رواية اشتقت لها (كاملة جميع الفصول) بقلم ميزو
كان يحتضن حبيبته بذراعٍ واحدة، بينما يمسك بيده الأخرى عجلة القيادة، والسيارة تنساب بهما على الطريق في هدوء، والابتسامة لا تفارق وجهيهما. كانت ضحكاتها الخافتة تتناغم مع صوته وهو يروي لها شيئًا مضحكًا، حتى قطع ذلك الصفاء اهتزاز خفيف من هاتفه الموضوع بجانبه.
مد يده بهدوء، فتح شاشة الهاتف، وفجأة اتسعت عيناه بذهول، وكأن الدم جمد في عروقه. كانت الرسالة قصيرة، لكن كلماتها غريبة ومقلقة: "عد لحد تلات… لحظات، وبص قدامك."
همس في نفسه وهو يعبس:
"إيه الهبل دا؟!"
لم يفهم المقصود، لكن قلبه بدأ يخفق بسرعة غير طبيعية. انقضت الثواني الثلاث، وفجأة ارتسمت على وجهه ملامح صدمة لا يمكن وصفها… أمامه مباشرة شاحنة ضخمة اندفعت نحوهم بسرعة جنونية، وفي لحظة اصط*دمت بسيارته بقوة جعلت صوت المعدن يتكسر كأنه ورق، ودارت السيارة في الهواء قبل أن تسقط أرضًا بعنفٍ مضاعف.
بين الفوضى والصوت المدوّي، ضمها إلى صدره بقوة، وأحاطها بجسده كدرع حيّ، محاولًا امتصاص أكبر قدر ممكن من الصدمات. لم يكد يلتقط أنفاسه حتى كانت الشاحنة قد هربت بعيدًا تاركة خلفها سحابة من الغبار ورائحة الحديد المحترق.
توقفت السيارة أخيرًا بعد سلسلة ارتطامات، والهدوء الذي تلا الحادث كان مخيفًا أكثر من الضوضاء نفسها. كان صوت أنفاسها المتقطعة مسموعًا بوضوح، ودموعها تنهمر بغزارة وهي تختبئ في حضنه، جسدها يرتجف كطفلة تبحث عن الأمان.
ابتعدت ببطء، ووجهها شاحب وعيناها متسعتان من الفزع، وهمست بصوت مرتجف:
"إنت… إنت كويس؟"
لكنها تجمّدت وهي ترى وجهه مغطى بالدماء، وأنفاسه تخرج بصعوبة، وكأن كل شهيق يسرق منه جزءًا من قوته.
مدّت يدها المرتجفة تتحسس وجهه المرهق، كانت أناملها الباردة تمسح برفق الدم الذي انساب على وجنته. نظر إليها بصعوبة، جفناه يثقلان وكأنهما يحملان كل ما تبقى من قوته، بالكاد يستطيع الرؤية بوضوح. رفع يده ببطء، ووضعها فوق يدها التي على وجهه، وضغط عليها بخفة، ابتسامة ضعيفة ارتسمت على شفتيه رغم الألم الذي ينهش جسده.
همس بصوت مبحوح ومنخفض، يكاد يتلاشى مع أنفاسه:
"أنا كويس… متقلقيش."
لكن فجأة، اتسعت عيناه بدهشة وذعر، إذ لمح من خلفها ظلًّا يتحرك… شخص مجهول يرفع مسدسًا موجهًا مباشرة نحوها. أراد أن يصرخ، أن يحذّرها، لكن صوته اختنق قبل أن يخرج، وفي جزء من الثانية دوّى صوت الطلقة، واخترقت الرصاصة جسدها. ارتعشت بين ذراعيه، قبل أن تهوي أرضًا بجواره كزهرة قُط*فت فجأة.
صرخ باسمها بكل ما تبقى من صوته، صرخة ممتلئة بالفزع والانكسار، بينما دماؤها تنساب بغزارة على الأرضية المكسّرة للسيارة. مد يده إليها، قلبه يتخبط في صدره وكأنه يريد كسر قفصه ليخرج إليها.
تحرّك ليقترب منها، لكن وخزة حادّة مزّقت جنبه الأيسر وأوقفت أنفاسه للحظة. حدّق في موضع الألم، فرأى قطعة من زجاج السيارة قد اخترقت جسده، مغروسة بين ضلوعه دون أن يشعر بها وسط الصدمة. قطرات الدم تقطر منها ببطء، وكل نفس يسحبه وكأنه يبتلع نارًا.
مدّ يده إليها رغم الألم الذي كان يمز*قه من الداخل، زحف ببطء فوق قطع الزجاج المتناثرة، وكل حركة كانت تغرس الشظايا أكثر في جسده. كان يرى وجهها الشاحب يزداد هدوءًا، وشفتيها ترتجفان وكأنها تحاول أن تنطق باسمه.
اقترب حتى صار بجانبها، وضع يده المرتعشة أسفل رأسها ورفعه قليلًا، عينيه تمتلئان بالدموع وهو يهمس بصوت متهدّج:
"ميرال… اصحي… إنتي هتبقي كويسة، سامعاني؟"
لم تجبه، فقط أنفاس ضعيفة متقطعة تخرج منها. نظر حوله بجنون، الطريق خالٍ، والشاحنة التي صدمتهم اختفت، وكذلك الرجل الذي أطلق النار. أحس باليأس يطبق على صدره، لكنه هز رأسه بقوة، وكأنّه يرفض الاستسلام.
حاول أن ينهض بها، لكن الألم عند ضلوعه ازداد حدة حتى شعر بأن نظره يبهت. مع ذلك، أسندها إلى صدره، وضغط بيده على جرحها محاولًا إيقاف النزيف، وهو يلهث:
"استحملي معايا… بالله عليكِ استحملي."
صوت خطوات خافتة قادم من بعيد جعل قلبه يقفز؛ ربما أحدهم جاء ليساعد، أو… ربما هو الخطر يعود من جديد. ضمها إلى صدره أكثر، مستعدًا للدفاع عنها بجسده مهما كلّفه الأمر، والدماء تتساقط من جراحه على ملابسها.
كانت أنفاسه تتسارع، وحرارة جسده ترتفع من شدّة النزيف، بينما عيناه تبحثان بيأس عن أي إشارة للحياة من حولهما. فجأة، اخترق سمعه صوت سيارة تقترب بسرعة، ثم توقفت على بعد أمتار، ونزل منها رجل يركض نحوهما.
اقترب الرجل وهو يصرخ:
"استنى! استحمل… هانلحقكم."
انحنى بجانبه، وحين رأى الدماء التي تغطيهما، فتح عينيه برعب وبدأ يستدعي المساعدة عبر جهاز اللاسلكي. بعد لحظات، ظهرت سيارة إسعاف، وصوت صافرتها يشق سكون المكان.
حاول المسعفون إبعاده عنها ليفحصوها، لكنه تمسّك بها بقوة، صوته مبحوح وهو يهمس:
"هي معايا… مش هسيبها."
اضطر أحدهم أن يطمئنه:
"هتكون بخير… بس لازم نلحقها دلوقتي."
رفعوهما معًا إلى النقالة، لكنه ظل محتضنًا إياها حتى داخل سيارة الإسعاف، وجهه ملاصق لوجهها وكأنه يخشى أن تضيع منه في أي لحظة.
المسعف وضع كمامة الأكسجين على وجهه، وصوته بدأ يبهت وهو يكرر بصوت واهن:
"ميرال… أنا جنبك."
قبل أن تكتمل جملته، انطفأ وعيه ببطء، وسقط رأسه إلى جانبها، بينما كانت ما تزال بين ذراعيه في حضنه، والسيارة تندفع بهما نحو المستشفى بأقصى سرعة.
توقفت سيارة الإسعاف أمام باب الطوارئ، واندفع الفريق الطبي بسرعة لفتح الأبواب. كان صوتهما غائبًا، وملامحهما باهتة تحت أضواء المستشفى البيضاء القاسية.
حاول المسعفون فصل جسديهما عن بعض، لكن ذراعه كانت ما تزال ملتفّة حولها حتى وهو فاقد الوعي، وكأن جسده يرفض تركها. اضطر أحد الأطباء أن يحرّك ذراعه بحذر، ثم قال بسرعة:
"افصلوهم فورًا… كل واحد لازم يدخل غرفة عمليات لوحده."
وضعوا وسيم على نقالة، وسرعان ما أحاط به فريق من الأطباء والممرضين، يفحصون جرحه العميق بجانب ضلوعه، بينما طبيب التخدير يجهّز الأدوات. في الوقت نفسه، كانت ميرال تُنقل على نقالة أخرى إلى الجهة المعاكسة، والممرضات يضغطْن على مكان إصابتها لإيقاف النزيف، وأنبوب الأكسجين على وجهها.
تحرّكت النقالتان في اتجاهين مختلفين داخل الممر الطويل، أصوات عجلاتهما تتردد على الأرضية اللامعة، وكأنهما سباق مع الزمن. الطبيب المسؤول رفع صوته:
"الحالتين حرجة… مفيش دقيقة نضيّعها."
اندفعت الأبواب المزدوجة، فدخل وسيم إلى غرفة عمليات في الجهة اليمنى، بينما فُتحت أبواب أخرى في الجهة المقابلة لميرال. ومع كل باب يُغلق، كانت المسافة بينهما تكبر… لكن الخوف عليهما ظل واحدًا.
في داخل غرفة العمليات، كان صوت الأجهزة يختلط بأوامر الأطباء السريعة. ضوء قوي يسطع فوق وجه وسيم، وكمامة الأكسجين تغطي أنفاسه الثقيلة. أحد الجراحين يعمل على إخراج قطعة الزجاج التي اختر*قت جسده، بينما آخر يوقف النزيف ويعالج الكدمات العميقة.
في الغرفة الأخرى، كانت ميرال محاطة بفريق طبي لا يقل سرعةً وقلقًا، يحاولون السيطرة على النزيف الناتج عن الطل*قة، وجهاز القلب يصدر إنذارات متقطعة تزيد من توتر اللحظة.
مرّت ساعات وكأنها دهر، حتى انتهت العمليتان. نُقل وسيم إلى غرفة الإنعاش، جسده مثقل بالألم، لكن وعيه بدأ يعود ببطء. فتح عينيه بصعوبة، وصوته خرج مبحوحًا وهو يهمس:
"ميرال… فين ميرال؟"
تبادل الأطباء والممرضات النظرات بصمت، قبل أن تقترب منه ممرضة، تنظر للأسفل وكأن الكلمات تثقل لسانها. همست:
"أنا آسفة… ميرال م… ماتت."
تجمّدت ملامحه للحظة، وكأن روحه توقفت مع الخبر، قبل أن يحدّق في الفراغ، والدموع تتجمع في عينيه، غير قادر على تصديق أن حضنه الذي حماها، لم يستطع إنقاذها.
#البارت١
يارب البارت الاول يعجبكم عارفه البدايه محزنه لكن هتعجبكم الاحداث بعدين متتسرعوش بالحكم على قصه من فصل او اتنين...