رواية قرية الجن الفصل الرابع 4 والاخير بقلم محمود الامين
الجزء 4
أبواب المقابر كانت بتتفتح لوحدها، ما فيش حاجه كانت بتخرج، كل اللي سامعينه هو صوت الصرخات.
الأستاذ فضل بدأ يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويردد آيات من القرآن الكريم، وقتها اتكلم أشرف وقال:
_ إيه اللي بيحصل بالظبط يا أستاذ فضل؟
= هتفهموا لما أُكمل الحكاية.
_ طيب وليه المقابر بتحصل فيها كده؟
= واضح إن اللعنة راجعة تاني، ياخوفي من اللي جاي...
رجعنا دخلنا البيت من تاني، والأستاذ فضل قعد عشان يكمل الحكاية، بس في الأول شغّل التلفزيون على قناة المجد للقرآن الكريم كانت شغّالة سورة البقرة.
وقعد وهو مش على بعضه واتكلم وقال:
_ ركزوا في اللي جاي، عشان اللي هحكيه دلوقتي فيه صدمات كتير. أهل البلد لما شافوا العقارب خارجة من بيت نصار بدأوا يهربوا وكل واحد رجع على بيته وهو بيترعش من الخوف، وبمجرد ما الناس هربت العقارب رجعت تاني على بيت نصار، وطبعا الخبر وصل لجابر، اللي كان فاكر نصار خلاص تاب عن السحر بس اكتشف إن نصار مكمل وإنه عمل سحر العقارب عشان يحمي نفسه من أي حد. والسحر ده من أقوى أنواع السحر اللي موجوده في العالم واللي بيعمله وبيفضل ملعون ليوم الدين.
وفي عز ما البلد خايفة ومذعورة من اللي بيحصل، رجعت عايدة البلد، أيوه رجعت بعد سنين كتير كانت على وشها ابتسامة مش مفهومة وهي شايفة أهل البلد خايفين، ما حدش كان مركز معاها الكل كان مركز في اللي بيحصل.
بس الغريبة إن عايدة رجعت على بيت الشيخ نصار، والكل كان بيسأل: الست عايدة تعرف الشيخ نصار منين؟
واتأجلت إجابة السؤال ده شهر كامل، شهر أهل البلد فيه كانوا بيناموا مغمضين عين وفاتحين التانية خايفين من نصار يعمل حاجة تاني.
لحد اليوم اللي خرج فيه الشيخ نصار من بيته وراح ناحية بيت جابر، البلد كلها كانت خايفة من المواجهة دي ولما قرب من بيته كان الشيخ جابر مستنيه كأنه عارف إنه جاي.
وبدأ الكلام جابر لما قال:
_ ازيك يا شيخ نصار، ولا أقول يا شيخ عمرو؟!
= برافو يا جابر، كويس إنك عارف اسمي الحقيقي.
_ أكيد طبعًا، من أول يوم عارف إنك عمرو ابن الأستاذ عبد الستار الراجل اللي اتهجم عليا زمان وقتلته دفاعًا عن النفس.
= لا، أنت قتلته عشان كان هَيقتلك بعد ما دوست على شرفه.
_ ههههههه.. تصدق ضحكتني يا عمرو، قصدي يا شيخ عمرو، ده الكلام اللي ضحكت عليه وعليك بيه الست عايدة بس الحقيقة كانت حاجة تانية، ولو عايز تسمعها هخليك تسمعها.
= احكي يا جابر، أصل الكلام اللي أنت هتقوله دلوقتي هيكون هو آخر كلام هتقوله في عمرك، عشان أنت هتموت.
_ مين عارف جايز لما أحكيلك الحقيقة ما أكونش أنا الضحية اللي هتموت.
= طيب قول اللي عندك.
_ الموضوع بدأ لما الست عايدة قررت تروح للدكتور، الدكتور طلب منها تعمل عملية ربط بس هي لما راحت صارحت عبد الستار ضربها وبهدلها وعشان كلام الناس كتر قرر إنه يجيبها هنا عندي على أساس إني عندي الحل. بصراحة أول ما شوفتها عجبتني بس ما كانش ينفع أقرب منها وجوزها واقف فخرجته بره، وبعد كده اتكلمت معاها وحاولت أقنعها إن لو الطفل ده مني أنا مش هيموت وهي هتبقى أم، وإن ما عنديش مشكلة إن الطفل بعد كده يتكتب باسم عبد الستار عشان الفضايح وكده، كنت فاكر إنها هتفضحني بس في الحقيقة هي وافقت وسلمت نفسها بمنتهى السهولة. وطبعًا الكلام ده مش حقيقي، لو حملت وخلفت مني الطفل هيموت زي ما الدكتور قالها بالظبط؛ أنا كان كله غرضي إني أقرب منها ويكون برضاها.
يعني إذا كنت أنا راجل مش كويس، فلازم تعرف إن الست عايدة دي خاينة والكلام اللي قالته إني خليتها شمّت بخور وداخت كذب، ولو مش مصدقني تقدر بكل سهولة تجيبها وتواجهني بيها.
....
عمرو كان بيسمع الكلام وهو مصدوم، كان عارف ومتاكد إن جابر مش بيكدب عليه، الست عايدة فعلا حملت وخلفت والطفل مات، وافتكر لما كان بيطلب منها إنها تنزل الطفل وهي دايمًا كانت بترفض عشان كان عندها أمل إنه يعيش، كانت مصدقه كلام جابر حتى بعد اللي حصل.
بس كلام جابر ما غيِّرش حاجة في مصيره، بعد ما جابر خلّص كلامه، بدأ عمرو يقول كلام غريب أشبه بطلاسم وتعاويذ، ومن الناحية التانية جابر كان بيحاول يحمي نفسه بطلاسم وتعاويذ هو كمان. بس في لحظة بدأنا نسمع صوت صرخات والعقارب بَدأت تخرج من بيت عمرو وتملي البلد كلها، كانت أشبه بكلاب مسعورة مش عقارب. أي حد كان بيقع في طريقهم يبقى خلاص انتهى أمره مات، ده غير النار اللي بدأت تمسك في البيوت عشان الناس تخرج وتواجه المصير اللي بره، يعني ما فيش نجاة: يا تقعد في البيت وتتحرق يا تخرج وتموت من العقارب.
ولسه المواجهة ما بين عمرو وجابر شغالة، لكن مرة واحدة ومع آخر كلمة لعمرو كل العقارب هجمت على جابر. كان بيحاول إنه ينجد نفسه لكن حرفيًا العقارب كانت بتقطعه، كان بيصرخ وبيحاول يستنجد بالجن اللي معاه لكن للأسف ما لحقش، وفي ظرف خمس دقايق كان فارق الحياة ومات. وفي لحظة كل العقارب انسحبت ورجعت مكانها كأن خلاص دورها خلص، والنار اللي ماسكة في البيوت هبطت لوحدها. ورجع عمرو على البيت والناس كلها بدأت تسيب بيوتها وتخرج بره البلد واللي مات خلاص.
لكن عمرو أول ما دخل البيت سمعنا صوت صرخات عايدة، محدش اهتم والكل كمل في طريقه للخروج من القرية، عمرو قتل عايدة وقطع جسمها.
وعرفنا إن التعويذة اللي قالها عمرو مش بس قتلت جابر دي لعنة نسل جابر كله، يعني كل اللي من نسله هيموت ومش أي موتة، موته بشعة.
ومن ساعتها وما حدش عايش في القرية دي لحد ما الموظف بتاع شركة الكهرباء جيه.. ومن بعده موظف الشحن.
بس أنا زي ما قلت أنا عرفت الناس دي ليه جت هنا.
= ليه؟
_ عشان الاتنين دول من نسل جابر، واللعنة اللي حلت على نسله هي اللي بتخلي الموظفين دول ييجوا هنا رغم إن القرية فاضية والكل عارف ده.
= طيب ما احنا جينا احنا كمان، هل ده معناه إننا من نسل جابر؟
_ لا، عشان أنتوا لو من نسل جابر كان زمانكم أموات، أنتوا بس الفضول خدّكم تعرفوا الحكاية، بس أنا بطلب منكم بلاش الحكاية دي تتحكى لحد، أنا مش عارف إيه مصيري بعد ما حكيت وممكن يكون اللي حصل في المقابر ده من شوية يكون بسبب إني حكيت الحكاية.
= طيب وبعدين؟
_ أنا هديك رقم تليفوني، رن عليا كل يوم يا يوسف، لو رديت عليك تمام، لو ما رديتش ابقى تعال شوفني جايز أكون خلَّصت.
....
خلص الأستاذ فضل الحكاية الغريبة، وأنا وأشرف ركبنا العربية ورجعنا تاني. طول الطريق كنا ساكتين، وصلته لبيته ودخلت بيتي عشان أنام. وبعد ما إجازتي خلصت رجعت الشغل من تاني وكنت كل يوم بطمن على الأستاذ فضل.
لحد ما في يوم رنّيت عليه وما رَدّش، فكلمت أشرف وبلغته بس المرة دي رفض يجي معايا وقال: لو عايز تاخد العربية خدها وروح أنت.
وفعلًا أخدت العربية. أول ما وصلت هناك كانت الدنيا هادية خالص، خبطت على بيت الأستاذ فضل مرة واتنين وتلاتة بس ما رَدّش، فاضطريت أنط من الشباك اللي على الشارع، وأول ما دخلت اتفزعت من المنظر: الأستاذ فضل كان على الأرض ميت، بوقه معووج، وعينيه لونها أسود وجلده مكرمش مليان جروح، منظر خلاني أطلع أجرى من البيت. بس وأنا ماشي سمعت صوت الصرخات من المقابر مرة تانية.
كان لازم أحكي الحكاية، مش عارف هل الدور عليا ولا لا؟ لكن أنا من يومها التزمت وقربت من ربنا واقتنعت إن الفضول بيقتل صاحبه.
...
تمت.
#محمودالأمين
تمت