رواية بنات ورد الفصل الثلاثون 30 بقلم رشا عبدالعزيز
❣️بنات ورد❣️ 30
صباح أشرق عليها بأمل وجديد في ذلك المكان البعيد فتحت عينيها وهمت بالنهوض تقنع نفسها أنها ستعود من جديد شمس التي تركض خلف طموحها ومستقبلها وستنزع عنها عباءة الحب وتجرد قلبها من تلك المشاعر ولو بالقوة لن ترضخ لذلك القلب الغبي الذي أطاح بكرامتها سيعود عقلها يمسك زمام الأمور من جديد
كانت تكرر تلك الكلمات على نفسها تقنع عقلها بأنه الأقوى وتدعس على خافقها كي ينساق خلف عقلها
درس تلقنه كل يوم لذلك القلب كي يحفظه وينسى عناده وتخاذله
ارتدت ملابسها وحملت أوراق تكليفها لتجد هاتفها الذي لم تفتحه منذ يومين التقطته بتردد لكنها أعادته مكانه مرة أخرى لن تضعف فلا مجال للتراجع عن قرار حُسم منذ ان حطت قدماها محطة القطار
خرجت لترحب بها نعمة كعادتها
-ياصباح الفل والورد والياسمين على ست البنات
-صباح الخير يا خالة
-يلا تعالي افطري معايا حماتك بتحبك
قالتها نعمه وهي تشير لها نحو الطعام الموضوع امامها
-الله يرحمها
همست بها شمس ليخفق ذلك القابع بين أضلعها وهي تتذكر انهياره بين يديها حزناً على والدته
لتنهره موبخة ذلك القلب الذي يرفض تعلم الدرس
-يلا يا شمس الوكل هيبرد
جلست تتناول هذا الإفطار الشهي لتجد فرحة تحضر أطباق أضافية فيها بيض مسلوق وبعض الجبن
-صباح الخير يا شموسة
-صباح الخير يا فرحة
كانت تتناول الإفطار وتنظر إلى ساعة يدها بين الحين والآخر
-مواعيده زفت هو كده دايما
ضحكت شمس على وصفها وفهمت من تقصد
-ياستي كتر خيره انه هيجي معايا
قطبت نعمة حاجبيها وقالت مستفهمة
-انتو تجصدوا مين ؟
-جابر الغتت هو فيه غيره
قالتها فرحة بسرعة لتلاقي التوبيخ المباشر من والدتها
-اتلمي يابت متجوليش الكلام العفش دا على ابن عمك دا كتر خيره شايلنا فوج راسه وشايف طلباتنا من يوم ما اخوكِ فرج سافر
تحشرجت اللقمة في فمها لتبتلعها بصعوبة بعد ذكرهم لاسمه كم كانت سعيدة عندما علمت بسفره
فرج ذلك الصبي الصغير الذي كان السبب في وفاة والدها عندما أنقذه ليرحل هو ورغم انه كان صغير ولا يعي شيء لكنها كانت تحس بالغضب كلما ذكر اسمه
طرقات على الباب أعادتها من ذكرياتها لتركض فرحة نحو الباب تفتحه فتجده امامها يقف بإبتسامته السمجة
-صباح الخير
لتجيبه بأقتضاب
-اهلًا
-الدكتورة جاهزة
-ايوة
استفزته طريقة حديثها ليصرخ بها
-مالك يا بت بتجاوبي كده ليه ؟
-ماليش
-فرحة ياحببتي تحبي اديكي كف ارجعلك إعداداتك من جديد بدل ما أنتي عمالة تجطعي كده
قالها ملوحاً بكف يده لتشهق هي معترضة
-ليه ان شاء الله تديني كف كنت عيلة عشان اسكت إياك
-صباح الخير يا جابر
صوت شمس المبتسمة أنهت الحرب الدائرة بين الاثنين
-صباح الخير يا دكتورة اتفضلي
قالها مشيراً إلى سيارة الأجرة التي تقف امام الباب لتتجاوزه شمس متجهة نحو السيارة فالتفت هو نحو فرحه يشير لها بيده متوعداً
-ماشي يا فرحة حسابك بعدين
استدار لتخرج هي لسانها مستهزئة بوعيده حتى عاد يلتفت نحوها بشكل مفاجئ لتضع يدها على فمها بسرعة
ركب السيارة مع شمس لكن عيناه كانت تتبعها بحنق لتدخل إلى المنزل وتغلق الباب خلفها ليتمتم بهمس
-ماشي يا فرحة
وصلت إلى الوحدة الصحية التي كانت عبارة عن بناية بسيطة لتدخل إلى المكان المخصص فتجد طبيب يجلس على مكتبه مندمج مع بعض الأوراق
-صباح الخير
رفع عيناه عن الأوراق التي يطالعها وخلع عنه النظارة الطبيه يضعها جانباً
-صباح النور
لتعرف شمس نفسها وهي تمد يدها له بأوراق تكليفها
-أنا الدكتورة شمس حسين الجوهري دكتورة مكلفة في الوحدة هنا عندكم
نهض الطبيب مرحباً بها وهو يلتقط منها الأوراق
-اهلًا يا دكتورة اتفضلي أنا دكتور وائل مسؤول الوحدة هنا
-اهلًا يا دكتور
جلست شمس قليلاً حتى أنهى وائل اوراقها ليدخلها على المكان الذي ستباشر عملها فيه
وصلت إلى حيث أشار لها لتجد فتاة ممتلئة قليلًا ترتدي زياً طبيًا كانت ملامحها جميلة
تجلس تقطب جرح في جبهه فتاه هزيلة الجسد شاحبة الملامح رغم صغر سنها
لتسمع الفتاه الممتلئة توبخها
-انت ياولية مش هتتعظي غير لما يجيب أجلك
لترد الأخرى بوهن
-وانا هاعمل أيه يا زهرة بس ، اهلي كل ما اشتكيلهم يقولوا استحملي هتتطلجي بعد سنة جواز
-يا جميلة أنتي كل مرة بتنضربي أوحش من الي قبلها يا بنتى خايفة فى مرة يجيب اجلك
-وانا أيه الي في إيدي اعمله و هو كل ما يتعصب يضربني
لتصيح بها زهرة غاضبة
-يا ولية دا أنت مسجطة مرتين على يده مستنية أيه
تساقطت دموعها بقهر لتقول
-أهلى بيجولوا راجل ومرته عادى وغطى عليه مدام مكفيفكي أكل وشرب استحملي مسيره يتغير
ربطت رأسها بالشاش تتمتم بأنفعال
-حطيت ايدي فى الشج منك ومن اهلك الي ماعندهمش رحمة دول مستنين أي ترجعيلهم بكفنك
لتقول بسخرية حزينة
-عاوزين يخلصوا من حِمْلي
-يجومو يحطوك في النار هي جت على لجمتك يابت
نظرت لها وخرجت كلماتها بعجز
-اهلي شايلين هم كلام الناس اكتر ماهم شايلين هم وجعي
نظرت لها زهرة بأشفاق وقالت لها وهي تربت على كتفها
-ربنا يهديه ويصلح حاله قاسم البغل دا
ابتسمت جميلة ابتسامة باهتة وشكرتها
-متشكرة يا زهرة ربنا ما يحرمني منك يارب
التفت جميلة لتغادر لتجد شمس تقف امامها
-صباح الخير
التفتت زهرة نحو مصدر الصوت
-صباح النور اهلًا …
-عن أذنك …مع السلامة
قالتها جميلة وغادرت لتهتف زهرة خلفها
-خلي بالك من نفسك يا بت
ثم حولت نظرها نحو شمس
-شمس حسين الجوهري…دكتورة تكليف عندكم
شقت ابتسامة كبيرة وجه زهرة وهي تلقي عليها التحية
-يا الف اهلًا وسهلًا يادكتورة…أخيرا يا دكتور دا احنا كنا مستنينك فيه نقص في عدد الدكاترة هنا
بادلتها شمس الابتسامة
-اهلًا بيك …واديني جيت يا ستي
****************************''*
وقف طارق بعيداً يشاهده وهو يخرج من قسم شؤون الموظفين ويبدو العبوس على وجهه ، تأكد انه جاء يبحث عنها ومن المؤكد ان الموظف استمع لطلبه ولم يخبره بمكانها بعدما أوصاه هو بذلك ، اعتصره قلبه وتآكله الحزن وهو يجد شقيقه بوجه شاحب وعيون ذابلة لكنه ربط على قلبه بحزم يوصي قلبه بعدم الضعف كي لايخذلها هو أيضاً ليدعو بهمس
-ربنا يهديكم ويصلح حالكم
*******************************
كان ينهك نفسه بالعمل كي يتمكن من النوم عندما يعود ، ربما اجهاد العمل يجبر عينيه على النوم
دخل الشقة في وقت متأخر أخذ حماماً دافئاً ثم اتجه نحو غرفتها لينام هناك كما اعتاد منذ ان طلب من ندى وهدى المكوث في منزلهم اصبح سريرها ووسادتها الملاذ الآمن بالنسبة له لم يعد يستطيع النوم إلا وهو يحتضن وسادتها
دخل إلى الغرفة واتجه نحو ذلك الدب الموضوع بالقرب من طاوله القراءة بدأ يتلمسه ويتذكر كم كانت سعيدة
عندما احضر لها هذه الدمية ضغط على زر التشغيل وابتسم بحزن وهو يسمع اعترافه بحبها
ثم لفت انتباهه صندوق موضوع على الطاولة سحب الكرسي وجلس جذب الصندوق نحوه وفتحه ليجد نسخة من القرآن الكريم التقطه وقبله ثم وضعه جانباً عندما لمح تلك الورقة المطوية والموضعة تحته رفعها يقرّبها من انفه ويستنشق عبيرها
فتحها ليرتجف قلبه وتتجمع الدموع بعينيه وهو يقرأ الدعاء الذي كتبته عليها
(يارب أهدي فارس وأصلح حاله يارب أنا بحبه اوي اوي يارب ابعده عن الحرام يارب
نفسي أقوله اني بحبه بس خايفة يارب اصلح حاله عشان نبتدي أنا وهو صفحة جديدة
ونعمل العيلة الي بنحلم بيها احنا الاتنين يارب يكون عوضي عن حنان ابويا زي ما ماما دعتلي واكون عوضه عن حنان أمه)
(يارب لما افتح الورقه دي تاني يكون حاله أتغير)
تساقطت دموعه على تلك الورقة وهو يقول
-حالنا اتغير ياشمس وبعدنا عن بعض وانا السبب يا روحي للدرجة دي كنتِ بتحبيني وانا اذيتك يا قلب حبيبك
أعاد قرآة الدعاء ثم مسح دموعه وأمسك المصحف فتح اول ورقة وقرأ سورة الفاتحة كأنه يعلن بداية جديدة لنفسه
******************************
شهران مرا على تلك الأحداث لقد اشتاقت لأخواتها فهي لم تتصل بهم منذ ان غادرت وطريقة التواصل من خلال نجوى التي اتصلت بها مرات قليلة تغلق بعدها الهاتف بمجرد ان تطمئن على شقيقاتها
داهمها ذلك الدوار مرة أخرى وأقلقها غياب الدورة الشهرية لكنها أوعزت ذلك إلى تغير هرمونى ربما حدث لها بسبب ضعف حالتها الصحية ، لكن هناك فكرة مخيفة ظلت تطرق رأسها وتنفضها عنها عدة مرات بخوف
لا تريد التصديق نهضت بسرعة ليداهمها الدوار من جديد لتتمسك بطاولة مكتبها حتى استعادت توازنها
وابتعدت بوهن تائهة ، سارت بلا وعي حتى اقتربت من صيدليه الوحدة لتطلب اختبار حمل
وغادرت نحو منزل الخالة نعمة
دخلت غرفتها تحمل ذلك الاختبار بعد اجرائه و وضعته على الطاولة تنتظر النتيجة جلست على السرير بعيداً ، تلك الخمس دقائق من الانتظار مرت عليها كأنها دهرًا من الزمان
تسارعت أنفاسها باضطراب وارتجف جسدها كلما دنت نهاية الوقت تمنت لو تستطيع إيقاف عقارب الساعة
لكن المدة انتهت ويدها تتشبث بحافة السرير كأن قدمها تيبست لملمت شجاعتها ونهضت لتمسّكه بخوف ، شهقة شقت صدرها بألم لتصعقها الصدمة وضعت يدها على فمها
وهزت رأسها يميناً ويساراً ترفض تصديق تلك الحقيقة هي تحمل قطعة منه ، زرع داخلها نطفته كما زرع جرحه في قلبها صرخت بلا وعي
-لا مش ممكن …مش ممكن
لترفع يدها تحاول ضرب بطنها بقوة عل ذلك الذي بدأ ينبض داخلها يتركها وتتخلص منه ، هوت يدها لكنها تجمدت يدها وهي تعاتب نفسها
-هتقتلي ابنك يا شمس
لترفع يدها تلطم وجنتها بقوه عدة مرات كأنها تعاقب نفسها
-مش هاقدر اعملها مش هقدر
انسابت دموعها بعجز واتجهت نحو السرير لتدفن رأسها في وسادتها وتصرخ بقوة علها تخرج ألمها
-ليه مش راضي تسيبني فى حالي ليه ؟
صرخت بهستريا وجسدها يرتعش من هول ما حدث ، قدرها ارتبط بقدره رغما عنها
وصلت صرخاتها المكتومة إلى الخارج ليدب القلق في قلب نعمة التي هرولت نحوها بقلق فتحت الباب لتنصدم وهي تجدها تدفن رأسها في وسادتها وصراختها تعلو وشهقات بكائها تفصل بين صرخة وأخرى اتجهت نحوها برعب جلست على السرير وجذبتها نحو أحضانها تضمها تسألها يخوف
_مالك يا ضنايا بتبكي ليه؟
تشبثت بأحضان نعمة وزاد نحيبها وتدفن رأسها بين أحضانها لتصرخ بها نعمة بهلع
_يا بنت اتكلمي وحياتي جلبي هيوجف
لتخرج كلماتها بقهر
_مش راضي يسيبني فى حالي يا خالة
قطبت حاجبيها وصاحت بغضب
_هو مين يا بنتي جوليلي هو مين واجطملك رجبته..
خرجت من أحضانها وحركت رأسها يميناً ويسارًا
وهي تضع يدها على فمها تكتم عبراتها
_كنت فاكرة الحكاية انتهت اتاريها بتبتدي.... كنت فاكرة
اني هقدر اهرب منه ربطني معاه غصب عني
ازدادت حيرة نعمة لتقبض على كتفيها بقوة تجبرها على النظر إليها بعد أن شعرت انها على أعتاب حالة من الانهيار والهستريا لتقول لها متوسلة
_يابنتي ريحي جلبي وفهميني
ورحمة أمك انا خايفه جوي
أنت بتتكلمي عن مين
لتتأوه بحرقة وهي تخبرها علها تخرج النار التي نشبت في قلبها قبل جسدها لتغمض عينها بعد أن فاضت دموعها
_اه... اه..... يا خاله بتكلم عن حبيبي الي دبح*ني
.
لطمت نعمة صدرها بدهشة وقالت
_يللهوي... يلللهوي...حبيبك ودب*حك . انت بتتكلمي عن مين أنطجي يابنت ورد
نظرت لها نظرة ضائعة لتقول ما جعل نعمة تشهق وتضع يدها على فمها.
_ انا حامل ياخالة
بهتت ملامح نعمة لتسألها مستفهمة
-يا بتي انت مش متجوزة ؟ وجوزك مسافر زي ما قولتي أمال أيه حكاية حبيبك دى طمنيني يابنتي انا الشيطان بيلعب في دماغي أتكلمى يابت ورد
ومن بين شهقاتها قالت بصوت بح من شدة البكاء
-حامل من جوزي يا خالة
وضعت يدها على صدرها وتنهدت بأرتياح تحمد الله ثم قالت تلومها
-أمال بتعيطي ليه عاد ؟
مسحت دموعها وقالت لها بخجل
-أصلك متعرفيش الحمل دا حصل ازاي
لتبدأ شمس بسرد حكايتها مع فارس ، لتختم حديثها بكسرة
-عرفتي ليه أنا بعيط يا خالة
-بتحبيه يا بتى ؟
سؤال طرحته نعمة بعد ان أبصرت عشقها له في وميض عينيها حتى لو انكره لسانها
ضمت كف يدها ورفعته تضرب موقع قلبها كأنها توبخه
-قلبي الغبي مش عارف يكرهه ، ياريتني أقدر اخرج قلبي من بين ضلوعي وادوس عليه عشان يبطل يحبه ويعشقه ياريتني اقدر أكرهه
لتضع يديها على وجهها وتنهار باكية
اقتربت منها نعمة مرة أخرى وضمتها من جديد تواسيها لتسألها
-ما تسامحيه يا بنتي مش انت بتجولي مكانش واعي
رفعت عيناها نحوها ببطء وقالت بقهر
-بس أنا كنت واعية وشوفته وهو بينهش جسمي
مدت نعمة يدها تمسح دموعها وتذكرها بوضعها الجديد
-بس يا بتي انتوا النهاردة بينكم عيل ذنبه أيه ؟
ضاعت نظراتها بين الماضي والمستقبل لاتعلم بماذا تجيبها لتردد نعمة
-طب ماهو دلوجت لازم يعرف انك شايلة حتة منه
-لا
قالتها بسرعة وحدة توقعتها نعمة من تلك العنيدة
-مش هيعرف دا ابني وانا اللي هاربيه مش محتاجة وجوده معايا
-ايوة بس هو هيعوز أبوه
طرقت نعمة على الجزء الذي تحاول تناسيه هل ستحرم صغيرها من والده كما حرمت هي من والدها لكن كرامتها ركلت تلك الفكرة بعيدَا هي لن تحتاج لأب مثله لولدها
-مش هاخليه يعوزه أنا هاعوضه
من لم يذق طعم الحلوى لن يعرف حلاوتها سيعيش حياته من دون أب إذًا. لم يعرف جمال الحياة بوجوده
هكذا أقنعت نفسها
تنهدت نعمة بيأس وعلمت ان جرحها لايزال ينزف فلتتركه للأيام علَّ النسيان يداويه
-ربنا يهديكي يا بت ورد
*********************************
كان منغمس بين المراجع والكتب يستعد لإلقاء محاضرته بعد قليل لملم اغراضه وارتدى نظارته الطبية
يراجع آخر الفقرات ثم وضع تلك الأوراق في حقيبته اليدوية وخرج من غرفته ليجدها تقف امامه
قطب حاجبه بأنزعاج وتحدث اليها بحدة
-انت مش في المدرج ليه يا روان مش عندك محاضرة دلوقت؟
توترت وقالت تشرح له
-كنت عاوزة أسلم حضرتك البحث دا
قالتها وهي تمد يدها له ببحث آخر نظر لها ثم نظر للبحث وقال يوبخها
-هو أنا مش قولت تلتفتي لدروسك احسن
ارتبكت ورسمت ابتسامة مهزوزة لتخرج حروفها متقطعة
-اصل انت عارف حضرتك القناة وبصراحة المشاهدات زادت لازم استمر وانا عاوزة انفع الناس يا دكتور
تجاوزها وسار يخبرها
-اتخرجى يا روان وانفعي الناس بعدين
ارتجفت يدها بأنفعال بعد ان سحبت خيوط الكذبة الجديدة من يديها لكنها لم تيأس ولحقت به بخطى سريعة محاولة استعطافه
-طب يا فندم ممكن تشترك حضرتك معايا واعرض معلومات عن طريقك مش شرط فيديو ممكن معلومات كتابية وانا هاعرضهم بطريقتي
كان الجمود يسيطر على قسمات وجهه لكنها استمرّت في محاولاتها
-يا دكتور أنا لو وقفت دلوقت هخسر المتابعين وبصراحة القناة بتجيب ربح والربح دا بيروح لمستشفى الأورام
ارجوك يا دكتور متقطعش الخير دا عن الناس اعتبرها حاجة إنسانية
تأفف بحنق والتفت نحوها بسرعة وصاح بصوت عالي نسيبياً
-عاوزة أيه دلوقت يا روان ؟
لمعت عيناها بخبث وقالت
-تشترك معايا في القناة ولو ممكن رابط يقدر الناس يبعتولك اسئلة وتجاوب عليها أيه رأيك يا دكتور ؟
صمت لحظات وعيناها معلقة به تنتظر اجابته
-هشوف الحكاية دي بعدين خليني الحق محاضرتي
ابتسمت ابتسامة انتصار بعد ان لاح لها موافقته لتدق اول مسمار في نعش سقوطه
بين يديها وتخطو اول خطوه للوصول لمبتغاها
*******************،، ***************
ليمر شهر آخر على الجميع
فتحت عيناها بيأس بعد أن جافاها النوم وأبت عيناها أن يسرقها النعاس نحو النوم كي تخطف ولو دقائق منه كأنها تعاندها
نهضت بثقل وضعت حجابها على رأسها بأهمال وسحبت ذلك الوشاح الصوفي الموضوع على حافة سريرها
وأحاطت جسدها به لتخرج
من الغرفة
نحو باب المنزل القديم
فتحته ببطء لتغمض عينيها بعد أن أصدر صريراً كسر هدوء المكان لتوقفه بيدها حتى لايوقظ صوته أولئك النائمين بعمق
خرجت من فتحة الباب الصغيرة التي صنعتها تمرر جسدها بصعوبة من خلالها
خرجت لتستقبلها رائحة العشب الرطبة أخذت نفساً عميقاً أغمضت عينيها
تضم جسدها بيديها سامحةً
لنسمات الهواء الباردة ان تداعب وجنتيها تنعشها علها تستطيع
أن تطهر جروحها التي أبت أن تندمل رغم مرور تلك الأيام
ظلت تغمض عيناها تستجدي من عقلها النسيان
حتى شعرت بتلك القطرة الباردة التي سقطت على وجنتها تغازلها بلطف
فتحت عينها لتجد السماء تمطر بأستحياء كأن الشتاء يعلن رحيله
يحمل معه ذكرياتها و أحلامها وجراح لازالت تنزف
تعكر اي مذاق للسعادة
فاحت رائحة التراب الذي
لامسته قطرات المطر
لتأخذ نفسًا آخر وتزفره بشدة
ربماتخرج معه النيران المشتعلة في جسدها
ثم مدت يدها تلامس
بطنها تتحسس ذلك الذي بدأ ينمو بين أحشائها ببطء
تستشعر وجوده وتبتسم بتلقائية
ابتسامة قهر وحسرة وطيف ذلك البعيد يزورها تسارعت أنفاسها وصدى صوته يتردد
في أذنها وهو ينادي عليها
ارتجف خافقها شوقاً له
لتستفيق كرامتها تصفع ذلك الخائن وتذكره بما فعله بها
وهل يمنحه الغفران بعد أن ذ*بح روحها
رغم سماعها لمبررات نجوى وقصة ذلك التسجيل الذي سمعته ندى وهدى لكن كل هذا لايشفع ما فعله بها
الم تطلب منه تركهم الم تتوسله ان يتغير هو اختار العودة لهم وشرب كأسه الأخير معهم رغم وعده لها
قطرات المطر التي كانت تسقط عليها كانت تسقط عليه في مكان آخر عندما كان يقف في منتصف الشارع
كما وقفت هي ويفتح ذراعيه لتعانقه قطرات المطر الطفيف وكأنه يستعيد ذكرياته معها كم اشتاق لها
ليهمس
-وحشتيني…
ثم نظر إلى السماء الماطرة وتمنى لو تستطيع هذه الأمطار ان تغسل احزانه كما غسلت تلك الطرقات
لفحت الرياح الباردة وجهه فارتعش جسده وبدأ بالسعال ليضحك هو يتذكر كيف اعتنت به في مرضه وكيف كان يتدلل عليها اخذ نفسًا عميقاً وزفره بقوة وأمنيات اجتاحت صدره ليتها تعود فيدللها
**********************************
حملت صورة السونار المطبوعة لجنينها وأخذت تتلمسها رغم أنها غير واضحة لكنها كانت سعيدة بها
اليوم وصلت لشهرها الرابع واستطاعت ان تعرف انها تحمل بين احشائها فتاة كانت سعيدة رغم انها كانت تتمنى مولوداً ذكراً اخذت تتبسم وهي تتذكر كيف يدللها علي ويهتم بها وهي تزيد من دلعها عليه
ثم اتسعت ابتسامتها وهي تتذكر فرحة عمها الذي تكفل بتحضيرات صغيرتها بالكامل
ووالدة علي التي لم تتخيل انها ستفرح هكذا عندما علمت ان جنس الجنين فتاة فأخبرتها انها دائماً كانت تتمنى ان ترزق بفتاة
انتشلتها من سعادتها طرقات على الباب لتتعجب ، أعادت الصورة إلى ملف مراجعتها وتوجهت نحو الباب
فتحت الباب ووقفت تتطلع بدهشة
-دعاء ؟!
لتقول لها بعتاب مزيف مدعية الانزعاج
-ايوة دعاء الي نسيتيها
عانقتها هدى بحب لتمثل عليها الاشتياق وتبادلها العناق
-حبيبتي يا دعاء أنا مقدرش انساكي
-ما انت بقالك أربع شهور ناسياني ياهانم
-اتفضلي
قالتها هدى مشيرة لها نحو الداخل
لتدخل وهدى تعتذر منها
-معلش يا دعاء اصلي مشغولة في البيت وعلي
دارت عين دعاء في المكان بحسرة هذا المكان كان سوف يكون ملكها هي لو لم تخطف علي منها
جلست تخفي ألمها وحسرتها خلف ستار ابتسامتها الكاذبة
-ازيك يا دعاء ، ايه اخبارك عامله أيه ؟
-الحمد الله انت اخبارك أي وحشتينا
-الحمد الله …تشربي أيه
هزت دعاء رأسها رافضة
-ملوش لزوم انت عارفة الدايت
-لا ازاي ميصحش ثواني عن أذنك
رحلت هدى لتطلق دعاء العنان لعينها تتنقل بين أروقة الجناح حتى سقطت عينها على ذلك الملف الطبي كادت ان تنهض وتلتقطه بعد ان تملكها الفضول لمعرفه محتوياته
لكن عودة هدى جعلها تعود مكانها تمثل الاسترخاء
وضعت هدى فنجان القهوة امامها
لتسألها دعاء بخبث
-اكيد انت ملخومة مع خالتي حاكم عرفاها ظالمة
لتبتسم هدى وتقول مدافعه عنها
-لا بالعكس ماما صفاء بتراعيني اوي وبتهتم بيا
لتهز دعاء رأسها وقالت
-انت طيبة اوي معقولة خالتي تهتم وتراعي ياستي قولي كلام غير دا تلاقيكى بتداري عليها اتكلمي ياحبيبتي وانا هسمعك
اندفعت هدى مدافعة عنها لتقول بلاوعي
-لا والله صدقيني بتساعدني وتهتم بيا من ساعة الحمل…
صمتت تبتلع باقي كلماتها بعد ان ادركت تسرعها لكن الآوان قد فات ووصلت الكلمة لمسامع دعاء
لتتسع عيناها بدهشة تردد
-أنت حامل ؟!
