رواية ذكري ويوسف الفصل الثاني 2 بقلم سلمي بسيوني
|الجزء الثاني من الحكاية|
_مش هتصحي بقىٰ؟
فتحت الستارة ودخلت الشمس فلفيت وشي الناحية التانية أخبيه عنها، قربت زينة وهزتني
_يلا قومي عندنا مشاوير.
قلتلها بصوت محشرج
_مش عايزة أروح في حتة.
قربت وبصت لوشي وعيوني إلي ورمت من العياط طول الليل.
_أنتِ منمتيش!
حركت راسي بلا فأخدت نفس طويل
_هتفضلي كدا لحد إمتى؟
شديت الغطا على راسي وأنا بقولها بخنقة
_سيبيني في حالي يا زينة.
شدتني من إيدي إلي مسكت الغطاء، قومتني فقعدت قدامها بعصبية.
_لا مش هسيبك!
دا أنا روحت بيكِ المستشفى منهارة بين إيدي!!
عايزة تروحي لحد فين تاني!
وكل دا عشان واحد ميسواش جنيه!
قلتلها بصوت مخنوق بحبس دموعي وأنا بقوم من على السرير.
_اسكتي يا زينة أنتِ مش حاسة بيا !!
قامت ووقفت قدامي
_حسسيني، فهميني فيه أيه في دماغك!
اتكلمي يا ذكرىٰ، بقالك شهر من ساعة ما رجعنا من المستشفى مبتتكلميش، بتاكلي معانا بالعافية وتجري على أوضتك تاني!
بتهربي ليه!
زعقت فيها ودموعي بتنزل
_عشان مش هتفهميني، مش هتفهمي يعني أيه تبني أحلامك كلها على الراجل إلي بتحبيه وفجأة كل دا يتهد فوق دماغك!
مش هتفهمي يعني أيه تبذلي كل وأي مجهود بس عشان تتحبي وبردو متتحبيش، مش هتفهمي يعني أيه يجي يشاورلي على واحدة ويقولي بحبها وهتجوزها !!
قعدت على السرير وحطيت وشي بين كفوفي بإنهزامية كرهتها
_أنا قلبي أتكسر يا زينة.
رفعت وشي ليها وأنا بسأل بألم:
_أنا عملت أيه طيب؟ أنا ناقصني أيه؟ اشمعنا حبها هي؟ العيب فيا أنا، المشكلة عندي مش كدا؟
جسمي كان بيترعش وأنا بعيط فقربت وأحتوتني بين إيديها وهي بتطبطب عليا.
_العيب مش فيكِ، أنتِ أي واحد في الدنيا يتمناكِ!
رفعت وشي ليها عنيها كانت مدمعة معايا
_أنا تخيلت خطوبتنا، تخيلت شكل الفستان، والقاعة والأغاني، تخيلت أيامنا سوا، تخيلت كل حاجة معاه، مش سهل يا زينة، مش سهل أتفرج عليه وهو بيحقق أحلامي مع واحدة تانية، عشان خاطري حسي بيا شوية.
شددت على حضنها وهي بتهمسلي
_أنا آسفة ...أنا آسفة.
قلت من وسط عياطي في حضنها
_مش عايزة أنزل من البيت، مش عايزة أخرج، خايفة أشوفه، خايفة أقابله صدفة حتىٰ، مش عايزة ضعفي يبان عليا، مهما حصل فيا، حتى لو أتفتفت حتت، مش من حقه يشوفني مكسورة.
_ماشي يا حبيبتي على راحتك، أهدي بس، عشان خاطري أهدي.
مع أول يوم فراق كلنا بنسأل نفسنا نفس السؤال، هو ...ليه؟
ليه حبايبنا فاتونا
المشكلة فينا؟ ولا فيهم؟
ولا في الأيام الغدارة؟
١٠٠ سؤال، كل واحد فيهم مفترس أكتر من التاني بياكل في دماغنا كل ليلة عشان يوصل لإجابة حقيقية، وكل مرة مبيلاقيش، وكل ليلة نفس الأسئلة، نفس الدوامة، لا دماغنا اترحمت من الأسئلة، ولا الإجابات إلي بنستناها بتيجي، بنفضل كدا متعلقين، لا طايلين سماء ولا أرض.
يوم ورا يوم، والأيام بتفوت وأنا في مكاني، مخرجتش من البيت من يومها، زينة معايا على قد ما تقدر وعلى قد ما يسمح شغلها ووقتها، وخالتو مش مقصرة معايا في حاجة، بس أنا لسه مش كويسة وزهقت من كوني مش كويسة.
_يلا يا حبة عيني، كلي الساندوتش دا من إيدي.
أخدته منها وبوست إيدها
_تسلم أيدك يا حبيبة قلبي.
_يسلم عمرك يا عمري.
قربت وقعدت جنبي وقالتلي بصوت حنين وهي بتمسك إيدي
_متقفليش على نفسك يا بنتي، لسه سنينك قدامك طويلة.
_صعب أوي يا خالتي، حاسة كأن فيه حد أخد حاجة من روحي وسابني ومشي.
_دا ميبقاش حب، دي تبقى خيبة.
_خيبة؟
_آه يا حيلة أمك خيبة، أختيارك مش المفروض يقسم ضهرك عشان يبقى حب، هو مين إلي فهمكم إن الحب قهر لامؤاخدة؟
_أمال الحب أيه يا خالتي؟
_الحب إن قلبك يشاور على واحد تحبي تعيشي معاه، مش متقدريش تعيشي من غيره.
_مفيش فرق على فكرة.
خبطتني في دماغي
_لا فيه فرق بس أنتِ شغلي مخك دا شوية، شريك حياتك دا مش المفروض يكون المنقذ المغوار، إلي هيجي يلحقك من دمار الدنيا، فتتسندي عليه عشان من غيره تموتي، وتضيعي وتنهاري وتدخلي المستشفى، مين إلي أقنعكم إن دا الحب جيل أيه المنيل بنيلة دا؟!
سرحت وهي بتتكلم وبتكمل كلام
_الحب إلي بجد إنك تبقي واقفة على حيلك، قادرة على الدنيا، كنتِ عارفة تعيشي من قبله عادي بس اختارتي تكملي العمر معاه، من ضمن ١٠٠ اختيار، شركاء في الحياة والأحلام والأيام، مش أكسجين متقدريش من غيره تعيشي، مش كرسي متحرك حياتك من غير زقته واقفه.
سكتت شوية ورجعت قالت عشان توضحلي أكتر
_يعني وجودة مش ضروري عشان تعيشي، بس ضروري عشان تكملي الحياة، عشان تنجحي معاه، تكبري وإيدك في إيده، تضحكي معاه تنوري في حضنه.
فاهمة أنا بقول أيه؟
يعني لما تيجي تختاري بجد بعيد عن الرجالة الكسر، تختاري الراجل إلي تحبي تكملي معاه، مش إلي متقدريش تستغني عنه.
أخدت نفس طويل بحاول أفكر في كلامها، مش دا إلي أعرفه عن الحُب، مش دا إلي كبرت فهماه، جالها تليفون وقامت ترد عليه ففتحت تليفوني بقلب فيه، لقيت في رسالة على جروب العمارة، كان هو ...باعت دعوة خطوبته، يعني بجد بيحبها !! اختارها هي !
حطيت إيدي على شفايفي أكتم صوت عياطي، لفيت طرحة سريعة وحاولت أهدي صوتي، جاهدت عشان يطلع طبيعي وقلت لخالتي وهي في المطبخ
_خالتي أنا طالعة أشم شوية هوا.
_ماشي يا حبيبتي، خدي شال عليكِ الجو بقى بيسقع بليل.
مسمعتش بقيت كلامها طلعت من الشقة وقفلت الباب ورايا لقيته قدامي، إلي خفت منه حصل، الدموع كانت جامدة في عيني، شكلي مرهق، تحت عيني داكن من قلة النوم، خاسة ودبلانة، وهو كان مبسوط، بيتكلم في التليفون وبيضحك، سكت أول ما شاف شكلي، عنيا المجهدة وشكلي التعبان.
قاومت كل حاجة، خوفي وزعلي ووجع قلبي عشان كرامتي بس، عشان ألحق الباقي منها
ابتسمت ابتسامة مرهقة وقلتله
_مبروك، ربنا يسعدكم.
_الله يبارك فيكِ يا زوزو.
بلعت ريقي وقلت وشفايفي بتترعش:
_اسمي ذكرى، مش عايزة أسمع منك زوزو دي تاني.
هز راسه بحاضر فاتحركت وعديت من جنبه عشان أطلع السلم، مسك إيدي فشديتها منه
_أنتِ لسه زعلانة؟
_ولا تمسك أيدي، ولا تتكلم معايا.
أخد نفس طويل وقال:
_ذكرىٰ أنا ..
_هو القلم إلي أخدته مش مكفي ولا أيه، محتاج غيره؟
بان الضيق على وشه فرفعت صباعي في وشه وقلتله:
_أحفظ حدودك معايا، وأوعى تتخطاها.
الحدود، الفكرة كلها في الحدود، إحنا إلي بنرسمها، وإحنا إلي بنسمح للناس تتخطاها وتأذينا، كأننا أعداء نفسنا، الحدود بتحمينا، من التعلق والألم والوجع إلي بنحس بيه بعد الفراق، الحدود بتطمن، بترجع إلي قدامنا خطوة وتخليه يفكر قبل ما يقول كلمة أو يعمل أي فعل، مجاش في بالي غير كلام زينة عن الحلال والحرام، والحدود إلي تعديتها عشان أعجبه، أخرج حتة من شعري برا الطرحة، أغير استايلي الواسع عشان أجاري دماغه بالبس الضيق إلي شايفه شيك، الميكب التقيل، ونص دراعي إلي كنت بسيبه مكشوف، كل حاجة جت بالتدريج، سمحتله يتخطى حدوده ويعدل فيا على مزاجه، وتخطيت أنا حدود ربنا وغيرت في مبادئي، تخطيت قناعاتي وإلي برتاح فيه وشخصيتي وإلي بتحبه، عشانه، عشان أشوف الحب في عينه، وفي الآخر خسرت، خسرت مبادئي، حبي لنفسي، واحترامي ليها، ومكسبتهوش.
وصلت لآخر سلمة ودخلت السطح، أول حاجة عيني جت عليها القعدة إلي كنا عاملينها سوا، المجات إلي كنا بنشتريها مع بعض، أكياس القهوة، والسبرتاية، القعدة الي شهدت على كلامه الحلو، حنيته واهتمامه ورغيه وسهرنا سوا على أغاني أم كلثوم.
كل دا كان كدب، وقت وبيقضيه؟
النار مسكت في قلبي، حسيت أني هنفجر من الغضب، مسكت عصاية معدن كانت مسنودة على سور السلم، قربت وكسرت كل حاجة، دشدشت المجات والكراسي والقعدة بحالها، مخلتش حاجة سليمة، وقفت أخيرًا وأنا بنهج بعنف، قعدت على الأرض وسندت على السور ورايا والدموع بتنزل من عيني وأنا باصة لحطام الحاجة المكسورة، هي دي أنا، حطام.
_ذكرىٰ أنتِ كويسة! أي إلي حصل!
كان صوت زينة، طالعة بتجري على السلم مرعوبة، بصت على الحاجة إلي كسرتها وقربت قعدت جنبي على الأرض، ومسكت إيدي
_كويسة؟
حركت راسي بلا وأنا سرحانة في الحطام إلي قدامي، قلت بعدها بصوت هادي بيترعش:
_أنا عارفة أني غلطانة على فكرة، عارفة أني غلطت في حاجات كتير عشان نكون سوا.
مسحت بإيديها على راسي وأنا بكمل كلام
_بس بذلت كتير أوي، كتير لدرجة تخليه يقدر محاولاتي، يمد ليا إيده، يشوفني!
ليه يا زينة؟ رمى المحاولات دي كلها ليه؟
_عشان هو مش راجل سليم، عشان هو لو بيقدرك وبيحبك مكنش سمحلك تغيري في نفسك عشانه، عشان الراجل المحترم لو حب مبيشكلش حبيبته على كيفه، مبيغيرهاش عشان تبقى على مزاجه، الراجل المحترم لما بيحب بجد بيحترم حبيبته وبيطلبها في النور، بيشيلها في عينيه ومبيطيقش عليها النسمة، مش بيجرحها هو بنفسه، هو محبكيش، مش ليكِ، مش نصيبك يا ذكرىٰ.
مسحت دموعي وسألت المرة دي سؤال حقيقي
_لما هو مش نصيبي قابلته ليه، حبيته ليه؟
_عشان تتعلمي إن مفيش حد يستاهل تكسري حدودك عشانه، ولا تتنازلي عن قناعاتك و شخصيتك ودينك عشان خاطره.
وعشان تتعلمي إن إلي بيحب ذكرىٰ هيحبها عشان هي ذكرىٰ، مش عشان هي عروسة لعبة كل حاجة فيها مش حقيقية ولا صح.
حركت راسي وسكت، هي عندها حق في كل كلمة، بس إحنا كدا، مبنتعلمش كدا عادي، لازم ضهرنا يتقطم ونفقد مشاعرنا عشان نتعلم، ساعتها فهمت إن دروس الدنيا مش ببلاش، كل درس ليه ثمن، والدرس دا بالذات كان ثمنه غالي أوي، كان ثمنه قلبي.
.
.
_مش فاهمة لازمته أيه النزول.
_عايزين نغير جو، كفاية نكد بقى، خلينا نخرج كدا ونشم هوا ونطلع من جو الأوضة الكئيب دا.
_طيب يا ست المنقذة.
خرجنا من العمارة وكنا هنعدي الطريق فنادى علينا البواب
_أيه يا عم عبده.
_كنت على السطح من كام يوم يا ست ذكرى، لقيت القعدة بتاعتكوا متبهدلة على الآخر، أصلحهالكوا؟
حركت راسي بلاء فكشر
_أصلحهالك أنا أحسن من الصنايعي، دا هياخد فيها ...
قاطعته وأنا ببتسم:
_لا يا عم عبده كتر خيرك، دي كراكيب، محتاجة تترمي مش تتصلح.
طبطبت زينة على ضهري وهي بتبتسم
فسأل البواب بحرج
_طب كان في وسطهم كيسين قهوة كدا يا آنسة ذكرى ينفع أخدهم.
ابتسمت في وشه
_أكيد يا عمو، بالهنا على قلبك.
_الله يهنيكِ يا بنتي
يارب يا عم عبده، يارب.
كان يوم حلو، زينة حاولت تخرجني من حزني على قد ما تقدر، وفي آخر اليوم سألت سؤالها المعتاد آخر فترة بسبب صمتي إلي محيرها
_ها في أيه في دماغك؟
_خطوبته كمان أسبوع، مكنتش متخيلة أنه هيبقى بسرعة كدا، هيخطب وينسى أني كنت في حياته.
_بسرعة أيه؟ عدى شهور يا ذكرىٰ.
_الشهور بالنسبالي مش حاجة، بس واضح أنهم كتير أوي بالنسباله.
_كنتِ مستنية منه يندم يعني؟ وعرق الرجولة يضرب في دماغة ويجي يعتذر ولا أيه؟
سِكت فكملت
_هو مش شايف أنه غلط في حاجة، ومش شايف أنه كسر قلبك.
_هيعيش حياته ويكمل عادي، ولا كأنه كسر قلبي.
قالتلي بصراحة
_آه هيكمل، ولا هيفكر فيكِ، أنتِ بقى هتعملي أيه؟ هتفضلي واقفة مكانك مستنية اعتذار؟
_أنا فعلا محتاجة اعتذار، محتاجة أفهم ليه محتاجة أجابات.
_مش هيعتذر، ذكرىٰ هو لو أنتِ رايحة مشوار؛ وجه واحد خبطلك العربية وعطلك وطلع يجري، وأنتِ مش طيلاه، ولا عارفة تتصرفي، هتطلعي تجري وراه على رجلك عشان تسأليه عمل كدا ليه؟ ولا معلش اعتذر لي الأول عشان أعرف أكمل طريقي؟ ولا لاء من فضلك إندم شوية عشان قلبي يرتاح؟
اتنهدت ورديت عليها
_أكيد لاء، لازم أكمل.
_بالظبط، لازم الحياة تمشي، سيبتك فترة كبيرة تاخدي وقتك في الزعل بس أكتر من كدا غلط، أكتر من كدا مش هتعرفي تقومي تاني.
_طب وبعدين؟ هعمل أيه؟
_هتكملي طريقك، هتلمي جرحك وتعالجي روحك، وتقفي على رجلك، الدنيا مش هتقف وتستنانا يا ذكرىٰ، مش هنعرف نوقفها على ما نهدى، أو ناخد نفسنا أو نقعد نعيط.
ابتسمت لها فكملت كلام بحماس:
أخدنا وقتنا؟ عيطنا وهدينا؟ خلاص معدش وقت، مفيش طريقة غير إننا نحاول تاني، نقوم ننفض تراب الأحزان ونكمل طريقنا، نشوف الدنيا هتقولنا أيه، ونركن قلبنا شوية عشان ميوديناش في داهية ونشوف حياتنا.
_حياتنا، هي كان فيها أيه حياتنا؟
_الرسم، ما ترجعي ترسمي!
_أنتِ بتهزري!
_لا بتكلم بجد على فكرة، كملي حياتك من ساعة ما وقفت، بقالك قد أيه مرسمتيش؟
اتكسفت من نفسي ومنها، ورديت
_من بعد معرفتي بيه بفترة.
لسه واخدة بالي دلوقتي إن حياتي كانت فاضية، مفيهاش غيره، لغيت كل حاجة من غير ما أحس، كأن حياتي كانت بتدور حواليه، ليه نسيت نفسي كدا، أنا ... متخرجة من فنون جميلة بتقدير كويس، كنت برسم حلو أوي، أعرف شوية في الجرافيك، أشطر واحدة تنظم رحلات، ضحكت لما افتكرت الرحلات إلي كنت بنظمها، وقد أيه بكون مبسوطة بيها، سهرت ليلتها على صوري القديمة، صور ذكرىٰ من غير تعديل عليها، من غير ما تزيف ضحكتها ولون وشها وعيونها.
أدركت هنا أني محتاجاني، محتاجة أرجع لذكرىٰ، محتاجة أوقفها على رجلها تاني.
بعد كم يوم سمعتهم في الصالة بيتوشوشوا بيتكلموا عليه وعلى الخطوبة
_لا أكيد مش هنروح، مش هينفع.
طلعت في نص الحوار فاندهشوا من وجودي
قعدت جنب خالتي وقلت:
_لا هنروح.
_عايزة تروحي فين يا حيلة أمك؟
_هنروح الخطوبة.
_أنتِ أتهبلتي يا بت؟
_بقولك أيه ملكيش أنتِ دعوة بالكلام دا، هو مش المفروض هتوجبي مع أمه؟
_آه المفروض.
_خلاص هنروح، قومي أعمليلنا عصير يروق دمنا يا حلوة أنتِ يا قمر وسيبيلنا أحنا الحاجات الهايفة دي.
زغزعتها فشتمتني وهي رايحة ناحية المطبخ فبصتلي بنتها نفس النظرة ما شاء الله
_نعم يا حبيبتي؟
_عايزة أقفل الباب دا خالص، عايزة ميكونش فيه ولو ربع أمل أو انتظار، ودا مش هيحصل غير لما أروح.
_هيبقى صعب عليكِ.
_وهو أيه في الدنيا سهل؟
هزت راسها ومسكت إيدي
_أنا جنبك، مش هسيبك.
_وأنا من غيرك مش عارفة كنت هعمل أيه.
حضنتها وأنا بحمد ربنا عليها من كل قلبي
في جملة لمريد البرغوثي فكراها كان بيقول:
"هناك دائماً يدُ، لولا انتباهها نموت"
واليد دي إيد زينة.
يوم الخطوبة كنت بقدم رجل وبأخر رجل، خايفة أوي ومازلت مترددة، حتى وأنا في الطريق.
رؤية مخاوفك بتحقق أكتر شيء مقبض في الدنيا، بيخلينا عايزين نهرب، نجري، بس أنا المرة دي رايحة لمخاوفي برجلي، عشان أواجهها، وأبطل أخاف منها، عشان أتقبلها، وأقدر أعيش بعدها من غير ما الدنيا تتهد على دماغي.
بصيت لنفسي في المراية إلي قدام القاعة، رجعت ليها في شكلها، البنت أم قلب دهب، ذكرىٰ.
حجاب أنيق مع لبس كاجول وجيبة واسعة، لبسي المريح إلي بحبه.
دخلت القاعة وأنا بترعش، قلبي بيضرب زي المجنون، شفته ماسك إيديها وبيرقصوا، لما شافني وسط الناس ارتبك، مكانش مستنيني، عينه قلقت بس حاول يخبي دا بسرعة ويندمج معاها، وقفت شوية لحد ما بدأ نفسي يضيق، وزعلي يبان عليا، حسيت بوجع في رجلي، بصيت عليها لقيت أني نسيت ولبست هيلز، أخدت نفسي بصعوبة عشان مدمعش، وخرجت برا القاعة بهدوء عشان محدش ياخد باله
نفسي كان تقيل وعيوني ظهرت فيها الدموع، وقفت قدام سور بيطل على النيل وأنا باخد نفسي، سمحت لدموعي تنزل أخيرًا، وأنا بطبطب على نفسي.
_ مالك!
لفيت وشي ملاحظتش ملامحه غير لما مسحت دموعي، الراجل إلي قابلته في الكافيه بعد الفرح، هو ومناخيره الكبيرة، تأففت وبصيت قدامي.
_خير أنت كمان!
_أنتِ لمضة كدا على طول ولا عشان في المرتين إلي شفتك فيهم كنتِ بتعيطي؟
_لأ هو أنا كدا على طول.
ابتسم ووقف جنبي ساند على السور وقال:
_مع أن شكلك كان غلبان أوي وأنا موصلك للمستشفىٰ.
بصيتله بدهشة:
_أنت إلي وصلتني المستشفىٰ
حرك راسه بآه وهو بيرد
_ اتورطت فيكِ بقى هنعمل أيه؟
_متشكرة عامة.
_العفو عامة، عاملة أيه دلوقتي أحسن؟
قلت بإستهزاء ضحكني قبله
_آه طبعًا أحسن أهو، مليانة طاقة وفرحة دا أنا كنت بوزع ورد هنا من شوية شكلك ملحقتش.
_لا ملحقتش أنا جيت على فيلم أمينة رزق.
_تعرف أنك رخم؟
_عارف عارف.
_أنت بتعمل أيه هنا بقىٰ.
_أنا هنا في خطوبة كلاينت عندنا في الشركة.
_أحمد حسني؟
_هو بعينه.
أخدت نفس وأنا ببص للنيل فسأل
_كنتِ بتعيطي ليه؟
_وأنت مالك!
شتم في سره وقال في العلن
_تصدقي أنا غلطان أنا إلي...
قاطعته وقلت:
_الهيلز وجعالي رجلي.
بص عليها ورجع بصلي
_اقلعيها.
_طب لو بحبها.
_حتى لو بتحبيها دي بتأذيكِ، مينفعش تتمسكِ في حاجة بتأذيكِ.
_طب والذكريات؟
بصلي وهو مش فاهم حاجة، دماغة نورت وبدأ يفهم، بص على باب القاعة وقال
_واضح إن الجزمة بتخطب.
ضحكت بصوت ومقدرتش أمسك ضحكتي وأنا بهز راسي بآه.
_أتاري صاحبتك طول الطريق عمالة تسب وتلعن في واحد اسمه أحمد.
_بجد؟
_آه والله من كتر الشتايم إلي أتشتمها قلقت عليه قلت زمانة بيمـ.وت دلوقتي طلع مقضيها أهو.
سكت وهو بيضحك وسكتت وأنا ببص للنيل
_التخطي صعب، والأصعب منه أنه لسه مش أكيد، والأمل فيه مش قوي.
_بتتنفسي؟
أخدت نفس طويل وأنا بصاله بإستفسار
رد بإبتسامة
_يبقى أكيد في أمل.
_طب ولو فشلت.
حرك كتافه
_عادي كلنا بنفشل، بنقع ونقوم، أهم حاجة منبطلش نحاول.
ابتسمت وشكرته بعنيا، وطيت وبصيت للهيلز ومديت إيدي وفكيتها، قلعتها ولمست رخام الساقع وأخدت نفس طويل.
شيلت الفردتين في إيدي ومشيت حافية، شكرته مرة تانية بإبتسامة ممتنة وأنا راجعة للقاعة
_رايحة فين؟
_عندي خطوبة أكملها.
رجعت دخلت القاعة وأنا حافية
قعدت جنب خالتي وميلت على كتفها، شافت رجلي فسألت
_جزمتك فين يا ذكرىٰ.
_قلعتها يا خالتو، تعبتلي رجلي، وأنا محتاجة أرتاح.
مدت إيديها وحضنت ضهري
هي مبتسمة وأنا بحاول أبتسم، بلعت غصتي وابتسمت وأنا شيفاه من بعيد بيلبسها الدبلة، وأنا بقفل الباب المرة دي بأكبر قفل، قفل أستحالة يتفتح مرة تانية
التخطي قرار، وأنا قررت أعيش، مش عارفة الدنيا هتظبط ولا لاء، بس إلي أعرفه أنها مينفعش تقف، وأني لازم أتحرك، أتحرر، وأحلم مرة تانية.
#يتبع
#ذكرىٰ_و_يوسف
#سلمىٰ_بسيوني
