رواية قرية الجن الفصل الثاني 2 بقلم محمود الامين

رواية قرية الجن الفصل الثاني 2 بقلم محمود الامين

 رواية قرية الجن الفصل الثاني 2 بقلم محمود الامين


الجزء 2


_ إحنا عاوزين نعرف إيه اللي حصل في القريه دي، وإيه دخل المقابر دي بالقريه؟

= لا، ده موضوع كبير، ولو عاوزين تسمعوه ما عنديش مشكله.. بس مش هينفع نتكلم هنا في الشارع، مش أصول. تعالوا نقعد عندي في البيت تشربوا الشاي وأنا هحكيلكم كل حاجه.


ورغم القلق اللي إحنا فيه، سيبنا العربيه ودخلنا مع الراجل ده بيته، وعرفنا إن اسمه الأستاذ فضل وإنه كان مدرس وطلع على المعاش، المهم، دخلنا البيت وقعدنا، وأشرف كان بيقولي:

_ أنا مش مرتاح للراجل ده يا يوسف، ما تيجي نمشي من هنا يا عم ومش عاوزين نسمع حاجه.

= مش مرتاح للراجل ليه؟.. ما هو راجل شكله محترم ومش عفريت ولا حاجه، وبعدين أنا عايز أعرف إيه حكايه القريه دي، أنا جاي هنا عشان كده أصلًا.

_ والله ما في حد هيودينا في داهيه غيرك.

= طيب ممكن تسكت عشان الراجل جاي علينا أهو.


قعد الراجل قدامنا.. وبعد ما نزل الشاي ابتدى كلامه وقال:

_ الحكاية اللي أنا هحكيها دلوقتي مش عاوزها تكون سبب في الفضول، يعني هتسمعوا الحكاية دي من باب العلم بالشيء، عشان أنا مش عاوز حد يتضر بسببي. بس أنا شايف في عينيكم الفضول، وصدقوني الفضول بيقتل صاحبه.

تسمعوا عن ناس تحت خط الفقر؟!.. كلمة الفقر معناها حاجات كتير: فقر في العيشة، فقر في التفكير، وفي كل حاجه.

القريه دي محدش ساكن فيها من 20 سنه، كنت ساعتها لسه شباب، أبويا كان مدرس وأهم حاجه عنده التعليم، وعشان كده أنا من الناس القليلة اللي اتعلمت في البلد، بس كنت شايف الجهل قدام عيني.


الموضوع بدأ مع الست عايده اللي راحت المقابر وهي بتدفن ابنها اللي مات بعد ولادته بحاجه بسيطة. بس ده ما كانش الابن الأول اللي يتدفن لعايده، عايده خلفت خمسة والخمسة ماتوا. يمكن دي حاجه غريبة وتستغربوها، لكن الغريب كان هو تفكيرهم وقتها، وبالذات تفكير جوزها عبد الستار، اللي كان عنده ابن اسمه عمرو من مراته الأولانية بس مراته ماتت وهو اتجوز عايده بعدها.

الست عايده كانت بتدفن ابنها وهي بتعيط بحُرقة، وهنا اتكلم عبد الستار وقال:

_ هو إحنا اللي هنعيده هنزيده؟ ما أنا قولتلك إنتي مش مكتوبلك خلفه، بس إنتي اللي تعبّه روحك على الفاضي. وإحنا عندنا عمرو ربنا يخليه لينا، هو مش زي ابنك برضه ولا إيه؟

= أنا راضيه وما قلتش حاجه، بس غصب عني أنا كل فتره باجي أدفن حِتّه مني، مش سهله عليا.

_ اسمعي يا عايده، أنا مش عاوزلك العذاب، انسي بقى حوار الخلفه ده ونركز في حياتنا. سيرتنا بقت على كل لسان في البلد، والكل بيقول إنك ممسوسه أو معمولك عمل.. وأنا مش ناقص وجع دماغ ولا عايز أعمل مشاكل مع حد.

= حاضر يا عبد الستار، مش هفتح معاك موضوع الخلفه تاني. بس تعالى نروح لدكتور نشوف المشكله منين؟

_ إنتي اتهفّيتي في عقلك؟ إنتي عاوزه تفضحيني! دكتور إيه اللي أروحله؟ لا، ما فيش منه الكلام ده.. وآخر مره تتكلمي في الموضوع ده يا عايده.


...


عايده كانت ست غلبانه ومغلوب على أمرها، مضطره تعيش مع راجل مش مقدّر مشاعرها، وتربي ابن مش ابنها. حتى الحاجه اللي من حقها إنها تروح للدكتور عشان تكشف، جوزها شايفها جهل وشايف إن سيرته هتبقى على كل لسان. وعشان كده عايده بدأت تسمع كلام جوزها وبدأت تركز في حياتها.


لحد اليوم اللي عايده فيه راحت تزور أمها، ولما اتفتح موضوع الخلفه عايده انهارت وحكت لأمها كل حاجه.

صعبت عليها بنتها، فأصرت تاخدها لدكتور معرفة. واللي عرفته عند الدكتور إنها محتاجه عمليه اسمها "عمليه ربط"، وإن العمليه دي لو ما اتعملتش هتفضل عايده تخلف والطفل يموت.


بس عايده كانت فاكره إنها لما ترجع وتحكي لجوزها، هيفرح إنه في حل. بس كان يوم أسود على عايده اللي جوزها ضربها وبهدلها عشان راحت للدكتور، وقالها: "إنتي كده بتعصي كلامي".


ولما الكلام زاد في البلد، قرر عبد الستار إنه ياخد مراته للشيخ جابر، وهو لا شيخ ولا حاجه.. ده أقذر بني آدم ممكن تقابله في حياتك: دجال ونصاب.

ومن أول مره شاف عايده وهي عجبته.. ودي ما كانتش أول مره يعمل القذارة دي. طلب من جوزها إنه يخرج بره وقعد مع عايده لوحدهم. ووقتها ولّع بخور خلّى عايده داخت وما بقتش في وعيها، وللأسف عمل عملته.


ولما فاقت عايده ما كانتش فاكره أي حاجه، بس كانت حاسه إنها مش مظبوطه وإن في حاجه غلط حصلت.


...


ويمر أسبوع في التاني، وعايده تبقى حامل. وطبعا عبد الستار كان فاكر إنها حامل منه. ولما راح عشان يشكر جابر، اتصدم من الطلب اللي طلبه منه:

_ أنا جاي أشكرك يا شيخ، أنا مراتي بقيت حامل تاني وأكيد المره دي الطفل مش هيموت، وده عشان بركتك حلت علينا.

= ومين قالك إن الطفل ده يبقى ابنك يا عبد الستار؟

_ أكيد هيبقى ابني! هو إنت تقصد إيه؟

= طلق عايده يا عبد الستار، هي خلاص ما بقتش ملكك.

_ إيه الكلام اللي إنت بتقوله ده يا جدع إنت؟ أطلّق مين؟

= أنا ما كنتش عاوز أقولك الحقيقة، بس إنت اللي أصريت. اللي في بطن مراتك ده يبقى ابني أنا. ما هي مراتك عاوزه تخلف وأنا هخليها تخلف، والطفل ده مش هيموت. الطفل ده هيكون ليه حُرّاس، هيكون خِلفتي، وعايده هتبقى مراتي.

_ إنت شكلك اتجننت، وديني ما هسيبك!


...


حاول عبد الستار إنه يضرب جابر ويقتله، لكن اللي حصل كان العكس. جابر كان عامل حسابه وقدر يقتل عبد الستار.

وبشهادة الشهود اللي شهدوا زور قدام النيابه والمحكمه، خرج جابر من القضيه واتقال إنه كان بيدافع عن نفسه.


بس عبد الستار مات وساب وراه ابنه، اللي عرف كل اللي حصل وقرر إنه مش هيسيب حق أبوه. لكن أهل البلد كانوا بيسمعوا كلام جابر وبينفذوه من غير أي نقاش، وجابر طلب منهم يطردوا عايده وعمرو بره القريه، وده بعد ما عايده رفضت تتجوزه.

الناس كانت عارفه الحق، بس خوفهم من جابر خلاهم ينفذوا المطلوب منهم من غير أي كلام.


ومرت السنين، والجهل كتر في البلد، وكل اللي معاه مشكله بقى يروح لجابر وأعوانه. لحد ما جه البلد واحد اسمه نصّار، الكل كان فاكره شيخ وده باين من شكله، لكن في الحقيقة نصّار ما كانش يفرق حاجه عن جابر: دجال زيه، بس نصّار كان أقوى من جابر بكتير. وعشان كده الناس بدأت تسيب جابر وتروح لنصّار تطلب منه أي حاجه: في اللي بيروح يفك سحر، واللي بيروح يعمل سحر، واللي طالبه تخلف. والناس بقت بتحب نصّار.


لحد ما في يوم كان نصّار خارج من بيته، لقى واحد بيقرّب منه وبيبوس إيده، وأول ما اداله الأمان، الراجل خرج من جيبه سكينة وكان هيطعنه بيها. لكن نصّار كان صاحي وقدر يتفادى الضربة. وطبعا الشخص ده يبقى من أعوان جابر، وواحد من اللي طردوا عايده زمان.


الراجل ده هرب ورجع تاني على بيته، لكن الليلة ما عدتش عليه. صحينا تاني يوم على صُراخ، كان صراخ واحده. طلعنا كلنا عشان نشوف في إيه عندها فوق، بس اللي شُفناه وقتها كان غريب.. لقينا الراجل ده ميت، بس جثته متعفنه كإنه عدى عليها أيام! الريحة كانت صعبه ولا تُطاق. وأول ما نزلنا من البيت حصلت حاجه خلت الناس كلها اترعبت..


يتبع الجزء الثالث

#محمود_الأمين


               الفصل الثالث من هنا 

تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×