بشهقة وكل شعورها متجه للنقطة دي, فرد بصدق:
-والله عمري, لا بيني وبين نفسي ولا مع حد قولت إني بطلت احبك ولا بفكر ابعد عنك, انا بحبك يا رانيا, وعمري ماهحب حد غيرك, بس يا حبيبتي كل شيء له حد, لما الراجل بيتحكم في الست زيادة بتتخنق وبتحصل مشاكل كتير بينهم وممكن يطلقوا فيها حتى لو بينهم حب, كل حاجه بحدود كويسة لكن الشيء إن زاد عن حده ينقلب ضده... الغيرة, والخوف, الحب, القلق, الاهتمام, كل المشاعر دي لو زادت عن حدها بتخنق الطرف التاني وبتقلب هوس, انا مبقولش ماتهتميش بيا, لكن في المعقول, بلاش احس إنك محاوطاني وكل تصرفاتي متراقبة, يا حبيبتي ده لو الواحد حس كده من امه ولا ابوه بيتخنق برضو!
-يعني أنا غلط؟
سألته بنبرة ضعيفة, فباس راسها وهو بيبعدها عنه بيبصلها في عنيها عشان تفهمه وقال:
-اتعودي متبالغيش في مشاعرك ولا في تصرفاتك, حتى مع ريان.. يعني بدل ما ترني عليا كل ساعة تقريبًا رني عليا مرة واحده وانا بره ومرة لو اتاخرت عن ميعادي, بدل ما تقعدي طول اكلنا مركزة معايا كلت إيه وماكلتش إيه اهتمي بأكلك انتِ ولما تلاقيني مباكلش خالص ابقي اسألي, مش كل ماكون قاعد سرحان شوية تسألي مية مرة مالك, وتصممي إن في حاجة مضيقاني لحد ما بتزهقيني, ساعات يا حبيبتي الواحد بيسرح عادي.. بيفصل شوية مع نفسه طبيعي, مش طول الوقت هقعد أتكلم واهزر وانتبه! وبلاش تفضلي تسأليني عن كل تفصيلة في يومي, سبيني أنا احكيلك اللي شايفه يستحق والباقي مش مهم! يا حبيبتي انتِ كنتِ بتسأليني شربت قهوة كام مرة النهاردة, وفطرت إيه بره ومع مين وكان ناقص تخليني اصورلك يومي فيديو!
-عشان بحبك.
ابتسم لها وباس خدها وهو بيقول بحب:
-والله وانا بحبك, بس المبالغة في الشيء بتبوظه صدقيني, اسمعي بس كلامي والدنيا هتبقى فل.
رفعت كتافها له:
-هجرب.
----------------------
-ايوه, تمام..
زقها بدراعه وهو بيهمس لها:
-اقعدي يا سمر انتِ كاتمة على نفسي!
والوضع كان كده فعلا, بتحاول تسمع اللي الست اللي بتكلمه بتقوله, فقاعده على ركبتها ومقربة ودنها من التليفون وتقريبًا شبه قاعدة فوقه!
ولا كأنه كلمها, بالعكس دي بصتله بتحذير ورجعت تحط ودنها على التليفون تاني.
-ايوه طبعًا انا كنت كلمت...
وكمل كلامه اللي كان باين عن الشغل, لكنها بتحاول توصل لأي كلمة تقولها التانية تمسكها عليه او تحس بأن فيه استلطاف بينهم.
ولكن المكالمة عدت بسلام, قفل التليفون ورماه بعيد فرجعت قعدت مكانها بهدوء, فبصلها بغيظ وهو وبيسألها:
-والله؟
بصتله بجنب عينها:
-في حاجة يا حبيبي؟
-سمر ما تستهبليش, ينفع اللي عملتيه ده؟ انا ماكنتش مركز في المكالمة بسببك.
كان باين عليه الضيق, لكنه في نفس الوقت من جواه مبسوط باهتمامها, واتبسط اكتر لما سمعها بتقول بنرفزة:
-اه ينفع, وهي تكلمك ليه, وماتقوليش شغل, حتى لو شغل يبقى في المكتب مش تكلمك على تليفونك الخاص, وبعدين عاوزني اشوف واحدة ست بترن عليك وباين من صورتها انها حلوة وصغيرة, واقولك عن اذنك يا حبيبي هروح انشر الهدوم وافضيلك الجو!
ضحك ضحكة مقدرش يمنعها وهو بيهز راسه مش مصدق اللي بيسمعه منها:
-انتِ اتجننتي باين! وده من امتى الاهتمام ده؟ مانا كنت بقوم بالتليفون ارد عليه وعادي.
قربت منه وهي بتحضن دراعه:
-من دلوقتي, فوق قلبك يا صادق وابقى اتلوح بس.
رفع دراعه وضمها ليه وهو بيقول بسعادة:
-يعني وانتِ مش معبراني مابصتش بره, دلوقتي هبص! ده انا ابقى راجل اهبل.
باست خده وهي بتقول بدلع:
-لا حبيبي راجل عاقل.
------------------------
بعد شهرين..
-ها حاسس إن الوضع بينكوا بقى احسن؟
قالها صادق وهو قاعد قدام حسام في النادي اللي قرروا يخرجوا كخروجة عائلية فيه, بص حسام بتلقائية على رانيا وهي بتساعد ريان يخرج من حمام السباحة وقال:
-الوضع احسن كتير, ساعات برضو بترجع لتحكماتها القديمة بس قليل اوي, وبقيت اعرف اتعامل مع الوضع والدنيا بتمشي.
أيده صادق:
-الحياة دايما اب اند داون, وطبيعي شوية كده وشوية كده, المهم ان الموضوع مابيوصلش لمشكلة زي الأول وانها فهمتك وفهمتها.
-اه الحمد لله مابيوصلش, وانتَ اخبارك إيه؟
بص هو كمان لسمر وهي مع الأولاد وقال:
-ماكنتش حاطط امل, بس سبحان الله طلع فيه امل كبير كان متخزن باين.
ضحك حسام وهو بيقول:
-طب بس لاحسن جايين.
-يلا نتغدى ولا إيه احنا جوعنا.
قالتها سمر فوقفوا وصادق رد:
-احنا جعنا اكتر بس سيبناكوا براحتكوا.
مشيوا معاهم والضحك والهزار ماخلصش من يومهم, والاهم ان كلهم نفوسهم صافية وهادية, والحال بقى افضل كتير من الأول.
والقاعدة الثابتة:
هي إن المبالغة في أي حال بتفسده, مبالغة رانيا في الاهتمام اتحولت لخنقة, ومبالغة سمر في الإهمال اتحولت لملل وفتور, والاتنين قدروا يفهموا ده ويصلحوه حتى لو متأخر وبعد سنين جواز, فأن تصل متأخرًا خيرًا من ألا تصل, والأهم أنهم اعترفوا بخطأهم ومكابروش في الغلط.
انتهت.........
كنتم مع قصة #بين_هذا_وذاك
#مجرد_رسالة
#الرسالة_الثامنة
#ناهد_خالد
تمت
