رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل السادس 6 بقلم صفاء حسني

رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل السادس 6 بقلم صفاء حسني



 واحدة من البنات قربت منها، لبنانية، عينيها واسعة، لكن مشحونة:


> "أنتِ محظوظة… تكوني هنا.

ربنا اختارك تكوني من المجاهدات.

اللي برا في الدنيا نايمين… إحنا بس اللي فايقين."


اتخضّت إيمان من الثقة في الكلام…

حاولت تبتسم، لكن وشها اتشد.

سألت بهدوء:


> "هو… هو ربنا فعلًا طلب مننا نقتل؟"


رد شاب عراقي، كان واقف وراهم، بصوت تقيل:


> "اللي يرفض   طريق الجهاد، يبقى ضدنا.

وإحنا ما بنقتلش، إحنا بندافع… حتى لو دفعنا تمن الدم."

خائنة خلف جدران الحب 

الكاتبة صفاء حسنى 

الفصل 6 

سكتت إيمان…

حسّت كأنها وسط ناس حافظين النصوص… بس ناسيين الرحمة.

كل واحد شايف نفسه "وكيل ربنا"،

وكل من يعارضه… كافر، خائن، لازم يزول.


قلبها بدأ يدق بسرعة،

عارفة إنها دخلت في عمق الخطر…

بس الأمل الوحيد إنها تكمّل وتفهم أكتر، يمكن تقدر توقف المصيبة دي من جوه.

خائنة خلف جدران الحب 

الكاتبة صفاء حسنى 

في هدوء غرفة المستشفى،

فتحت رهف عينيها ببطء،

نور ضعيف كان داخل من شباك صغير،

وأنين الألم لسه في جسمها، بس قلبها اتقلّب لما حست بحاجة دافية وقعت من أيديها جانبها  كانت ورقة 


مكتوب عليها إيمان فتحتها 


"رهف…

أنا آسفة، والله ما كنت أعرف إنك كنتي معاه.،أو هو اصلا فى المدرسة كل إلا اعرفه انه ملازم وعايزين يخلصوا عليه وأنا زمان وعد ظابط انى أكون دعم ل أي ظابط إن كان جيش أو شرطة  أو قاضي لإنهم عمود  من اعميد البلد ،ولو وقعوا البلد تنهار ،متصورتش انك  بتحبي وممكن تضحي بحياتك عشانه، اه من اول يوم واحنا بنحميهم  احنا الاتنين من خطرهم لكن، أنا عملت في نفسي كده عشان أهرب من سجن أكبر…

لكن متصورتش انك هتكون نسخة منى وتضحى بنفسك علشانه  


سامحيني، ولو قدرتي… متنسيش إني دايمًا كنت شايفة فيك أخت مش مجرد صديقة.


أنا مسافرة... ومش عارفة رايحة على فين.

مش بإيدي... اتحكم عليا أسيب بلدي، أسيب جماعتى إلا لسه مقدمتش عليها ، أسيب أصحابي، أسيب كل حاجة حبيتها.


بس لو ربنا كتب لي النجاة…

إوعي تغيري رقمك، لأنك هتكوني أول شخص أرجع له.


ربنا يحميكي ويحمي قلبك."


"

"إحنا أخوات... وهنفضل أخوات."


حتى لو كتبوا كتابي، حتى لو سافرت ، حتى لو اتغيرت حياتي كلها...

أنا مش ناسية إنك كنتي أول حد شافني إنسانة، مش أداة.

عارفة؟

أنا مش محظوظة زيك...

إنتي اتولدتي وسط ناس بتحب البلد، ناس عادية...

وأنا اتولدت في وسط منظمة...

أمي وأبويّا اتولد فيهم عاشوا معهم ، واتربّيت على إن اللي يعصي أوامرهم، لازم يتعاقب. لكن ربنا بعتلي ولد زمان فهمنى ان الا بيعملوا غلط ،حاولت اكون انسانة كويسة بمساعدتك 

لكن ده عقابي...

أروح برجلي على الموت...


يمكن أموت، يمكن لأ.

لو ما مُتّش...

أوعدك هكلمك، بس أوعي تغيّري رقمك.






حافظي عليه... زيه زيّ الذكرى.

يمكن يوم تفتحي الباب تلاقيني...

يمكن يوم تفتحي التليفون تسمعي صوتي...


بس لو مجاش اليوم ده...

افتكريني على طول...

مش خائنة زى ما هما بيقولو 

لكن كبنت... ما عرفتش تختار، وما عرفتش تنقذ الكل."


عيني رهف دمعت وهي تقرا،

والكلمات دخلت جوّاها كأنها بتتقال بصوت إيمان.


تنهدت رهف،

مسحت دموعها بصعوبة وقالت بصوت خافت:


"بالعكس…

إنتي خدمتيني من غير ما تقصدي.

من النهارده… هكون قريبة من مومن، وهعيش على أمل إنه يحبني في يوم.


ربنا يعينك على الطريق اللي مشيتي فيه،

وأنا…

بشكرك، عشان بسببك…

قدرت أحمي حب عمري.

الحب اللي ابتدى من وأنا طفلة… ولسه مكمل."


وبصّت على الورقة… وضمتها لصدرها،

زي ما بتضم ذكرى غالية،

أو وداع ما تعرفش إذا كان له رجعة ولا لأ.


في ممر المستشفى،

كان مومن طلب يروح عند رهف وقاعد على الكرسي المتحرّك، بيشد في نفسه، وعينه ما بتتحرك ومشي يبحث  عن  غرفة رهف.


قال للممرضة بإصرار:


> "لو سمحتي، خديّني عندها…

لازم أطمن عليها."


الممرضة هزت راسها بتردد، لكن نظرة مومن كانت قوية… خدت الكرسي وبدأت تتحرك بيه ناحية الغرفة.


في الوقت ده، كانت رهف جوه الغرفة،

شايفة الباب بيتفتح…

وبسرعة خبت الجواب اللي فيه كلام إيمان تحت المخدة،

وقامت عملت نفسها نايمة.


دخلت الممرضة بهدوء وسألت زميلتها:


> "أخبارها إيه؟ الملازم مومن عايز يطمن عليها."


رهف سمعت  إسمه من هنا …

بدت تفتح عيونها ببطء،

ولما شافها مومن، قرب منها بسرعة على الكرسي،

ومسك إيدها بإحساس غريب، زي خوف متخنق جواه.


قال بصوت مهزوز:


> "رهف…

انتي ؟

ليه عملتي كده؟

ليه وقفتي قدام الرصاصة؟

… انتي مش خايفة تموتي؟!"


خائنة خلف جدران الحب 


تنهدت رهف، عيونها فيها ضعف وقوة في نفس الوقت،

نظرت له بنظرة طويلة وقالت:


> "إنت زمان…

حميتني من الأولاد اللي كانوا بيضربوني…

وكانوا كتير… واتجمعوا عليك

بس انت ما خفتش،

وقفتلهم لوحدك،

وعلمتني إن الجدعنة مش بتتقاس بالقوة،

بتتقاس بالقلب."


مومن اتلخبط… عينيه دارت كأنه بيدوّر على الذكرى،

مش فاكر الموقف أوي… لكنه حس بحاجة من كلامها،

سألها وهو بيبتسم بسخرية خفيفة:


> "يعني علشان ترديلي الجميل…

تموتي؟

ده مش ضرب أولاد يا مجنونة…

ده رصاص!"


خائنة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء حسنى 


رهف (بصوت واطي بيترعش شوية):

"ماكانش ينفع أسيبك…

مش إنت الحماية ليا… من وأنا طفلة…

وأنا…"


سكتت، وكأن الكلام وقف على طرف لسانها.


سألها مومن (بهدوء وهو بيقرب منها):

"بتحبيني؟"


رهف ماقدرتش تبص في عينيه، بس هزّت راسها بالإيجاب، والدمعة نزلت من طرف عينها.


رهف (بصوت مكسور وهمس):

"آه… من غير ما تحس.

كنت دايمًا أجي عندكم بحجة إني بلعب مع البنات… وأنا أصلاً كنت عايزة أشوفك."


سكتت لحظة، كأنها بتراجع سنين عمرها.


رهف (بتكمل والدموع في عيونها):

"زعلت أوي لم اتنقلت من مدرستنا، بس عرفت إنك رُحت مدرسة عسكرية… بتتدرب، وبيجهّزوك تدخل الشرطة.

فرحت بيك… وفضلت مستنية اليوم اللي تنزل فيه … بالبدلة…

وأنا واقفة من بعيد، أقول ده مومن… اللي كان بيحميني زمان، وبقى ضابط النهاردة."


مومن كان بيسمعها وهو مصدوم، قلبه بيتقلب جوّاه، مش مستوعب كل المشاعر دي كانت حواليه ولسه ما حسش.


رهف (بابتسامة ضعيفة):

"وبعد ما اتنقلت من المجمع ده للمجمع التاني…

أنا اللي اقترحت على بابا ننتقل… وفعلاً وافق، عشان نقدر نشوفك.

بابا نائب في البرلمان، وعنده سلطة، قدر ينقلنا بسهولة.

فرحت أوي… أوي… لما عرفت إنك هتحضر حفلة تخرجنا…

وكمان خطوبة طارق وملك…

كنت عايزة أشوفك… بس مش كنت متخيلة إن أول نظرة بينا تبقى قدام رصاصة."


مومن (تنهد تنهيدة طويلة، فيها ذهول، وفيها حيرة):

"كل ده؟

كل ده جواك؟

وانا… ولا حتى كنت واخد بالي."


سكت لحظة، وبص لها نظرة فيها حاجة مختلفة، كأن أول مرة يشوف ملامحها بوضوح.


مومن (بهمس):

"أنا آسف يا رهف… آسف إنك شيلتِ ده لوحدك…

ويمكن… يمكن كنت محتاج الرصاصة دي عشان أعرف…

إنك كنتي جنبي طول الوقت."


قبل ما يكمل، الباب اتفتح، ودخل والدها ووالدتها، وقلقهم سابقهم:


الأب:

"رهف! يا بنتي… إنتي كويسة؟ حد يقولنا إيه اللي حصل؟… ليه عملتي كده؟!"


الأم (بدموع):

"إزاي ترمي نفسك قدّام الرصاصة؟! ليه يا حبيبتي؟"






رهف ماردتش، عيونها بس كانت بتلمع، دمعة بتتزحلق في صمت، نظرتها معلقة على مومن.


مومن وقف ساكت، وطلب من الممرضة تحرك الكرسي المتحرك…

وهو طالع من الأوضة، قلبه بيتقلب، وكل ما يفتكر نظرتها، يحس بحاجة مش مفهومة بتتولد جواه.


مومن (في سره):

"العشق ده… إمتى ابتدى؟ وإزاي أنا ما خدتش بالي؟"

خائنة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء 

📍في المعسكر – الجناح النسائي


تم فصل الشباب  عن البنات، واتاخدت إيمان مع مجموعة من الفتيات، وكان عبد الرحمن في جناح تاني مع الشباب.


رغم إن قلبها مش مطمئن، لكن جوّاها فيه راحة صغيرة… يمكن عشان مكنتش عاوزة عبدالله يقرب منها 


دخلت إيمان المكان، لقيت البنات قاعدين على بطاطين مفروشة، الكلام بينهم كان شغال، بس مش بالهدوء اللي كانت متوقعاه.


بنت من البنات (بتضحك):

"ها يا عروسة… إيه أخبارك؟ جاهزة للجواز؟"


إيمان (بخجل):

"أنا… أنا مش… مفكرتش في كده قبل كده…"


بنت تانية (بصوت هادي بس فيه فضول):

"يعني عمرك ما قرأتي حاجة عن الجواز؟ عن العلاقة؟"


إيمان (اتحرجت):

"كنت بقرأ قرآن وحاجات في الدين بس… الكلام ده مش كنت بفكر فيه خالص…"


ضحكت واحدة منهم، كانت أجرأهم:


البنت الجرئية:

"وفيها إيه؟ إحنا متدينين بس بشر… بنحب ونتجوز ونخلف!

والمهم نخلّف كتير… نبني عزوة ونكون أقوى… عايزين نبقى أكتر منهم، مش أقل."


إيمان فضلت ساكتة… الكلام غريب، مش شبه اللي تربت عليه.

رغم تحفظها، لكنها بدأت تفهم إن اللي جاي أصعب من اللي راح.


---

خائنة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء حسنى 

📍بعد أيام… من أماكن متفرقة


☀️ في مكان بعيد عن الوطن…


كانت إيمان بتساعد البنات في ترتيب الخيم، شعرها مربوط تحت الحجاب، ووشها عليه لمحة تعب… لكنها بتحاول تضحك.

بتقطع الخضار، وتحط البهارات، وكل شوية واحدة من البنات تسألها على حاجة، وهي ترد بهدوء.

المكان كان عبارة عن مخيمات، لكن فيه وجوه مش كلها طيبة… وفيه لهجات مختلفة: شامية، عراقية، لبنانية، مغربية… وكلهم بيجمعهم نفس الاعتقاد.


بنت لبنانية قالت لها بابتسامة:

"إنتِ بتعرفي تطبخي كتير طيب! شكلك كنتي ست بيت قبل ما توصلي لهون!"

ضحكت إيمان بخفة وقالت:

"ولا ست بيت ولا حاجه… ده بابا حتى مكنش يسيبني أدخل المطبخ!"


وفي الخلفية، كان فيه صوت البنادق بيتدربوا عليها الشباب، وعبد الله  وسطهم، بيشاور لهم على الخريطة وبيقول تعليمات.


---


🌙 أما في القاهرة – المستشفى العسكري 


كان مومن قاعد على سريره… رجله في الجبس، ونظراته معلقة في السقف.

دخل الدكتور وقال له بصوت هادي:


"الحمد لله الرصاصة خرجت من رجلك، لكن للأسف  مش هتقدر ترجع تبقى ظابط ميداني."


سكت، بص لها وهو بيحاول يخبي الدمعة.


"يعني إيه مش هرجع؟ أنا… اتعلمت، وتحملت، وكان حلمي من وانا صغير… الشرطة مش وظيفة، دي كانت حياتي."


الدكتور  بص  له بتعاطف:


"بس لسه قدامك طريق… يمكن مش نفس الحلم، لكن ربنا هيفتحلك باب تاني… ويمكن تكون رسالتك أكبر."


اتنهد مومن تنهيدة فيها وجع…

كان حاسس إن عمره اللي تعب فيه طار،

لكن جوه قلبه، كان في صورة واحدة بتقرب…

بنت واقفة قدام الرصاصة… اسمها رهف.


---

خائنة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء حسنى 

---


كان مومن قاعد على الكرسي جنب الشباك، نظراته تايهة في الفراغ، ووشه شاحب شوية…

الملف الطبي على الترابيزة، وجنبه صورة الأشعة اللي أكدت إن رجله مش هتسمح له يرجع ميداني تاني.


دخلت رهف بهدوء، ومعاها ورد أبيض، ابتسمت وهي بتقرب منه وقالت:


"هو إنت درست حقوق جوه كلية الشرطة؟"


بص لها مومن، كأنه بيصحى من حلم:


"طبعًا… القانون مادة أساسية، بندرسها من أول سنة."


قعدت رهف جنبه، ومدت له وردة:


"طيب الحمد لله… أصل أنا جبت مجموع حقوق، وكنت محتارة أدخل ولا لأ، بس طالما إنت درستها، يبقى لازم أكمل."






ابتسم لأول مرة من يوم العملية:


"إنتِ بتفكري تدخلي حقوق بسببي؟"


هزت راسها وقالت ببراءة:


"جزء كبير، آه… وبعدين، هو ممكن أكون نائبة عامة عشان أعرف إن النائب العام شغلته مش بعيدة عن الشرطة… بيدور ورا الأدلة، بيحقق، بيقدم المجرم للمحكمة… برده بيحمي الناس بس من مكتب مش من شارع."


سكت لحظة، ورجع نظره لها وفهمى عاوزة تقول إيه :


"يعني شايفاني نائب عام؟"


ضحكت وقالت:


"شايفا إنك مش لازم تحبط… الظابط اللي فيك مش هيموت، هيغير بدلته بس."


كانت بتتكلم بعفوية، لكن كل كلمة قالتها كانت بتداوي جرح جوه قلبه.


مد إيده وخد الوردة منها، وقال بصوت واطي:


"يمكن ده الطريق اللي لازم أمشيه فعلاً… شكراً يا رهف."


"أنا جنبك دايمًا… حتى لو الطريق اتغير، أنا مش هبعد."


---

خاينة خلف جدران الحب 


الدنيا كانت بتظلم، والهدوء مسيطر على المكان، بس قلب إيمان كان بيصرخ من الخوف.

من ساعة العصر وهم بيجهزوا ليها خيمة خاصة…

الخيمة اللي كان المفروض تبقى بداية "حياة جديدة"… لكنها شايفاها نهاية كل حاجة كانت بتحلم بيها.


كانت قاعدة على بطانية بسيطة، وشوية هدوم بيضة مرمية جنبها، وريحة البخور مالية المكان.


دخلت واحدة من البنات، ومعاها صحن فيه ميّة، وقالت بابتسامة مزيفة:


"يلا يا عروسة… لازم تغتسلي، عبد الله جاي بعد شوية، والشيخ هيجي يقرأ عليكم الفاتحة."


نظرات إيمان كانت مجمدة، وشعرها مقشعر، وهي بتهمس لنفسها:


"أنا ازاي أوصل لكده؟ أنا كنت بذاكر… كنت بكتب أحلامي في كشكول… كنت بحلم أبقى طبيبة… مش عروسة في معسكر!"


تتبع


               الفصل السابع من هنا  

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا  

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×