رواية قرية الجن (كاملة جميع الفصول) بقلم محمود الامين
طول عمري إنسان فضولي بطبعي، بروح للمصيبة وعارف إني هتأذى وما بتعلمش من غلطي.
أنا يوسف أبو المجد، شاب في العشرينات من عمره، عايش في القاهرة مع والدي ووالدتي. كان عندي حلم إني أبقى صحفي، كنت بحب قصص أحمد يونس جداً وبسمعها بشغف، وبستنى كل حلقة، وبالذات قصص الصحفي نادر فوده.
كنت بتخيل نفسي مكان الصحفي ده، كانت بتعجبني جداً المغامرات اللي بيعيشها، رغم إني عارف ومتاكد إنها مجرد حكايات وهمية، ولكن كانت بتبقى ممتعة.
ولكن ما فيش حد بيقدر يحقق الحاجة اللي هو عاوزها، جبت مجموع مش كبير في الثانوية العامة، ولقيت نفسي داخل معهد تمريض. وأنا أصلاً بكره المستشفيات والدكاترة، لدرجة إني لما بيجيلي دور برد أو بتعب أي تعب، مش بروح لدكتور وبفضل أروح أجيب علاج من الصيدلية وخلاص.
وعشان كده، بعد ما اتخرجت اشتغلت حارس أمن في شركة أمن في القاهرة. ودي شركة بتوزع الأفراد على الفنادق والمستشفيات والمولات... وأنا حظي مع الأسف جه مع حاجة أنا مش بحبها. أيوه بالظبط: المستشفيات.
بقيت حارس أمن على مستشفى خاص، بس أنا كنت فاكر إني هبقى كاره نفسي، لكن الشغل كان 12 ساعة وأنا قاعد مش بعمل أي حاجة. فبدأت أسلي نفسي بالتليفون والقراية.. لحد ما لقيت حد منزل خبر مؤلم عن وفاة عمه في قرية في المنصورة. طبعاً خبر الوفاة مش هو اللي لفت نظري، اللي لفت نظري كلام الناس في التعليقات.
الناس كانت بتقول إن الشخص اللي مات ده مات في قرية مسكونة بالجن وما فيش بشر عايشين فيها، وإن ما فيش حد بيرضى يسكن فيها.
وفي تعليق لفت نظري شوية لواحد كاتب: "أنا حذرته كتير يروح هناك، لكن هو ما سمعش كلامي. قولتله ما يروحش هناك".
...
طلعت من الفيس ودخلت على جوجل وبدأت أبحث عن القرية دي، وكل الأخبار كانت عن موت الراجل ده. اسمه "حمدان"، كان موظف تحصيل في شركة الكهرباء، من الناس اللي بتمر على البيوت عشان تقرا العداد وتديك فاتورة وتاخد الفلوس المستحقة عليك.
وعلى حسب الأخبار المتداولة، إن الراجل جاله شغل في القرية دي وراح عشان يشوف شغله، ولكن للأسف الراجل ما رجعش. ولما اتأخر، أهله بلغوا الشرطة، ولما الشرطة راحت القرية لقيت "حمدان" مشنوق على جذع نخلة.
وأفادت الشرطة إن فعلاً ما فيش أي شخص عايش في القرية دي، وإنها قرية قديمة وبيوتها على الطراز القديم، البيوت كانت من الطين.
...
مش عارف ليه جالي فضول أروح هناك، وعشان كده طلعت تليفوني وكلمت أشرف أقرب صاحب ليا.
وبعد السلامات قولتله على اللي بيدور في دماغي.
فرد عليا وقال:
_ إنت قصص نادر فوده دي جننتك رسمي، إنت مدرك إنت عايز تعمل إيه؟؟.. إنت عايز تروح لمكان ما حدش عايش فيه! مكان مسكون بالجن، والشخص الوحيد اللي راح هناك السوشيال ميديا كلها اتكلمت عنه بعد ما مات هناك مشنوق!
= عندي فضول أعرف هو شاف إيه هناك، وإيه اللي حصل وعمل فيه كده.
_ ولما تعرف هتستفيد إيه؟.. ومين قالك أصلاً إنك هترجع؟ ما يمكن يكون مصيرك نفس مصير الراجل ده، بعد الشر عليك يعني!
= لا، ما هو إنت هتيجي معايا، أومال أنا مكلمك ليه؟
_ أجي معاك فين؟! إنت شكلك مجنون، أنا مستحيل أروح المكان ده.
= مستحيل ليه بس؟.. دي مغامرة حلوة هنعيشها، وهنصور الدنيا هناك ونرجع. وبعدين هو مين يعني اللي هيوصلني غيرك؟
_ طب سيبني أفكر، بس مش معنى كده إن أنا موافق.
= فكر يا أخويا، بس يكون في علمك أنا كده كده هروح.
...
قفلت السكة مع أشرف وأنا مخنوق. وبعدها اتصلت بالمشرف بتاعي في الشغل وسألته: هو أنا أجازتي إمتى؟
وعرفت منه إن الأجازة هتكون بعد خمس أيام. وبعد ما خلصت الشغل في اليوم ده لقيت أشرف سايبلي رسالة على الواتساب بيبلغني فيها إنه موافق.
وبعد مرور الخمس أيام، أخدت الأجازة فعلاً وجهزنا نفسنا أنا وأشرف، واتحركنا بعربيته على المنصورة. أنا عارف اسم القرية بس مش هينفع أقوله.
فضلنا ماشيين على الوصف، لحد ما وصلنا. الساعة كانت لسه 3 العصر والدنيا حوالينا كانت فاضية. نزلنا من العربية واتحركنا، القرية كانت عادية جداً وقديمة زي ما الشرطة قالت بالظبط.
في بيوت كتير كانت مفتوحة بس فاضية ما فيهاش أي حاجة.. لحد ما سمعت صوت موتور مية اشتغل.
وقتها أشرف بصلي بخوف وقال:
_ هو مش المفروض ما فيش حد في القرية دي ساكن؟
= مش عارف، تعالى نشوف مصدر الصوت ده.
..
فضلنا ماشيين ورا مصدر الصوت، ولقيناه جاي من بيت في شارع جانبي. ومن الشباك اللي كان مفتوح شوفت ناس جوه البيت. بس الناس دي كانت أشبه بالأصنام، واقفين مش بيتحركوا، ملامحهم جامدة وثابتة. لكن مرة واحدة اتلفتوا وبصوا علينا!
أشرف رجع لورا وهو مخضوض واتكلم وقال:
_ يلا نمشي من هنا! يلا نمشي من هنا!
...
كانت دي أول مرة أسمع فيها كلام أشرف. أنا وهو اتحركنا بسرعة في طريق العربية، بس الغريب إننا ما لقيناش العربية!
أشرف كان هيتجنن وعمّال يدور على العربية وطلب مني أدور معاه، بس أنا ما كنتش مركز معاه.
أنا كنت مركز على الشخص اللي واقف في آخر الطريق. شخص كان لابس جلابية سودا وواقف بيبص علينا، وبدأ يقرب. حاولت أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، لكن فجأة سمعت صوت صراخ.
جريت ناحية مصدر الصوت، وأشرف من الخوف طلع يجري ورايا. وأول ما وصلت عند مصدر الصوت شوفت واحدة قاعدة على الأرض، وقدامها جثة راجل كبير كان مقتول!
أشرف كان واقف بيتنفض من الخوف.. قربت من الست عشان أسألها: هو إيه اللي حصل بالظبط؟
بس الست ما كانتش شايفانا! وقتها سبتها ومشينا بسرعة. بس المرة دي لما رجعنا لقينا العربية مكانها!
أشرف جري بسرعة على العربية وركبها، وقبل ما يتحرك بينا من المكان ده سمعنا خبط على الشباك. ونفس الراجل اللي شوفته كان واقف من بعيد هو اللي كان واقف بيخبط!
أشرف رفض ينزل، لكن العربية ما كانتش بتدور.
جمدت قلبي ونزلت من العربية، واتكلم الراجل ده وقال:
_ إنتوا إيه اللي جابكم هنا؟
= إحنا كنا عند ناس هنا وتوهنا ودخلنا المكان العجيب ده، وعاوزين نمشي، والعربية مش عاوزة تدور.
_ ما تكدبش، كدبك باين في عينيك يا يوسف.
= يوسف؟! إنت عرفت إسمي منين؟
...
فجأة وشه بدأ يدبل ويسود، وفتح بوقه ولقيت دخان إسود خارج منه. وفي الوقت ده العربية دارت، ركبت بسرعة واتحركنا.
لكن بعد ما طلعنا على أول الطريق ومشينا شوية، العربية عطلت تاني. كنا بعدنا عن القرية، ووقتها جالنا واحد كبير في السن وقالنا:
_ أي خدمة؟
= العربية بس عطلت بينا وإحنا راجعين.
_ راجعين؟.. راجعين منين عدم المؤاخذة؟ ده طريق القرية المسكونة! إنتوا كنتوا هناك؟
= بصراحة أه.. بس هي إيه حكاية القرية دي؟
_ دي حكاية قديمة عدى عليها زمن، وبدايتها كانت هناك..
بصينا مكان ما شاور، لقينا مقابر. لكن...
يتبع الجزء الثاني.
#محمودالأمين