رواية بنات ورد الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم رشا عبدالعزيز
❣️بنات ورد❣️22
التزمت الصمت تطالعه وهو يتناول طعامه بوجه عابس لازالت أنفاسه متسارعة وكأن ثورة غضبه لم تنفذ بعد
اخفضت عينها نحو طعامها وحاولت ان تكسر هذا الصمت لتقول بصوت خافت
-أسفة
التقطت مسامعه الكلمة ليرفع نظره نحوها وقطب حاجبه يسألها عله كان مخطئ فيما سمع
-أنتِ قولتي أي؟
رفعت عينها نحوه ببطئ
-أنا أسفة أنا السبب…
قاطعها بحزم ينهي استرسالها و يؤنبها
-السبب بأي هو أنتِ عملتي أي؟
وبصوت أمتزج به الحزن بالحرج أجابته
-أنا السبب في مشكلة المستشفى
-أنتِ مراتي ياشمس وأنا دافعت عن مراتي يعني دا واجبي وبعدين انت عملتي الصح انت ملكيش ذنب
كانت تسمع كلماته التي يرددها بعين صادقه لامست شغاف قلبها لقد افتقد هذا الشعور منذ زمن بعيد منذ ان فارقت يدها يد والدها في ذلك اليوم المشؤوم لتجد لسانها يجود بما فاض به قلبها
-متشكره يافارس
رغم مشاعر الغضب التي لازالت تسيطر عليه لكن تلك الكلم تسللت لقلبله تطفئ نيرانه كغيث تسقي صحراء قلبه المتعطشة أبتسم
قائلاً
-يابنتي بقولك مراتتتي …مراتتتي …
قال كلماته الأخيره بصوت عالي نسبينا جذب انتباه من حوله لتجدهم يلتفتون ويحدقون بهم بفضول
أمسكت يده توقفه وهي تلتفت يمنيناً ويساراً تطالع الناس المحدقين بهم بحرج وتمتمت
-بس يامجنون هتفضحنا
انتبه لنفسه وكأنه تنبه الأن لارتفاع صوته ليلتفت معتذرا للناس المحدقين بهم وهو يبرر معللاً فعلته
وهو يهز رأسه ويرفع يده التي تمسك يدها
-مراتي
حدجوه بنظره اشمئزاز وهم يعودون إلى ماكانو يفعلون لينظر نحوها يجدها تكتم ضحكتها على مظهره
-بتضحكي يعني عجبك الي حصل
استمرّت بالضحك لتومئ له رأسها موافقه ليضحك هو ايضاً وضغط على يدها التي يمسكها وفي هذه اللحظه التقت عينه بعينها تحدثها بلغه مختلفه لغه عيون عاشقة كأنها تعانقها تحكي لها قصة حبها أرتبك وسحبت يدها
بحرج وعادت تنظر نحو طبقها تتحاشى نظراته ليبتسم بخفوت
*******************************
شهر مضى على تلك الأحداث
كانت تجلس تشاهد لقائه على التلفاز وعينها العاشقة ترى أميرها البعيد اليوم هو أكثر وسامة يتحدث بلباقة وعلميه أثارت إعجاب محاوريه
تبسمت بحسرة وهي تتذكر كلام سماح ومدحها له وكم أنه شخص محترم يرسم حدود لعلاقاته ويتعامل بلطف مع المرضى كانت سماح تحدثها بأنبهار عن المرضى الذين أصبحو اليوم بتزايد وكيف أنهم يمتدحونه
ثم توقفت ذكرياتها عند كلمة
-أنت محظوظه ياندى بجوزك
وكأن سماح ضغطت على جرحها النازف ليزداد ألماً ماذا تقول أتخبرها أنها تراه أكثر منها أتخبرها أنها
تراه عبر شاشة التلفاز وهو يبعد عنها مسافه قريبة
سعيه خلف مستقبله أخذ منه كل وقته وترك لها الفتات يعود متعبا فيخلد للنوم حتى وجبات الطعام لم يعد يشاركها بها يطلب منها إحضار الطعام إلى العياده لسعت عينها الدموع شوقاً له وحسرة على حياتها
التي تمنتها وحلمت بها ضحكت مستهزئه اليوم هي تمتلك الرفاهية والمال لكنها تعيش حياه رماديه بلا ألوان حياه بلامذاق باهتة
رن هاتفها معلناً وصول رسالة التقطته تنظر عبر الشاشه لتجد رساله من رقم مجهول فتحتها لتصعقها الدهشه وهي تقرأها
-كنتي مفكره لما تعمليلي بلوك هتخلصي مني أنا أقدر أوصلك بأي طريقة شكلك مش سعيدة في الجواز الحزن مالي عنيك
ألقت الهاتف بعيداً عنها وضمت قدمها نحو صدرها بخوف وكأن هذا الشخص عزمت على اخبار طارق بمايحدث فلن تسكت بعد الان يجب ان تعرف من صاحب الرسائل
**********************************
شهقت بفرحة وهي تجذب يده نحو محل الايسكريم وهو يتبعها بخطى ثقيله معترضاً
_انت مجنونه يابنتي آيس كريم في الشتا
جذبت يده بعناد تصر عليه ان يتبعها وتقول محاولة اقناعه
_ تعالى بس مره وحده مش هتضر وصدقني مش هتحس بالبرود
حرك رأسه بقلة حيله وهو يسير خلفها
_أمري الله هنشوف أخرت
جنانك أي
أشتري لها ماطلبت رغم رفضه للفكرة ألتقطت منه الايس كريم ولعقته تستطعمه ليمتعض وجهها فلم يعجبها مذاقه استدارت نحوه تنظر له وهو يدفع النقود للبائع يقترب منها لتباغته وتختطف منه الايس كريم خاصته وتعطيه
الأخرى. ضل متفاجئ ينظر لما تفعل بعد انه أعطته الايس كريم ليسألها بأستهجان
_أنتِ بتعمل اي؟
اجابته وهي تلعق الايس كريم بتلذذ
_معجبنيش الفانيلا... خذها انت وانا هاخذ الكاكاو بتاعتك
امتعض وجهه بأنزعاج مصطنع وقال مستنكراً
_ياسلام مش انت الي اختارت الفانيلا
التفتت نحو وقالت مستمتعه بطعم الايس كريم
_طعمها حلو زياده وانا مابحبش السكر العالي
ثم رفعت كتفها بلامبالاة
_وأنت بتحب السكر
تنهد بضيق مستسلماً وهم بتناول الايس كريم ليتنبه انها قد جربتها قبله ولامست شفتيها ليبدأ تناولها مبتسماً
يتخيل مايتمناه قلبه ويتوقف لتجربته
ثم ضحك بشده وهو يتخيل
ماذا تفعل به لو علمت بماذا يفكر
التفت نحو تنظر له بحاجبين معقودين تساله
_فيه اي بتضحك على اي؟
ليجبها من بين ضحكاته
_لا ابداً بس أفتكرت نكته قديمه
نظرت له نظره جانبيه فلم تصدق حديثه وررددت حديثه بستهزاء
_نكتة قديمة ماشي
انهو تناول الايس كريم ليبدأ بسعال ليهتف يلومها
_عجبك كده أهو بوادر البرد بانت أهو
ضحكت بخفوت تستهجن كلامة
_يعني أي السرعه دي تأكل من هنا تمرض من هنا مناعتك زيرو يابني
.
اغضبته كلماتها ليقول بأنزعاج
_ الحق عليا ماكانش لازم أسمع كلامك
_يابني خلاص مفيش حاجة ماتخفش
نظر لها بوجه محتقن وقال بحده
_يلا خلينا نوصل للكراج خلاص قربنا نوصل
توقفت في مكانها وقالت بتعب
_لا خلاص أنا مش قادره أمشي هستناك هنا
نفخ أنفاسه بضيق وقال يعاتبها.
_مش أنت الي خليتنا نمشي ساعتين
ابتسمت على حنقه
وهو يسير يتمتم بكلمات متذمراً ومبعتداً عنها
وقفت تنتظره بعض الوقت
تنفخ الهواء على يدها وتدعكها ببعضها بعد أن بدأ البرد يتسلل لجسدها
تملكها الخوف وهي تجد شابين يقتربان منها يطالعانها بنظرات عابثه.
_شكلك بردانه ياحلوه أنا ممكن ادفيكي
قالها أحدهم وهو يغمز لها ويعض شفته بطريقه وقحة ضايقتها لتستدير وتمشي بضعة خطوات متعبه وهي تشعر أنهم بدأو يتتبعونها
ويلقون على مسامعها كلمات بذيئه أسرعت خطواتها محاوله الهرب وقلبها يرتجف بخوف تدعو الله أن يخلصها
استمرو بتابعها حتى حاول أحدهم ان يمد يده ليجذبها
لتشهق بهلع صارخة قبل أن تشعر به يمسك الشاب يلكمه
عده لكمات شحب وجهها بخوف عندما وجدت الاثنان يتعاونان على ضربه وهو يضربهم مع تفاديه ضرباتهم
صرخت تنادي إسمه بخوف
_فارس... فارس
ثم بدأت تلتفت يميناً ويسارًا تستنجد بالمارة
_الحقونا... ساعدوني ياناس
وضعت يدها على فمها وارتعشت جسدها كما أرتعش قلبها بخوف وهي ترى الدماء تسيل من وجهه حاولت الاقتراب لتساعده لكنها توقفت عندما رأت الشابان يهربان بعيداً بعد أن تجمهر الناس واستمرار ضربه لهم وتقرب بعض الرجال ليحولو بينهم
تنفست برتياح عندما وجدته يستدير يلتقط انفاسه نحوها ركضت نحوه تتلمس وجنته و ذراعيه بخوف
_فارس خلينا نروح المستشفى
وبعين محمره وأنفاس لاهثة هتف بها بحده مشير نحو سيارته
_اركبي
اتجهت نحو السياره وركبت تنتظره بقلق بعد أن وقف يشكر الرجل الذي ساعده
ركب السياره يزفر أنفاسه المتسارعة وصدره يعلو ويهبط
_فارس أنت كويس؟
لكنه لم يجيبها حملت منديلا ومدت يدها تمسح آثار الدماء التي تسيل من شفته
أمسكت ذقنه تدير وجهه بتجاهاها تتفقده ليشح وجهه إلى الجهه الأخرى
أمسكت ذقنه مره أخرى وادارته بأصرار
_خليني أطمن عليك بلاش عناد
ظلت تمسح آثار الدماء وتتفقده وهو ينظر لها اسعده قلقها و خوفها عليه اغمض عينه ليخفق قلبه بعنف مستمتعا بماتفعل ابتلع ريقه
ثم فتح عينه تلتقي بعينها
لينطق لسانة بما نفذ صبره لكتمانه
_شمس أنا بحبك
تجمدت يدها في الهواء وأرتسم الجمود على وجهها كانت تعلم أنه بحبها لكن لم تسمع منه اعتراف صحيح كما الان كانت عينه لاتحيد عنها يترقب إجابتها أسبلت عينها تستجمع شتاتها بعد أن بعثرتها كلمته ولتلفظ أنفاسها التي حبستها بين ثنايا صدرها من شدة دهشتها تراجعت ببطئ نحو مقعدها لتفاجئ عندما قالت بصوت طغى عليه التوتر
-عارفه
أدهشته كلمتها ليسألها بعد أن ازداد خفقان قلبه حتى أنه سمع صدى ضرباته بين أضلعه خرجت كلماته متلعثمة
-يعني انت عارفه أني بحبك؟
نظرت إلى ذلك المنديل الذي حمل دمائه الحمراء التي شابهت لون بشرتها التي تبدل لونها من شده الارتباك
لترفع نظرها نحو حتى واجهت عينها عينه تعترف له
- عينك قالتي من زمان أنك بتحبني
ليسألها سؤال خشيه سماع إجابته
-أقدر أعرف طبيعة مشاعرك من ناحيتي
تنهدت بتوتر والكلمات تتردد على لسانها لاتعلم بماذا تجيبه فهي لاتعلم طبيعه مشاعرها لاتنكر أنها بدأت تتقبله في حياتها لكن من هو بألنسبه لها أبن عمها أم زوجها أم …توقفت وتحشرج أنفاسها قبل أن تطلق جوابها
-أنا محتاجة وقت يافارس عشان أقدر أحدد مشاعري
تنهد بيأس وهو يطالعها ليقول بحسره ساخراً
-يعني أنتِ لسه مش متقبلاني في حياتك
لتجيبه بسرعة نافيه
-لا يافارس أنا بشوفك بشكل مختلف وبالعكس يمكن بقيت أحب أقعد واتكلم معاك لكن صدقني أنا معرفش أنت أي بالنسبالي كل الي أقدر أقوله أني محتاجه وقت
أومئ برأسه معتدلاً لايعلم هل يسعد أنها اعترفت أن مشاعرها تغيرت أم يحزن أنها لم تتقبله بصفته الصحيه زوجها وحبيبها
-متزعلش منى يافارس
التفت نحوها ليجد عينها تنظر له بأسف
-مش زعلان بس كان نفسي يكون ليه مكان في حياتك
طأطأت رأسه بحرج امتزج بالحزن ليدعو صادقاً
-أتمنى انك تتقبليني في يوم وتعتبريني جوزك
ثم أبتسم يتهكم بسخريه
-أو يمكن حبيبك
*********************************
عاد إلى المنزل متأخر كعادته جسده ينهكه التعب اصبح يدرك انه يثقل كاهله ويتحمل فوق طاقته لكن ماذا يفعل اصبح طموحه يفوق قدرته وشعر انه يسابق الزمن كي يحفر مكانه ويثبت وجوده تنهد بأرهاق وعينه تدور في الشقة يبحث عنها واستغرب عدم استقبالها له كعادتها
اتجه إلى غرفة النوم وفتح الباب ليتملكه القلق وهو يجدها تجلس على السرير سانده بضهرها على ضهره تضم قدميها نحو صدرها وعينها تنظر إلى المجهول بوجه شاحب لم تشعر حتى بقدومي ليقترب منها ويسألها بخوف
-ندى مالك ؟
سمعت صوته الذي انتشلها من دوامه أفكارها وصراعات خوفها لتنظر نحوه بتوتر زاده قلق عليها ليجس بجانبها ويعاود السؤال
-ندى فيك حاجة انت كويسه؟
ما أن جلس تفاجئ بها ترمي نفسها بين ذراعيه وكأنه أمانها وموطنها سألها بفزع وهو يبادلها العناق
-مالك ياندى شغلتي بالي اتكلمي ارجوكي
ارتعش جسدها وارتجفت شفتاها تخبره
-أنا خايفة أوي
أخرجها من أحضانه مرتعب يمسك رأسها وينظر نحو عينها يسألها بخوف
-اتكلمي ياندى
قصت عليه حكايه الرسائل التي بدأت تصبح غير عاديه
-طب جايز حد من أخواتك بيهزر معاك وألا حد من صحابك بيعملك فيك مقلب
حركت رأسها نافيه
-لا مش معقول ماكنش طول كده كان كشف نفسه ليه ينتظر الوقت دا
مسح على رأسها يحاول طمئنتها
-متخافيش أن شاء الله مفيش حاجة هنعرفه أن شاء الله أنا عندي صحابي في شركة الإتصالات يقدرو ينفعونا
لمساته على شعرها أثارت مشاعرها لتترجمها بدموع أنسابت من مقلتيها ليقطب حاجبه بدهشه ويسالها معترضاً وهو يزيل دموعها بأصابعه
-بتعيطي ليه متخافيش؟
لتعاود أحتضانه وهي تقول متوسلة
-متسبنيش ياطارق أرجوك متسبنيش
نغزت قلبه كلماتها وهي تستنجد به ولايعلم من يستنجد بلأخر هو كان عائداً ينشد الراحة بين أحضانها وهي تستنجد به تطلب الأمان بين أحضان
ورغم خوفه عليها ضمها يحرك يده على رأسها وذراعها يحاول تهدئتها
متخافيش ياندوش أنا جنبك وهفضل جنبك طول العمر
ثم استرسل يمازحها
-لحد متعجزي وتشيبي وتبقي كركوبه
ضحكت داخل أحضانه لكنها تمنت أن لايخرجها منها بعد شعور الراحة والأمان الذي شعرت به
****************************
كان يسير في أروقه الكليه عندما سمع صوت يناديه
-دكتور طارق …دكتور طارق
توقف ثم استدار يبحث عن مصدر الصوت ليجد فتاه تتجه نحوه حتى وقفت امامه تعرف نفسها
-أنا روان تلميذة عند حضرتك
امتعض وجهه واستدار وهو يتمتم
-عاوزه أي ياروان محاضرتي بعد خمس دقايق مش عاوزه أتأخر
غيرت خطواتها لتقف أمامه تمد له يدها بمغلف
-دا تقرير أنا عملته
ليسألها بحده
-هو أنا مش بلغت الكلام يكون داخل المحاضره
لتبتسم ابتسامة غريبه وقالت موضحة
-لا يادكتور دا بحث خارج المنهج عن أمراض القلب المستعصية كنت عاوزه حضرتك تشوفه بما أنه ضمن اختصاصك وياريت أعرف رأيك
حافظ على جمود وجهه وهو يلتقط منها البحث
-هشوفو أن شاء الله
خطى بضعة خطوات متجاوزها لتتبعه
-ياريت يادكتور متتاخرش عليا وياريت أعرف ملاحظاتك اصلي عامله قناه توعويه على اليتيوب وبعرض فيها معلمومات طبية
استكمل سيره وهو يرمئ لها
-ان شاء الله
وقفت تنظر له وهو يبتعد عنها لترسم ابتسامة إنتصار لأول خطواتها
***************************** *
-طلب منها أن تنزل معه عند والدته بعد أن أعدت قالب من الحلوى ظناً منه أن هذا سيصنع نوع من التقارب بينها وبين والدته حاولت أن ترفض لكن تحت وطئت نظراته المتوسلة رضخت
جلس أمام والدته التي ترمقه بنظرات مستهجنه عندما رأت تودده لزوجته وضع قال الحلوى على المنضدة واحضرت لهم العامله الشاي والأطباق أضطربت هدى من طريقه تحديق صفاء بها ونظراتها التي بدأت تتفحصها من الأعلى إلى الأسفل حتى أخذت تتطلع نحو نفسها ربما ترى فيها شيئ غريب
-كويس أن عندك وقت تعملي حاجة حلوه افتكرت شغلك هياخذ وقتك
توترت نظرات علي وهو يوزع نظراته بين زوجته المرتبكة ووالدته المحتقنة
-بالعكس يا ماما هدى ست بيت شاطر وتعرف إزاي تنظم وقتها
لوت شفتها بسخط ورددت كلماته بسخريه
-ست بيت شاطرة
ابتلع ريقه بقلق ولكي يخرج من هذا الموقف أمسك السكين وبدأ بتقطيع قالب الحلوى يضعه في أطباق وضع احدها امام والدته وأعطى الآخر لهدى كانت تراقبه وهو يحمل الطبق وياكل بتلذذ ليقول بانبهار
-الله ياهدى تحفه بجد طعمه يجنن
-بالهنا والشفا ياحبيبي
-تسلم أيدك ياحبيتي
مدحه لها أوقد فتيل الغير في قلبها وأشعل نيران غضبها الخامده
-مكنتش بتاكل كيك قبل كده أي أنت غيرت عاداتك بعد الجواز
نفض قطعه الحلوى في يده لتتناثر فتتاتها في الطبق كما تناثر قلبه بخوف من نظرات والدته
هدى التي كانت تتحلى بأقصى درجات الصبر بدأت تفقده شيء فشئ مع كلماتها ونظرات ازدرائها وما يرن في بالها هو حديث
دعاء الذي كانت تكرره عليها طيله الشهر المنصرم انها يجب إلا تسكت عليها ان تواجه بل ترد الصاع صاعين
وألا تستسلم لحديث خالتها
-ليه يا ماما ما أنا كنت بطلب منك ديما تعمليلي كيك
لتهتف مستنكره
-ايوه كنت بتاكلو من إيدي مش من إيد غيري
-بس هدى عملاه حلو أوي دوقي ياماما وأنتِ هتعرفي أن كلامي مضبوط
كانت تسمع حوارهم في صمت لكن داخلها يتوقد كبركان على وشك الانفجار ربما كانت تنظر ذلك الحجر الذي
يجعلها تثور ولم تبخل عليها صفاء لتثير حمم غضبها عندما قالت:
-وأنت هتقارن الكيك بتاعي مع كيك حد تاني
لتهب هدى واقف وتهتف بأنفعال
-الحد التاني دا مراته مش حد غريب
استنكرت فعلتها لتصيح بها
-أنتِ بتعلي صوتك عليا
-أنا معلتش صوتي حضرتك الي بتستفزيني من ساعة ماجيت
-هدى
صاح بها علي ينهرها على الاسترسال
-هي دي مراتك الي بتتغزل بأدبها وتربيتها
قالتها صفاء توبخه بغضب ثم تهكمت تستفزها
-طبعا هناخذ أي من تربية…
قاطعتها هدى تصرخ بغضب
-أنا مؤدبه ومتربيه أحسن تربيه
-هدى اسكتي كفايه
صرخ بها بصوت أعلى
ارتجف جسدها من شدة الغضب لاتعلم من جرح خذلانه أم جرح كلمات والدته لكنها مادامت بدأت الحرب فالتستمر في الدفاع عن نفسها والا استقبال الهزيمه بصدر رحب هكذا حدثت حالها لتشير نحو والدته
-علي أنا ما غلطتش والدتك هي الي بتجرح بيه وبتلقح عليا كلام من ساعة مادخلت
نظرت له والدته باحتقان تطالبه بالرد
-هدى قلتلك الزمي حدودك واسكتي كفايه واعتذري حالاً
أنفاسها المتسارعه خنقتها حتى كادت أن تعلن دموعها استلامها وتنساب تفضح كسرتها
وضعفها لكنها ظلت تقاوم لتستدير مغادره بخطى متسارعة ليوقفها صراخه
-قبل ما تطلعي اعتذري لماما
ابتسمت بأنتصار ونظرت اليه تشجعه بعد ان رأت مكانتها وطاعته لها كانه طفل تكافئه بقطعة حلوى بعد أن أدى واجبه
انهارت جيوش المقاومة وخسرت في مواجهتها بل خرجت جريحة تحمل روحها طعناته المؤله وهاهو يسدد الضربة القاضيه لها
-أسفه
قالتها وهي تواليهم ضهرها وتهرب مسرعة قبل أن تنهار بالبكاء أمامهم فتحت الباب وهمت بالخروج لتجد عمها امام الباب يسألها بقلق بعد أن طالع هيئتها
-مالك يابنتي
لتفاجئه بجوابها عندما قالت:
-أبويا مات
ربما حاجتها لوجوده في هذه اللحظه هو ماجعلها تنطق بهذه الجمله فمن ظنته سندها خذلها عن أول عتبات الحياه وأمام موقف تافه كان بيده أن ينهيه في لحظة وقوعه
تجاوزت عمها متجه نحو شقتها تهرول هاربه تختبئ داخل جدرانها
دخل حسن إلى شقته بوجه ممتعض وكلمات هدى تعتصر قلبه ليقف أمام صفاء المبتسمه بأنتصار وعلي الذي يوشك على الانهيار بعد رأها تحمل خيبتها وتخرج يصيح بصوت عالي
-بنت أخويا مالها عملتو فيها أي؟
حول نظره نحو علي يسأله بحدة
-مراتك مالها ياعلي؟
سؤال والده كان القشه التي جعلته ينهارجالس على الاريكه ويضع راسه بين يديه نادماً على فعلته
حسن الذي رأى ولده بهذا الوضع استشاط غضباً ونظر نحو صفاء يلومها
-ارتحتي دلوقت لما خربتي بيت ابنك
-أنا مالي هي الي قليله الأدب
صاح بها بحده بما جعلها تشهق واضعة يدها على فمها متفاجئه
-صفاء مسمحلكيش بنت أخويا مؤدبه وكلمة زياده عنها هتكون فيها خراب بيتك
ثم اتجه نحو علي يجذب ذراعه بشدة
-قوم يله قوم صالح مراتك يلا قوم وألا هيكون ليه تصرف تاني
نهض علي بثقل ممتثل لكلام والده يجر قدماه جراً وهو يشتم نفسه وتسرعه الذي جرحها
دخل إلى الشقة يبحث عنها بخجل لايعلم ماذا يقول وكيف يبرر لها صراخه عليها وكسرته لها صوت بكائها دله على مكانها فلقد تركت له غرفة النوم واتجهت نحو غرفة الأطفال تختلي بها منهاره
اتجه نحو الغرفه ودخل ليجدها تنام على احد الأسرة متكورة على حالها بوضعية الجنين وشهقاتها تعلو يبدو انها لم تشعر حتى بدخوله جلوسه على السرير جعلها تعلم بوجوده
-هدى
قالها وهو يضع يده على ذراعها لتنفضها بعنف وتكفكف دموعها
-سيبني ياعلي وأخرج
-هدى خلينا نتكلم أحنا مش اتفقنا أننا منامش وأحنا زعلانين من بعض
أنا اسف عارف اني عليت صوتي عليك بس دي أمي ياهدى مرضاش حد يتجاوز عليها
لتنهض جالسه وتصيح بغضب تضرب على صدرها
-أنا مراتك فين حقي عليك وأنت عارف أني مش غلطانه بس سكت مدافعتش عني وكسرتني لا ياعلي أنا سامحت كتير وسكت كتير عشان خاطرك بس خلاص كل واحد وله طاقه وانا طاقتي نفذت
نظر لها بأمتعاض وسألها
-تقصدي أي ياهدى؟
-يعني أنا محتاجة حد يدافع عني يسندني
-وانا مقدرش اقف قدام امي دي امي ياهدى
نظرت له نظرات ضائعة لتتنهد بحرقه انسابت
معها دموعهاالتي مسحتها بسرعة وعنف
-يبقى سبني ياعلي أنا أخذ حقي
أمسك كتفيها بكلتا يده يهزها مستنكراً
-هدى انت اتجننتي تاخذي حقك من مين من أمي ؟
حركته ونظراته زادتها تحدي لتصرخ وهي تنفض ذراعيه عنه
-أمال عاوزني اتهان وأفضل ساكته
صمت يحدق بها بدهشة وقلبه يرتجف هل هذه هدى زوجته الهادئه أم هو قد استنزف جميع الفرص ووصل لليوم الذي كان يخشاه أن لايستطيع إرضاءها
-أنا مش هسمح لحد أنه يقرب من أمي أو يأذيها لوحتى بكلمة مهمها حصل دي امي
بهتت ملامحها تسأله بخيبه وضياع
-وأنا ياعلي
- أنتِ مراتي وحبيبتي وأنا بتأسفلك اهو وبقلك استحمليها عشان خاطري
امسك رأسها بين يديه ينظر لعينيها برجاء
-بلاش وحياتي عندك بلاش تحطيني في إختيار مابينك وبنها لأن دي فيها موتي انتو الاتنين كل حياتي ماقدرش اخسر وحده منكم
أخرجت لسانها ترطب شفتها التي جفت وتلعق دموعها المالحه وسط شهقهاتها تبحث عن كلمات لتسعفها كي تجيبه لكنها انهكت وشلت افكارها قلبها ينزف وكرامتها تصرخ وعينه تتوسلها من جديد ربما الهروب هو الحل الأمثل الان فما خاضته حتى اللحظه كان فوق طاقتها
-عاوزه أنام
اتسعت عينها بأستغراب بعد أن ظن أنه استطاع ارضائها مره أخرى وأنها سوف ترتمي بين احضانه تخبره أنها تحبه وجدها تزيح يديه وتتمد على السرير تدثرتفسها تغمض عينها وتحتضن جسدها بقوه
شحب وجهه من فكره ابتعادها عنه وكاد أن يجذبه نحو احضانه بقوه لكن احس انها بحاجه لتهدأ تركها وغادر نحو غرفته كانه تائه لايعلم ماذا يفعل
استلقى على السرير ينظر إلى مكانها الخالي بحسرة غلفها الخوف جذب وسادتها يحتضنها بقوه ويستنشق عطرها العالق عليها ولأول مرة هدى التي كان يحفظها عن ظهر قلب تصبح مجهولة بالنسبة له
*******************************
كانت تجاور نجوى في سيارتها عائدة للمنزل عندما رن هاتفها لتخرجه وتنظر إلى الشاشة وتضغط زر الإجابه
-الو أيوة يافارس
-خلصتي أجي أوصلك
-لا أنا في الطريق راجعة مع نجوى متشلش هم
-تصولي بالسلامة خلي بالك من نفسك ياحبيبتي
صمتت تستشعر تلك الكلمه التي رنت في مسامعها وتغلغلت رغم ارادتها تداعب ذلك المتجبر القابع بين أضلعها وتهز عرش ثباتها
-شمس أنتِ معايا؟
-أيوه
-هستناكِ في البيت
-ماشي
-تحبي أطلبك عشا
-لا أكلت في المستشفى
-طيب مع السلامة ياحبيبتي
كرر تلك الكلمه وكأنه يؤكدها ويجعلها تصارع تلك المشاعر التي بدات تنبت في قلبها فيحاول عقلها اقتلاعها
كنبات ضار لايحق له الظهور هنا لكن فارس بذر تلك البذور ويسقيها يوما بعد آخر ويعتني بها بأهتمامه وحنانه
يحافظ عليها ولايسمح لعنادها أن يسحقها تحت قسوه الكبرياء والجبروت
************"***" **************
وصلت المنزل لتجده يجلس على الأريكة يضع حاسوبه على قدمه مندمجاً في عمله
-مساء الخير
رفع نظره نحوها بأبتسامة دافئه
-مساء الورد والياسمين شكلك تعبانه
تنهدت بإرهاق تؤكد حديثه
-أيوه النهارد كان فيه ضغط جامد في المستشفى
خطت خطوتها بتعب نحو غرفتها وعينه تتبعها حتى دخلت غرفتها وعاد هو ينظر نحوشاشه حاسوبه
وبعد مده من الزمن وقفت أمامه تحمل كوب من النسكافه الساخن وتمد يدها نحو
-أتفضل عملتك واحد معايا رأسي مصدع والجو برد قلت ينفع في الوقت دا
أخذ منها الكوب يرتشف منه بتلذذ
-تسلم أيدك ياحبيبتي جميل وجيه في وقته
جلست بجانبه تحيط الكوب بيديها وترتشف النسكافيه ببطئ لتلتفت نحوه بعد أن رأت اندماجه تسأله
-بتختار بضاعة جديدة ؟
نظر نحوها نظره خاطفه وعاد لما يصنع
-أيوه لازم أبعت الاوردر كمان ساعة عشان البضاعة تتشحن
عادت إلى كوبها ترتشف منه وتستشعر دفئه حتى سمعته يقول:
-أي رأيك تختاري معايا ؟
وضعت الكوب جانباً واقتربت منه حتى التصق جسدها بجسده وبدأت تختار معه ثم بدأو يتناقشون وسط أتفاقهم وأختلافهم على بعض القطع تتعالى ضحكاتهم تاره ويحتد نقاشهم تاره أخرى
حتى شعر بها تسند رأسها على كتفه وتشير نحو الشاشه تستمر بالنقاش رغم ظهور التعب عليها حتى أحس بثقل رأسها على كتفه
وتوقفت عن الكلام ليعلم انها قد غفت أدار رأسه ينظر اليها وقلبه يخفق بقوة وغمض عينه بعد ان لامست وجنته جبهتا ليستنشق عطرها بهيام ويحاورها بأمل
-امتى قلبك يحس بيا امتى يحن عليا ويحبني زي مابحبه
رفع يده يتلمس وجنتها وينادي عليها
-شمس أصحي ياحبيبتي
فتحت عينها بنعاس تدعكها وقالت معتذرة
-الظاهر اني نمت غصب عني
-طب ياحبيبتي قومي نامي في سريرك
ثم قال يشاكسها وهو يقرص أنفها
-تحبي أشيلك لغايه هناك وألا ممكن تفضلي نايمة على كتفي عادي على قلبي زي العسل
أبعدت يده بامتعاض ونهضت بوجه محتقن تتجه نحو غرفتها دون أن تعقب
لينظر لإثرها ضاحكاً يردد
-بحبك يامجنونه
