رواية شقة البخاري الفصل السادس عشر 16 بقلم اسماعيل موسي


 رواية شقة البخاري الفصل السادس عشر 16 بقلم اسماعيل موسي


#شقة_البخارى


                  ١٦


استنى يا احمد صرخت سماح بأندفاعيه مقلقه، اذا كنت مصر على فتح الغرفه، خلينا نعزل ونسيب الشقه افضل

صرخ احمد ___اسيب الشقه عشان حتتة غرفة؟

انتى اتجننتى ياسماح؟

متجننتش يا احمد لكن مفيش اختيار صدفه ولا تالت لو انت مش متعايش مع فكرة وجود غرفه مغلقه يمنع الاقتراب منها نسيب الشقه افضل على الأقل نكون وفينا بوعدنا..


اها وضرب احمد الطاوله بيده، هو انتو ليه فاكرينى من الكفار كل ما اكلم واحد فيكم يقولى الوعد والعهد، البخارى، على السعدى وانتى كمان


___لأن انسان بلا عهد انسان بلا شرف يا احمد

عاين احمد زوجته سماح من فوق لتحت، لقد تغير موقفها كليآ منذ قرأت الكتاب الأول

لقد نادت بفتح الغرفه فى الماضى لكنه رفض والان تدافع بأستماته لعدم فتح الغرفه






حاول احمد يتمالك اعصابه، قعد على الطاوله وبص لسماح

سماح؟ انتى مقدره اننا بنتجادل عشان غرفة؟

غرفه مغلقه حياتنا كلها بتدور حواليها انتى مستوعبه الصدمه إلى انا فيها


هى كبرت فى دماغى يا سماح وانا هفتح الغرفه هفتحها

لو اصريت انك تفتح الغرفه يا احمد انا هسيب البيت قبل ما دا يحصل

بصدمه أكبر همس احمد انتى بتهديدينى يا سماح؟

مش بهددك يا احمد انا بوضح موقفى مش اكتر


وانا هفتح الغرفه يا سماح مهما حصل


يعنى فى الاخير فضلت الغرفه عليه يا احمد

مليش خاطر عندك خالص؟


بصى انا عارف ان فيه سر ورا الغرفه دى ومش هرتاح غير لما اكتشفه


افتكر انك انت إلى أخترت يا احمد

وافتكر انى حذرتك


وبعد دقائق كانت سماح تجر حقييتها القديمه انا هروح اقعد عند اخويا يا احمد


وفى الطريق قابلت الهره التى كانت تركض بكل سرعتها نحو الشقه فقالت انا اسفه حاولت بكل قوتى لكن مقدرش اعمل اكتر من كده.


 


بعد مغادرة سماح، عمّ صمتٌ غريب في الشقة. ليس هدوء ما بعد الشجار، بل ذلك النوع من الصمت الذي يُراقِب. القطة لم تدخل الشقة مع سماح، لكنها كانت هناك. كانت تعرف.


أحمد جلس وحده. أنفاسه متقطعة، كأنه عبر بوابة، لا شجارًا. على الطاولة أمامه، النسختان من الكتاب، إحداهما سقطت أرضًا، والأخرى انفتحت من تلقاء نفسها، على صفحة لا يعرفها.


لم تكن مكتوبة.

كانت منحوتة.


في منتصف الصفحة: خريطة، صغيرة، مشوهة المعالم، مرسومة على شكل دائرة بها علامات دقيقة. كلما حاول أحمد تتبع الخطوط، انزلق بصره.

ثم لاحظ شيئًا...


في منتصف الدائرة، النقطة السوداء.

تحتها كلمة واحدة:

المرقد.


همس أحمد لنفسه، "يعني إيه؟ إيه المرقد؟"


فجأة، تغير الضوء في الشقة. لم تنطفئ الأنوار، لكن الظلال على الجدران تحركت كأن شيئًا بطيئًا وضخمًا مرّ قربها.

ثم جاء الصوت.

صوت مفاتيح.


صوت مفاتيح تُقلب ببطء في يد لا تُرى، يتردد في الهواء، مصدره… الغرفة المغلقة.


نهض أحمد بخطوات مترددة. قلبه ينبض بقوة، لكنه لم يكن خائفًا. ليس تمامًا. كان مسحورًا.


اقترب من باب الغرفة. هذه المرة، لم يكن الباب ساكنًا كما في السابق.


كان ينبض.


كلحاء شجرة يتهيأ للانقسام.

كأن الخشب نفسه لم يعد خشبًا.


وضع أحمد يده على المقبض.

بارد، لكن تحت البرودة شيء حي. كأنه يُجسّ النبض.

فجأة، سمع صدى صوت خافت، من داخل رأسه، لا في أذنه.


> "ليس كل باب يُفتح… يغلق.

ليس كل سرّ يُقال… يُنسى."


صرخة القطة قطعت السكون، قادمة من خلفه، صوتها أشبه بنداء تحذير هذه المرة، لا مجرد مواء.


تراجع أحمد خطوة، وبلحظة، سمع شيئًا يتنفس داخل الغرفة.

ثم… شيء يشهق.


لم يفتح الباب. ليس الآن.

لكنه عرف أن ما خلفه… لم يكن جدارًا، ولا غرفة.

كان شيء ينتظر.

شيء مستيقظ.

منذ زمن بعيد.


وسر الغرفة ليس في أنها مغلقة.

بل في أنها كانت، آخر ما تمكّن أحد من إغلاقه.


-


كان الليل هادئًا على نحو مخادع، بينما جلس أحمد وحده في الشقة، يتأمل الغرفة التي تنبض كأنها كائن حي. لم يكن قادراً على فتح الباب بعد، لكن الكتاب فتح له بابًا آخر… بابًا نحو الماضي.


في الصفحة التالية، لم تكن هناك كتابة، بل رسم دقيق لوجهٍ مألوف.

بشعر أبيض، وابتسامة نصف ميتة…

البخاري.


لكن الرسم لم يكن عاديًا. كانت ملامحه تتغير كلما أمعن أحمد النظر: أحيانًا شاب، أحيانًا كهل، أحيانًا بلا عينين.

تحت الرسم، ظهرت عبارة بخط مهتز:


> "هذا ليس اسمه.

هذا ما تبقّى منه."


**





منذ أكثر من خمسين عامًا، لم يكن اسمه البخاري. كان شابًا باحثًا في علوم الماورائيات اسمه صادق بهجت. اعتزل الناس بعد أن فقد أخاه في حادث غريب: سقط في غرفة مغلقة لم تُفتح أبدًا، ولم يُعثر له على جثة.


تلك الغرفة، كانت في نفس المبنى… في نفس الشقة…

نفس الغرفة التي يخشاها الجميع الآن.


تغيّر صادق بعد تلك الحادثة. لم يكن يتحدث كثيرًا، لكنه بدأ يجمع الكتب القديمة من أسواق الخردة، ويجري مقابلات مع مشعوذين ومنسيين من التاريخ.

ذات مرة، أحضر مخطوطة بلغة غير مفهومة، يقال إنها كُتبت قبل أن تُخلق الأبجدية، وتحدث عن شيء يُسمّى:


> المرقد.


المرقد، كما فسّره في دفاتر لاحقة، ليس مكانًا. بل موقعاً طرديًا داخل الزمان.

نقطة مظلمة طويت فيها الذكريات، الأرواح، والعهود التي لم تُحترم.


قال البخاري ذات مرة لجاره العجوز قبل أن يُجن:


> "كل بيت له باب…

إلا بيتنا، له مرقد."


واختفى بعدها لثلاثة أشهر، ثم عاد، مختلفًا.

بلا ظلال.

يهمس دون أن يحرك فمه.

ويقف أحيانًا لساعات أمام باب الغرفة المغلقة، يهمس بكلمة واحدة:


> "ما رجعوش."


**


في نفس الليلة، وبينما كان أحمد يتصفح ما تبقى من الكتاب، لاحظ نقشًا على الغلاف الداخلي، لم يكن مرئيًا سابقًا.

بقايا دم جاف، كُتب بها:


> "إن فتحت الباب، لا تتحدث معه.

إن نظر إليك، لا تتنفس.

إن سألك من أنت…

لا تُجب."


ثم خط آخر، مضاف بخط أحدث، كأن أحدهم كتبه بعد قراءة التحذير:


> "لكن إن كان هو أخي…

سأفتحه."


**


وهنا، أدرك أحمد شيئًا مرعبًا.

ربما الغرفة لم تكن لتُفتح من الخارج…

بل كانت تنتظر من الداخل.

منذ خمسين عامًا.


            

            الفصل السابع عشر من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا     

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×