رواية زياد (كاملة جميع الفصول) بقلم مجهول
....... يحكى في قرية صغيرة كانت تعيش حليمة مع زوجها مصطفى وولديها وحيد وزياد
كان الولدان صغيران ولم يدخلا المدرسة بعد
فوحيد عنده خمس سنوات ونصف وزياد سبع سنوات إلا بضعة أشهر وكان الزوج مصطفي عاملاً بسيطاً يكسب قوته يوم بيوم لينفق على أسرته الصغيرة لذا لم يدخل الطفلان رياض الاطفال كأقرانهم في القرية
ولكن حتى هذه الحياة البسيطة لم تدم فقد سقط الأب مريضاً فجأة وهو ينقل الطوب على كتفه لسطح إحدى العمارات التى تحت الإنشاء ولعدم توفر المال لم يستطع الذهاب للطبيب لذلك لم يبق إلاّ أياما قليلة تُوفي بعدها نتيجة الجلطة التى حدثت له ولم يعلم بها أو يعالجها لضيق اليد
وبسبب موت الأب المفاجئ اضطر الطفلين للعمل عند أحد الميكانكية الذين يصلحون السيارات بأجر زهيد من أجل الانفاق على نفسيهما وولدتهما ولم يكن المال يكفي إلاّ لتوفير الطعام الضروري ومازاد الطين بلّة أن البيت كان بالإيجار ولم تستطع الأم الفقيرة دفع الإيجار لمدة ثلاثة شهور بعد وفاة زوجها فظل صاحب البيت يطالبها كل شهر بالدفع ويخيّرها بين السداد أو إخلاء الشقة
حاولت حليمة طلب المساعدة من أخوتها وأخوة زوجها
ولكنهم ساعدوها في البداية لدفع شهرين من الإيجار ثم تخلو عنها فقد كانت زوجاتهم يقفن لهم بالمراصاد
ويقلن لهم كيف ينفقون اللأموال على حليمة وأولادها بينما أولادهم أولى بالمال؟
لذا أمتنع الجميع في النهاية سواء من اقاربها أو أقارب زوجها من الإنفاق عليها بينما ظل المالك يطالبها بباقي الإيجار وهي لا تملك منه شيئاً
فحاولت أن تطلب المساعدة ممن تعرفهم مرة آخرى
ولكن الجميع كانوا قد ملّوا منها وتنكروا لها
وأخبروها أنهم لا يستطيعون إعالتها هي وأولادها مدي الحياة فالعيشة أصبحت صعبة على الجميع فهم يوفّرون احتياجاتهم واحتياجات أسرهم بصعوبة وعليها أن تعمل وتعتمد على نفسها
ولكن كيف وهي لا تحمل شهادة وأهلها الذين رفضوا مساعدتها هم أنفسهم رفضوا أن تعمل بالخدمة في البيوت خوفاً على مكانتهم وسط أهل القرية
فقررت حليمة قرارًا صعباً بعد أن تراكمت عليها الديون
وهو أن الإنتقال لمدينة آخرى تستطيع العمل فيها ولو خادمة دون أن يعلم أحد عنها شيئاً ولا يتوصل الدائنون إليها
في المساء جمعت ثيابها هى وابنائها في حقيبتين وانطلقت تحت جنح الظلام لمحطة القطار
وركبت هى وطفليها على سطحه العلوي كما يفعل الكثيرين عندما لا يملكون المال برغم من خطورة الأمر حتى لا تدفع مال التذاكر الذي لا تملكه
وبعد إنتهاء الرحلة الخط.يرة تنزل هي وولديها في محطة حين يتوقف القطار وبعد وصولهم للمحطة
جلست حليمة على رصيف المحطة هي وأولادها لا تدري ماذا تفعل ولا أين تذهب؟
ولكن وحيد الطفل الصغير طلب من أمه طعاماً لأنه جائع
تنظر حليمة في حقيبة يدها فلا تجد سوى عشرة درافتقول لابنها:
يا زياد أبقي مع أخيك هنا ولا تتحركا من المحطة حتى أحضر لكم رغيفين وبعض الطعمية لتأكلا
يجلس زياد بجوار أخيه على الحقائب منتظرا والدته حتى تشتري الطعام وتعود
ولكنه يشعر برغبة ملحّة في دخول الحمام
قال زياد لأخيه الصغير وحيد ابق هنا يا وحيد لتحرس الحقائب حتى أدخل هذا الحمام وأعود سريعاً فلا تتحرك من مكانك
قال وحيد خذني معك أنا خائف
قال زياد انظر الحمّام قريب جداً سأدخل وأخرج بسرعة فلو حضرت معي قد يس.رق أحد حقائبنا ولا نجد شيئاً نلبسه
قال وحيد أنا خائف يا أخي انتظر حتى تحضر أمي ثم اذهب
قال زياد لو بقيت أكثر من ذلك سأتبول على نفسي
وأنت رجل والرجال لا يخافون،أليس كذلك
ثم يجري زياد و يدخل الحمام ولكن أحد العاطلين الذين يعملون في مهنة التس.ول وخطف الصغار كان يراقبهم
فيأتي ويجلس بالقرب من وحيد ويعطيه قطعة من الشكولاته
قال عباس خذ ياصغير
قال وحيد: هذه الحلوي لي
قال عباس نعم أنها لك ولو أتيت معي سأعطيك المزيد منها فأنا أتاجر بها
قال وحيد حسناً أريد واحدة لأخي زياد
قال عباس حسناً تعالى اركب معي القطار فلقد تركت العلبة هناك
يذهب وحيد مع الرجل ويركبان إحدى عربات القطار الذي يتحرك على الفور بينما وحيد كان قد تخ.در بعدما أكل قطعة الشكولاته فيحمله عباس ويضعه على قدميه
بينما القطار ينطلق بهم نحو مدينة أخرى
حيث يوجد المكان الذي يدرب فيه عباس الأطفال على الس.رقة والتس.ول
بينما يجد أحد اللص.وص الحقائب دون حراسة فيقوم بسر.قتها هي الآخرى
تعود الأم حاملة رغيفين وكيس صغير به بعض الطعام وعندما تنظر للمكان الذي تركت فيه ولديها
لا تجد الطفلين ولا الحقائب فتسأل المارة عنهما وهي مذ.عورة فلا أحد يجيبها بجواب يطفئ الن.ار
المشت.علة في قلبها
بعد دقائق مرةً على حليمة كأنها دهر يظهر زياد بين المسافرين ويجري نحو أمه
تحتضنه حليمة الحمد لله أين كنت يابني لقد كاد عقلي يطير
قال زياد ذهبت للحمام فلم أستطع الصبر حتي حضورك
ولكن أين الحقائب
قالت حليمة ياويلي يبدو أنها سر.قت ولكن لا يهم مادمت أنت وأخوك بخير أين وحيد ألا يزال في الحمام؟
ينظر زياد حوله لا ياأمي هو لم يذهب معي ولقد تركته
بجوار الحقائب ليحرسها حتى أنتهي
تهز حليمة ابنها من كتفيه لا يوجد أحد في المكان الذي تركتكم فيه ؟ لماذا تركت أخوك ولم تأخذه معك؟
قال زياد لقد طلبت منه ألا يتحرك من هنا و قد جلس فوق الحقيبة حتى لا تسرق ولم أغب غير خمس دقائق فقط ياأمي
قالت حليمة لماذا يا زياد فعلت ذلك لقد ضيعت أخاك الصغير ألم أطلب منك عدم تركه بمفرده أين سنجده الآن وسط هذا الزحام أنه صغير وربما ركب قطارا من القطارات التى انطلقت منذ قليل ومن يدري أي قطار قد ركب من بين تلك القطارات
قال زياد ربما لم يركب أي قطار يا أمي وقد يكون هنا في المحطة تعالي لنبحث عنه
قالت حليمة لو أننا في محطة قريتنا لكنت قلت أنه عاد للمنزل أو وجده أحد من أهل القرية فأخذه فالكثيرين هناك يعرفونا ولكن هنا في محطة لا أحد يعرفنا ولا هو يعرف المكان هيا تعالى لنبحث عنه ولكن لا تبتعد عني كثيراً
ولو افترقنا تعالي وانتظرني عند هذا المحل ثم تشير له على محل بقالة بواجهة زرقاء
قال زياد حسناً يا أمي
يجري زياد شمالا ويمينا ويسأل هذا وذاك عن أخيه الصغير الذي لا يملك حتى صورة له ولكنه لا يعثر عليه ولا يجيبه أحد بجواب شاف
وتظل حليمة وزياد يسئلان الناس طوال الليل في المحطة حتى غادرت جميع القطارات وخلت المحطة تقريباً من المسافرين ولكن الطفل لم يظهر كأن الأرض انش.قت وابتلعته
تجلس حليمة تبكي على رصيف المحطة وتندب حظها قائلة:
آه ياولدي الصغير لو أنه مات أمام عيني لكان أهون عليّ من فقده فعلى الأقل كنت سأعرف مكانه أما الآن فلا أعلم أين ذهب وهل هو جائع أم شبعان؟
هل سيشفق عليه أحد ويغطّيه في هذا البرد أم لا؟
هل سيرحمون برائته أم سيتاجرون في أعض.ائه كما هو منتشر هذه الأيام أو ربما يقت.لونه للحصول على الكنوز المدفونة فلقد حدث هذا مرة في بلدنا ياويلي أين أجد طفلي يارب احفظه لي ولا تحرق قلبي عليه
وبينما هي تبكي وتندب حظها تسمع صوت معدة ابنها زياد
فتتذكر رغفين الخبز التي أحضرتهم معها فتعطيه واحدا وتشرع في أكل الآخر ولكنها تتذكر أن وحيد طفلها المفقود هو من طلب الطعام لأنه كان جائعاً فتنهار من البكاء وتسقط اللقمة من فمها على الأرض
#قصة_زياد
