رواية نوح الباشا الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم ندا الشرقاوي
#الفصل_التاسع_والعشرون
#سفر_كرياتور
#ندا_الشرقاوي
مرت الأيام.....
وكانت موج كُل ليلة تقوم بفعل أشياء جديدة حتى تُظهر الشقة برونق وشَكل جميل ،حتى إنها قامت بدهن الحائط بنفسها مما آثار جنون نوح ،عندما يستيقظ كُل يوم يراها تفعل شيء يُثيره عن كُل مره .
اليوم هو أول أيام تدريب نوح للطلاب ،وقفت موج تُعد السُفرة وضعت الأقلام والدفاتر وبعض الصور التي سوف يقوم نوح بالشرح عليها .
كان نوح يسند بذراعه على الحائط تَذكر أحد المواقف .
"عودة قبل يومان"
كانت تقف على السلم الحديدي تمسك في يدها الرولة تكوم بالدهان اللون الأبيض وهى تُتمتم أحد الأغاني التي لا تتذكر كلمتها،كانت ترتدي سُلبت قماش من اللون الأزرق ،تلطّخت أطرافها ببقعٍ من الطلاء،.
تغمس الرولة في إناء من الصاج عميق به اللون الأبيض ثم رفعته من جديد، لتسحب به خطًا طويلًا على الحائط،كانت تتحرّك بثقة، كأنها تعرف تمامًا ما تفعله، وكأن الجدار نفسه ينتظر لمستها الأخيرة ليبدو أجمل.
وقفت قليلًا، قامت بمسح عرق جبينها بظاهر يدها، ونظرت إلى ما أنجزته،ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت بصوت عالٍ تُحدث نفسها غافلة عن الذي يُراقبها في صمت
-فاضل شوية... وهكمل
وضع سبابته في فاه يقوم بالتصفير بصوتٍ عالٍ لها ثم قال
-الله ينور يا سطا والله،سكنتين معجون لوز اللوز .
استدارت نحو الصوت وكان اللوت يُلطخ وجهها قالت وهى تنظر له بعبث
-ياسطا !!؟ شايفني لابسه سُلبت قماش وكُلي بويا
اقترب وهو يقطّب حاجبيه بغرابة وضع يده أعلى خصره وقال مُبتسمًا
-أمال أنتِ عاملة ايه يا روحي ؟ شايف وحدة قمورة لابسه سُلبت أزرق قماش،رفعه شعرها لفوق ومنزله خصلة على كُل جنب الدهان عامل على وشها شويه بس ملامح جميلة أوي ،عيون مسحوبة ،شفايف متحدده ولا أجدعها قلم لبلاينر ،تقدري تقولي بعاكس بكُل جراءة .
ابتسمت وهى تهُز له كتفيها وقالت
-لا حقك ما أنت دافع ،مش كاتب مهر ومؤخر
هبطت درجة عن السُلم ، ثم مسحت بقعة دهان على خدّها دون أن تنتبه، فازدادت اتساخًا.
تنهدت بضيق مُفتعل، بينما كان هو يراقبها بابتسامة جانبية لا تُفارق وجهه، وكأنه مستمتع بكل حركة منها.
قالت وهي تشير بالرولة ناحيته
-ايوه يعني جاي تعاكس ولا جاي اشوف الشغل ماشي إزاي .
رفع حاجبيه ونفخ صدره بثقة مبالغ فيها
-طبعا طبعا جاي أشوف الشغل ،بس شغل عالي ونضيف أوي ..... بس اللي واقل قدام الشغل حاجة تانية خالص نصافك اي ،عود اي ،لا حلوة أول.
ضحكت رغمًا عنها، وحاولت تُخفي الابتسامة وهي تعاود الصعود على السلم،أمسك هو بقاعدة السلم من الأسفل دون أن تطلب منه ،وقال بنبرة فيها جدّ على خفة
-خدي بالك السلم دا،رجلة بتتهز،خلي بالك تقعي تُبقى مُصيبة.
نظرت لأسفل ولمحت في عينه الأهتمام والحُب الصريح، رقّت نبرة صوتها قليلًا، كأنها وجدت في كلامه شيء حرّك بداخلها نقطة ضعف صغيرة
-مطمنة طول ما أنت ماسك .
"عودة للحاضر "
-هتفضل واقف تبص عليا كتير
ثم أكملت حديثها .....أكيد مُعجب بجمالي الخيالي والجذاب
قهقه بصوتٍ عالٍ على حديثها فهي في كُل الأوقات تُريد الحديث بالمزح وكأن الجدية كلمة لا وجود لها في قاموسها،كان ضحكها خفيفًا كنسمة.
اقترب منها بخطوات هادئة،رافعًا يده أمامه كمن يُقدم دليلًا في محكمة لطيفة قدم اليُمنى عن اليُسرى وكان بها كنزة سوداء ،تقدم خطوة أخرى ثم فعل مرة ثانيه مع الكنزة الاخرى وكانت باللون الأبيض وكأنه يقيم عرض أزياء مصغّر مخصص لها وحدها.
رفعت إصبع إبهامها لتلمس شفتها السفلى، حركة تفكير تعرف تمامًا أنه يضعف أمامها حين تفعلها، ثم أمالت رأسها قليلاً وهي تتفحصه بعينين تحاولان التظاهر بالجدية... دون فائدة طبعًا.
-بص هو الأبيض حلو أوي عليك،بس بردة الأسود بيكون تحفة ،نوح بص بصراحة كده كُل حاجة عليك حلوة .
ابتسم ابتسامة واسعة حتى ظهرت غمازتيه وقال
-اعتبر دي معاكسة .
جادت لتتحدث لكن قاطعهم صوت جرس الباب ،نظرت إلى هيئتها وجدت نفسها بمنامة حريرية ،سارت إلى الداخل سريعًا وهى تقول
-البس الأسود يا نوح ،وافتح الباب
-حاضر حاضر .
ارتدى كنزته سريعًا وتقدم إلى الباب قام بالفتح ،وجد ليلى في المُقدمة وخلفها مجموعة من الشباب والبنات
-في معادي أهو متأخرتش ثانية صح استاهل اقبض مرتبي في أول الشهر
رفع نوح يده أمام وجهه ونظر إلى ساعتة اليد الخاصة به وقال وهو يرفع أحد حاجبية
-تأخير ٢٥ ثانية بالظبط
ابتسم وهو يكمل حديثه .... ....اتفضلوا يا شباب أهل بيكم .
************
سلامًا على قلبٍ تجمد من ثقل المشاعر ،امتلأ بالخوف والقلق والفراق ،ألمٍ غائر لا تلتحمه الخيوط والإبرة ،يلتحم بالتقاء قلبين حتى يعود كما كان ،قلبًا واحدًا ونبضًا واحدًا ،حتى يتشاركا النفس.
ويتقاسما الوجع قبل الفرح ،ويستندا إلى بعضهما كأن الفقد لا يعرف طريقهما ،وكأن الخوف يذوب حين تلتقي الأرواح ،وتطمئنّ بأن لها وطنًا في صدر الأخر .
عبَراتٌ تتناثر على وجنتها بغزارة ،عيناها تصرخان من شدة البُكاء ،فيما يُحيط الأحمرار بهما كدائرة مؤلمة لا تهدأ .
كانت ترتجف بصمت،تُحاول أن تهدأ،وتلتقط أنفاسها المتقطعة ،لكن الحُزن يضغط على صدرها كصخرة لا ترحم وكأن العالم كله انكمش حول ألمها وحدها.
-وبعدين معاكِ يا بنتي هتفضلي كده لحد امته،ولا أنتِ مستنيه حد مُعين .
قال جُملته الأخير بوضوح وهو يقف أمام غُرفتها ينظر إليها بعيون ثاقبه.
رفعت يدها سريعًا تمحي عبراتها وهى تُحاول أخذ نفسها وقالت
-حد حد مين يابابا ،مفيش حاجة أنا بس تعبانة شوية ،ومر بكره هنزل الشُغل كفاية قاعدة في البيت .
اعتدل في وقفته، وأطلق زفرة طويلة بدا معها وكأنه يحاول السيطرة على قلقٍ يكاد يفضحه.
لم يقتنع بكلامها، غير أنه آثر ألّا يضغط عليها أكثر تقدّم خطوة نحو الباب، وصوته حين خرج كان هادئًا، لكن نبرته حملت قلق أبٍ يعرف أن خلف الصمت عاصفة
-بنتي... أنا أبوكي وعارفك من قبل ما تعارفي نفسك،ايه التعب اللي بيجي فجأة ودموع من غير سبب؟ هو ده اللي مقلقني،لو في حاجة... أي حاجة... أنا واقف جمبك. ما تستنيش الدنيا توقعك وتيجي تقوليلي متأخر،متخليش الحزن يسرق عمرك
خفضت بصرها أرضًا، وعجزت عن النظر في عينيه، وكأن كلماته أصابت موضعًا موجعًا في قلبها،شعر بترددها، لكنه لم يشأ أن يزداد الأمر ثقلًا عليها استدار مبتعدًا، وقال وهو على وشك الخروج
-على العموم... الأكل جاهز لو جعانة تعالي كلي ولو مش جعانة... كلي برضه ما بحبش أشوفك ضعيفة.
مضى بخطوات بطيئة، تاركًا الباب نصف مفتوح نصف أمل في أن تناديه ونصف خوف من أن تغلقه تمامًا.
وما إن غاب عن ناظرها، حتى خفُتَت قوتها دفعة واحدة، فجلست على حافة السرير ثم ارتمت عليه، تحيط وسادتها بذراعيها كمن يحاول كتم صرخة داخله همست لنفسها بصوت مكسور
-يا ريت يا بابا الموضوع بسيط زي ما أنت فاكر،تعبت يا بابا تعبت عاوزاه ومش عاوزاه.
...........
وقفت في المطبخ تُعِدّ لهم بعض المشروبات والمقبّلات، بينما كانت تسمع صوت زوجها يرحّب بالضيوف ويُحسن وفادتهم،ارتسمت على وجهها ابتسامة واسعة كلما استمعت إلى حديثه اللطيف وأسلوبه اللبق.
وحين انتهت من التجهيز، أمسكت الصينية وهمّت بالخروج
تقدّمت خطوةً بعد خطوة حتى بلغت أوّل زاوية تُطلّ على غرفة الاستقبال، حيث بات بإمكانها رؤية الوجوه بوضوح.
استوقفها مظهر إحدى الفتيات؛ كان في ملامحها ما يشبه شيئًا مألوفًا شيئًا رأته من قبل،وضعت الصينية على منضدة قريبة، وأخذت تُحاول استرجاع ذاكرتها، تبحث بين ملامح تلك الفتاة عن السبب الذي جعل قلبها يخفق فجأة... حتى تذكّرت
"عـــــــــودة للمــــــاضي"
-أوزن يا مدام ،كام كيلو !؟
-أوزني اتنين كيلو
أومأت برأسها بالموافقة ، وحرّكت الميزان بخفة اعتادت عليها من كثرة العمل،وبعد ما أنتهت من الوزن وضعت السمك في الكيس الأسود ومدّت يدها للسيدة ،لكن بالخطأ لمست يدها ،وكأن لمسها كان جريمة هتفت السيدة بصوتٍ عالٍ
-اي يا حيوانة مش تاخدي بالك
تجمّدت موج لثانية، كأن الصوت ضربها في صدرها رمشت ببطء، ثم رفعت رأسها وحدقت بالسيدة اشتعل الغضب في عينيها وهي تقول
-حيوانة!!؟؟؟ أنتِ فكراني جربة ولا ايه
ردت السيدة بكُل تعالٍ وضجر
-ايدك كلها في السمك وجايه تلمسي ايدي ،أنتِ فاكره نفسك اي ،متسويش تكوني خدامة عندي .
ضغطت شفتيها بقوة، ثم أمسكت الإناء بيد، وباليد الأخرى قبضت بقوة على ياقة ملابس السيدة، مما جعلها تتسمر في مكانها بصدمة،اقتربت منها وقالت موج بحدّة
-خدامة !!!؟ أنا أنضف منك ومن عالم زي مش عشرة زيك ،ساامعة
ثم دفعتها بقوة فتراجعت السيدة عدة خطوات ،وقالت موج بإشمئزاز
-يلا مببعش سمك نضيف لناس زبالة .
وساد الصمت للحظة قبل أن يعود السوق يضجّ من جديد.
"عـــودة للحــــاضـــر"
أمسكت الصنية مرة ثانية وتقدمت بخطوات هادئة حتى وقفت أمامهم وقالت
-السلام عليكم ،منورين
ابتسموا لها ابتسامه واسعه ووقف نوح بجانبها يُقدمها لهم وقال
-اقدملكم مدام موج الباشا مراتي .
ابتسمت موج له برقة، ثم التفتت نحو السيدة التي تُشبه عليها هي الأخرى، لكن وجهها تغيّر فجأة، وصوتها خرج حادًا وقاطعًا
-برّه .
سادت الدهشة المكان؛ السيدة تجمّدت، والوجوه حولها اتّسعت من المفاجأة حتى نوح نفسه هتف بارتباك وحرج
-موج في اي يا حبيبتي ؟!
لكن موج لم تغير نبرتها، ورفعت إبهامها تشير نحو الباب وهي تكرر بوضوح
-برّا؟؟؟ أظن سمعتي كويس صح ؟
ثم أكملت دون أن تترك فرصة لأحد ليتكلم، بصوت مليء بالقوة والقهر المكبوت
وقبل اي سؤال أول دفاع أول حتى ظُلم ، الأستاذة دي ،جت أشترت مني سمك اه يا جماعة أنا كُنت ببيع سمك فاكره صح ولمست ايدك بالغلط غصب عني قولتلي يا حيوانة، وكمان قولتلي إني مستهلش حتى اشتغل عندك خدامه صح؟؟؟
سكتت لحظة، تنظر مباشرة في عيني السيدة، ثم قالت بحدة وكرامة عالية
-أنا بقولك بقا أنتِ مينفعش تدخلي بيتي أنا مبدخلش اي حد يلا براااا
تجمّدت السيدة في مكانها، نظراتها تهتزّ بين موج وبين نوح، كأن الأرض انسحبت من تحت قدميها.
حاولت تبرّر، تفتح فمها لتقول أي شيء ينقذ ما تبقى من هيبتها، لكن الكلمات خذلتها وقالت
-أنا.... أنا ،،، يا أستاذ نوح
لكن موج رفعت يدها لتوقفها، دون حتى أن تنظر إليها
-مفيش أنا ... الباب من هنا
التفتت الأنظار إلى نوح؛ كان بين صدمتين صدمته من وقاحة السيدة ومن فعلها مع موج قبل سابق ،وصدمته الأكبر من قوة زوجته وحديثها لا يصح ما تفعله لكن لن يُقلل منها أمام الضيوف ،مرّر يده على شعره بتوتر، ثم اقترب خطوة من موج وهمس لها بقلق
-ممكن تعدي علشان الناس قاعدة .
التفتت له موج، وملامحها لينة له وحده، لكنها ثابتة أمام الجميع
-لا اللي يهني بره بيتي مينفعش يدخل بيتي
تحركت السيدة بخطوات ثقيلة، تحمل معها كل الغرور الذي انهار للتوّ.
وحتى وهي تقترب من الباب، لم تستطع منع نفسها من الالتفات،نظرت إلى موج نظرة حقد مكتوم... لكن موج لم تعطها قيمة، اكتفت بالنظر لها نظرة هادئة، ثابتة، نظرة شخص يعرف قيمته.
ما إن أغلقت الباب خلفها ،ابتسمت موج ابتسامه واسعه وقالت بخجل شديد
-أنا بعتذر ليكم جميعًا على الموقف دا مكنش ينفع يحصل كده في أول يوم أول مكنش يصح يحصل كده نهائي لكن مبحبش حد يقلل من قمتي ،بمعنى اصح اللي يصوني اصونه واللي يهني اهينه .
ثم استطردت
-ممكن تبدأوا الكورس براحتكم خالص ،عن إذنكم.
غادرت لتتركهم على راحتهم .
*********
لا ندري إن كانت هذه نهاية حديث ،أم بدايه ...
لكننا اليوم سنضع النقاط على الحروف اليوم ،سوف تشهد السماء على ما يدور فى أرضها ،لا نعلم من سيموت ومن سيظل ،لكن الحق سوف ينتصر حتى ولو بعد قرن وأكثر .
خيوط تتشابك واليوم سيكون خيط صحيح من أوله لأخره ،سوف ينبض قلب مات وهى حي ،اليوم البداية وليست النهاية.
وقف أمام المراه يُصفف خُصلاته بعدما قام بحلق لحيته،وبعد الإنتهاء اتجه للخزانة ،كان يوم خزنة صغيرة خلف الملابس قام بوضع الرقم السري لا يعرفه أحدًا سواه، أطلقت الخزنة صوت يدل على تأكيد الرقم .
فتحها كان يوجد بعض الأوراق وعُلبة قطيفة سوداء أخرجها وقام يفتحها ،أخرج سلاحه الشخصي ضمه إلى صدره كأنه يَضُم عزيز له ثم قام بوضعه في جنبه الأيسر ،وارتدى كنزته البيضاء وعليها سترة سوداء .
أهتز هاتفه على المنضدة وأنارت الشاشة الصغيرة وظهر أسم سُليمان ،شد فكه في حركة بالكاد تلحظ،غضب هادئ لكن مُثير ،سحب نفسًا عميقًا ،زفيره أطول قليلًا من المُعتاد ،ثم امتدّت يده يلتقط الهاتف وضغط على رز الرد ،وقال
-الو
جاءه الرد من سُليمان قائلًا
-فينك يا مُعتصم ؟؟ كُلنا جاهزين،ورامي كمان في المينا ،يلا عاوزين نخلص والحاجة تدخل
-حاضر يا سليمان أنا نازل من البيت اهو ،كُل حاجة تمام عندك ؟؟
-ايوه تمام،ورامي خد باقي فلوسه كمان مرضيش ياخد بعد ما البضاعة تدخل البلد .
رد وهو يُشعل لفافته
-ما أنت عارف رامي يا سليمان يحب ياخد حقه بسرعة
- طيب يلا .
-حاضر.
*******
-طيب خلّونا نبدأ مع بعض خطوة بخطوة،قدامي هنا المانيكان اللي هنشتغل عليه طول الكورس،أنا مش بس هوريكم إزاي نرسم أو نقص لأ!!
المهم إزاي نفهم الجسم، إزاي نقرأ الخطوط، وإزاي نخلق تصميم يعيش ويتنفّس فاهمين ؟؟؟
هز رأسهم جميعًا وجميعهم ينظروا لنوح بكُل إهتمام ،ثم استطرد في تكميل حديثه
-أول حاجة ببص عليها خط الكتف هو ده اللي بيحدد توازن القطعة كلها بعدها بننزل على الخصر لاحظوا إن أي تعديل بسيط هنا ممكن يغيّر شكل التصميم بالكامل بالضيق أول التوسيع .
توقف دقيقة ليرتشف من فنجانه وأكمل حديثه
-وأنا شغال هتلاقوني دايمًا بلمس القماش، بسمع صوته لأني بصدق إن القماش لو اتفهم صح، هيقولك هو عايز يتقص إزاي،مش مُجرد إننا نمسك قماشه ونقص لان احنا بنصمم الأول إيدك وهى بتمشى بالقلم بتحس إن قلبك هو اللي بيشتغل مش إيدك ،التصميم الحاجة الوحيدة اللي بتشتغل وبتستمتع كمان .
ثم مرر يده على أحد التصاميم بخفة ،بحركة واثقة توضح بداية المرحلة القادمة،وقال لنبرة ثابتة
-وده كان الأساس دلوقتي هنكمل الشرح خطوة خطوة، وكل جزء هتلاقوه أوضح لما نشتغل بإيدينا.
بدأ يتحرك بينهم وهو يشرح ويوضح النقاط المُهمة ،والعين عليه.
وعين واحدة تقف في نهاية المكان عين موج تنظر له بكُل حب وفخر ،نظرات هادئة بداخلها حُب .
شعر نوح بالنظرة ،فاكتفى بإنه يُكمّل كلامه ويبتسم في صمت .
********
-كده خمسة كيلو سكر ،زيهم مكرونة،وكام فرخة على دكر بط مع الديك الرومي وكمان هعدي على المحل اجيب البيض والجبن والحلويات من عند الحلواني وكده حلو أوي
ثم واصلت الحديث وهى تُفكر
-اجيب ايه تاني يا عبدالعظيم .
كان عبدالعظيم يجلس ويمسك في يده الجرنال الورقي،خلع نظارة الطبية وقال
-كفاية يا وفاء ،دا خزين شهر مش زيارة وبعدين أفرض ملقتيش مكان تحطي كُل دا .
قالت بحيرة شديدة
-معرفش يا عبدالعظيم،بس دي أول مرة أروح لابني عاوزك أخد زيارة تشرف كده .
ضرب كف على كف وهو يقول
-يا وفاء تشرفي اي هى مراته ليها أهل ولا احنا لينا حد ،كفاية اللي جبته ويلا علشان تلحقي بقا دا المغرب بيأذن .
-حاضر
تابعت حديثها بصوتٍ عالٍ
-يلا يا نوح علشان نروح لخالو
مدّ عبدالعظيم يده في جيبه بخفه ،كانه يبحث من شيء ضائع ،وما إن لامست يده ما يُريد ،حتى سحب يده ببطء فإذا به يُخرج رُزمة كبيرة من النقود وضعهم في يدها وقال
-ايدي دول لموج في اديها قوللها النقطه من عمك،متأخرة شوية بس أنا قولت اسبهم براحتهم بدل ما نروح بدري .
نظرت له وفاء بدهشة من كثرة المال وقالت
-كتير أوي يا عبدالعظيم دول
رد بكُل حزن والم
-دي أقل حاجة ،احنا مدناش حاجة خالص يا وفاء
ردّت بهدوء
-حاضر
*************
مرت الساعات وأصبحت الساعة الحادي عشر قبل مُنتصف الليل .
غادرت والدة نوح بعد قضاء الكثير من الوقت معًا ،وعناد نوح وموج في عدم أخذ المال من وفاء لكن اقنعتهم وفاء إنها ليست مُساعدة بل هدية الزفاف .
-اتبسط انهارده ؟؟
كان سؤالًا طرحته موج على نوح في نهاية اليوم وهى تضع الأشياء في المُبرد .
أجاب بكُل صراحة
-جدًا يا موج ،أنتِ مش مُتخيلة أنا بكون فرحان قد اي وأنا ماسك قلم ،القلم دا حياتي .
-يارب تكون فرحان على طول يا نوح
-يارب ،على فكرة حجزتك في أكاديمية كويسة أوي تاخدي الكورس اللي أنتِ عاوزة
ردت
-ليه يا نوح ،أنا صرفت نظر أصلًا وبعدين أحنا عاوزين نجمع فلوس مش نصرفها
رد بكُل حكمة
-يا حبيبتي الفلوس دلوقتي ملهاش قيمة نهائي المهم نستثمر الفلوس في المكان الصح ،الفلوس عادية ورق وبس لكن الأستثمار دا أهم
همت بالحديث لكن قاطعهم صوت جرس الباب ،قوس حاجبيه دلالة على الغرابة وقال
-مين جاي دلوقتي ؟ طلبتي حاجه من اي محل ؟
رفعت منكبيها وهى ترفض ،اوما لها واتجه إلى الخارج وهى تقف على بُعد عدة خطوات،فتح الباب وجد أحمد يقول
-نوح بيه الحقنا مُعتصم باشا في المستشفى اضرب عليه نار..............
بجد وحشتوني🩶
طبعًا الغيبة كانت طويلة لكن غصب عني كان عندي امتحانات وحالة وفاة .
